مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
شـبح الفوضي يهدد أفغانسـتان
هويدي 20-11-2001

التحذير واجب من التسرع والخفة في قراءة الحدث الأفغاني‏.‏ ففي حدود ما نعلم ـ مثلا ـ فإن الولايات المتحدة لم تحشد حشودها ولم تستخدم عضلاتها العسكرية‏,‏ بما في ذلك القذيفة التي يصل وزن الواحدة منها إلي‏1500‏ رطل‏,‏ لكي تمكن الناس في كابول من حلق لحاهم التي ألزمتهم حركة طالبان بإطالتها‏,‏ أو لكي تنطلق الموسيقي من الإذاعة الأفغانية بعد طول احتباس‏,‏ ولا حتي لكي تكون أفغانستان هي المسرح الذي تنفذ عليه الحلقة الرابعة من مسلسل رامبو‏.‏ إنما الذي أرادته الولايات المتحدة شيء آخر لم يتحقق بعد‏,‏ إذ طالمابقي أسامة بن لادن والملا عمر من الأحياء‏,‏ لم يقبض عليهما أو لم يقض عليهما‏,‏ فإن نتائج الحملة من وجهة النظر الأمريكية لن تزيد علي صفر‏.‏

‏(1)‏
بسبب من ذلك فإنني أدعو الذين اعتبروا سقوط كابول ومدن أخري انتصارا في الحرب‏,‏ إلي أن يتريثوا قليلا‏,‏ إلا إذا كان تهليلهم منصبا علي التحالف الشمالي الذي هو المستفيد الوحيد مما جري حتي الآن‏,‏ ذلك أن ما يجري علي الأرض الأفغانية الآن معركتان لا معركة واحدة‏.‏ الأولي يقودها الأمريكيون وهدفها بن لادن والملا عمر وأتباعهما‏.‏ أما الثانية فهي معركة قوات التحالف الشمالي التي تريد أن تستعيد سلطانها الذي انتزعته منها حركة طالبان خلال زحفها علي كابول‏,‏ الذي بدأ من قندهار في عام‏94,‏ وحقق مراده بالاستيلاء علي العاصمة في عام‏96.‏ صحيح أن ثمة علاقة بين الحربين‏,‏ فالولايات المتحدة لكي تحقق مرادها وقفت وراء قوات التحالف الشمالي ومكنتها من أن تنجز خلال خمسة أسابيع ما عجزت عن تحقيقه في خمس سنوات‏.‏ لكن من الصحيح أيضا أن قوات التحالف لها أجندة مختلفة‏,‏ وإذا كان الأمريكيون قد استخدموهم‏,‏ فإن ذلك لا ينفي أنهم بدورهم استخدموا الأمريكيين‏.‏ والدليل علي ذلك أن الأمريكيين والأمم المتحدة طلبوا من قيادة التحالف ألا تدخل كابول قبل الاتفاق علي شكل الحكومة الجديدة‏,‏ لكن القيادة لم تمتثل للطلب ودخلت العاصمة‏,‏ وجاء برهان الدين رباني رئيس الجمهورية السابق لكي يباشر السلطة في المدينة‏.‏
الدليل الثاني أن الأمريكيين وحلفاءهم بالاتفاق مع الأمم المتحدة رتبوا أن تذهب قوات دولية إلي العاصمة‏,‏ ووصلت بعض طلائع تلك القوات إلي مطار العاصمة فعلا‏,‏ لكن قيادة التحالف أعلنت أنها ليست بحاجة إلي قوات دولية وأن ما هو متوافر منها في أطراف كابول غير مرحب به‏,‏ وهو موجود علي غير رغبتنا‏.‏
