مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
فرصتنــــــا في ملاحقــــــة المفترين‏!‏
هويدي 14-5-2002

لنا أن نرتاب ونثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب إزاء قرار واشنطن الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية‏.‏ كما أننا لا نستطيع أن نخفي شعورا بالدهشة والحيرة إزاء تقاعس الدول العربية عن التصديق علي معاهدة إنشاء تلك المحكمة‏,‏ وهي التي تعد فرصة غير مسبوقة ــ ولا ملحوقة في الأغلب ــ تمكن العرب من ملاحقة الظلمة والمفترين‏,‏ وغيرهم من مجرمي الحرب الذين لم يرعوا فيهم إلا ولاذمة‏.‏

‏(1)‏
هي غير مسبوقة لان الساحة الدولية لم تعرف محكمة جنائية دائمة تحاسب الطواغيت والجبابرة الذين يرتكبون جرائمهم ضد البشر مطمئنين إلي انهم فوق الحساب وفوق القانون‏.‏ نعم هناك محكمة العدل الدولية في لاهاي‏,‏ ولكن هذه مختصة بنزاعات الدول وليس الأفراد‏.‏ صحيح أيضا أنه في نورمبرج شكلت بعد الحرب العالمية الثانية محكمة جنائية لمحاسبة الزعماء النازيين علي جرائمهم‏,‏ وفي عام‏93‏ شكل مجلس الأمن محكمتين‏,‏ إحداهما لمحاكمة مجرمي الحرب في الصراع الذي شهدته يوجوسلافيا السابقة بين الصرب والكروات من جانب والمسلمين البوسنيين من جانب آخر‏,‏ والثانية لمحاكمة المسئولين عن مذابح رواندا التي راح ضحيتها نحو نصف مليون أفريقي‏.‏ لكن المحاكم الثلاث كانت مؤقتة‏,‏ وقد شكلت لمحاكمة أناس بذواتهم في قضايا معينة‏,‏ ولم تكن دائمة‏,‏ ولا كانت مخولة بمحاكمة أي مجرم حرب أو طاغوت في أي بلد غير الذي اختصت به‏.‏
ثم لاحظ أن المحكمتين المذكورتين شكلتا بقرار من مجلس الأمن‏,‏ وما ادراك ماهو‏:‏ اعني أن تمرير قرار من ذلك القبيل من المجلس يحتاج إلي وقت طويل ومساومات كثيرة‏.‏ ثم إن سيف الفيتو يظل مسلطا عليه‏,‏ الأمر الذي يعني أن أيا من الدول الكبري أعضاء المجلس بوسعها أن تجهضه اذا وجدت انه لايلقي من جانبها هوي او يمس لها مصلحة‏,‏ ومن ثم استخدمت حقها في الاعتراض عليه‏.‏ وقد تعثر قرار إنشاء محكمة مجرمي الحرب اليوجوسلافية لان بعض الدول الأوروبية كانت ضده‏,‏ فرنسا وإنجلترا بوجه أخص‏,‏ ولم يمر إلا بعد ضغوط أمريكية قوية‏,‏ وبعد أن تمت المساومات وراء الكواليس أضعفت صلاحيات المحكمة وأدت إلي التراخي في إجراءات القبض علي المتهمين‏,‏ وقيدت حركة القوات الدولية ودورها في ملاحقتهم‏.‏ وجود محكمة جنائية دائمة تختص بالنظر في مختلف الجرائم التي ترتكب ضد الانسانية يوفر تلك المعاناة‏,‏ ويبعد المحكمة عن ساحة مناورات وألاعيب الدول الكبري‏,‏ الأمر الذي يشكل ضمانة مهمة للغاية لحسن سير العدالة الدولية‏.‏ وأزعم في هذا الصدد أن إنشاء تلك المحكمة يعد خطوة تاريخية فارقة بين مرحلة نحن ضحاياها‏,‏ ساد فيها قانون الغاب الذي يفرض في ظله الأقوي إرادته‏,‏ وبين
طور نتطلع إليه‏,‏ يحتكم فيه إلي القانون الجنائي الدولي‏,‏ ويفترض أن تسود فيه قيم العدل دون معادلات القوة‏.‏ وهو مايعني انه اذا كان الوضع الراهن هو في مصلحة المستكبرين بامتياز‏,‏ فان إنشاء المحكمة الجنائية الدولية يشكل فرصة لكل المظلومين والمستضعفين‏,‏ يتعين أن يقبضوا عليها ويتشبثوا بها‏,‏ بأيديهم وأسنانهم‏.‏

