مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
إيـران في دائرة الهـــدف
هويدي 13-5-2003

حل الدور علي إيران بسرعة ـ سمه تحرشا إن شئت ـ بعد اغتصاب العراق‏,‏ وابتزاز سوريا‏.‏ إذ ارتفعت أصوات في واشنطن خلال الاسبوع الأخير‏,‏ قائلة ان غزو العراق كان استفتاحا فقط‏,‏ وبمثابة نهاية بداية الحرب ضد الإرهاب‏,‏ وإن ساحة المعركة الحقيقية والكبري في تلك الحرب هي إيران‏,‏ التي لابديل عن اسقاط نظامها وتركيعها‏,‏ حتي تسوي أرض المنطقة جيدا‏,‏ وتتم عملية إعادة تشكيلها حسب الأصول‏!‏

‏(1)‏
ليس صحيحا ان الهدف من الحرب هو تغيير النظام العراقي‏,‏ وإنما تغيير منطقة الشرق الأوسط لمصلحة إسرائيل‏,‏ بهذه العبارة أزاح الستار عن الحقيقة مبكرا الكاتب الأمريكي روبرت نوفاك‏,‏ في برنامج تليفزيوني بثته محطة سي‏.‏ان‏.‏ان في بداية شهر مارس الماضي انتقد فيه موقف الادارة الأمريكية‏,‏ وهو ما أزعج الدوائر الاسرائيلية في حينه‏,‏ وعبرت عن ذلك صحيفة ها آرتس التي نشرت في‏3/5‏ تقريرا حول الموضوع‏.‏
حدث ذلك قبل بدء الحرب‏,‏ ولكن اللغة تغيرت بعدما كسبت الولايات المتحدة الجولة‏,‏ وأسقطت نظام بغداد‏,‏ ولم يعد الجهر بالحقيقة مغامرة ولا باعثا علي القلق‏,‏ فنشرت صحيفة ها آرتس ذاتها في‏4/15‏ مقالة لموشيه ايرنز‏(‏ وزير الدفاع الأسبق‏)‏ قال فيها صراحة أن دول محور الشر الثلاث التي أعلن الرئيس الأمريكي انه يستهدفها في حربه علي الارهاب هي في الحقيقة دول معادية لإسرائيل‏,‏ وهذا ينطبق مباشرة علي العراق‏,‏ وإيران‏,‏ أما كوريا الشمالية ـ الدولة الثالثة ـ فهي الطرف الذي يمد أعداء إسرائيل بالصواريخ‏.‏
بعد الفراغ النسبي من العراق اتجهت الأبصار الاسرائيلية علي الفور صوب سوريا وإيران‏,‏ وقال رئيس الوزراء ارييل شارون إن بلاده لاتستطيع ان تطمئن في حين تعرف أن لدي سوريا ترسانة ضخمة من السلاح الكيماوي وتملك قوة ارهابية خاضعة لها‏,‏ وهي حزب الله‏,‏ كما ان لاسرائيل أعداء آخرين مثل إيران‏,‏ التي تدعو إلي إبادة اسرائيل‏,‏ وجهودها للحصول علي أسلحة غير تقليدية معروفة‏,‏ كما انها تقف وراء حزب الله يديعوت احرونوت‏(4/16).‏

