هويدي 27-5-2003
أصعب أسئلة الساعة هو السؤال: ما العمل؟ ذلك أن ثمة شعورا عربيا عاما برفض الواقع وانسداد أفق المستقبل, الأمر الذي يثير رغبة عارمة في التغيير, لكن الإشكال هنا أنه لا التغيير بالعنف صار مقبولا, ولا التغيير السلمي بات ممكنا, وهو ما يوقع كثيرين في دوامة الحيرة, ويسوغ الإلحاح علي السؤال الذي لا أملك إجابة شافية له.
(1)
في زيارة سابقة للجزائر قيل لي إن سيدة عجوزا قالت ذات مرة لبعض أقاربها الذين شاركوا في حرب التحرير: إن الاحتلال الفرنسي استمر130 عاما وكانت له نهاية, وهذا الاستقلال الذي أتيتم به متي سينتهي؟
لا أعرف إن كانت المرأة تمزح أم أنها كانت تعني ما تقول, وكلامها كان جاد.ا. والاحتمال الأخير هو عندي أقرب, لأن الطبع الجزائري الذي أعرفه علي الأقل ليس له في المزاج باع كبير, أيا كان الأمر. فالرسالة في كلام العجوز الجزائرية واضحة. ذلك أنها لم تجد تغيرا ملحوظا بين هموم الاحتلال وهموم ما بعد الاستقلال. وأحسب أن ذلك أمر لا تنفرد به تلك السيدة, لكنه شعور عام سائد في الكثير من أقطار العالم الثالث التي خضعت للاحتلال الأجنبي حينا من الدهر, ثم نالت استقلالها بعد ذلك فوقعت في قبضة سلطة قاهرة أخري كانت بمثابة احتلال وطنـي.
شاعت خيبة الأمل هذه في إفريقيا قبل أربع سنوات, حتي أن أحد كبار الكتاب الكينيين ـ الدكتور علي مزروعي ـ كتب مقالا دعا فيه إلي العودة لوضع الدول الإفريقية تحت الوصاية, لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثرواتها وشعوبها التي تعرضت للنهب والقمع من جانب النخب التي احتكرت السلطة واستأثرت بالثروة بعد الاستقلال. وهو الاقتراح الذي أثار جدلا واسعا في حينه, وفتح الباب لتقديم اقتراحات أخري تحقق الإنقاذ المنشود, فاقترح أحد الكتاب الأمريكيين تأجير القارة للدول الغربية الراغبة, وقال آخر: إن عودة الاستعمار للقارة مرة أخري هو الحل, وكان القاسم المشترك بين تلك المقترحات يتمثل في اليأس من الحكم الوطني, والبحث عن بديل خارج حدود الوطن.
هذا الحوار المدهش الذي يتجاوز قدرة العقل علي التصديق والاستيعاب, له نظير يدور الآن في العالم العربي للأسف, وقد تابع كثيرون نموذجا له علي شاشة قناة الجزيرة( برنامج الاتجاه المعاكس5/13) حيث وجدنا من دافع عن عودة الاحتلال ورحب بالخلاص الذي يأتي علي يديه. كما أن الذين يتابعون خطاب جماعات المعارضة العربية لبعض الأنظمة الذي تبثه عبر مواقعها علي شبكة الإنترنت يجدون الآن صدي قويا لذلك الحوار, بل إن البعض لم يعد يسأل: هل يجيء المحتل الأمريكي أم لا ؟ لكنهم باتوا يرفعون أصواتهم بالسؤال: متي يجيئون ويخلصوننا من عذاباتنا التي لا نري لها نهاية؟
(2)
قل ما شئت في حق الذين يتبنون ذلك الطرح الذي يصدم الحس الوطني ويهينه, لكنك لن تستطيع أن تنكر أمورا ثلاثة, الأول أنه يجسد أجواء الانكسار والهزيمة المخيمة علي العالم العربي, والثاني أن دعاة الترحيب بالاحتلال ليسوا كلهم عناصر حزب أمريكا الذين تغلغلوا في منابر الإعلام العربي, وإنما أغلبهم من اليائسين المحبطين, الذين ضاقت بهم السبل حتي أصبحوا مستعدين للاستعانة بالشيطان إذا أتي لهم بالخلاص المنشود. أما الأمر الثالث فهو أن الاحتلال نجح في الإطاحة بنظام جبار ومستبد أذل شعب العراق ومرغ كرامته في الأوحال لأكثر من ثلاثة عقود. وهو النجاح الذي أحيا أمل اليائسين وشجع آخرين علي المراهنة عليه في بلوغ مرادهم.
