مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
مـــأزق إيـران ـ‏1‏
هويدي 11-3-2003

إذا قلت إن مأزق إيران جزء من عموم البلوي‏ - ‏ فأنت محق لا ريب‏ - ‏ حيث الكل في منطقتنا محشور في الزاوية‏.‏ لكنك إذا اتفقت معي علي أن المأزق درجات‏ - ‏ فإنني وقد عدت لتوي من طهران‏ - ‏ أجازف بالقول بأن المأزق الإيراني من العيار الثقيل‏ - ‏ علي الأقل لانه مضاعف داخليا وخارجيا في ذات الوقت‏.‏
‏(1)‏

سأبدأ بالمأزق الذي تهب رياحه من الخارج‏ - ‏ ليس فقط لان طبول الحرب التي مابرحت تدق بصوت عال هذه الأيام توحي بأننا بصدد الدخول في الدقيقة الستين التي تسبق ساعة الانفجار‏ - ‏ ولكن أيضا لان رياح الخارج لها تأثيراتها القوية علي تفاعلات الداخل‏.‏
في حدود علمي‏ - ‏ فان القيادة الإيرانية تلقت قبل أشهر قليلة تطمينات من واشنطن‏ - ‏ خلاصتها أن إيران ليست مستهدفة من الحرب المحتملة‏ - ‏ وان مصالحها في العراق وأمنها القومي لن يمسا بأي سوء ومن ثم فليس هناك مايبرر القلق أو التوجس في طهران‏.‏
الرسالة استقبلت في العاصمة الإيرانية بالحذر‏ - ‏ فضلا عما أثارته من جدل‏ - ‏ أولا‏:‏ لان الشكوك متجذرة بين البلدين علي نحو اقنع القيادة الإيرانية بأن هدف الرسالة هو تهدئة مسرح العمليات‏ - ‏ لكي يحقق الأمريكيون مرادهم في العراق دون معوقات‏ - ‏ وثانيا‏:‏ لان تجربة أفغانستان أكدت للإيرانيين أن واشنطن تريد استخدام الورقة الإيرانية‏ - ‏ وليست مستعدة لان تقيم مع طهران علاقة تعاون مشترك‏ - ‏ آية ذلك أن إيران برغم الجهد الكبير الذي قدمته لانجاح الحملة العسكرية ضد نظام طالبان‏ - ‏ فان الإدارة الأمريكية ادرجتها في النهاية ضمن ماسمي محور الشر‏.‏
وإذا جاز لي أن الخص المأزق الإيراني من الزاوية التي نحن بصددها‏ - ‏ فقد أقول إن إيران تشعر بأن الولايات المتحدة تحكم الحصار من حولها حينا بعد حين‏ - ‏ وإذا ما تم احتلال العراق فان إيران سوف تعاني ضغوطا قوية متعددة المصادر‏ - ‏ في الوقت ذاته فثمة إدراك في طهران لحقيقة انه بعد اجتياح بغداد سيحل الدور علي إيران‏ - ‏ من ناحية ثانية لان إيران بلد نفطي‏ - ‏ يطل علي بحر قزوين الذي يعوم فوق بحيرة من النفط‏ - ‏ وطالما أن الهيمنة علي منابع النفط ضمن أهداف الحملة‏ - ‏ فان الساحة الإيرانية ـ في الحسابات الأمريكية ـ ينبغي أن تطوع عند الحد الأدني‏ - ‏ هذا اذا لم تخضع‏ - ‏ ومن ناحية ثالثة لانه بعد ضرب العراق ومع افتراض تحطيم قدرته العسكرية‏ - ‏ فان ميزان القوة في المنطقة سيميل لصالح إسرائيل بصورة نسبية كبيرة‏ - ‏ لكن الميزان سيميل بشكل مطلق لصالحها اذا ما أضعفت إيران وكسرت شوكتها وضربت أوشلت مفاعلاتها النووية‏ - ‏ وبلوغ ذلك الهدف ضروري للغاية لاغلاق الملف الفلسطيني‏ - ‏ وفرض الشروط والإرادة الإسرائيلية علي منطقة الشرق الأوسط كلها‏ - ‏ ومعروف أن إغلاق ذلك الملف يعد واحدا من أهداف الحملة‏.‏
‏(2)‏