لم يكن شارون وحده الذي عبر عن هذا الموقف‏,‏ ولكن كلامه جاء صدي لمعزوفة كاملة تبنتها الطبقة السياسية في إسرائيل‏,‏ التي عبرت عن ذات الموقف في كتابات وبرامج تليفزيونية وإذاعية بلا حصر‏,‏ وظل محور الحديث هو أن الخريطة الجديدة للشرق الأوسط لا يمكن ان ترسم معالمها إلا بعد تطويع سوريا وإيران‏,‏ ومن ثم تأمين إسرائيل من كل الجبهات المحيطة بها‏.‏
بعد أيام قليلة من التعامل الأمريكي مع الملف السوري علي النحو الذي يعرفه الجميع‏,‏ نشرت نيويورك تايمز في‏5/8‏ الحالي أن الادارة الأمريكية تمارس ضغوطا علي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإدانة طهران في انتهاك معاهدة حظر الأسلحة النووية‏,‏ إزاء ذلك فقد طلبت واشنطن من الوكالة الدولية ان تضع نظام تفتيش صارما للبرنامج النووي الايراني‏,‏ ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكي لم تنشر اسمه‏,‏ ان واشنطن قررت تصعيد ضغوطها في هذا الشأن‏,‏ بعد تلقيها معلومات أثارت دهشتها عن مدي تقدم البرنامج النووي الإيراني‏,‏ وذلك اثر زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي لمنشأة نتانز النووية‏(‏ وسط إيران‏),‏ وقال المسئول الأمريكي‏:‏ الأمر لايقتصر فقط علي أن إيران تسرع برنامجها النووي‏,‏ ولكننا تلقينا أخيرا معلومات جديدة أقلقتنا بخصوص ذلك البرنامج‏,‏ ثم إن هناك إصرارا من جانب الإسرائيليين يدعونا لان نهتم بتلك المشكلة علي نحو أكثر جدية‏(!).‏
تتابعت تلك الاكتشافات الأمريكية بعد إسقاط النظام العراقي‏,‏ وعقب التعامل الأمريكي مع الملف السوري‏,‏ الأمر الذي يعطي انطباعا قويا بأننا بصدد اجندة تنفذ‏,‏ وليس بازاء مصادفات أفرزتها الأحداث‏,‏ كما أن المسألة ليست مقصورة علي تطوير البرنامج النووي الإيراني أو تخصيب اليورانيوم‏,‏ وإنما الملف الإيراني كله هو الهدف‏,‏ وما مسألة البرنامج النووي سوي ذريعة للاصطياد و جر الشكل كما يقال‏.‏

‏(2)‏
في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تمارس ضغوطها علي وكالة الطاقة الذرية في فيينا بالنمسا‏,‏ شهدت واشنطن مصادفة أخري من النوع المريب‏,‏ فقد دعت واحدة من أهم منظمات اليمين الأمريكي المتطرف‏(‏ مؤسسة أمريكان انتربرايز‏)‏ إلي عقد مؤتمر تحت عنوان مستقبل إيران كان ذلك في السادس من شهر مايو الحالي‏(‏ لاتنس أن نيويورك تايمز نشرت خبر الضغوط الأمريكية في الثامن من الشهر ذاته‏),‏ شارك في المؤتمر مجموعة من الكتاب والسياسيين الأمريكيين والإيرانيين المقيمين بالولايات المتحدة‏,‏ وكانت الفكرة المحورية التي دارت من حولها المناقشات هي أن التحول الديمقراطي في إيران يحتاج إلي دفعة من الخارج‏,‏ وفي هذا الصدد ذكر مايكل لادين خبير السياسة الخارجية بالمؤسسة ان النظام الإيراني مثله مثل النظام السوفيتي مستعد للانهيار‏,‏ ولكن ذلك الانهيار يتطلب عونا وضغوطا مستمرة من الخارج‏.‏
السيناتور الجمهوري سام برونباك عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي‏,‏ وموري اميتي المدير السابق للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية‏(‏ ايباك‏)‏ كانا من بين أبرز المتحدثين في المؤتمر‏,‏ ويستحق كلامهما الذي لخصه تقرير بثه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية‏(‏ كير‏)‏ قراءة متأنية‏.‏
في بداية حديثه دعا السيناتور برونباك الحكومة الأمريكية للتحالف مع الشعب الإيراني‏,‏ وقال ان ايران تمثل خطرا علي الولايات المتحدة لعدة أسباب‏,‏ علي رأسها سعيها إلي الاستفادة من سقوط صدام حسين‏,‏ وبسط نفوذها داخل العراق‏,‏ وقال‏:‏ رغم ان إيران لم تكن هي التي حررت الشعب العراقي‏,‏ ولكن هذا لن يوقف محاولتهم للاستفادة‏(‏ من الموقف‏)‏ ثم أضاف أن إيران هي اكبر مساند للجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط‏,‏ وأنها تسعي إلي نشر الثورة الإسلامية وإلي بسط نفوذها علي بلدان أخري كالعراق وأفغانستان‏.‏