سألتقط الخيط من النقطة الأخيرة, لاعتقادي أنها ضللت كثيرين وأغوتهم, كما أنها صارت ورقة مهمة وحجة قوية في تزيين الاحتلال وتسويغه, وعديدة هي الكتابات والحوارات التي ارتفع فيها صوت البعض قائلين: هل كان يمكن إسقاط نظام بغداد وتحرير العراقيين من قبضته الوحشية لولا التدخل الأمريكي؟
الإجابة عن السؤال بالنفي معروفة سلفا, لكن ذلك لا ينهي المناقشة, لأنه في تحرير المشهد يتعين التفرقة بين الأهداف المرحلية والأهداف النهائية, والأهداف الظاهرة والأجندة الخفية.والقياس الذي يطمئن إلي نتيجته ليس ذلك الذي يقف عند الأهداف المرحلية أو الظاهرة, وإنما هو الذي يتحري الأهداف النهائية والأجندة الخفية. فثمة التقاء لا ينكر في الهدف المرحلي الذي أسقط النظام البعثي ومن ثم أطلق حريات الناس. لكن السؤال الأهم هو: هل هذا الذي حدث وسيلة وهدف مرحلي, أم غاية وهدف أخير؟ وهل تلك نهاية المطاف أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
حتي أقرب الفكرة فإنني أذكر بأن الحملة الفرنسية علي مصر في آخر القرن الثامن عشر أعلنت في الظاهر أنها جاءت لتخلص المصريين من عسف المماليك, وتحدث البعض عن دورها التنويري استنادا إلي أن الفرنسيين أدخلوا المطبعة إلي مصر وقتذاك, وعلي الرغم من أن مسألة عسف المماليك كانت صحيحة, فإنها كانت الذريعة التي احتج بها نابليون في المنشورات التي وزعها علي المصريين. في حين أن هدفه الحقيقي الذي تحدثت عنه المراجع الفرنسية نفسها كان توسيع نفوذ بلاده وقطع الطريق علي الإمبراطورية البريطانية التي كانت قد ثبتت أقدامها في الهند. وصحيح أيضا أن الفرنسيين جاءوا بالمطبعة إلي مصر, إلا أن مسألة التنوير لم تخطر علي بالهم, كما أنهم لم يفكروا في استخدامها لمصلحة أي دور ثقافي أو رسالي كما تروج عناصر حزب فرنسا. إذ الحقيقة أنهم جاءوا بالمطبعة لطباعة منشوراتهم التي خاطبوا من خلالها المصريين, وحين عزموا علي الرحيل بعد مضي ثلاث سنوات, فإنهم أدركوا أن المطبعة أدت وظيفتها, فأخذوها معهم عند خروجهم.
ما أريد أن أقوله إن إسقاط النظام العراقي كان مجرد هدف مرحلي التقت عنده مصلحة الشعب العراقي مع المصلحة الأمريكية, لكن الأمر اختلف تماما بمجرد سقوط النظام. ففي حين اعتبره العراقيون غاية تطلعوا إليها, فإن الأمريكيين تعاملوا مع السقوط باعتباره وسيلة لتحقيق أهداف أبعد, تتعلق بالتطلعات الإمبراطورية والأطماع النفطية التي تداخلت معها المصلحة الإسرائيلية.
ولست أتردد في القول بأن ما تحقق من مصالح للعراقيين بسقوط النظام, لا يختلف عن المطبعة التي جاء بها الفرنسيون إلي مصر, أو الطرق التي مهدوها في الجزائر, وخطوط السكك الحديدية التي مدها الإنجليز في بعض مستعمراتهم. فتلك كلها أمور أريد بها خدمة الاحتلال, وتسهيل انتقال قواته عبر البلاد, وإذا ما أفادت الناس بصورة أو أخري, فينبغي ألا يتم التعامل معها بحسبانها فضائل للاحتلال, وإنما من المهم للغاية أن توضع في إطارها الصحيح بحسبانها أعراضا جانبية لم تكن مقصودة ولا مستهدفة, وإنما نتجت عن وجود الاحتلال الذي لم يمانع في استثمارها ومحاولة التجمل بها, كي يستر عوراته ويصرف الانتباه عن مقاصده الحقيقية وأجندته الخفية.
(3)
حسم مجلس الأمن يوم الخميس الماضي5/22 الجدل السقيم الذي دار في بعض الدوائر العربية حول ما إذا كان الأمريكيون في العراق محتلين أم محررين, وأحرجت الولايات المتحدة أبواقها العربية حين طلبت من مجلس الأمن رسميا اعتبارها( ومعها بريطانيا) قوة الاحتلال في العراق, الأمر الذي وضعنا أمام مفارقة مضحكة ومخجلة في آن. فواشنطن قالت صراحة إنها جاءت كقوة احتلال, بينما أبواقها في بلادنا مازالت تقسم بأغلظ الأيمان علي أنها قوة عتق وتحرير.