لقد اعتبر الأمريكيون أن إسقاط نظام طالبان خطوة باتجاه تضييق الخناق علي الرجلين بن لادن والملا عمر وأتباعهما‏,‏ تمهد للانقضاض عليهما‏,‏ ومن ثم لبلوغ الهدف الأول للعملية العسكرية‏.‏ لذلك فإن الأمريكيين لا يزال أمامهم مجهود آخر عليهم أن يبذلوه لبلوغ هدفهم‏.‏ ومن المفارقات في هذا الصدد أن بعض الصحف العربية وصفت ما تحقق حتي الآن بأنه انتصار‏,‏ بينما نقلت وكالة رويتر علي لسان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير‏(‏ في‏11/15)‏ قوله‏:‏ إن أهدافنا لم تتحقق بعد‏!‏

‏(2)‏
لقد ملأت صحف الأسبوع الماضي وتصدرت نشرات الأخبار العالمية صور بعض الأفغان في كابول وقد احتشدوا أمام أحد محال الحلاقة للتخلص من لحاهم‏,‏ وصورة شاب أفغاني مبتهج يصافح فتاة كشفت عن وجهها‏,‏ في لقطة أخري من لقطات إزالة آثار العدوان الطالباني‏,‏ وشاب آخر فتح صدره فكشف عن قميص داخلي ارتداه ظهرت عليه صورة مطبوعة لفتاة جميلة‏,‏ كان صاحبنا قد أخفاها في طيات ثيابه في ظل النظام البائد‏.‏ وبشرتنا التقارير الصحفية بأن الأصوات النسائية عادت إلي الإذاعة‏,‏ وأن الموسيقي أصبحت تصدح في أرجاء العاصمة‏,‏ وأن الشباب لم يخفوا فرحتهم بزوال الكابوس فلم يتوقفوا عن الغناء والرقص في الليلة الأولي لوصول قوات التحالف‏.‏
وليس من شك عندي في أن نظام طالبان ـبالحماقات العديدة التي ارتكبها ومنها تدخله في سلوكيات الناس وحياتهم الشخصيةـ ظل يمثل عبئا علي المجتمع‏.‏ وكنت أحد الذين كتبوا في عام‏98‏ أنهم فعلوا كل ما ينبغي أن يتجنبه دعاة المشروع الإسلامي‏,‏ وأن النظام الذي أقاموه لا تتوافر له مقومات الاستمرار‏,‏ ومن ثم فإنه مؤقت في كل أحواله‏.‏ ولا أخفي أنني ما تمنيت أن يسقط النظام بالصواريخ الأمريكية‏.‏ كما لم يخطر علي بالي يوما ما أن يكون الآتون هم أنفسهم أركان النظام الذي انقلبت عليه طالبان وطردته من كابول من قبل‏.‏ بل اعتقدت أن طالبان يمثلون مرحلة انتقالية تفتح الطريق لعودة الاستقرار إلي ذلك البلد الشجاع والعنيد‏,‏ والمعتز بدينه أبدا‏.‏
بعد الذي صار فقد أصبحنا مطالبين ليس فقط بتجنب التسرع والخفة في قراءة الحدث الأفغاني‏,‏ ولكن أيضا بالتسلح بالحيطة والحذر‏.‏ لأن الأخبار والصور التي تخرج من هناك كلها موجهة‏,‏ وتحت السيطرة الغربية منذ دخلت قوات التحالف‏,‏ وامتلأت العاصمة والمدن الرئيسية بالمراسلين الغربيين‏.‏ وهم الذين تصورا ـ مثلا ـ أن مشكلة أفغانستان تكمن في اللحية والبرقع الذي يغطي الوجه‏,‏ غير عارفين بأن تلك هيئة الأفغاني العادي خارج العاصمة ـ والعواصم في بلادنا لها وضع خاص ـ والذين زاروا أفغانستان قبل حكم المجاهدين أو الطالبانيين ـ أي في المرحلة الشيوعية أو الملكية‏,‏ وقد كنت واحدا منهم‏,‏ يدركون ذلك جيدا‏,‏ فلم يكن في قندهار أو أوزجان رجل غير ملتح‏,‏ ولم تكن هناك امرأة كاشفة الوجه‏,‏ وحماقة جماعة طالبان أنها ألزمت الناس جميعا بتقاليد هذه الهيئة‏,‏ وأنها نسبت موقفها إلي المرجعية الشرعية والدينية‏.‏