ذكر برونباك أنه يقود مساعي لحشد معارضة أعضاء الكونجرس لإيران وتأكيد دعمهم لبعض المبعدين الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة‏,‏ وأشار إلي مشروع قرار قدمه في الثاني عشر من مارس الماضي ينتقد سجل الحريات في إيران ويطالب الحكومة الأمريكية بعدم إضفاء الشرعية علي النظام الإيراني‏.‏
قال أيضا انه يخطط لتقديم ملحق لقانون الاعتمادات المالية بمجلس الشيوخ يسمي قانون ديمقراطية إيران يقر بأن سياسة أمريكا هي دعم الديمقراطية في إيران‏,‏ وسوف يقدم الملحق في حالة تمريره دعما ماليا لقنوات تليفزيون وإذاعة تنطلق من الولايات المتحدة للحديث إلي الشعب الإيراني عن الديمقراطية‏,‏ أضاف صاحبنا انه سوف يقدم قريبا مشروع قانون مؤسسة تدعي مؤسسة الديمقراطية في إيران تعمل علي توفير منح للإيرانيين الأمريكيين‏,‏ ولمحطات الاذاعة والتليفزيون الأمريكية الموجهة إلي إيران لمساعدة الشعب الإيراني علي استرداد بلدهم‏.‏
أما موري اميتي‏,‏ فقد أعرب عن اعتقاده بأن النظام الإيراني لن يتغير اذا ما ترك أمر التغيير للتفاعلات الداخلية‏,‏ لذلك فانه يتعين علي الحكومة الأمريكية أن تضع هدف تغييره ضمن أولوياتها‏,‏ وقال ان السيناتور سام برونباك يحتاج إلي الدعم والمساندة وان فرص تمرير المشاريع التي يقدمها كبيرة‏,‏ وكشف الرجل عن وجود منظمة جديدة تجمع مجموعة من السياسيين والكتاب الأمريكيين الراغبين في الضغط علي الادارة الأمريكية لاتخاذ موقف اكثر تشددا ضد حكومة إيران‏,‏ وتدعي‏(‏ التحالف من أجل الديمقراطية في إيران‏CDI).‏
أشار تقرير كير إلي أن للمنظمة حديثة العهد موقعا إلكترونيا‏,‏ يضم قائمة بأسماء المساندين لها‏,‏ ومن بينهم كبار صقور المحافظين مثل جيمس وولسي المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية‏,‏ وجاك كامب المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام‏1996,‏ ومايكل لاين وجاشوا ميروفيك الخبيرين بمركز أبحاث أمريكا انتربرايز‏,‏ وفرانك جافني رئيس مركز سياسيات الامن الذي عمل في عام‏1986‏ وخلال حكومة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان كمساعد وزير الدفاع الأمريكي لسياسات الامن الدولي‏.‏

‏(3)‏
نهاية البداية‏,‏ كان عنوان المقالة الرئيسية التي نشرتها ويكلي ستاندارد‏(‏ عدد‏5/12)‏ لرئيس تحريرها ويليام كريستول‏,‏ والمجلة ممولة من البليونير اليهودي المعروف روبرت ميردوخ‏,‏ اما وليام كريستول فله أكثر من صفة‏,‏ أهمها انه رئيس مجموعة القرن الأمريكي الجديد التي تتزعم الدعوة إلي هيمنة الولايات المتحدة علي مقدرات العالم‏,‏ وقيادتها له‏,‏ ومنذ نشأتها في عام‏1997‏ وهي تتبني فكرة إسقاط النظام العراقي‏,‏ وهي التي جمعت ملايين الدولارات لتحقيق ذلك الهدف‏,‏ وفي سبيل ذلك فانها عملت علي تأسيس المؤتمر الوطني العراقي برئاسة أحمد جلبي‏,‏ كما أنها اشتركت في تأسيس لجنة تحرير العراق‏,‏ وللعلم فان مجموعة القرن الأمريكي الجديدة هذه تضم اضافة إلي رئيسها ويليام كريستول‏:‏ ديك تشيني نائب الرئيس بوش‏,‏ ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع وبول وولفويتز نائب وزير الدفاع ومنظر المجموعة‏,‏ وريتشارد بيرل أحد أهم مستشاري وزير الدفاع وآخرين‏,‏ وكل هؤلاء إما من اليهود أو المسيحيين الإنجيليين المتصهينين‏.‏
ويليام كريستول الذي يصنف باعتباره واحدا من أهم الكتاب المعبرين عن وجهة نظر المحافظين المتطرفين‏(‏ الصقور‏)‏ اعتبر في مقالته سالفة الذكر أن النصر في العراق هو بداية نهاية الحرب الكبري ضد الإرهاب‏,‏ وإذ أدعي أن الشرق الأوسط والعالم الإسلامي هو قلب المشكلة فانه اعتبر كوريا الشمالية خطرا مؤكدا‏,‏ لكن مشكلتها يمكن احتواؤها‏,‏ واكبر خطر تمثله هو نشرها للأسلحة الفتاكة للإرهابيين والدول الإرهابية‏,‏ وهؤلاء جميعا في الشرق الأوسط‏.‏

