مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
انقلاب في مفهوم القضية
هويدي 20-8-2002

الشغل الشاغل للجميع هو وقف العمليات الاستشهادية‏,‏ هو هم إسرائيلي بامتياز لأسباب مفهومة‏,‏ ولأنه كذلك فقد صار علي رأس أجندة الإدارة الأمريكية‏,‏ ولأسباب ليست خافية ـ أيضا ـ فتلك فرضته علي القيادة الفلسطينية‏,‏ وعلي بعض العواصم العربية الصديقة‏,‏ وهو ما كثف من الضغوط علي فصائل المقاومة‏,‏ التي تتداول الآن وثيقة بهذا الخصوص‏,‏ وبتغير مسار الريح علي ذلك النحو انقلب الحال رأسا علي عقب‏,‏ وتحولت الساحة الفلسطينية إلي مسرح عبثي‏,‏ تراجع فيه شعار تحرير فلسطين وأصبحت القضية مختزلة في تحرير الإسرائيليين من الخوف‏,‏ وتخليصهم من رعب العمليات الاستشهادية‏.‏

‏(1)‏
ذات صباح في الأسبوع الماضي وقعت علي خبر يجسد ذلك العبث الذي يتجاوز قدرة العقل علي التصديق‏,‏ إذ وجدته مسكونا بسبع من عجائب دنيا السياسة في هذا الزمان‏,‏ موضوع الخبر هو زيارة وفد السلطة الفلسطينية إلي واشنطن الذي ضم من بين أعضائه وزير الداخلية الجديد اللواء عبدالقادر يحيي‏,‏ أما العجائب السبع التي تضمنها فكانت كالتالي‏:‏ عقد الوفد في واشنطن عدة اجتماعات مع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية لبحث تنظيم واستقرار الأوضاع الأمنية في الأرض المحتلة‏,‏ واتفق الطرفان علي إنشاء وحدات فلسطينية لمكافحة الإرهاب‏,‏ وستكون المهمة الأساسية لتلك الوحدات هي منع الهجمات الفلسطينية ضد إسرائيل‏(‏ بالدقة حصار المقاومة وتكبيلها وإجهاض عملياتها‏),‏ وصف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات محادثات واشنطن بأنها إيجابية للغاية‏,‏ غير أن بعض المصادر السياسية في رام الله أعربت عن قلقها إزاء المعلومات التي تسربت بشأن الاتفاق‏,‏ مشيرة في ذلك إلي أن الوحدات المستجدة ستعمل خارج القانون‏!‏
كل جملة في الخبر تصلح بحد ذاتها لكي تكون موضوعا للزاوية التي تنشرها الصحف والمجلات تحت عنوان صدق أو لا تصدق‏!‏ ذلك أن الجيل الذي عاصر مراحل الصراع خلال نصف القرن الأخير‏,‏ واستقرت في مداركه صورة معينة للمخابرات المركزية‏,‏ واستوعب حقيقة المشروع الصهيوني ومقاصده‏,‏ وآمن بقضية التحرير وضرورة المقاومة‏,‏ وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة‏,‏ هذا الجيل لابد أن يري في كل جملة بالخبر صدمة تزلزل كيانه وتصيبه بخليط من الدهشة والذهول‏.‏ بل إنني أزعم أن أي وطني لم يفقد وعيه في زماننا سوف يمتد إليه الشعور بالصدمة‏,‏ حين يجد في نهاية المطاف أن وحدات فلسطينية مدربة عربيا بإشراف المخابرات المركزية‏,‏ هي التي تلاحق المقاومة وتجهض عملياتها‏,‏ وأن هذا المسلك أصبح بديلا عن التمسك بحق المقاومة والالتزام العربي بالدفاع عن ذلك الحق‏,‏ وتعزيز الصمود الفلسطيني‏.‏