مفهوم أن تحاول بعض الأبواق تصوير كل التحولات التي تحدث علي أيديهم بحسبانها انتصارا‏,‏ وهي بحاجة إلي ذلك بعدما طال انتظار الناس لثمار حملتهم العسكرية‏,‏ وبدأ البعض يتململون ويتظاهرون ضد الحرب‏,‏ لذلك نفهم لماذا هللوا لحلق اللحي ونزع البراقع وبث الموسيقي‏,‏ ولماذا أيضا سكتت عن الفظائع الوحشية التي ارتكبتها القوات القادمة من الشمال علي الأرض‏.‏ لكن الذي يتعذر فهمه هو سهولة استسلامنا للخطاب الإعلامي الغربي الذي يريد أن يصور الحاصل بحسبانه معركة بين الخير والشر‏,‏ وأن أي شيء غير جماعة طالبان الأشرار هو خير وبركة‏!‏

‏(3)‏
في الدراسة التي نشرت لي في أول الشهر الحالي بمجلة وجهات نظر‏,‏ قلت إن نظام طالبان سقط بالفعل‏,‏ وإن الأمريكيين بما فعلوه بحقهم قدموا لهم خدمة من حيث لا يحتسبون‏,‏ ذلك أن النظام كان قد وصل إلي درجة من الانسداد السياسي‏,‏ لم يكن أمامه مخرج منها‏.‏
إذ كان قد وصل إلي مرحلة الجمود أو الإفلاس‏,‏ بحيث إنه لم يعد قادرا علي أن يقدم شيئا للبلد الذي يتحكم بمقدراته منذ خمس سنوات‏,‏ ذلك أنهم بعدما أعادوا الاستقرار إلي البلاد في عام‏96,‏ لم يستطيعوا أن يتقدموا خطوة واحدة إلي الأمام‏,‏ وحين جاء القصف الأمريكي في السابع من أكتوبر الماضي فإنه أعفاهم من مسئولية الدولة‏,‏ وأتاح لهم أن يقوموا بالمهمة الجهادية التي يعرفون عنها أكثر مما يعرفون عن السياسة والإدارة‏,‏ وبدلا من أن ينتهوا سياسيين فاشلين‏,‏ فقد توافرت لهم الفرصة لكي يعودوا مجاهدين أو ينتهوا شهداء‏,‏ وهذه نهاية أفضل بمراحل من الأولي‏.‏
هناك احتمالات عدة أمام طالبان الآن‏,‏ أن يقتل الملا عمر فتنحل الحركة‏,‏ التي ليس لها رجل ثان يرشح لخلافته‏,‏ إذ بمقتله ينفرط العقد وتتشرذم الحركة‏,‏ حيث تعود بعض عناصرها إلي الأحزاب التي جاءت منها‏,‏ وأهمها الحزب الإسلامي بقيادة المولوي محمد يونس خالص‏,‏ وحزب الانقلاب الإسلامي بقيادة مولوي محمد نبي محمدي‏.‏
الاحتمال الثاني أن يظل الملا عمر ورجاله معتصمين بالجبال ومحتمين ببعض القبائل البشتونية والجماعات الباكستانية المؤيدة لهم‏,‏ وبذلك يصبحون شوكة في خاصرة النظام الجديد‏,‏ وسيمثل الاختلاف بين عناصر التحالف أو الاقتتال غير المستبعد بينها ـ الذي سنتحدث عنه لاحقا ـ عنصر قوة لهم‏.‏ كما أن سلوك النظام الجديد في كابول قد يعزز من موقف طالبان‏,‏ خصوصا إذا لم يراع ذلك النظام مشاعر المتدينين المحافظين وهم الأغلبية في البلاد‏,‏ إذ أن استفزاز تلك المشاعر من شأنه أن يوسع من دائرة السخط علي الوضع الجديد‏,‏ ولا ننسي أن المدارس الدينية في مناطق الحدود الجنوبية لأفغانستان مازالت حافلة بأجيال من الشباب لا يختلفون عن الطالبانيين في شيء‏,‏ وهذه المدارس عددها الآن نحو‏700‏ مدرسة‏,‏ لو أن في كل واحدة منها‏70‏ تلميذا لوجدنا أن هناك نصف مليون شاب مرشحون للحاق بالطالبانيين في الجبال‏.‏