بالنسبة لإيران ذكر كريستول أن تحرير العراق كان أكبر المعارك التمهيدية لرسم مستقبل الشرق الأوسط‏,‏ ولكن المعركة الكبري القادمة ستكون من اجل إيران‏(‏ تمني ألا تكون معركة عسكرية‏)‏ وعبر الرجل عن اعتقاده بأن إيران تمثل خطرا علي مستقبل العراق كماتريده الولايات المتحدة‏,‏ وقال إن علي الولايات المتحدة دعم أصدقائها وحلفائها في العراق لمواجهة الضغوط الإيرانية‏,‏ كما دعا إلي نقل المعركة إلي إيران نفسها‏,‏ وقال ينبغي علينا أيضا ان ننقل المعركة إلي إيران مستخدمين أدوات تتراوح بين الدبلوماسية الشعبية والعمليات السرية‏.‏
وذكر في هذا السياق أن الضغط علي إيران يمثل أولوية قبل الضغط علي دول أخري في الشرق الأوسط‏,‏ وقال ان إيران هي نقطة التحول في الحرب ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل وفي الحرب ضد الإرهاب‏,‏ وفي مساعي إعادة تشكيل الشرق الأوسط وقال لو ذهبت إيران سوف يتبعها بسهولة اكبر تغييرات ايجابية مساندة للغرب ومعادية للإرهاب في المنطقة‏,‏ وسوف تتحسن جدا فرص التسوية الفلسطينية ـ الإسرائيلية‏.‏ وهذا بيت القصيد‏!‏

‏(4)‏
ليس خافيا أن الشهية انفتحت لتغيير النظام في إيران بعد إسقاط النظامين في كابول وبغداد‏,‏ وبعد النجاح الذي تحقق في تغيير هيكل السلطة الفلسطينية والتقليص النسبي لدور الرئيس عرفات‏,‏ ولم يكن ذلك مشجعا للقوي الأصولية والصهيونية في الولايات المتحدة فضلا عن إسرائيل فحسب‏,‏ ولكنه أيضا بدا مشجعا لانصار الملكية في ايران‏,‏ الذين كثفوا من هجومهم الإعلامي والدعائي‏,‏ واصبح لديهم هذا العام‏7‏ محطات للبث التليفزيوني الموجه إلي الداخل‏,‏ في حين لم يكن لهم طيلة السنين التي خلت سوي محطتين فقط‏.‏
لكن الأمر ليس سهلا من ناحية‏,‏ كما أن المواجهة التي ينشدها هؤلاء وهؤلاء مع إيران‏,‏ ـ التي يريدون لها ان تكرر التجربة مع أفغانستان والعراق ـ ليست مدرجة ضمن الأولويات الأمريكية‏,‏ علي الأقل حتي نهاية العام القادم‏.‏

هو ليس سهلا لان إيران بلد السبعين مليون نسمة مختلف في حجمه وقدرته العسكرية وبنيانه العقيدي والمذهبي‏,‏ الأمر الذي يجعله عصيا علي الاجتياح العسكري‏,‏ ولست أشك في أن الأمريكيين يعرفون جيدا أن المغامرة بالدخول في مواجهة عسكرية مع بلد تحتل فيه المرجعية الشيعية موقعا مكينا ليست بالأمر البسيط‏.‏ آية ذلك ان تجربة إسرائيل المرة مع العمليات الاستشهادية لابد ان تكون قد حذرت الأمريكيين من التورط في مواجهة مجتمع تعد ثقافة الاستشهاد عنوانا كبيرا له‏,‏ فضلا عن أن المثل الأعلي للمتدينين من شبابه هو الامام الحسين رمز الشهادة وسيد الشهداء‏,‏ ناهيك عن أن الاشتباك مع إيران يمكن ان يستنفر الحزام الشيعي في العالم العربي والإسلامي‏,‏ الذي يضم أكثر من مائة مليون نسمة‏.‏
ومن حيث الملاءمة‏,‏ فمن المستبعد أن يكون وضع الولايات المتحدة قلقا في أفغانستان‏,‏ ولم يستقر بعد في العراق‏,‏ ورغم ذلك تتورط في معركة جديدة مع إيران‏.‏