‏(2)‏
يوم نشر ذلك الخبر البائس بثت وكالة الأنباء الفرنسية صورة لبعض الفلسطينيين الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية في بلدة بيت لهيا وقد سيقوا حفاة بثياب النوم‏,‏ بينما عصبت أعينهم وقيدت أيديهم‏,‏ وكان التركيز في الصورة علي أحدهم وقد دفن واقفا في حفرة‏,‏ وظهر ثلثه العلوي علي تلك الهيئة‏:‏ منكس الرأس ومعصوب العينين ومقيد اليدين‏,‏ علي نحو يذكرنا بالصور البشعة التي التقطت لمعتقلي جوانتانامو لدي وصولهم إلي الجزيرة الكوبية‏,‏ وكانت ناطقة بالمذلة والقهر‏.‏ تصادف أيضا أن نشرت صحيفة القدس العربي صورة علي أربعة أعمدة للطفلة لميس القريني ابنة السنوات السبع‏,‏ التي قتل قناص إسرائيلي أباها أحمد القريني‏,‏ الموظف بقسم الحركة في طوارئ بلدية نابلس‏,‏ بينما كان جالسا داخل سيارة إنقاذ تابعة للبلدية‏.‏ كان وجه لميس غارقا في الدموع‏,‏ وجسدها يتلوي من الفجيعة‏,‏ وصراخها يتردد في جنبات مستشفي الاتحاد بالمدينة وهي تنادي الأب بصوت مكلوم يهز الجدران ويمزق نياط القلوب‏,‏ قائلة‏:‏ أريدك يا أبي‏,‏ لا تذهب بعيدا‏..!‏
مثل هذه الصور ليست فريدة في بابها‏,‏ لكنها جاءت تسجيلا للحدث اليومي الذي أصبح نمطا للحياة الفلسطينية‏,‏ في ظل الاحتلال الإسرائيلي الوحشي‏,‏ حيث لم يعد أمام الناس سوي أحد خيارين‏:‏ الإذلال أو الموت‏,‏ والأسير الفلسطيني الذي عصبت عيناه وكبلت يداه ودفن ثلثا جسمه لم يكن سوي رمز للمذلة المفروضة‏,‏ أما الشهيد أحمد القريني فقد كان واحدا ممن لاحقهم الموت المجاني وهو قابع داخل سيارة الإنقاذ‏,‏ خرج لينقذ غيره غير مدرك أن الدور قد حل عليه لكي ينضم إلي قافلة الضحايا‏.‏
هي مصادفة لاريب‏,‏ أن يتزامن نشر خبر تشكيل وحدات مكافحة الإرهاب الفلسطينية مع ظهور الصورتين السابقتين في الصحف العربية‏,‏ كأن الأقدار أرادت بذلك أن تبرز المفارقة‏(‏ تفضحها إن شئت الدقة‏),‏ إذ صار المطلوب أن يستمر الخيار بين الإذلال أو الموت‏,‏ شريطة أن يكون الموت بالرصاص الإسرائيلي‏,‏ ومحظور علي الفلسطيني أن يختار الموت شهيدا‏,‏ وإنما يراد له أن يرحل عن الدنيا قتيلا‏,‏ بحيث يظل موته ـ حتي موته‏!‏ ـ بقرار إسرائيلي استكمالا لمسلسل المذلة والهوان‏,‏ وهو ما قد نفهمه حين يصدر عن الإسرائيليين والأمريكيين‏,‏ لكن المذهل في الأمر أن يحدث توافق فلسطيني علي ذلك المعني‏.‏