ذهبت إلي طهران للمشاركة في مؤتمر دولي يعقد سنويا لمناقشة أوضاع منطقة الخليج في ظل المتغيرات المحيطة‏ - ‏ دعا إليه مركز الدراسات السياسية والدولية التابع للخارجية الإيرانية‏ - ‏ وكان طبيعيا أن تخيم علي المؤتمر طول الوقت اجواء الحرب ضد العراق وتداعياتها المحتملة‏ - ‏ وذات يوم ـ في أثناء الغداء ـ قال لي أحد السفراء الإيرانيين السابقين إن الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة علي إيران منذ قيام الثورة‏ - ‏ يتحول الآن إلي حصار استراتيجية محكم اشد خطرا‏ - ‏ الأمر الذي يهدد البلاد بعزلة استراتيجية قاسية‏ - ‏ وبعد الغداء دعاني إلي غرفة جانبية تصدرتها خريطة كبيرة لإيران والدول المحيطة بها‏ - ‏ وقال‏:‏ ثمة قلق يساور إيران مما حدث في شمالها‏ - ‏ وهي الجبهة التي كانت مستقرة إلي حد كبير في ظل وجود الاتحاد السوفيتي‏ - ‏ الآن تجد إيران نفسها وقد جاورتها دول عدة محيطة ببحر قزوين‏ - ‏ وتلك الدول اختلفت أوضاعها وحساباتها‏ - ‏ والنفوذ الأمريكي والإسرائيلي يتمدد فيها علي نحو يقلق إيران‏ - ‏ وقد اضطرت طهران للتدخل فيما يجري في شمالها دفاعا عن أمنها ومصالحها الوطنية‏ - ‏ فوقفت إلي جوار أرمينيا المسيحية في صراعها ضد أذربيجان ذات الأغلبية المسلمة والشيعية‏ - ‏ مخافة ظهور أذربيجان كبري تجذب إليها القومية الآذرية في إيران‏ - ‏ وبسبب العلاقات ـ الاذربيجانية الأمريكية الوثيقة التي لاتطمئن إليها‏.‏
وقد شاءت المقادير أن تظل الحدود الشرقية لإيران مصدرا لقلقها منذ السنوات الأولي للثورة‏ - ‏ ففي البداية كانت افغانستان تحت الاحتلال السوفيتي‏ - ‏ وهو مالم تسعد به طهران التي خشيت من تطويق الدولة العظمي لها‏ - ‏ خصوصا أن الحدود المشتركة بين البلدين تكاد تصل إلي ألف كيلو متر‏ - ‏ فعمدت إلي مساعدة ودعم بعض فصائل المجاهدين والشيعة في المقدمة منهم‏ - ‏ واستقبلت علي مدي عشر سنوات أكثر من مليون لاجيء أفغاني‏ - ‏ كانت لهم مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية‏ - ‏ وهذا الشعور بالقلق استمر بعد الانسحاب السوفيتي‏ - ‏ فقد اقتتل المجاهدون فيما بينهم‏ - ‏ ثم قاتلوا حركة طالبان‏ - ‏ التي أنزلت بالشيعة الافغان مظالم كثيرة‏ - ‏ وبعد أن أيدت إيران تحالف الشمال‏ - ‏ وساعدت علي اسقاط نظام طالبان‏ - ‏ فإنها وجدت نفسها في خندق واحد مع الأمريكيين الذين القوا بثقلهم إلي جانب تحالف الشمال وكان لهم دورهم في هزيمة نظام طالبان بعدما جري في‏11‏ سبتمبر‏ - ‏ وانتهي الأمر بارساء الوجود الأمريكي علي الأراضي الافغانية‏ - ‏ بل وبالقرب من الحدود الإيرانية‏(‏ في ولاية هيرات‏).‏
لاتشعر إيران بالراحة أيضا علي جبهتها الغربية‏ - ‏ حيث توجد تركيا‏ - ‏ وارتباطاتها قوية ومعروفة بالولايات المتحدة وإسرائيل‏ - ‏ ولا ينسي الايرانيون أن تركيا سمحت في وقت سابق للطائرات الإسرائيلية بالقيام بطلعات استكشافية فوق مجال الأراضي الحدودية لبلادهم‏ - ‏ ليس ذلك فحسب‏ - ‏ وإنما هناك اقتناع في طهران بان الولايات المتحدة تدعم تعاونا استراتيجيا بين مثلث يضم تركيا وإسرائيل واذربيجان‏ - ‏ يعمل علي منع مد أنابيب النفط والغاز من بحر قزوين إلي العالم الخارجي عبر إيران‏ - ‏ والهدف من ذلك هو الضغط علي طهران‏ - ‏ وعزلها عن الترتيبات المستقبلية في القوقاز وقزوين وآسيا الوسطي لإحكام الحصار حولها‏.‏