وهو مصادفة لاريب, أنه قبل يوم واحد من إعلان تقنين الاحتلال الأمريكي للعراق, وإسقاط القناع الزائف الذي تم تجميل الغزو به, عممت صحيفة واشنطن بوست تحليلا نسف ادعاء الدفاع في الديمقراطية في الأداء الأمريكي, وهو الأمل الذي راهن عليه البعض, وظنوه سبيلا للخلاص من معاناتهم في بعض الدول العربية.
التحليل كتبه توماس كارو تيرز مدير مشروع الديمقراطية وحكم القانون بمؤسسة كارنيجي الأمريكية( نشرته الشرق الأوسط في5/11), وفيه ركز علي أن واشنطن ليست معنية بمسألة الديمقراطية إلا بالقدر الذي يخدم سياساتها ومصالحها الأمنية, وعلاقاتها الآن وطيدة ومشهودة مع العديد من الدول غير الديمقراطية. وفي حالة النموذج الاستبدادي الفج القائم في أوزبكستان التي أصبحت حليفا لأمريكا في وسط آسيا, فإن غاية ما فعلته واشنطن أنها وجهت انتقادا هادئا خفيفا للوضع السائد هناك( لمجرد ذر الرماد في العيون) للحفاظ علي مصالحها الأمنية في المنطقة, وقد كافأت سنغافورة وسارعت إلي توقيع اتفاقية تجارية معها لأنها أيدت واشنطن في غزو العراق, لكنها تجاهلت تشيلي وأدارت لها ظهرها, وهي التي انتظرت طويلا توقيع تلك الاتفاقية معها. وعلي الرغم من أن تشيلي دولة ديمقراطية, فإن واشنطن أرادت أن تعاقبها لأنها لم تؤيدها في مجلس الأمن, وكافأت واشنطن دولة مثل إندونيسيا وقفت ضد إرادة شعبها وأيدت غزو العراق, في حين أنزلت عقوبتها بدولة ديمقراطية مثل تشيلي, لأنها احترمت إرادة شعبها ولم تؤيد الغزو, وهي تعلم جيدا أن ثمة تجربة ديمقراطية مهمة في ذلك البلد الموجود في إقليم يسوده الاضطراب مثل أمريكا اللاتينية, حيث تحتاج الديمقراطية إلي سند أمريكي واضح.
بشكل مواز فإن نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوفيتز الذي زار أنقرة أخيرا انتقد الحكومة التركية لعدم مساندتها للولايات المتحدة في الغزو. وهي التي لم تفعل ذلك إلا لأنها حكومة ديمقراطية استجابت لضغوط الشعب التركي القوية المعارضة للحرب, ليس ذلك فحسب, وإنما أعرب وولفوفيتز عن أسفه لأن العسكريين الأتراك لم يلعبوا دورا قياديا كان متوقعا منهم في هذه القضية, وهي الإشارة التي فهمت بحسبانها تحريضا وعتابا للعسكر, لأنهم لم يقوموا بالواجب في ذلك الظرف, وهو كلام ليس له في الخبرة التركية إلا ترجمة واحدة هي أنه دعوة للانقلاب علي الديمقراطية.
(4)
التقيت في فيينا قبل أيام مع بعض العرب الذين يئسوا من تغيير الأوضاع في بلادهم, فاضطروا إلي الهجرة طائعين أو مكرهين, ووجدت أن منهم من بلغ به اليأس حدا دفعه إلي الاقتناع بأن التدخل الأمريكي هو الحل, وحين عبرت عن رأيي في فكرة التدخل ومراميه التي ظهرت للعيان في العراق, كان ردهم: ماذا نفعل الآن؟
من هناك انتقلت إلي إحدي العواصم العربية, وشاءت المقادير أن أدعي إلي لقاء جامعي لمناقشة مصير المنطقة بعد غزو العراق, وبعد انتهاء اللقاء جاءني من همس في أذني قائلا: إن بعضا من الحاضرين يريدون زيارتي بالفندق في المساء, في الموعد المضروب أخذني ثلاثة منهم بسيارة قصدت ضاحية نائية, ودخلنا بيتا وجدت فيه تسعة آخرين كلهم في سن الشباب. تحدث أحدهم قائلا: إن الجميع يتداولون الآن ما فعله بالعراقيين صدام حسين ونظامه, في حين أن ما فعله الرجل يحدث منذ عدة عقود في هذا البلد, ربما بدرجة أخري وبإخراج مغاير.. وهذه الطنطنة الحاصلة عن المقابر الجماعية والسراديب وآلاف الذين اختفوا وملايين الدولارات التي نهبت وتحولت إلي قصور وأرصدة مكدسة في الخارج, ذلك كله لم يفاجئنا أو يصدمنا, لأننا نعلم أنه حاصل في بلادنا, وما حدث أن الجرائم التي وقعت في العراق جري بثها وتعميمها, بينما جرائم الصداميين الآخرين لم يدركها الدور بعد.
