مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
ليرفــع الجميـــع صـــوت الغضــب
هويدي 1-1-2001

خبرة الأسبوع الماضي ترشحه بامتياز لأن يكون أسبوع الغضب‏,‏ ذلك أنني منذ نشرت مقال الثلاثاء الماضي‏,‏ الذي كان عنوانه خيولنا التي لا تصهل‏,‏ والأصداء تتوالي معبرة عن عديد من الانفعالات‏,‏ التي أراد أصحابها التأكيد من خلالها‏,‏ علي أن مخزون الغضب الشعبي إزاء ما يفعل بالأمة وما يراد لها لا حدود له‏,‏ وأن المشكلة ليست في وجود الغضب ولكنها في انعدام فرص التعبير عنه أحيانا‏,‏ أو في كلفته الباهظة في ظل الخرائط العربية الراهنة‏,‏ في أحيان كثيرة‏,‏ وفي بعض الرسائل خليط من مشاعر الحيرة والحزن‏,‏ عبر عنها نفر من الكاتبين الذين أثاروا السؤال التالي‏:‏ ما الذي نفعله حين لا تتاح لنا فرص التعبير المشروع‏,‏ وحين نرفض المغامرة بانتهاج سبيل آخر غير مشروع؟
تحتاج كومة الرسائل الي تحليل يرصد معالم أزمة جيل من الشباب والمهنيين مشحون بالغيرة والحماس والغضب‏,‏ لكن ذلك كله مخزون في أعماقه‏,‏ ولا تتاح له فرصة كافية للتصريف أو التنفيس‏,‏ غير أن ذلك ما يخرج عن اختصاصي‏,‏ وثمة جهات أخري أجدر بأن تنهض به‏,‏ أرجو ألا تكون أجهزة الأمن من بينها‏.‏

بين كم الرسائل التي تلقيتها‏,‏ وجدت أن ما كتبه الدكتور أحمد كمال أبوالمجد المفكر المعروف ووزير الإعلام الأسبق‏,‏ يعبر عما يجيش في صدور كثيرين‏,‏ فضلا عن أنه يدعو الي تعبير سلمي عن الغضب‏,‏ ينفض عن الناس شعورهم بالاكتئاب والحزن‏,‏ ويتيح لهم أن يفصحوا عما حبسوه وراكموه في أعماقهم‏,‏ بحيث يسمعون أصواتهم للملأ‏,‏ خصوصا أولئك الذين توهموا أن أمتنا بلا صوت‏,‏ وأن خيارها الامتثال والانصياع‏,‏ ولا خيار آخر أمامها‏.‏
لا يحتاج الدكتور أبوالمجد لأن أقدمه‏,‏

وهذا مقاله الذي كتبه علي شكل رسالة إلي‏,‏ يقدم رؤيته للمأزق الذي تعيشه الأمة الآن‏.‏
طالعت مقالك المنشور بعدد الأهرام يوم الثلاثاء الماضي‏,‏ تحت عنوان‏:‏ خيولنا التي لا تصهل‏,‏ ووجدته ينضح بمشاعر الألم والأسف والشكوي مما آل إليه حال أمتنا العربية والإسلامية‏,‏ عقب الزلزال الهائل الذي تعرضت له مسيرة التاريخ الإنساني‏,‏ ومسيرة العلاقات الدولية كلها‏,‏ وهو الزلزال الذي بدأ يوم الحادي عشر من سبتمبر الماضي‏,‏ الذي مازالت تداعياته وآثاره تتجلي يوما بعد يوم‏,‏ متمثلة في وضع جميع العرب والمسلمين في قفص اتهام رهيب لا يكاد يسمح لهم معه بالدفاع عن أنفسهم‏,‏ وهو اتهام تجاوز ـ بآماد بعيدة ـ دائرة الحدث الرهيب الذي وقع ليتحول إلي ما يشبه الإدانة الكاملة لكل ما هو عربي ومسلم‏..‏ وقد اختتمت مقالك بعبارة تستحق أن يتوقف عندها جميع المثقفين العرب والمسلمين وهي قولك‏:‏ إن ذلك السكون المخيم علي الشارع العربي يوحي للآخرين بأنهم بصدد أمة تبلدت ومات فيها الشعور والإحساس‏,‏ ونزعت منها القدرة علي الغضب‏,‏ الأمر الذي يغريهم بالمضي الي ما هو أبعد في استقوائهم واستكبارهم‏,‏ وهو ما يفتح شهيتهم لقصف أي بلد عربي لا تروق لهم سياسته‏,‏ ولن يعدموا ذريعة لتبرير ذلك القصف‏.‏