علي الحدود الجنوبية لإيران يتركز الاهتمام الدولي والأمريكي بوجه أخص‏ - ‏ وهناك تقبع الاساطيل الغربية فضلا عن القواعد الأمريكية‏ - ‏ اذ من هناك يصدر النفط عبر البواخر التي تخترق بحر عمان لتنقله إلي مختلف انحاء العالم‏ - ‏ وذلك سبب كاف لتمسك الأمريكيين بالبقاء في المنطقة‏ - ‏ وفي ظل العلاقات غير الودية القائمة بين واشنطن وطهران‏ - ‏ فإن الأخيرة لاتستطيع أن تستشعر الاطمئنان أو الارتياح‏.‏
أضاف محدثي‏:‏ هذا الوجود الأمريكي الذي يضغط علي إيران من الجهات الأربع يشكل مأزقا لإيران لاريب‏ - ‏ وإذا انضاف إلي ذلك وجود أمريكي كثيف في العراق‏ - ‏ في حالة ما اذا نجحت محاولة اسقاط نظامه فان الجبهة الغربية لإيران ستصبح الأكثر سخونة وخطرا‏ - ‏ خصوصا اذا علمنا أن الحدود المشتركة بين البلدين بطول‏1630‏ كيلو مترا‏ - ‏ وإذا وضعنا في الاعتبار ان للولايات المتحدة طموحات أخري ـ بعضها سبقت الإشارة إليه ـ تتجاوز مسألة اسقاط نظام بغداد واستبداله بآخر‏.‏
‏(3)‏

ما العمل؟ ـ هذا هو السؤال الكبير الذي يلوح في الأفق الإيراني‏ - ‏ ويثير نقاشات واسعة النطاق داخل مختلف التجمعات السياسية تنعكس بوضوح علي صفحات الصحف‏ - ‏ لايختلف أحدا حول الموقف من الرئيس صدام حسين ونظامه‏ - ‏ لان أحدا لم ينس تجربة حرب الثماني سنوات‏ - ‏ التي خلفت ثارات ومرارات مازالت حية في الوجدان العام‏ - ‏ وثمة اجماع أيضا علي أن الولايات المتحدة كانت طرفا في تلك الحرب‏ - ‏ وان العدوان العراقي علي إيران كان لحساب الولايات المتحدة بالدرجة الأولي‏ - ‏ وأنها لذلك باركت العدوان وقدمت إلي نظام العراق مختلف صور العون‏ - ‏ من المعلومات والخرائط‏ - ‏ إلي السلاح والذخيرة‏ - ‏ حتي السلاح الكيمياوي الذي قدم إلي العراق كانت له مصادره الغربية التي رحبت بها وباركتها واشنطن‏.‏
بسبب هذه الخلفية فان الجميع يتمنون زوال النظام العراقي ورئيسه‏ - ‏ ولكن قلقهم أكبر ازاء احتمال ان يتم ذلك بأيد أمريكية‏ - ‏ بحيث يستبدل المر بما هو أشد مرارة منه‏ - ‏ وذلك وجه آخر للمأزق الإيراني‏ - ‏ والحضور الأمريكي في الجدل الإيراني ليس جديدا‏ - ‏ ولكنه مستمر بدرجات متفاوتة منذ قيام الثورة في عام‏79 - ‏ التي كانت الولايات المتحدة في شعاراتها وادبياتها شيطانا أكبر لم يتمن له أحد شيئا سوي الموت والفناء‏ - ‏ غير أن صعود الاصلاحيين ووصولهم إلي السلطة في عام‏1997‏ وفر أجواء جديدة في إيران فتحت الباب لنقاشات أكثر رصانة وتنوعا‏ - ‏ طالت ملفات كثيرة حساسة ودقيقة‏ - ‏ من ولاية الفقيه إلي العلاقات مع الولايات المتحدة‏ - ‏ ومن إيران أولا والإسلام ثانيا إلي الإسلام أولا وإيران ثانيا‏ - ‏ وهذه المناقشات الأخيرة طرحت ترتيب أولويات الأجندة الإيرانية‏ - ‏ وهل تغلب المصالح الوطنية علي الالتزامات العقائدية أم العكس‏(‏ عمليا غلبت إيران مصالحها الوطنية في أكثر من حالة‏ - ‏ حين انحازت إلي جانب ارمينيا في صراعها ضد اذربيجان‏ - ‏ كما سبقت الاشارة‏ - ‏ وحين اعتبرت موضوع الشيشان شأنا داخليا روسيا وامتنعت عن مناصرة المسلمين الشيشانيين‏).‏