أضاف آخر أن كل أمل تعلقنا به جري إجهاضه بسرعة, وحين تصورنا أن ثمة تغيرا يسمح لنا بأن نتحدث عن مشكلات بلدنا وسبل إصلاحها, فإن التحركات التي تمت قمعت بسرعة. والذين رفعوا رءوسهم وفتحوا أفواههم بالكلام لفقت لهم القضايا وأودعوا السجون بعد محاكمات صورية أعادتنا إلي نقطة الصفر مرة أخري. وبدلا من أن يدور حوار المجتمع في النور وعلي الأرض لم يعد بيدنا سوي أن ندير حوارنا عبر الأثير ـ من خلال الإنترنت ـ وكل منا جالس لوحده في غرفته المغلقة, كأنه كتب علي أشواقنا وأحلامنا أن تتحرك في العتمة وأن تظل طائرة في الهواء.
قال ثالث: إننا لا نريد أن ندخل في السرداب العربي, ومجموعتنا كانت قد انخرطت من قبل في أحد منتديات المجتمع المدني التي سحقت, وهي لا تؤمن لا بالعنف ولا بالعمل السري, من ثم فإننا لم نجد لأنفسنا مكانا لا تحت الأرض ولا فوقها.
تدخل رابع قائلا: إننا لا نريد أن نسمعك كلاما تعرفه, لكننا أردنا أن نوصل إليك رسالة وسؤالا, أما الرسالة فهي أن جيلنا يعاني أعلي درجات المذلة والمهانة والشعور بالعار, سواء من جراء ما نعيشه هنا, أو بسبب ما نشاهده ونتابعه كل يوم في فلسطين والعراق, أما السؤال فهو: ما العمل؟
(5)
حين قلبت الأمر وجدت أنني علي يقين مما لا ينبغي عمله, في حين أن حيرتي شديدة إزاء ما ينبغي عمله, من جراء ذلك الانسداد الذي أشاروا إليه, فقد كان واضحا لدي أن ثمة محظورين كبيرين يتعين علي كل معني بقضية التغيير أن يتجنبهما, والا وقع في براثن الخطيئة السياسية التي لا تغتفر.
المحظور الأول هو الاستعانة بالأجنبي لإحداث التغيير في الداخل, وكلمة الاستعانة مخففة بعض الشيء لأن التوصيف الدقيق لهذه العلاقة هو أنها عمالة للأجنبي وليست استعانة به. أما المحظور الثاني فهو استخدام العنف الذي ثبت أنه منحدر لا يجلب إلا مزيدا من العنف الذي يدفع بالجميع إلي الهاوية.
أدري أن ذلك لا يكفي, لأن تيسير الحلال هو أفضل الطرق للقضاء علي الحرام, كما يقول شيوخنا, وإذا أردنا من الناس أن يتجنبوا إثم الاستعانة بالأجنبي أو الوقوع في شرك العنف, فينبغي أن تفتح أمامهم خيارات التغيير السلمي في الداخل. أما إذا أغلقت أو أجهضت تلك الخيارات, فذلك هو المأزق الذي لا أعرف بالضبط كيف يمكن تجاوزه, لكن ما أعرفه أنه أصبح من الصعب للغاية في ظل تطورات ثورة الاتصال الراهنة إغلاق كل أبواب النضال المدني وسد جميع منافذها. وأزعم أنه كما أن للإيمان بضعا وسبعين شعبة, كما يقول الحديث النبوي, كذلك فإن للنضال المدني شعبا مماثلة في العدد, إن لم يكن أكثر. هذا إذا وضعنا في الاعتبار أن التغيير في المرجعية الثقافية الإسلامية له درجات متعددة, وليست له صيغة واحدة, أقصاها التغيير باليد وأدناها التغيير بالقلب, وبينهما التغيير بالصوت واللسان, وفي كل الأحوال فالأمر مرهون بالاستطاعة, والشرط في أي اختيار أن ترجح المصلحة علي المفسدة.
في4/21 الماضي نشر موقع أخبار الشرق اللندني علي شبكة الإنترنت نداء وجهه الدكتور الطيب تيزيني أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق دعا فيه إلي إجراء حوار وطني ديمقراطي في سوريا, وناشد السلطة قائلا: أرجو أن تفتحوا الدائرة قبل أن تفتحها دولة أجنبية. وهو نداء جدير بالتعميم علي مختلف العواصم العربية, التي مازالت ترفض تسلم رسالة الحدث العراقي, ولم تكترث بعملية فتح الدائرة, التي تمكن الناس من ممارسة الحلال السياسي, وتقطع الطريق علي مختلف صور الفواحش سابقة الذكر.
إضافتي الوحيدة علي مقولة الدكتور تيزيني أن الناس ينبغي ألا ينتظروا أن تفتح لهم الدائرة, وإنما عليهم أن يواصلوا الطرق علي كل الأبواب, وألا يكفوا عن ذلك حتي ترغم السلطات علي كسر الطوق وفتح الدائرة.
