عبد الرحمن الجميعان
سؤالان لا بد من طرحهما اليوم على طاولة الحوار، هل يملك الإسلاميون اليوم منظومة سياسية وبرامج عمل لإدارة الدولة؟ وبمعنى هل يملكون مشروعًا سياسيًا اليوم؟
والثاني ما هي ملامح المشروع السياسي الإسلامي لدينا نحن المسلمين؟
بعد الثورات المباركة، والتي استطاع الإسلاميون إثبات وجودهم فيها، من خلال الانتخابات، ومن خلال التصريحات، وركب الموجة، لا بد أن نتلمس أسس المشروع الإسلامي، والذي يكمن ويتحدد في إقامة دولة الإسلام، (دولة العدل والحريات والمساواة، والعبودية المطلقة لله وحده).
و ما من شك أنه ثبت أن ليس لأحد مشروع سياسي جاهز يستطيع تطبيقه، وذلك لعدة من الأمور، ليس هنا مجال ذكرها، وحتى يكون ذلك، لابد للإسلاميين وغيرهم من تلمس أسس و أصول وملامح المشروع الإسلامي الكبير من خلال حركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف بنى الدولة وأقامها على أسس الدين!
يقول تعالى: (فبهداهم اقتده)، يقول الطبري: (فبالعمل الذي عملوا، والمنهاج الذي سلكوا، وبالهدى الذي هديناهم، والتوفيق الذي وفقناهم ’’اقتده ’’يا محمد، أي: فاعمل، وخذ به واسلكه، فإنه عمل لله فيه رضا ، ومنهاج من سلكه اهتدى)، فإذا كان الله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه باتباع من سبقه، وجعله منهجًا يمضي عليه، فما بالك ممن جاء بعده! فنحن أحق وأولى باتباع هذا المنهج الرصين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ملامح المشروع النبوي:
١- العقيدة السياسية:
بدأ العمل وفق العقيدة السياسية في مكة، منذ بزوغ الفجر الإسلامي، فبدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إليه، حيث أكد القرآن أن الله واحد في الصفات والذات والتأثير في الكون، وأنه يجب أن يطاع وفق أمره ونهيه (الشرع)، فلا حاكم إلا هو ولا مشرع إلا هو، كما ذكرت ذلك وفصلته سورة الأنعام التي أطنبت في تفصيل العقيدة وشرح جزئياتها، عقيدة الألوهية الحقة (ولم تكن هذه - في ظاهر الأمر وفي نظرة العقل البشري المحجوب - هي أيسر السبل إلى قلوب العرب! فلقد كانوا يعرفون من لغتهم معنى: ’’إله’’ ومعنى: ’’لا إله إلا الله’’ كانوا يعرفون أن الألوهية تعني الحاكمية العليا.. وكانوا يعرفون أن توحيد الألوهية وإفراد الله - سبحانه - بها، معناه نزع السلطان الذي يزاوله الكهان ومشيخة القبائل والأمراء والحكام، ورده كله إلى الله.. السلطان على الضمائر، والسلطان على الشعائر، والسلطان على واقعيات الحياة.. السلطان في المال، والسلطان في القضاء، والسلطان في الأرواح والأبدان.. كانوا يعلمون أن: ’’لا إله إلا الله’’ ثورة على السلطان الأرضي، الذي يغتصب أولى خصائص الألوهية، وثورة على الأوضاع التي تقوم على قاعدة من هذا الاغتصاب; وخروج على السلطات التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله..)،(الظلال مقدمة سورة الأنعام)
هذه العقيدة ارتبطت ببرنامج عملي مثل الدعوة والتحرك بين الناس، والعمل على وجود تنظيم سري يلتقي في بيت الأرقم، رأسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووزع الصحابة مثل الخلايا والأسر في المنازل، كما حدث مع فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، ومن هذا البرنامج العملي، خروج الدعوة من مكة إلى غيرها، ومنه استخدام جميع الوسائل المتاحة لنشر الفكرة، مع أهمية المحافظة على العناصر المؤمنة من أي عنصر خارجي، وهكذا، فلم تكن هذه العقيدة سلبية متقوقعة، بل كانت برنامجًا عمليًا يحاول الوصول لكل شخص، ويشرح له الفكرة، كي تتكاثر العناصر المؤمنة.
وصاحب ذلك كله، البحث عن أرض، وعن شعب يناصر القضية العادلة، حتى تقوم دولة الإسلام ليتكامل الدين، ولكن الله تعالى أجل هذه الدولة حتى يتكامل البناء العقدي، والسياسي والفكري لهذه العصبة المؤمنة التي يتحمل هذا الدين وهذا الفكر للناس أجمعين.
فالعقيدة السياسية، لا بد أن تكون أولى خطوات المشروع الإسلامي، فكرًا وتوضيحًا وإيمانًا ووعيًا، ومنه لا شك قضية الولاء والبراء للمشركين والكفار، بل لابد من توافق عملي مع العيش في ظل هذه العقيدة، فمن باب كانت العزلة الشعورية برنامج الدعوة، ومن جهة كانت العلاقات بين المجتمعين في الحياة وأمورها.