فضلا عن هذا وذاك‏,‏ فالإشارات المتواترة القادمة من واشنطن تجمع علي أن الرئيس بوش دخل في أجواء التحضير لانتخاباته الرئاسية في شهر نوفمبر من العام القادم‏,‏ وان اي جهد خارجي تبذله ادارته لن يتجاوز حدود الاتصالات الدبلوماسية‏,‏ والضغوط السياسية‏,‏ وهو غير مستعد للتورط في أية مواجهات عسكرية‏,‏ وهذه الفكرة يبثها ويدافع عنها بقوة اثنان من أهم وأقرب مستشاري الرئيس الأمريكي هما كارل روف مستشاره الاول للشئون الداخلية وكوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي‏.‏
من أخبار واشنطن أن صقور البنتاجون فوجئوا بهذه الرسالة‏,‏ حين أبلغوا برفض خططهم التي أعدوها لتوسيع حرب العراق‏,‏ لكي تشمل عمليات تأديبية عبر الحدود‏..‏ وكان دوجلاس فايث وكيل وزارة الدفاع قد خط لشن غارات جوية علي سوريا‏,‏ حسب وكالة يونيتد برس‏,‏ بمباركة من وزير الدفاع دونالد رامسفيلد‏,‏ ومن تلك الاخبار أن اجتماعا عقد في البيت الابيض منتصف شهر أبريل الماضي‏,‏ ضم رايس وروف ورامسفيلد ومستشار الامن القومي الاسرائيلي ايفريان هالفي‏,‏ الذي حمل إلي واشنطن رغبة اسرائيل في أن تقوم الولايات المتحدة بـ الاعتناء بسوريا وإيران‏,‏ تمسكت رايس تكرارا بقولها إنه لا مغامرات عسكرية اضافية خلال عهد جورج بوش في رئاسته الأولي‏.‏

تقول الرواية أن رامسفيلد أعترض علي ماقالته رايس‏,‏ والتفت إلي روف مستفسرا عن رآيه‏,‏ فكان رده أن الرئيس يوافق مع رايس‏,‏ في الوقت ذاته فإن مستشارة الأمن القومي قالت لصحيفة واشنطون بوست أن وجهة نظر الرئيس هي أن كل مشكلة في الشرق الأوسط لايمكن حلها بالوسيلة ذاتهاإشارة إلي الحل العسكري في العراق‏,‏ وعدم تطبيقه علي سوريا‏,‏ إلا اذا كانت هناك ضرورة لذلك‏(‏ الحياة اللندنية‏5/9).‏
اذا صح ذلك فمعناه ان المواجهة الحاسمة بين واشنطن وطهران التي تتلهف عليها إسرائيل وتنتظرها بفارغ الصبر‏,‏ مؤجلة لمدة‏18‏ شهرا علي الاقل‏,‏ وتلك فرصة لتعزيز الصمود والمقاومة من خلال تحقيق الوفاق الوطني وترتيب البيت الإيراني‏,‏ الذي اصبح الصراع بين المحافظين والاصلاحيين نقطة ضعف أساسية فيه‏,‏ ومن أسف أن ذلك الصراع مستمر ومتصاعد رغم ظلال الخطر المحدق الذي يهدد الجميع‏..‏ وليس من شك أن استمرار ذلك الصراع هو اكبر هدية يقدمها الطرفان للمتريصين والطامعين والذين يتمنون ان ينشغل كل منهما بالآخر ويضعفه‏,‏ حتي تسقط إيران بين أيديهم في نهاية المطاف‏,‏ لقمة سائغة بغير حرب‏!‏
كيف يمكن أن يكون هؤلاء من آيات الله ويغفلون عن هذا الدرس الثمين؟‏!‏
أضافة تعليق