أصعب أسئلة الساعة هو السؤال: ما العمل؟ ذلك أن ثمة شعورا عربيا عاما برفض الواقع وانسداد أفق المستقبل, الأمر الذي يثير رغبة عارمة في التغيير, لكن الإشكال هنا أنه لا التغيير بالعنف صار مقبولا, ولا التغيير السلمي بات ممكنا, وهو ما يوقع كثيرين في دوامة الحيرة, ويسوغ الإلحاح علي السؤال الذي لا أملك إجابة شافية له.
(1)
في زيارة سابقة للجزائر قيل لي إن سيدة عجوزا قالت ذات مرة لبعض أقاربها الذين شاركوا في حرب التحرير: إن الاحتلال الفرنسي استمر130 عاما وكانت له نهاية, وهذا الاستقلال الذي أتيتم به متي سينتهي؟
لا أعرف إن كانت المرأة تمزح أم أنها كانت تعني ما تقول, وكلامها كان جاد.ا. والاحتمال الأخير هو عندي أقرب, لأن الطبع الجزائري الذي أعرفه علي الأقل ليس له في المزاج باع كبير, أيا كان الأمر. فالرسالة في كلام العجوز الجزائرية واضحة. ذلك أنها لم تجد تغيرا ملحوظا بين هموم الاحتلال وهموم ما بعد الاستقلال. وأحسب أن ذلك أمر لا تنفرد به تلك السيدة, لكنه شعور عام سائد في الكثير من أقطار العالم الثالث التي خضعت للاحتلال الأجنبي حينا من الدهر, ثم نالت استقلالها بعد ذلك فوقعت في قبضة سلطة قاهرة أخري كانت بمثابة احتلال وطنـي.
شاعت خيبة الأمل هذه في إفريقيا قبل أربع سنوات, حتي أن أحد كبار الكتاب الكينيين ـ الدكتور علي مزروعي ـ كتب مقالا دعا فيه إلي العودة لوضع الدول الإفريقية تحت الوصاية, لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثرواتها وشعوبها التي تعرضت للنهب والقمع من جانب النخب التي احتكرت السلطة واستأثرت بالثروة بعد الاستقلال. وهو الاقتراح الذي أثار جدلا واسعا في حينه, وفتح الباب لتقديم اقتراحات أخري تحقق الإنقاذ المنشود, فاقترح أحد الكتاب الأمريكيين تأجير القارة للدول الغربية الراغبة, وقال آخر: إن عودة الاستعمار للقارة مرة أخري هو الحل, وكان القاسم المشترك بين تلك المقترحات يتمثل في اليأس من الحكم الوطني, والبحث عن بديل خارج حدود الوطن.
هذا الحوار المدهش الذي يتجاوز قدرة العقل علي التصديق والاستيعاب, له نظير يدور الآن في العالم العربي للأسف, وقد تابع كثيرون نموذجا له علي شاشة قناة الجزيرة( برنامج الاتجاه المعاكس5/13) حيث وجدنا من دافع عن عودة الاحتلال ورحب بالخلاص الذي يأتي علي يديه. كما أن الذين يتابعون خطاب جماعات المعارضة العربية لبعض الأنظمة الذي تبثه عبر مواقعها علي شبكة الإنترنت يجدون الآن صدي قويا لذلك الحوار, بل إن البعض لم يعد يسأل: هل يجيء المحتل الأمريكي أم لا ؟ لكنهم باتوا يرفعون أصواتهم بالسؤال: متي يجيئون ويخلصوننا من عذاباتنا التي لا نري لها نهاية؟
(2)
قل ما شئت في حق الذين يتبنون ذلك الطرح الذي يصدم الحس الوطني ويهينه, لكنك لن تستطيع أن تنكر أمورا ثلاثة, الأول أنه يجسد أجواء الانكسار والهزيمة المخيمة علي العالم العربي, والثاني أن دعاة الترحيب بالاحتلال ليسوا كلهم عناصر حزب أمريكا الذين تغلغلوا في منابر الإعلام العربي, وإنما أغلبهم من اليائسين المحبطين, الذين ضاقت بهم السبل حتي أصبحوا مستعدين للاستعانة بالشيطان إذا أتي لهم بالخلاص المنشود. أما الأمر الثالث فهو أن الاحتلال نجح في الإطاحة بنظام جبار ومستبد أذل شعب العراق ومرغ كرامته في الأوحال لأكثر من ثلاثة عقود. وهو النجاح الذي أحيا أمل اليائسين وشجع آخرين علي المراهنة عليه في بلوغ مرادهم.