• مفكر وكاتب كويتي
الأمين العام لمنتدى المفكرين المسلمين
سؤالان لا بد من طرحهما اليوم على طاولة الحوار، هل يملك الإسلاميون اليوم منظومة سياسية وبرامج عمل لإدارة الدولة؟ وبمعنى هل يملكون مشروعًا سياسيًا اليوم؟
والثاني ما هي ملامح المشروع السياسي الإسلامي لدينا نحن المسلمين؟
بعد الثورات المباركة، والتي استطاع الإسلاميون إثبات وجودهم فيها، من خلال الانتخابات، ومن خلال التصريحات، وركب الموجة، لا بد أن نتلمس أسس المشروع الإسلامي، والذي يكمن ويتحدد في إقامة دولة الإسلام، (دولة العدل والحريات والمساواة، والعبودية المطلقة لله وحده).
و ما من شك أنه ثبت أن ليس لأحد مشروع سياسي جاهز يستطيع تطبيقه، وذلك لعدة من الأمور، ليس هنا مجال ذكرها، وحتى يكون ذلك، لابد للإسلاميين وغيرهم من تلمس أسس و أصول وملامح المشروع الإسلامي الكبير من خلال حركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكيف بنى الدولة وأقامها على أسس الدين!
يقول تعالى: (فبهداهم اقتده)، يقول الطبري: (فبالعمل الذي عملوا، والمنهاج الذي سلكوا، وبالهدى الذي هديناهم، والتوفيق الذي وفقناهم ’’اقتده ’’يا محمد، أي: فاعمل، وخذ به واسلكه، فإنه عمل لله فيه رضا ، ومنهاج من سلكه اهتدى)، فإذا كان الله تعالى يأمر نبيه صلى الله عليه باتباع من سبقه، وجعله منهجًا يمضي عليه، فما بالك ممن جاء بعده! فنحن أحق وأولى باتباع هذا المنهج الرصين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ملامح المشروع النبوي:
١- العقيدة السياسية:
بدأ العمل وفق العقيدة السياسية في مكة، منذ بزوغ الفجر الإسلامي، فبدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالدعوة إليه، حيث أكد القرآن أن الله واحد في الصفات والذات والتأثير في الكون، وأنه يجب أن يطاع وفق أمره ونهيه (الشرع)، فلا حاكم إلا هو ولا مشرع إلا هو، كما ذكرت ذلك وفصلته سورة الأنعام التي أطنبت في تفصيل العقيدة وشرح جزئياتها، عقيدة الألوهية الحقة (ولم تكن هذه - في ظاهر الأمر وفي نظرة العقل البشري المحجوب - هي أيسر السبل إلى قلوب العرب! فلقد كانوا يعرفون من لغتهم معنى: ’’إله’’ ومعنى: ’’لا إله إلا الله’’ كانوا يعرفون أن الألوهية تعني الحاكمية العليا.. وكانوا يعرفون أن توحيد الألوهية وإفراد الله - سبحانه - بها، معناه نزع السلطان الذي يزاوله الكهان ومشيخة القبائل والأمراء والحكام، ورده كله إلى الله.. السلطان على الضمائر، والسلطان على الشعائر، والسلطان على واقعيات الحياة.. السلطان في المال، والسلطان في القضاء، والسلطان في الأرواح والأبدان.. كانوا يعلمون أن: ’’لا إله إلا الله’’ ثورة على السلطان الأرضي، الذي يغتصب أولى خصائص الألوهية، وثورة على الأوضاع التي تقوم على قاعدة من هذا الاغتصاب; وخروج على السلطات التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله..)،(الظلال مقدمة سورة الأنعام)
هذه العقيدة ارتبطت ببرنامج عملي مثل الدعوة والتحرك بين الناس، والعمل على وجود تنظيم سري يلتقي في بيت الأرقم، رأسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووزع الصحابة مثل الخلايا والأسر في المنازل، كما حدث مع فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها، ومن هذا البرنامج العملي، خروج الدعوة من مكة إلى غيرها، ومنه استخدام جميع الوسائل المتاحة لنشر الفكرة، مع أهمية المحافظة على العناصر المؤمنة من أي عنصر خارجي، وهكذا، فلم تكن هذه العقيدة سلبية متقوقعة، بل كانت برنامجًا عمليًا يحاول الوصول لكل شخص، ويشرح له الفكرة، كي تتكاثر العناصر المؤمنة.
وصاحب ذلك كله، البحث عن أرض، وعن شعب يناصر القضية العادلة، حتى تقوم دولة الإسلام ليتكامل الدين، ولكن الله تعالى أجل هذه الدولة حتى يتكامل البناء العقدي، والسياسي والفكري لهذه العصبة المؤمنة التي يتحمل هذا الدين وهذا الفكر للناس أجمعين.
فالعقيدة السياسية، لا بد أن تكون أولى خطوات المشروع الإسلامي، فكرًا وتوضيحًا وإيمانًا ووعيًا، ومنه لا شك قضية الولاء والبراء للمشركين والكفار، بل لابد من توافق عملي مع العيش في ظل هذه العقيدة، فمن باب كانت العزلة الشعورية برنامج الدعوة، ومن جهة كانت العلاقات بين المجتمعين في الحياة وأمورها.
• مفكر وكاتب كويتي
الأمين العام لمنتدى المفكرين المسلمين