‏(3)‏
لا أعرف أمة تعاملت مع شهدائها بمثل هذا الأسلوب الذي يتراوح بين الإنكار والاتهام‏,‏ ذلك أن الذين عارضوا العمليات الاستشهادية اعتبروها إرهابا أو انتحارا في أحسن الفروض‏,‏ أما الذين دافعوا عنها فقد ادعي بعضهم أن الذين يقومون بها هم شباب محبط ويائس‏,‏ وجد فيها حلا لأزمته‏!‏
هذا المشهد بحد ذاته يعد أحد أوجه العبث الذي يعبر عن الخلل في الرؤية والفساد في معايير القياس والتقويم‏,‏ وليس عندي كلام مع الذين يعتبرون المقاومة إرهابا‏,‏ أو أقرانهم الذين ينعتون العمليات الاستشهادية بتلك الصفة‏,‏ لكني أدهش من أولئك الذين يضنون علي الفدائيين بوصف الشهداء‏,‏ ويصرون علي اعتبارهم انتحاريين‏,‏ ولا أستطيع أن أخفي دهشة مقرونة بالحزن إزاء الدفاع عن عملياتهم بمرافعة تنطلق من نسبة اليأس والإحباط إليهم‏.‏
كأن الفدائي الفلسطيني إنسان منزوع الكرامة‏,‏ ومضنون عليه بالعزة والكبرياء‏,‏ كأنه مخلوق بلا ضمير أو حلم‏,‏ لا تحركه محبة لوطنه أو دفاع عن شرف أمته وعرضها‏,‏ أو غضب لكرامته وكبريائه‏,‏ وكأنه لا يري في الشهادة قيمة عظمي وفعلا جليلا يستجلب به رضا ربه ويتطلع إلي الفوز بجنته‏,‏ لكي يحشر مع النبيين والصديقين وكوكبة الشهداء الأبرار الذين تحدث عنهم النص القرآني‏.‏ إنهم لا يريدونه كذلك‏,‏ بل إنهم يضاعفون من إهانته بذلك التبرير العليل والعاجز الذي ينكر عليه البطولة والفداء ولا يرونه إلامحبطا ويائسا‏.‏

الشهيد ليس يائسا أيها السادة‏,‏ وشتان بين المعنيين‏.‏ فاليائس مهزوم وفاقد للأمل وكاره للحياة بأسرها‏,‏ والشهيد جسور ومفعم بالأمل وكاره للذل والظلم‏,‏ واليائس مخلوق منكسر يحل مشكلته بإنهاء حياته‏,‏ والشهيد ملأ الإيمان قلبه وقرر أن يفتدي وطنه وأمته بروحه‏,‏ مطمئنا إلي أنه بما يفعل يبدأ حياة جديدة في رحاب الله‏,‏ اليائس وجد الحياة بلا معني فتخلص منها بالانتحار‏,‏ والشهيد أراد أن يكون للحياة معني ففجر نفسه في جسم العدو‏,‏ لكي يضيئها للآخرين‏.‏
يستحيي المرء من المضي في المقارنة التي تعد بذاتها شهادة تدين زماننا‏,‏ حتي لا يخطر علي البال أن يجد الواحد منا نفسه مضطرا في لحظة ما لأن يدافع عن كرامة الشهيد‏,‏ ويزيح عن وجهه الأوحال والتهم التي يرمي بها‏,‏ بعد أن قدم دمه وروحه فداء لوطنه وأمته‏,‏ وعربونا لكرامتها وعزتها‏,‏ وإذ يحدث ذلك والأمة مهزومة ومنكسرة‏,‏ وتتلمس شعرة كبرياء تتعلق بها‏,‏ فإن المشهد العبثي يبلغ ذروته علي نحو يجعل الحليم حيران‏.‏

‏(4)‏
في الوصية التي تركها الشهيد محمد هزاع الغول‏,‏ قبل انطلاقه نحو هدفه وتفجير نفسه‏,‏ كأنه كان يرد علي أولئك الذين هونوا من شأن الفعل واتهموه وأقرانه بالاستسلام لليأس والسعي للتخلص من الحياة‏,‏ إذ قال بعبارة واضحة‏:‏ إنه ذهب لأداء واجبه ليس حبا في القتل‏,‏ ولكن لنحيا كما يحيا الناس‏,‏ فنحن لا نغني أغنية الموت‏,‏ بل نتلو أناشيد الحياة‏,‏ ونموت لتحيا الأجيال من بعدنا‏.‏
هذا المعني سجله بصورة أو أخري العديد من الشهداء‏,‏ الشبان والشابات‏,‏ الذين عبرت وصاياهم عن درجة عالية من اليقين والعزة والفداء‏.‏