والذي دعاني الي كتابة هذه الرسالة هو ـ بالتحديد ـ هذه الإشارة الي أن الموقف السلبي المستكين لشعوبنا العربية والإسلامية يمكن ـ فعلا ـ أن يكون مشجعا لسياسة التوسع في ضرب المزيد من الدول العربية والإسلامية‏,‏ وزاد من إحساسي بالحاجة الي التعديل السريع لهذا الموقف السلبي المحزن‏,‏ انني أتيح لي كذلك أن أطلع علي مقالين بالغي الأهمية‏,‏ لكاتبين أمريكيين شغلا المثقفين علي امتداد العالم كله خلال السنوات العشر الأخيرة‏,‏ والمقالان منشوران في مجلة نيوزويك الصادرة‏(‏ باللغة العربية‏)‏ يوم‏25‏ ديسمبر‏2001,‏ ومنشوران كذلك‏(‏ باللغة الانجليزية‏)‏ في عدد خاص من المجلة‏(‏ ديسمبر‏2001‏ ـ فبراير‏2002)..‏ أما المقال الأول فللباحث السياسي المعروف صمويل هانتنجتون‏..‏ وعنوانه‏:‏ عصر حروب المسلمين‏..‏ وأما المقال الثاني فللباحث الذي لا يقل عنه شهرة فرانسيس فوكوياما‏..‏ وعنوانه‏:‏ هدفهم العالم المعاصر‏..‏ والمقالان يحتاجان الي تحليل ونقد وتعقيب مفصل‏,‏ لا تتسع له هذه الرسالة‏,‏ وهو تعقيب أرجو أن أعود إليه في مقال مستقل إن شاء الله‏.‏
أول ما يلفت النظر في المقالين‏,‏ أن مواضع الالتقاء والتماس بين فكر الكاتبين والرؤية العامة التي يصدران عنها قد صارت واضحة ومتعددة‏..‏ وأن المقالين‏,‏ في مجموعهما‏,‏ والأثر الحتمي المترتب عليها‏,‏ لا يخدمان قضية الحوار والتعايش والسلام التي تصور للجميع أنها قضية العصر‏..‏ وأنهما يستخدمان تعبيرات ومفردات بالغة الحدة والسوء والسلبية في وصف العرب والمسلمين وحضارتهم‏,‏ وهي تعبيرات من شأنها أن تستدعي مزيدا من التباعد والجفاء‏,‏ وأن تفتح الباب لصراعات حضارية وسياسية لا مصلحة فيها لأحد‏..‏ فمقال هانتنجتون يصف العصر الذي نعيش فيه بأنه عصر حروب المسلمين‏,‏ أما مقال فوكوياما فعنوانه‏:‏ هدفهم العالم المعاصر‏..‏ موحيا بأن المسلمين هم العدو وأنهم في حالة خصومة مطلقة مع سائر الأمم والشعوب‏,‏ وقد أضيف الي هذا العنوان عنوان آخر يقول‏:‏ العدو الحقيقي الإسلاميون الأصوليون‏,‏ الذين لا يطيقون التنوع والمعارضة أصبحوا فاشيي هذا العصر وهذا ما نحاربه‏,‏ ورغم بعض العبارات التي حاول بها فوكوياما تقييد هذه الأحكام العامة المرسلة والمطلقة‏,‏ فإنه لا يلبث أن يعود الي التنبيه لخطر المسلمين في دائرة أوسع من دائرة الإرهاب‏,‏ فيقول‏:‏ إن بحر
الفاشية الإسلامية الذي يسبح فيه الإرهابيون يشكل تحديا أيدلوجيا هو في بعض جوانبه أكثر أساسية من الخطر الذي شكلته الشيوعية‏,‏ وينتقل فوكوياما من قضية الإرهاب التي هي موضوع البحث‏,‏ ليخوض في أدق وأخص أمور الثقافة للأمتين العربية والإسلامية‏..‏ فيقرر أن‏:‏ علي المجتمع الإسلامي أن يقرر ما إذا كان يريد أن يصل إلي وضع سلمي مع الحداثة‏,‏ خاصة فيما يتعلق بالمبدأ الأساسي حول الدولة العلمانية والتسامح الديني‏...,‏ ويضيف أنه يمكن تصنيف الفكر الوهابي بسهولة علي أنه إسلامية فاشية‏,‏ ويدلل علي ذلك بأن‏:‏ هناك كتاب دراسي إجباري للصف العاشر يشرح أنه يجب علي المسلمين أن يخلصوا لبعضهم البعض‏,‏ وأن يعتبروا الكفار أعداءهم‏..‏ ولم يروج السعوديون هذه العقيدة في الشرق الأوسط فحسب‏,‏ بل في الولايات المتحدة أيضا‏.....‏ وهكذا يصدر فوكوياما حكما صارما ضد دولة عربية مسلمة‏,‏ من شأنه أن يوجد لدي القاريء شعورا حادا بالخصومة والعداء تجاه شعب عربي مسلم‏..‏ وذلك استنادا الي نص أسيء فهمه‏,‏ أغلب الظن أنه النص القرآني الكريم‏,‏ الذي يقرر أن المؤمنون بعضهم أولياء بعض‏..‏ وخلافا لهانتنجتون‏,‏ الذي وضع يده بقدر كبير من الموضوعية علي مساهمة بعض السياسات ـ الغربية عموما والأمريكية بصفة خاصة ـ في إيجاد حالة من الإحباط والغضب لدي العرب والمسلمين‏,‏ فهو يشير صراحة الي أن من أسباب الشعور بالظلم والامتعاض تجاه الغرب الامبريالية الغربية وسيطرتها علي العالم الإسلامي خلال معظم سنوات القرن العشرين‏,‏ كما أنه وليد سياسات غربية معينة بينها العمليات الأمريكية ضد العراق منذ عام‏1991,‏ والعلاقة الوطيدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل‏..‏ كذلك انتبه هانتنجتون في خاتمة مقاله‏,‏ الي حقيقة مهمة جديرة بأن يستفيد منها أصحاب القرار في السياسة الأمريكية‏,‏ وذلك حين قرر أنه‏:‏ كلما ازداد وطال استخدام الولايات المتحدة وحلفائها للقوة العسكرية ضد أعدائهم‏,‏ ستتوسع ردود الفعل الإسلامية وتمسي أكثر حدة‏,‏ فاعتداءات‏11‏ سبتمبر ولدت الوحدة في صفوف الغرب‏,‏ والضربة الطويلة ردا عليها قد تولد وحدة في صفوف المسلمين‏..‏