‏(2)‏
إذا سألتني لماذا هي غير ملحوقة في الأغلب‏,‏ فردي علي ذلك أن الأجواء التي ولدت فيها المحكمة كانت لها خصوصيات‏,‏ يبدو أنها لن تتكرر في الأجل القريب علي الأقل‏.‏ إذ كان الظن بعد الحرب العالمية الثانية أن المأساة التي دمرت أوروبا لن تتكرر‏,‏ وانه لن يسمح لها بذلك‏.‏ لكن تبين انه بعد عام‏1945‏ استمرت الحروب والصراعات والمجازر التي استهدفت المدنيين العزل‏,‏ مما أدي إلي قتل نحو‏170‏ مليون شخص في أنحاء العالم‏,‏ ولم يحاسب أحد علي ذلك‏.‏ ليس ذلك فحسب‏,‏ وإنما فوجئت أوروبا بالأهوال والفظائع تطرق أبوابها من أخري‏,‏ حين وقع العدوان الصربي الكرواتي علي مسلمي البوسنة‏,‏ في منطقة البلقان‏,‏ التي انطلقت منها شرارة الحرب العالمية الأولي‏.‏ وهو التي كان الظن أن صفحتها طويت إلي الأبد‏,‏ الأمر الذي أدي إلي إحياء فكرة راودت البعض منذ محاكمة النازيين في نورمبرج‏,‏ دعت إلي ضرورة إنشاء محكمة دائمة لمحاسبة المسئولين عن الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية‏.‏
أجواء الصدمة التي عاشتها أوروبا بعد انفضاح أمر فظائع العدوان الصربي الكرواتي‏,‏ عمقتها أخبار المجازر الوحشية وعمليات الإبادة التي حدثت في رواندا‏,‏ مما اسهم في تحريك فكرة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية‏.‏ ولانستطيع أن نتجاهل أن ذلك حدث عقب السقوط المدوي للاتحاد السوفيتي‏,‏ الذي استصحب الترويج لبعض القيم في المجتمعات الإنسانية والعلاقات الدولية‏,‏ مثل الديمقراطية والتعددية والعدل وحقوق الإنسان‏..‏ الخ‏.‏ ولعلي لا أبالغ اذا قلت إن هذه الرايات التي رفعت في بداية التسعينيات‏.‏ كانت عنصرا مساعدا علي تحريك الفكرة والإسراع بميلادها داخل أروقة الأمم المتحدة‏.‏ فعقدت لذلك الغرض عدة اجتماعات تحضيرية في نيويورك‏,‏ تم خلالها الاتفاق علي عقد مؤتمر دبلوماسي في روما لدراسة معاهدة إنشاء المحكمة وإعداد ميثاقها‏,‏ فالتقي لأجل ذلك بالعاصمة الإيطالية في صيف عام‏98‏ ممثلو‏160‏ دولة عضو بالأمم المتحدة‏,‏ وأمضوا هناك خمسة أسابيع تمت خلالها ولادة المعاهدة التي أعلنت في إطار ما سمي بميثاق روما‏.‏