سألتقط الخيط من النقطة الأخيرة, لاعتقادي أنها ضللت كثيرين وأغوتهم, كما أنها صارت ورقة مهمة وحجة قوية في تزيين الاحتلال وتسويغه, وعديدة هي الكتابات والحوارات التي ارتفع فيها صوت البعض قائلين: هل كان يمكن إسقاط نظام بغداد وتحرير العراقيين من قبضته الوحشية لولا التدخل الأمريكي؟
الإجابة عن السؤال بالنفي معروفة سلفا, لكن ذلك لا ينهي المناقشة, لأنه في تحرير المشهد يتعين التفرقة بين الأهداف المرحلية والأهداف النهائية, والأهداف الظاهرة والأجندة الخفية.والقياس الذي يطمئن إلي نتيجته ليس ذلك الذي يقف عند الأهداف المرحلية أو الظاهرة, وإنما هو الذي يتحري الأهداف النهائية والأجندة الخفية. فثمة التقاء لا ينكر في الهدف المرحلي الذي أسقط النظام البعثي ومن ثم أطلق حريات الناس. لكن السؤال الأهم هو: هل هذا الذي حدث وسيلة وهدف مرحلي, أم غاية وهدف أخير؟ وهل تلك نهاية المطاف أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
حتي أقرب الفكرة فإنني أذكر بأن الحملة الفرنسية علي مصر في آخر القرن الثامن عشر أعلنت في الظاهر أنها جاءت لتخلص المصريين من عسف المماليك, وتحدث البعض عن دورها التنويري استنادا إلي أن الفرنسيين أدخلوا المطبعة إلي مصر وقتذاك, وعلي الرغم من أن مسألة عسف المماليك كانت صحيحة, فإنها كانت الذريعة التي احتج بها نابليون في المنشورات التي وزعها علي المصريين. في حين أن هدفه الحقيقي الذي تحدثت عنه المراجع الفرنسية نفسها كان توسيع نفوذ بلاده وقطع الطريق علي الإمبراطورية البريطانية التي كانت قد ثبتت أقدامها في الهند. وصحيح أيضا أن الفرنسيين جاءوا بالمطبعة إلي مصر, إلا أن مسألة التنوير لم تخطر علي بالهم, كما أنهم لم يفكروا في استخدامها لمصلحة أي دور ثقافي أو رسالي كما تروج عناصر حزب فرنسا. إذ الحقيقة أنهم جاءوا بالمطبعة لطباعة منشوراتهم التي خاطبوا من خلالها المصريين, وحين عزموا علي الرحيل بعد مضي ثلاث سنوات, فإنهم أدركوا أن المطبعة أدت وظيفتها, فأخذوها معهم عند خروجهم.
ما أريد أن أقوله إن إسقاط النظام العراقي كان مجرد هدف مرحلي التقت عنده مصلحة الشعب العراقي مع المصلحة الأمريكية, لكن الأمر اختلف تماما بمجرد سقوط النظام. ففي حين اعتبره العراقيون غاية تطلعوا إليها, فإن الأمريكيين تعاملوا مع السقوط باعتباره وسيلة لتحقيق أهداف أبعد, تتعلق بالتطلعات الإمبراطورية والأطماع النفطية التي تداخلت معها المصلحة الإسرائيلية.
ولست أتردد في القول بأن ما تحقق من مصالح للعراقيين بسقوط النظام, لا يختلف عن المطبعة التي جاء بها الفرنسيون إلي مصر, أو الطرق التي مهدوها في الجزائر, وخطوط السكك الحديدية التي مدها الإنجليز في بعض مستعمراتهم. فتلك كلها أمور أريد بها خدمة الاحتلال, وتسهيل انتقال قواته عبر البلاد, وإذا ما أفادت الناس بصورة أو أخري, فينبغي ألا يتم التعامل معها بحسبانها فضائل للاحتلال, وإنما من المهم للغاية أن توضع في إطارها الصحيح بحسبانها أعراضا جانبية لم تكن مقصودة ولا مستهدفة, وإنما نتجت عن وجود الاحتلال الذي لم يمانع في استثمارها ومحاولة التجمل بها, كي يستر عوراته ويصرف الانتباه عن مقاصده الحقيقية وأجندته الخفية.
(3)
حسم مجلس الأمن يوم الخميس الماضي5/22 الجدل السقيم الذي دار في بعض الدوائر العربية حول ما إذا كان الأمريكيون في العراق محتلين أم محررين, وأحرجت الولايات المتحدة أبواقها العربية حين طلبت من مجلس الأمن رسميا اعتبارها( ومعها بريطانيا) قوة الاحتلال في العراق, الأمر الذي وضعنا أمام مفارقة مضحكة ومخجلة في آن. فواشنطن قالت صراحة إنها جاءت كقوة احتلال, بينما أبواقها في بلادنا مازالت تقسم بأغلظ الأيمان علي أنها قوة عتق وتحرير.
وهو مصادفة لاريب, أنه قبل يوم واحد من إعلان تقنين الاحتلال الأمريكي للعراق, وإسقاط القناع الزائف الذي تم تجميل الغزو به, عممت صحيفة واشنطن بوست تحليلا نسف ادعاء الدفاع في الديمقراطية في الأداء الأمريكي, وهو الأمل الذي راهن عليه البعض, وظنوه سبيلا للخلاص من معاناتهم في بعض الدول العربية.