‏(2)‏
الذي أهدف إليه من هذه الملاحظات كلها‏,‏ هو التنبيه إلي أمرين‏:‏
أولهما‏:‏ أن التعددية الثقافية التي صارت جزءا أساسيا من أجزاء الخطاب‏,‏ الذي ينادي بالحوار بين الحضارات ويدعو إلي التواصل بين الشعوب‏..‏ تقتضي حدا أدني من احترام الخصوصيات الثقافية‏,‏ واحترام ما يمكن أن نسميه السيادة الثقافية للشعوب‏..‏ أما إصدار أحكام بالإدانة علي ثقافة ما لأنها مختلفة عن ثقافة دولة أكثر قوة أو غني أو نفوذا‏,‏ فإنه يصيب قضية التواصل بين الشعوب في مقتل‏,‏ ويفتح الباب لهيمنة ثقافية لاشك فيها‏..‏ لهذا فإن التدخل في البرامج الدراسية للدول العربية والإسلامية‏,‏ والذي أشرت إليه في مقالك دون أن تحدد الدولة العربية التي طلب منها ذلك‏,‏ وإن كان هذا الطلب ـ فيما نعلم ـ في طريقه الي أكثر الدول العربية والإسلامية‏..‏ هذا التدخل ينبغي أن يقابل بالرفض‏.‏ فإن قبوله سوف يفتح الباب ـ بالضرورة ـ لصور أخري من التدخل‏,‏ تمتزج فيها الرؤي الثقافية بالمواقف والمصالح السياسية والاقتصادية‏,‏ وهو أمر لا يجوز التردد في رفضه‏..‏ ولكن ما تقدم جميعه لا يجوز أن يؤدي بنا إلي المكابرة وإنكار الحقائق في شأن الكثير من أوضاعنا الثقافية‏,‏ وما يتعلق بالخطاب السياسي والخطاب الديني السائدين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية‏..‏