إن الذين يسفهون العمليات الاستشهادية وينتقصون من قدر أبطالها‏,‏ يلغون التاريخ‏,‏ ويتجاهلون الملابسات التي أفرزتها‏,‏ فهم ينسون مثلا ـ بعضهم يتناسون ـ أن المقاومة لم تبدأ بذلك النوع من العمليات‏,‏ وإنما انتهت بها‏,‏ فمنذ الثلاثينيات والفلسطينيون يمارسون مختلف صور الاحتجاج السلمي علي التغول الصهيوني‏,‏ وانتفاضتهم في عام‏87‏ اشتهرت بأنها انتفاضة الحجارة‏,‏ وقد لجأت فصائل المقاومة إلي السلاح‏,‏ حين أدركت أن إسرائيل تستخدم اتفاقيات السلام وعنوانها لتكريس الاحتلال وإدامته‏,‏ في البدء كانت عمليات المقاومة تستهدف الأهداف العسكرية وحدها‏,‏ وبعد مذبحة الحرم الإبراهيمي التي قتل فيها أحد متعصبي الصهاينة أكثر من عشرين مصليا فلسطينيا‏,‏ ردت المقاومة بتوسيع دائرة عملياتها في العمق‏,‏ وضد ما يسمي تجاوزا بالأهداف المدنية‏,‏ وإزاء فقدان الأمل تماما في العملية السلمية‏,‏ وبعد الاندفاعات الإسرائيلية نحو استجلاب المستوطنين‏(‏ مليون ونصف مليون استجلبوا بعد اتفاقيات أوسلو‏),‏ التي اقترنت بالتوسع الوحشي في المستوطنات‏,‏ واستمرار سياسة مصادرة أراضي الفلسطينيين وتجريف زراعاتهم‏,‏ وحصار مدنهم وتحويل الضفة والقطاع إلي مجموعة من المعازل‏,‏ مع مواصلة حصار الفلسطينيين وتجويعهم ورفع شعار المذلة والركوع أو الموت‏,‏ إزاء ذلك كله وبعد أن أعلنها شارون حربا مفتوحة‏,‏ كان من الطبيعي أن تتحول العمليات الاستشهادية إلي سلاح للمقاومة الوطنية‏,‏ فضلا عن الإسلامية‏,‏ سلاح يعبر عن رفض الفلسطينيين وتحديهم لسياسة الإذلال والتركيع‏,‏ ويبعث للإسرائيليين برسالة مكتوبة بالدم تبلغهم أن الاحتلال له كلفته الباهظة والموجعة‏,‏ وقد وصلت الرسالة بالفعل كما سنري توا‏.‏
جدير بالذكر في هذا الصدد أن الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس عرض أكثر من مرة اقتراحا بوقف العمليات الاستشهادية ضد المدنيين الإسرائيليين‏,‏ مقابل وقف استهداف المدنيين الفلسطينيين‏,‏ كما اقترح عقد تفاهم في هذا الصدد مع الإسرائيليين‏,‏ علي غرار تفاهم نيسان ـ أبريل ـ بين حزب الله في لبنان وسلطات الاحتلال‏,‏ لكن مقترحاته هذه قوبلت بالصد والرفض‏,‏ وبدا أن المطلوب أن يوقف الفلسطينيون عملياتهم‏,‏ بينما تطلق يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في ضرب الأهداف الفلسطينية واستمرار قتل الفلسطينيين بغير تمييز ولا حساب‏.‏

‏(5)‏
فيما بين أول عملية استشهادية في‏93/4/16,‏ وحتي اندلاع انتفاضة الأقصي في نهاية شهر سبتمبر عام ألفين‏,‏ سجلت‏30‏ محاولة للقيام بعمليات استشهادية‏,‏ نفذت منها‏24‏ عملية‏,‏ أما الفترة الواقعة من بداية انتفاضة الأقصي وحتي مطلع شهر أبريل الماضي فقد سجلت‏153‏ محاولة‏,‏ نفذت منها‏102‏ عملية‏,‏ ومنذ ذلك التاريخ وحتي أول شهر يوليو نفذت‏18‏ عملية‏,‏ بينما زاد عدد المحاولات علي خمسين‏,‏ وهو ما يعني تزايد إقبال وإصرار الشعب الفلسطيني علي تحدي الاحتلال الإسرائيلي‏,‏ علي الرغم من مضاعفة ما يستخدمه من وسائل البطش والقهر‏.‏
في هذا الصدد ذكر الكولونيل جال لوفت‏,‏ وهو ضابط كبير سابق في الجيش الإسرائيلي‏,‏ في عدد مجلة فورين افيرز الأخير‏(‏ يوليو ـ أغسطس‏)‏ أن‏39‏ عملية للاستشهاديين أودت بحياة‏70‏ إسرائيليا وجرحت أكثر من ألف‏,‏ في حين أن الخسائر التي نجمت عن إطلاق‏39‏ صاروخا عراقيا من طراز سكود‏(‏ عام‏1991)‏ أودت بحياة‏74‏ إسرائيليا فقط‏,‏ معظمهم مات نتيجة للسكتة القلبية‏.‏

