علىٰ هامش ٱلتَّعليم شيء من ٱلْمسْتقْبل
بقلم : أحمد عبد الحكيم البكري
باحث دكتوراه بقسم القانون العام المقارن بالفقه الإسلامي
ينتابني كثيراً من ٱلْعجب وأنا أتابع ٱلتَّراشق بين خريجي كليات ٱلتَّربية، وخريجي كليات ٱلآداب ،وغيرها من ٱلكليات ،وموطن نزاعهم من ٱلْذي أحق بٱلتّدريس في مدارسنا ٱلْحكومية من غيره؟! ثم يأتي نزاعٌ آخر بين المتطوعين ،وغيرهم ؛بأنهم أحق من غيرهم .ووجهة نظر ٱلتَّربويين، وٱلْمتطوعيين لا تخلو من ٱلصَّواب غير أنها نظرة قاصرة لأنهم ينظرون إلى ٱلْأمر بغير ٱلْعين ٱلْتي ينبغي أن ينظرواْ إليه بها فلا يخفىٰ على ٱلْقارئ أن ٱلتَّربية فن ،وعلم فينبغي أن يمتلك ٱلْمدرس ٱلْموهبة ٱلْفنية من حيث هي سمات لصيقة بشخص المدرس، ثم هو ينمِّيها من خلال ٱلْعلم ،وٱلْمعرفة فيصْقل ٱلْعلم تلك ٱلسِّمات ٱلْفنية، وٱلْملكات ٱلشَّخصية، وٱلْذي يدرسه ٱلطَّالب في كلية ٱلتَّربية في أربع سنواتٍ في ٱلْجوانب ٱلتَّربوية يدرسه طلاب ٱلْكليات ٱلأخرىٰ في سنةٍ واحدةٍ في ٱلدِّبلوم ٱلْعام في ٱلتَّربية، وربما كان خريج ٱلكلية ٱلأخرىٰ يمتلك سمات ٱلْمدرس وهيئته فيصقل ما وهبه ٱللّٰه بتلك ٱلدِّراسة ٱلنَّظرية فيكون أحق بالتَّدريس من أبناء كليات ٱلتَّربية أنفسهم، وٱلسُّؤال ٱلْذي يطرح نفسه ٱلآن ماهي جدوي وجود كليات ٱلتَّربية؟ وهذا سؤال أتخذه مدخلاً لما أنادي به من تنظيم جديد لكليات ٱلتّربية ؛لكي نحقق به ٱلْجدوىٰ من وجودها فينبغي إلغاء كليات ٱلتَّربية من حيث كونها تقبل ٱلطَّلاب في مرحلة ٱلْليسانس بعد ٱلْمرحلة ٱلثَّانوية بكل تخصصاتها لتصبح كلية ٱلدِّراسات ٱلْعليا في ٱلتَّربية فتقبل جميع خريجي ٱلْكليات ٱلأخرىٰ بدأ من خريجي كليات ٱلطّب إلىٰ خريجي ٱلْمعاهد ٱلْعليا ،وذلك بعد تكوين لجنة تربوية علمية من أساتذة ٱلتَّربية ،وتكنولوجيا ٱلتَّعليم ،وٱلْلغة ٱلْعربية ،وٱلْلغة ٱلإنجليزية بكل كلية ،وعمل ٱلإختبارات ٱللآزمة ،وقبول أفضل ١٠٠ طالب متقدم. وٱلأفضل أن يتم ٱلْقبول في حدود ٱلْخطة ٱلثُّنائية للمحافظة حيث أن ٱلدّراسة تكون على ٱلنَّحو ٱلتَّالي: دبلوم عام تربوي -ودبلوم خاص تربوي كل دبلوم لمدة عام يدمج فيها ٱلدِّراسة ٱلنَّظرية مع ٱلتَّطبيق ٱلْعملي ،فيكون ٱلْعدد ٱلْمقبول هو إحتياج ٱلْمحافظة من ٱلْمعلمين بعد عامين فقط، فلا نرىٰ في ٱلْحقل ٱلتَّربوي إلَّا من كان به شغوفاً ينظر إلىٰ ٱلتَّدريس كرسالة يؤدِّيها للأجيال لا وظيفة يجتني منها ٱلْمال. وبنظرة أكثر شمولية نعرض لمشكلة أخري وهي ربط النظام التعليمي بسوق العمل حتي لاتفقد الشهادات القيمة العلمية التي تمنح للخريجين ولكي نصل إلي هذه القيمة علينا بعمل خطة سبعية بعد