‏(3)‏
إذا لاحظت أن إخراج الفكرة إلي النور استغرق خمس سنوات‏,‏ من بدء تحريكها في‏93‏ إلي إصدار ميثاق روما في‏98,‏ فستدرك أن الأمر لم يكن سهلا‏,‏ وان الولادة كانت عسرة‏.‏ ذلك انه اذا كانت محكمة جرائم الحرب اليوجوسلافية قد صدرت برغبة أمريكية‏,‏ وبرغم المقاومة الأوروبية‏,‏ فان العكس تماما حدث في محكمة جرائم الحرب الدولية‏,‏ حيث كانت الرغبة أوروبية بينما المقاومة أمريكية‏.‏
صحيح أن الرئيس كلينتون اصدر موافقة مبدئية علي فكرة تأسيس المحكمة في عام‏96,‏ في أثناء مشاورات التحضير لها‏(‏ هيرالد تريبيون‏96/11/4),‏ وان هناك أصواتا أمريكية عدة أيدتها وتحمست لها كثيرا‏,‏ وكان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مقدمة هؤلاء‏,(‏ كتب مقالا بهذا المعني نشرته صحيفة لوس انجلوس تايمز ونقلته الشرق الأوسط في‏96/12/12),‏ إلا أن هناك أطرافا لايستهان بها عارضتها وقاومتها بشدة منذ اللحظة الاولي‏.‏ وكان النواب الجمهوريون في الكونجرس ومسئولو وزارة الدفاع‏(‏ البنتاجون‏)‏ ابرز أولئك المعارضين‏.‏ وهو ما أدي إلي إحجام الولايات المتحدة عن التوقيع علي معاهدة إنشاء المحكمة‏,‏ وإرجاء ذلك التوقيع إلي اليوم الأخير‏(2000/12/31)‏ ـــ

من المفارقات الطريفة في هذا الصدد أن الولايات المتحدة حين امتنعت عن التوقيع‏(‏ ومعها اسرائيل بطبيعة الحال‏)‏ فانها وجدت نفسها واقفة في مربع يضم مجموعة من الدول الأخري التي تصنفها واشنطن باعتبارها معادية أو مارقة مثل‏:‏ العراق ــ إيران ــ السودان ـــ ليبيا ـــ الصين‏!‏
المصدر الرئيسي للقلق الأمريكي في المحكمة يتمثل في أن واشنطن لاتستطيع التحكم في قراراتها اذا ما أرادت أن تدين أي طرف‏,‏ من حيث إن نظامها يجردها من سلاح الفيتو الذي تستخدمه تبعا لهواها‏.‏ ولان سجل الأمريكيين في القمع حافل بالوقائع التي يمكن أن ترشح بعض المسئولين وكبار الضباط للمثول أمام المحكمة‏,‏ فقد كان ذلك مبررا كافيا لحث الادارة الأمريكية علي الامتناع عن التوقيع‏.‏ وقد قيل آنذاك إن الأمريكيين يمكن أن يقدموا للمحاكمة بسبب قصفهم لمصنع الشفاء للأدوية في السودان بناء علي معلومات خاطئة‏.‏ وهو مايرفضه الاستعلاء والاستكبار الأمريكيان‏.‏

في هذا الصدد قال لي أحد القضاة العرب في محكمة العدل الدولية في لاهاي إنه سمع من بعض الدبلوماسيين الأمريكيين قولهم انهم لايثقون إلا في القضاء الأمريكي‏,‏ وانهم كدولة عظمي لا يتصورون أن يحاكموا أمام قضاة بعضهم من دول العالم الثالث‏,‏ آسيويين كانوا أم أفارقة‏.‏
حين تم التوقيع الأمريكي في اليوم الآخير‏,‏ كانت هناك أسباب عدة‏,‏ منها مثلا ماتردد من انه تمت الموافقة علي أن يعطي مجلس الأمن دورا في قبول القضايا أمام المحكمة‏,‏ الأمر الذي يمكن الولايات المتحدة ــ عن طريق الفيتو ــ من تأجيل نظر بعض القضايا التي تريد استبعادها‏,‏ علي الأقل في السنوات الأولي لعمل المحكمة‏.‏

وتردد أن واشنطن طلبت ضمانات تقضي بألا يتهم مسئول أمريكي بالإبادة الجماعية او بارتكاب جرائم ضد الإنسانية‏,‏ ولكنها لم تنجح في ذلك‏.‏
من الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية إلي التوقيع أن امتناعها من شأنه أن يسيء إليها من الناحية الأخلاقية‏.‏ اذ بدا معيبا ومشينا أن تدافع واشنطن عن محاكمة مجرمي الحرب الصرب او الروانديين‏,‏ وتطنطن في كل مكان ومناسبة بالدفاع عن حقوق الإنسان‏,‏ ثم تمتنع عن التوقيع علي معاهدة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب حيثما وجدوا‏.‏