موضوع مقال الكولونيل لوفت في المجلة الأمريكية المهمة كان يناقش مسألة القنبلة البشرية الفلسطينية‏,‏ وذكر فيه أن إسرائيل لم تستشعر في تاريخها أذي مثيلا لذلك الذي ألحقته بها العمليات الاستشهادية‏(‏ يسميها الانتحارية‏),‏ وعلي الرغم من أنها نجحت في استخدام ونشر النظام الدفاعي الصاروخي أرو‏,‏ لمواجهة صواريخ سكود العراقية‏,‏ بتكلفة ملياري دولار‏,‏ فإنها لم تملك ما ترد به علي القنبلة البشرية الفلسطينية غير بناء الأسوار الشائكة‏,‏ وخلص من ذلك إلي أن إسرائيل بصدد عدو لا يمكن القضاء عليه‏,‏ ومن ثم لا يوجد حل عسكري للمشكلة‏.(‏ من الملاحظات التي أوردها في هذا السياق وهو يعبر عن مأزق الإسرائيليين‏,‏ قوله‏:‏ إنهم يثقون في دباباتهم وجيشهم‏,‏ بينما الفلسطينيون يضعون ثقتهم في الله‏,‏ وبسبب إيمانهم ذاك فلن تستطيع إسرائيل أن تحقق إنجازات استراتيجية في مواجهة الفلسطينيين‏,‏ علي الرغم من قدرتها علي تحقيق الإنجازات التكتيكية‏).‏
الباحثة البريطانية هيلينا كوبان المتخصصة في الشرق الأوسط قامت بزيارة إلي فلسطين وإسرائيل وعادت بانطباع مماثل عرضته في سلسلة مقالات نشرتها صحيفة الحياة اللندنية‏(‏ ابتداء من‏7/31),‏ وقد نقلت علي لسان أحد كبار المسئولين في الخارجية الإسرائيلية قوله‏:‏ إننا نشعر بالخوف علي الرغم من قوة جيشنا‏,‏ ولا تصدقوا أي إسرائيلي ينكر ذلك‏,‏ حتي غلاة اليمين الذين يطالبون بطرد العرب فإن الخوف يظل كامنا في أعماقهم‏.‏

أشرت قبلا إلي ما كتبه في هذا المعني توماس فريدمان الصحفي الأمريكي اليهودي المتعاطف مع إسرائيل‏,‏ حين قال في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز‏:‏ إن العمليات الاستشهادية سببت وجعا لإسرائيل لم تسببه لها الجيوش العربية طيلة خمسين عاما‏,‏ وإن إسرائيل كانت مستعدة تحت ضغط تلك العمليات للانسحاب من الضفة الغربية كلها لتجنب الترويع الذي أحدثته العمليات الانتحارية‏.‏
إذ يوضح لنا ذلك لماذا أصبح وقف تلك العمليات الشغل الشاغل لإسرائيل والولايات المتحدة‏,‏ إلا أنه يضاعف من عجزنا عن فهم اللغز الآخر‏,‏ المتمثل في الموافقة علي تشكيل وحدات فلسطينية لإجهاض تلك العمليات‏,‏ بدعوي مكافحة الإرهاب‏.‏
هل عندكم حل لهذا اللغز؟‏!‏
أضافة تعليق