وقد لا يعرف فوكوياما وهانتنجتون‏,‏ وغيرهما من الباحثين‏,‏ فضلا عن الساسة والحكام في الغرب‏,‏ أن هناك ملحمة ثقافية قائمة منذ سنوات عديدة داخل المجتمعات العربية والإسلامية‏..‏ وأن هناك دعوة أصيلة يزداد أنصارها يوما بعد يوم لإصلاح الشأن الثقافي والتعليمي‏,‏ ولمراجعة الخطاب الديني السائد في ضوء مآلاته وآثاره علي العقل العربي والوجدان المسلم‏..‏ ولكن هذه الملحمة تظل شأنا عربيا وإسلاميا نتجه إليه طوعا واختيارا‏,‏ إيمانا بضرورته وشدة الحاجة إليه لمباشرة نهضة عربية وإسلامية شاملة‏..‏ لا لمجرد تحسين صورة العرب والمسلمين لدي الآخرين غربيين وغير غربيين‏..‏ وهذا بدوره ـ حديث طويل ـ أرجو أن أعود إليه في مقال قريب ـ فأمره ـ فيما أري لا يحتمل الإرجاء ولا يحتمل المكابرة‏..‏ كما أنه ـ قبل ذلك كله ـ لا يحتمل المجاملة‏,‏ والسكوت علي العوج الذي يبدأ فكريا وثقافيا لينتهي باسطا ذراعيه علي الحياة العربية والإسلامية كلها‏..‏ وقد استبق الحديث المفصل عن ضرورة مراجعة الخطاب الديني السائد لأقرر أنه قد صار من فروض العين علي جميع علماء المسلمين ومثقفيهم ودعاتهم‏,‏ أن يستنقذوا الجيل كله من خطاب يملأ حياة الناس ضيقا وحرجا وانقباضا‏,‏ ويغري الشباب إغراء شديدا باعتزال المجتمع ومخاصمة الدنيا ومعاداة الآخرين‏,‏ والانشغال بظواهر النصوص عن مقاصدها الكلية‏,‏ ليردهم إلي الحياة الإسلامية السوية‏,‏ حياة الحركة والانتعاش والبهجة والتواصل مع الدنيا كلها‏..‏ والسعي ـ في تواضع ورفق ورحمة ـ لإحياء قيم التكافل والتراحم والتسامح والعطاء‏..‏ وهي القيم الكفيلة بأن تجعل من كل مؤمن ومؤمنة رحمة مهداة إلي كل من حولهم من شعوب الدنيا علي اختلاف أديانها وثقافاتها‏,‏ تأسيا بنبيهم الذي أرسله رب الناس للناس ليكون رحمة للعالمين‏.‏

الأمر الآخر الذي أختم به هذه الرسالة‏..‏ هو الاستجابة لما ناديت به في مقالك من ضرورة تحرك الشعوب العربية والإسلامية‏,‏ تعبيرا عن حقيقة موقفها من الآخرين‏,‏ وادانتها للعنف والتصادم والإرهاب إدانة تصدر عن موقف حضاري أصيل‏,‏ ولا تصدر عن رغبة طارئة في مجاملة الآخرين أو ارضائهم‏..‏ وأنا أدعو ـ في وضوح وبساطة ـ إلي خروج مسيرات شعبية مسالمة هادئة‏,‏ تقدر المسئولية وتدرك دقة الموقف وخطورته‏,‏ وتعرف بكل دقة مضمون الرسالة التي تريد إبلاغها للعالم كله‏..‏ ويرفع المشاركون فيها عددا من الشعارات والعبارات التي تساعد علي تصحيح الفهم الخاطيء لهم ولثقافتهم‏,‏ وهو الفهم الذي روجت له في دأب وإصرار دوائر نعرفها حق المعرفة ونفهم بواعثها فيما تسعي إليه من إيجاد تناقض وعداء بين العرب والمسلمين من ناحية‏,‏ وسائر شعوب الدنيا وفي مقدمتها الشعوب الأوروبية والأمريكية من ناحية أخري‏..‏ ومن أمثلة هذه الشعارات والعبارات‏:‏
‏1‏ ـ العرب والمسلمون شركاء في مسيرة التعايش والتواصل والسلام‏.‏