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏ - ‏ بدا واضحا أن الولايات المتحدة متجهة إلي اسقاط نظام طالبان في أفغانستان‏ - ‏ وبرز بقوة السؤال ما العمل‏ - ‏ وارتفعت درجة الحرارة والمصارحة في صدد الاجابة عليه‏ - ‏ وكان المشهد أقرب إلي الصورة التي نحن بازائها الآن‏ - ‏ ففي كابول نظام ينتسب إلي الإسلام ويخاصم إيران‏ - ‏ والأمريكيون بسبيلهم إلي إسقاطه وازالته‏ - ‏ فهل يدان هذا المسلك أو يرحب به أو يسكت عليه؟‏!‏
مرة أخري ثار التساؤل حول المقابلة بين المصالح الوطنية والعلائق العقائدية أو الايديولوجية‏ - ‏ وتعالت أصوات مطالبة بترجيح الأولي علي الثانية‏ - ‏ وبمحاولة انتهاز الفرصة الذهبية المتاحة لتأييد تغيير النظام الأفغاني‏ - ‏ والتفاهم مع الولايات المتحدة في هذا الصدد‏ - ‏ من خلال ماسمي الحياد النشيط أوالايجابي وهو يختلف عن المسلك الإيراني ازاء حرب الخليج الثانية التي أدت إلي تحرير الكويت وقد اختارت فيه طهران موقف الحياد السلبي‏ - ‏ حيث لم تؤيد الأمريكيين ولا وقفت ضد العراق أو حاولت تصفية الحساب مع نظامه‏.‏
ترجم الحياد الإيجابي إلي دخول إيران في اللعبة عبر مساندتها للتحالف الشمالي‏ - ‏ واشتراكها في اسقاط نظام طالبان‏ - ‏ حتي كانت بعض عناصر الحرس الثوري مع قوات التحالف في أثناء دخولها إلي كابول‏ - ‏ وقد كان السيد علي خامنئي مرشد الثورة في مقدمة الذين حاولوا ضبط مفهوم الحياد الايجابي‏ - ‏ حيث أعلن في اصفهان في‏2001/10/30‏ اننا نشجب الإرهاب بكل أشكاله ونعارض الحملة الأمريكية علي أفغانستان ونرفض الدخول في أي تحالف تقوده أمريكا‏.‏
‏(4)‏

اختلف الأمر في الحالة العراقية‏ - ‏ ففي افغانستان كانت الولايات المتحدة في حاجة إلي دور طهران‏ - ‏ لان إيران كانت تدعم التحالف الشمالي منذ تولي حركة طالبان السلطة في عام‏1996 - ‏ ومن ثم كانت موجودة علي الأرض الافغانية بصورة أو أخري‏ - ‏ فضلا عن ذلك فإن وصول الطائرات العسكرية الأمريكية إلي شمال أفغانستان كان يقتضي أحيانا مرورا في الأجواء الإيرانية مع بعض التسهيلات الأخري‏ - ‏ أما في حالة العراق فان الولايات المتحدة رتبت أمرها مع المعارضة العراقية في الخارج‏ - ‏ ولم تكن بحاجة إلي الدور الإيراني في هذا الاتجاه‏ - ‏ كما أنها ليست بحاجة إلي تسهيلات عسكرية من إيران‏ - ‏ وغاية ما ارادته واشنطن من طهران هو أن يتم تسكين الجبهة الإيرانية‏ - ‏ والا تحرك قوات فيلق بدر التابعة للمجلس الأعلي للثورة الإسلامية بالعراق لدخول جنوب العراق حيث يتمركز الشيعة‏.‏
وسواء لأن واشنطن لم تسترح للدور الإيراني في أفغانستان بسبب خشيتها من الحضور الإيراني في العراق حيث الأغلبية شيعية واهم مقدسات المذهب هناك في النجف الاشرف وكربلاء والكاظيمة‏ - ‏ أو لان الغنيمة العراقية اثمن وأكثر إغراء من الأفغانية‏ - ‏ فان واشنطن حرصت علي تقليص الدور الإيراني عند الحد الأدني‏ - ‏ أو إلغائه اذا امكن‏.‏