الشهادة الإعدادية وتكون درجات القبول في الثانوي العام خاصة طبقا للعدد الذي نحتاجه بعد سبع سنين من الموظفين والباقي يقسم علي مدارس التعليم الفني فلا يجد الحاصل علي الدبلوم الفني غضاضة في أن يعمل فني أو عامل في ألقطاع الخاص وعند الحديث عن التعليم الفني ينبغي لنا أن نلقي الضوء علي مدارس التعليم والتدريب المزدوج والتي يطلق عليها (مبارك كول) نجدها فكرة ممتازة ويجب أن تعمم في مدارس التعليم الفني ولكن يأتي الخطأ في التطبيق حيث يوجد العديد من المثالب نعالجها بأن يكون التدريب في مصانع خاصة بالقطاع العام أو إن شئنا من الممكن أن يكون التدريب في مصانع القطاع الخاص ولكن بضوابط صارمة كأن يكون التدريب في مصانع متخصصه تبعا للتخصص الذي يدرسه الطالب ولاينبغي أن نغفل أمر المقابل المادي الذي يتحصل عليه الطالب فالمقابل المادي ضئيل وفي تخصص غير الذي ينبغي للمتدرب أن يتدرب عليه يفقد تلك المدارس القيمة التي من أجلها أنشئت تلك المدارس وتغدو هذه المدارس بلا مردود واقعي يساهم في خفض البطالة وكثرة الإنتاج وتوفير الايدي العاملة الجيدة ويبقي أمر في غاية الخطورة وهي الغاية من العملية التعليمية ينبغي أن تكون الغاية بناء فكرى متكامل ينشئ إنسانا سوي في النواحي الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والسياسية ولا تكون الغاية من العملية التعليمية هي الحصول علي وظيفة مرموقة ورفاهية يتمتع بها إنسانا خاويا من مقومات الإنسانية لايستطيع الصمود في مواجهة التيارات الفكرية المعاصرة وهذا الأمر يقودنا إلى الحديث عن علوم الآلة في بعض الكليات فلابد لنا أن ننهج نهج كليات الهندسة فنخصص الفرقة الأولى لعلوم الآلة ولنأخذ كليات الحقوق نموذجا بحسبي أحد أبنائها فينبغي أن يدرس الطالب في الفرقة الأولى علوم الآلة بالنسبة للدراسة القانونية كعلم النحو والصرف والبلاغة والفلسفة والمنطق وأصول الفقة وهذا الأمر كان موجودا في الجامعة المصرية القديمة بل أزيدك من الشعر بيتاً حينما تعرف أن بعض رواد الجامعة القديمة كان مقيدا في كلية الآداب بقسم اللغة العربية وكلية الحقوق معاً وهو الدكتور محمد مندور وإنك لتعجب أيضا حينما تعرف أن الجامعة تغير لوائحها من أجل طالب بالقسم العلمي في الثانوية العامة وتقبله في صفوف كلية الآداب قسم اللغة العربية ورغم ذلك ترك الجامعة لم تغني عنه شيئا ولم تشفي غلته إنه شيخ المحققين أبوفهر محمود محمد شاكر فالجامعة في هذا الوقت كانت جامعة لمن يستحق أن تجمعه مانعة لمن يستحق أن تمنعه فكان لخريجيها وزنا وقيمة في الشارع المصري والعربي أنذاك .باحث دكتوراه بقسم القانون العام المقارن بالفقه الإسلامي