‏2‏ـ أين أمريكا التي عرفناها؟؟‏..‏ أين مباديء الثورة الأمريكية؟؟‏..‏ ومباديء الدستور الأمريكي؟؟‏.‏
‏3‏ ـ حروب إسرائيل وعدوانها علي العرب عبء ثقيل علي الشعب الأمريكي‏.‏

‏4‏ ـ الشهداء الفلسطينيون ضحايا إرهاب الدولة وليسوا إرهابيين ولا معتدين‏..‏
‏5‏ ـ المسلمون ليسوا طالبان‏..‏ وليسوا تنظيم القاعدة‏..‏ ولا شبكات الإرهاب‏.‏

‏6‏ ـ الانتفاضة الفلسطينية دفاع مشروع ضد قهر الاحتلال الإسرائيلي‏.‏
الإصرار علي عداوتنا‏.‏

‏7‏ـ الفلسطينيون يذبحون كل يوم‏,‏ ومساكنهم تهدم علي رءوسهم‏..‏ فأين الضمير العالمي؟؟‏..‏ وأين مباديء الأمم المتحدة؟؟‏..‏ بل أين الأمم المتحدة؟؟‏.‏
‏8‏ ـ الفيتو الأمريكي ظلم للشعب الفلسطيني‏..‏ وإهانة لجميع العرب والمسلمين‏..‏ وإساءة لصورة أمريكا في العالم‏.‏

إنني أدرك تماما أن هناك خشية من أن تؤدي أسباب الغضب المكبوت‏,‏ والإحساس بالظلم والقهر في مواجهة الاستقواء علي العرب والمسلمين‏,‏ إلي صعوبة المحافظة علي نظام تلك المسيرات وحمايتها من تسلل بعض من يغلبهم الغضب أو بعض من لا يقدرون المسئولية‏,‏ ولا يدركون صعوبة الموقف الذي تجتازه أمتنا‏..‏ ولكن تقدير كاتب هذه السطور أن هذه لحظة تاريخية شديدة الخصوصية‏,‏ تقتضي التوحد التام بين الحكومات وشعوبها في وجه حملة ضارية لا تفرق بين الحكومات والشعوب‏..‏ وفي تقديره كذلك‏,‏ أن من شأن هذه المسيرات‏,‏ حين تبرأ مما يعكر صفوها أو يفسد أمرها‏..‏ أن تفتح الأعين في كل مكان إلي أن الشعوب العربية والمسلمة شعوب صديقة مسالمة‏..‏ ولكن من حق وجهها أن يكفهر‏,‏ ومن حق صوتها أن يعلو في وجه ظلم بلغ فيه السيل الزبي‏,‏ وتجاوز فيه القهر آخر المدي‏.‏
وإذا تعذر لسبب أو آخر تحقيق هذا الاقتراح‏,‏ فثمة اقتراح بديل لا ينطوي علي شيء من المحاذير والمخاوف التي قد يثيرها الاقتراح الأول‏..‏ وهو أن تدعو منظمات المجتمع المدني‏,‏ وجميع الأحزاب السياسية في الوطن العربي والعالم الإسلامي‏,‏ إلي خمس دقائق من الصمت‏,‏ تتوقف خلالها جميع الأعمال‏..‏ وترفع فيها الأعلام حاملة هذه النداءات والشعارات‏,‏ وتدعي لشهودها أجهزة الإعلام العالمية والمحلية‏..‏ وذلك حتي تصل هذه الرسالة إلي العالم كله‏..‏ تصحح الصورة‏,‏ وتعبر عن الغضب المشروع‏,‏ والإحباط الذي يفسر كثيرا من الأمور‏..‏ كما تعبر عن الموقف العربي والإسلامي الأصيل في استنكار العنف والإرهاب بصورهما كلها‏..‏ وعن الإحساس الصادق بأننا مع الدنيا كلها في خندق واحد‏,‏ يتطلع للأمن والاستقرار والسلام الذي لا يتحقق له الاستمرار‏,‏ إلا في ظل من العدل والإنصاف‏.‏

ولله تعالي عاقبة الأمور‏..‏
أضافة تعليق