بالمقابل‏ - ‏ تصرفت إيران بحذر ملحوظ وبمقتضي سياسة الحياد الإيجابي التي تبنتها فإنها وقد أدانت الحرب وفكرة تغيير الأنظمة بالقوة‏ - ‏ قررت ألا تعترض طريق القوات الأمريكية ولاتعرقل عملياتها‏ - ‏ ولاتشارك في أي انشطة عسكرية ضد العراق‏ - ‏ وبطبيعة الحال فإنها لم تفكر في القتال إلي جانب النظام العراقي‏ - ‏ وفي الوقت نفسه فإنها راهنت علي الوقت‏ - ‏ وآثرت الانتظار حتي ينقشع غبار المعركة وتري نتائج جولتها الأولي علي الأقل‏.‏
نعم تجددت مناقشة موضوع العلاقات مع أمريكا‏ - ‏ ودعت بعض الأقلام إلي إجراء حوار غير مشروط مع واشنطن‏ - ‏ ولكن سعي الإدارة الأمريكية إلي الضغط لتقليص الدور الإيراني رجح كفة التشدد في الساحة الإيرانية‏ - ‏ حتي إن مرشد الثورة السيد علي خامنئي اصدار تصريحا حذر فيه الذين يكتبون أو يتحدثون في مسألة الحوار مع امريكا‏ - ‏ سيتعرضون لتوقيع العقوبات عليهم طبقا للقانون‏ - ‏ وصدر في هذا الصدد بيان رسمي نشر في‏2002/5/28‏ يقول ما نصه‏:‏ بالنظر إلي القرار الذي اتخذه زعيم الثورة بمنع إجراء أي نوع من المحادثات مع أمريكا‏ - ‏ فان محكمة طهران‏ - ‏ عملا من جانبها بتنفيذ قرارات الزعيم واحتراما لمساعي جميع الأجهزة الإعلامية والاشخاص الذين يعملون في الساحة الإعلامية والذين يقدمون المصالح القومية علي آية قضايا أخري‏ - ‏ تهيب بجميع وسائل الإعلام التليفزيون والصحافة والمنابر الرسمية ألا يقوموا بأية دعاية مؤدية للحوار مع أمريكا حتي لايقعوا تحت طائلة القانون‏.‏
‏(5)‏

همس في أذني أحد العارفين بما يجري في كواليس طهران ـ وهي بلا حصر ـ قائلا إن وزير الثقافة العراقي في أثناء زيارة قام بها للعاصمة الإيرانية قبل أشهر معدودة‏ - ‏ اقترح انشاء قيادة مشتركة بين العراق وإيران لمواجهة العدوان الأمريكي والاعصار الذي يتوقع أن يستصحبه‏ - ‏ وهو ما فوجيء به المسئولون في طهران‏.‏
وبرغم أن أغلب العناصر المعنية في وزارة الخارجية سارعت إلي رفض الاقتراح‏ - ‏ مستحضرة سجل الرئيس العراقي الذي كتبت صفحاته بالدم الإيراني‏ - ‏ فإن البعض رحب بالفكرة ووجد فيها وجاهة يمكن ان تدفع الولايات المتحدة إلي مراجعة موقفها وحساباتها‏ - ‏ ومن ثم فإنها قد تجنب المنطقة أهوال الحرب وويلاتها‏ - ‏ وربما بسبب عمق ازمة الثقة ومن جراء حساسية الرأي العام الشديدة إزاء الرئيس صدام حسين ونظامه‏ - ‏ فإن الاقتراح لم ير النور‏ - ‏ ولم يشر إليه في وسائل الإعلام من قريب أو بعيد‏ - ‏ ومن ثم فانه أحيط بالصمت‏ - ‏ ودفن بسرعة في مكتب الخارجية‏ - ‏ ولم يغادرها‏.‏
سألت محدثي عما إذا كان اقتراح من ذلك القبيل يمكن أن يخرج إيران والعراق من المأزق‏ - ‏ فكان رده أنه حقا لايعرف‏ - ‏ لكنه أردف قائلا إن قطار انقاذ الموقف قد فات علي كل حال‏ - ‏ وإن قطار الحرب هو الذي يتحرك الآن‏ - ‏ ومايشغل إيران في الوقت الراهن ليس الخروج من المأزق‏ - ‏ وانما الحد من خسائره‏.‏
أضافة تعليق