من تلك الأسباب كذلك أن عدم التوقيع الأمريكي ــ إضافة إلي ما قد يسببه من حرج ــ لن يوقف من إنشاء المحكمة‏,‏ التي لها أن تعمل دون الموافقة الأمريكية‏,‏ ثم إن التوقيع سيمكن الولايات المتحدة من الانضمام إلي مجموعة الدول الأطراف‏,‏ ومن ثم العمل من داخل المشهد في تحديد الجرائم التي ستعرض علي المحكمة والإجراءات المراد اتباعها‏,‏ وانتخاب القضاة والمدعي العام‏.‏ ومن شأن ذلك أن يمكن الولايات المتحدة من أن تكون فاعلة في داخل الكيان الجديد‏,‏ علي النحو الذي قد يمكنها من الدفاع عن مصالحها‏.‏

‏(4)‏
حدث ذلك كله في عهد الرئيس كلينتون‏,‏ ولكن الأمر اختلف تماما في ظل الإدارة الجديدة التي يقودها الرئيس الحالي جورج بوش‏,‏ وبعد ماجري في‏11‏ سبتمبر‏.‏ فالجمهوريون من أعضاء الكونجرس الذين عارضوا الاتفاقية من الأساس اصبحوا أصحاب اليد الطولي في الإدارة الجديدة‏.‏ ثم إن وزارة الدفاع التي كانت بدورها من المعارضين‏,‏ ارتفعت أسهمها أكثر من اللازم في الوضع الراهن‏,‏ واصبح الوزير ونائبه المحسوبان علي الصقور‏,‏ من واضعي السياسة الخارجية الأمريكية‏.‏
فضلا عن هذا وذاك فان الحرب التي تدعي الولايات المتحدة خوضها ضد الإرهاب الدولي ورطتها في ممارسات يمكن أن تدخل ضمن جرائم الحرب‏.‏ وإذا كان الجدل في التسعينيات أثير حول احتمالات محاسبة الأمريكيين علي قصف مصنع الشفاء في السودان‏,‏ فان ذلك لايقارن بما فعله الأمريكيون في أفغانستان مثلا‏.‏ وإذا كانت المخاوف الناشئة عن قصف مصنع الشفاء قد أسهمت في تأجيل توقيع الولايات المتحدة علي المعاهدة لمدة سنتين مثلا‏,‏ فان مايسمي بالحرب ضد الارهاب تشكل مبررا كافيا من وجهة النظر الأمريكية لمضاعفة المخاوف ومن ثم الامتناع عن التصديق علي المعاهدة‏,‏ والانسحاب منها نهائيا‏.‏ صحيح أن المحكمة يفترض أن تنظر في الجرائم التي وقعت بعد إنشائها‏,‏ ولكن لاتنسي أن الحملة الأمريكية ضد الإرهاب مستمرة إلي اجل غير معلوم‏,‏ ولا أحد يعرف لها حدودا في المكان أو الزمان او التكاليف‏.‏

هناك عنصر آخر في المسألة‏,‏ وهو أنه اذا كانت الولايات المتحدة قد قامت بدور الضامن والكفيل لإسرائيل‏,‏ الذي يؤمن لها ظهرها وهي تمارس مختلف جرائمها في الأرض المحتلة‏,‏ فهذه الحماية لن تتوافر طول الوقت لإسرائيل امام المحكمة في الأغلب‏.‏ ولان نفوذ اسرائيل لدي الإدارة الأمريكية الآن كما تعلم‏,‏ ولان قادة اسرائيل هم أول المرشحين للمثول امام المحكمة للأسباب التي لايمكن أن تخفي علي صاحب أي ضمير في العالم‏,‏ فلا غرابة في أن تنسحب الولايات المتحدة بالكلية من المعاهدة‏,‏ لكي تضعف المحكمة بعد إنشائها‏,‏ وفي ذلك مصلحة لإسرائيل لاريب‏.‏
من المفارقات اللافتة للنظر في هذا السياق أن الرئيس كلينتون حين قررت إدارته التوقيع علي المعاهدة أشار إلي أن ذلك تم التزاما بالريادة الأخلاقية التي تمثلها الولايات المتحدة في العالم‏.‏ أما في عهد الرئيس بوش فان حكومته بعد أن قررت الانسحاب من المعاهدة‏,‏ ارتفعت أصوات في الكونجرس تطالب بتوقيع عقوبات علي الدول التي صدقت عليها‏,‏ وحرمانها من المساعدات الامريكية‏.‏