التحليل كتبه توماس كارو تيرز مدير مشروع الديمقراطية وحكم القانون بمؤسسة كارنيجي الأمريكية( نشرته الشرق الأوسط في5/11), وفيه ركز علي أن واشنطن ليست معنية بمسألة الديمقراطية إلا بالقدر الذي يخدم سياساتها ومصالحها الأمنية, وعلاقاتها الآن وطيدة ومشهودة مع العديد من الدول غير الديمقراطية. وفي حالة النموذج الاستبدادي الفج القائم في أوزبكستان التي أصبحت حليفا لأمريكا في وسط آسيا, فإن غاية ما فعلته واشنطن أنها وجهت انتقادا هادئا خفيفا للوضع السائد هناك( لمجرد ذر الرماد في العيون) للحفاظ علي مصالحها الأمنية في المنطقة, وقد كافأت سنغافورة وسارعت إلي توقيع اتفاقية تجارية معها لأنها أيدت واشنطن في غزو العراق, لكنها تجاهلت تشيلي وأدارت لها ظهرها, وهي التي انتظرت طويلا توقيع تلك الاتفاقية معها. وعلي الرغم من أن تشيلي دولة ديمقراطية, فإن واشنطن أرادت أن تعاقبها لأنها لم تؤيدها في مجلس الأمن, وكافأت واشنطن دولة مثل إندونيسيا وقفت ضد إرادة شعبها وأيدت غزو العراق, في حين أنزلت عقوبتها بدولة ديمقراطية مثل تشيلي, لأنها احترمت إرادة شعبها ولم تؤيد الغزو, وهي تعلم جيدا أن ثمة تجربة ديمقراطية مهمة في ذلك البلد الموجود في إقليم يسوده الاضطراب مثل أمريكا اللاتينية, حيث تحتاج الديمقراطية إلي سند أمريكي واضح.
بشكل مواز فإن نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفوفيتز الذي زار أنقرة أخيرا انتقد الحكومة التركية لعدم مساندتها للولايات المتحدة في الغزو. وهي التي لم تفعل ذلك إلا لأنها حكومة ديمقراطية استجابت لضغوط الشعب التركي القوية المعارضة للحرب, ليس ذلك فحسب, وإنما أعرب وولفوفيتز عن أسفه لأن العسكريين الأتراك لم يلعبوا دورا قياديا كان متوقعا منهم في هذه القضية, وهي الإشارة التي فهمت بحسبانها تحريضا وعتابا للعسكر, لأنهم لم يقوموا بالواجب في ذلك الظرف, وهو كلام ليس له في الخبرة التركية إلا ترجمة واحدة هي أنه دعوة للانقلاب علي الديمقراطية.
(4)
التقيت في فيينا قبل أيام مع بعض العرب الذين يئسوا من تغيير الأوضاع في بلادهم, فاضطروا إلي الهجرة طائعين أو مكرهين, ووجدت أن منهم من بلغ به اليأس حدا دفعه إلي الاقتناع بأن التدخل الأمريكي هو الحل, وحين عبرت عن رأيي في فكرة التدخل ومراميه التي ظهرت للعيان في العراق, كان ردهم: ماذا نفعل الآن؟
من هناك انتقلت إلي إحدي العواصم العربية, وشاءت المقادير أن أدعي إلي لقاء جامعي لمناقشة مصير المنطقة بعد غزو العراق, وبعد انتهاء اللقاء جاءني من همس في أذني قائلا: إن بعضا من الحاضرين يريدون زيارتي بالفندق في المساء, في الموعد المضروب أخذني ثلاثة منهم بسيارة قصدت ضاحية نائية, ودخلنا بيتا وجدت فيه تسعة آخرين كلهم في سن الشباب. تحدث أحدهم قائلا: إن الجميع يتداولون الآن ما فعله بالعراقيين صدام حسين ونظامه, في حين أن ما فعله الرجل يحدث منذ عدة عقود في هذا البلد, ربما بدرجة أخري وبإخراج مغاير.. وهذه الطنطنة الحاصلة عن المقابر الجماعية والسراديب وآلاف الذين اختفوا وملايين الدولارات التي نهبت وتحولت إلي قصور وأرصدة مكدسة في الخارج, ذلك كله لم يفاجئنا أو يصدمنا, لأننا نعلم أنه حاصل في بلادنا, وما حدث أن الجرائم التي وقعت في العراق جري بثها وتعميمها, بينما جرائم الصداميين الآخرين لم يدركها الدور بعد.