‏(5)‏
حين أثير موضوع المحكمة استقبل الأمر عربيا بحماس نسبي‏,‏ ووقعت‏13‏ دولة علي الاتفاقية‏,‏ وكان لأحد كبار أساتذة القانون الدولي الأمريكيين من ذوي الأصل المصري ــ الدكتور شريف بسيوني‏,‏ دور بارز في إعداد مشروع الاتفاقية‏.‏ وقد نجح بالتعاون مع بعض الخبراء العرب الآخرين في إضافة نص يقضي بتجريم الافعال المؤدية إلي طرد السكان الأصليين من أرضهم‏,‏ وتوطين غيرهم بالقوة‏,‏ واعتبار تلك الافعال من جرائم الحرب‏,‏ الأمر الذي من شأنه أن يعتبر إقامة المستعمرات جريمة حرب‏.‏ غير أن ذلك الحماس لم يستمر‏,‏ إذ بعد التوقيع لم تصدق علي الاتفاقية سوي دولة عربية واحدة هي الأردن‏!‏
أساتذة القانون الدولي ــ المصريون علي الأقل ــ عبروا عن دهشتهم إزاء التراخي في عملية التصديق‏,‏ وعلي حد تعبير أحد شيوخهم ــ الدكتور فؤاد رياض الذي كان أحد قضاة محكمة جرائم الحرب اليوجوسلافية ــ فانه ليس لدي العرب مايخشونه من التوقيع‏,‏ اذ لم يحدث في تاريخهم أن قاموا بجرائم إبادة من ذلك القبيل الذي يقوم به الإسرائيليون مثلا‏.‏ وليس في المعاهدة مايتعارض مع نصوص أي دستور عربي‏,‏ أو مع القضاء الوطني لأي بلد‏.‏ غاية ما هناك أن الدول العربية مطالبة بإجراء بعض التعديلات التشريعية في قوانينها الجنائية‏,‏ بحيث تضيف مواد تعرف الجرائم الدولية وتنص عليها‏,‏ وتقرر العقوبات اللازمة لها‏,‏ في ضوء النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية‏.‏

إن امام العرب فرصة نادرة للامساك بتلابيب الذين ظلموهم واغتصبوا حقوقهم‏,‏ وتقديمهم إلي ساحة القضاء لكي يلقوا ما يستحقونه من عقاب‏.‏ وهذه الفرصة تتوافر علي نحو أفضل في حالة ما اذا صدقت بعض الدول العربية علي الاتفاقية‏,‏ التي اكتمل نصاب سريان مفعولها‏(‏ مطلوب توقيع‏60‏ دولة وحتي الآن جمعت توقيعات‏66‏ دولة‏).‏ ومن المقرر أن ينتهي اجل التوقيع وتبدأ إجراءات تشكيل المحكمة في أول شهر يوليو المقبل‏.‏
إن مصر إحدي الدول التي وقعت علي الاتفاقية‏,‏ التي أشاد بها خبراؤها‏,‏ ومنهم الدكتور فتحي سرور الذي نشر له الأهرام مقالين في‏9‏ و‏10‏ يناير الماضي‏,‏ اعتبر فيهما الاتفاقية حدثا تاريخيا مهما‏,‏ وبصيص أمل للإنسانية‏.‏ صحيح انه كتب المقالين باعتباره أستاذا للقانون ورئيسا للجمعية المصرية للقانون الجنائي‏,‏ لكننا ننتظر منه وهو رئيس مجلس الشعب أن يقود الدعوة إلي التصديق عليها قبل فوات الأوان‏,‏ حتي يقترن القول بالعمل‏..‏ وحتي لانضيع بأنفسنا فرصة محاسبة الظلمة والمفترين ومجرمي الحرب‏.‏
أضافة تعليق