أضاف آخر أن كل أمل تعلقنا به جري إجهاضه بسرعة, وحين تصورنا أن ثمة تغيرا يسمح لنا بأن نتحدث عن مشكلات بلدنا وسبل إصلاحها, فإن التحركات التي تمت قمعت بسرعة. والذين رفعوا رءوسهم وفتحوا أفواههم بالكلام لفقت لهم القضايا وأودعوا السجون بعد محاكمات صورية أعادتنا إلي نقطة الصفر مرة أخري. وبدلا من أن يدور حوار المجتمع في النور وعلي الأرض لم يعد بيدنا سوي أن ندير حوارنا عبر الأثير ـ من خلال الإنترنت ـ وكل منا جالس لوحده في غرفته المغلقة, كأنه كتب علي أشواقنا وأحلامنا أن تتحرك في العتمة وأن تظل طائرة في الهواء.
قال ثالث: إننا لا نريد أن ندخل في السرداب العربي, ومجموعتنا كانت قد انخرطت من قبل في أحد منتديات المجتمع المدني التي سحقت, وهي لا تؤمن لا بالعنف ولا بالعمل السري, من ثم فإننا لم نجد لأنفسنا مكانا لا تحت الأرض ولا فوقها.
تدخل رابع قائلا: إننا لا نريد أن نسمعك كلاما تعرفه, لكننا أردنا أن نوصل إليك رسالة وسؤالا, أما الرسالة فهي أن جيلنا يعاني أعلي درجات المذلة والمهانة والشعور بالعار, سواء من جراء ما نعيشه هنا, أو بسبب ما نشاهده ونتابعه كل يوم في فلسطين والعراق, أما السؤال فهو: ما العمل؟
(5)
حين قلبت الأمر وجدت أنني علي يقين مما لا ينبغي عمله, في حين أن حيرتي شديدة إزاء ما ينبغي عمله, من جراء ذلك الانسداد الذي أشاروا إليه, فقد كان واضحا لدي أن ثمة محظورين كبيرين يتعين علي كل معني بقضية التغيير أن يتجنبهما, والا وقع في براثن الخطيئة السياسية التي لا تغتفر.
المحظور الأول هو الاستعانة بالأجنبي لإحداث التغيير في الداخل, وكلمة الاستعانة مخففة بعض الشيء لأن التوصيف الدقيق لهذه العلاقة هو أنها عمالة للأجنبي وليست استعانة به. أما المحظور الثاني فهو استخدام العنف الذي ثبت أنه منحدر لا يجلب إلا مزيدا من العنف الذي يدفع بالجميع إلي الهاوية.
أدري أن ذلك لا يكفي, لأن تيسير الحلال هو أفضل الطرق للقضاء علي الحرام, كما يقول شيوخنا, وإذا أردنا من الناس أن يتجنبوا إثم الاستعانة بالأجنبي أو الوقوع في شرك العنف, فينبغي أن تفتح أمامهم خيارات التغيير السلمي في الداخل. أما إذا أغلقت أو أجهضت تلك الخيارات, فذلك هو المأزق الذي لا أعرف بالضبط كيف يمكن تجاوزه, لكن ما أعرفه أنه أصبح من الصعب للغاية في ظل تطورات ثورة الاتصال الراهنة إغلاق كل أبواب النضال المدني وسد جميع منافذها. وأزعم أنه كما أن للإيمان بضعا وسبعين شعبة, كما يقول الحديث النبوي, كذلك فإن للنضال المدني شعبا مماثلة في العدد, إن لم يكن أكثر. هذا إذا وضعنا في الاعتبار أن التغيير في المرجعية الثقافية الإسلامية له درجات متعددة, وليست له صيغة واحدة, أقصاها التغيير باليد وأدناها التغيير بالقلب, وبينهما التغيير بالصوت واللسان, وفي كل الأحوال فالأمر مرهون بالاستطاعة, والشرط في أي اختيار أن ترجح المصلحة علي المفسدة.
في4/21 الماضي نشر موقع أخبار الشرق اللندني علي شبكة الإنترنت نداء وجهه الدكتور الطيب تيزيني أستاذ الفلسفة بجامعة دمشق دعا فيه إلي إجراء حوار وطني ديمقراطي في سوريا, وناشد السلطة قائلا: أرجو أن تفتحوا الدائرة قبل أن تفتحها دولة أجنبية. وهو نداء جدير بالتعميم علي مختلف العواصم العربية, التي مازالت ترفض تسلم رسالة الحدث العراقي, ولم تكترث بعملية فتح الدائرة, التي تمكن الناس من ممارسة الحلال السياسي, وتقطع الطريق علي مختلف صور الفواحش سابقة الذكر.
إضافتي الوحيدة علي مقولة الدكتور تيزيني أن الناس ينبغي ألا ينتظروا أن تفتح لهم الدائرة, وإنما عليهم أن يواصلوا الطرق علي كل الأبواب, وألا يكفوا عن ذلك حتي ترغم السلطات علي كسر الطوق وفتح الدائرة.