الاحتمال الثالث أن ينقلب البشتون علي طالبان‏,‏ سواء بسبب الحساسيات القبلية‏,‏ حيث لم تكن عدة قبائل سعيدة باحتكار القندهاريين للسلطة‏,‏ أو نتيجة لمحاولات الأمريكيين والشمال شراء زعماء القبائل بملايين الدولارات‏,‏ الأمر الذي سيجعل الحركة بلا أنصار‏,‏ مما يسهل للأمريكيين الانقضاض عليها‏.‏
الاحتمال الرابع الذي يقوم علي حدوث انشقاق داخل طالبان‏,‏ بين المعتدلين والمتطرفين‏,‏ استبعد في الأغلب‏,‏ لأن فكرة إشراك المعتدلين في الحكومة الجديدة تلقي معارضة قوية من جانب إيران وروسيا‏,‏ والامريكتين‏,‏ وبعد أن تراجع نفوذهم علي الأرض فلم يعد التحالف يهتم بإشراكهم في السلطة‏,‏ خصوصا أن أمامه بدائل بشتونية أخري يمكن المراهنة عليها‏.‏
ذلك كله يفترض أن الوضع في باكستان ثابت ولم يتغير‏,‏ أما إذا حدث أي انقلاب في الوضع السياسي الباكستاني‏,‏ وهو ليس مستبعدا بعدما استولي التحالف الشمالي علي كابول‏,‏ مما أضعف من موقف الرئيس مشرف كثيرا‏,‏ وانعكس ذلك علي انتقادات الصحف الباكستانية له‏.‏ إذا حدث ذلك الانقلاب فإن المعادلة ستتغير لمصلحة طالبان بدرجة كبيرة‏,‏ ولو في المدي القصير‏.‏
الخلاصة أنه إذا لم يحدث تغير سياسي كبير في باكستان‏,‏ فإن احتمالات استمرار طالبان ضعيفة‏,‏ ولن تتركها الولايات المتحدة تمر‏,‏ لأن في ذلك هزيمة لها لن تقبل بها‏.‏

‏(4)‏
المشكلة ليست في طالبان وحدها‏,‏ وإنما في النظام البديل لها‏,‏ أولا لأن الخصومات كبيرة بين جماعات التحالف نفسها‏,‏ وثانيا لأن الدول المحيطة بأفغانستان ليست علي رأي واحد بالنسبة لشكل النظام الجديد‏,‏ وإنما لها رؤاها المتعارضة‏,‏ وثالثا لأنه إذا تم قتل أسامة بن لادن والملا عمر‏,‏ فلن تكترث الولايات المتحدة بمصير أفغانستان‏,‏ وستتركها لصراعات أهلها‏,‏ ولن يعنيها استقرار البلد أو احتراقه‏.‏
إن قيادة التحالف الشمالي الآن معقودة للرئيس برهان الدين رباني‏,‏ وهو طاجيكي‏,‏ وأغلب المحيطين به من الطاجيك‏,‏ بينما أفغانستان يحكمها البشتون منذ تأسيس الدولة في القرن الثامن عشر وطيلة القرنين الماضيين‏.‏
من ناحية أخري فإن التحالف قائم أساسا علي الأقليات‏,‏ خصوصا الطاجيك والأوزبك والشيعة الهزارة والإسماعيلية‏,‏ أما البشتون الذين يمثلون الأغلبية فليسوا ممثلين بشكل كاف فيه‏,‏ رغم أن نسبتهم‏45%‏ من السكان‏.‏ ولا ننسي أن طالبان نجحت في تحركها عام‏94‏ لأن زعماء المجاهدين ظلوا يتقاتلون فيما بينهم طيلة سنتين كاملتين‏:‏ قلب الدين حكمتيار البشتوني من ناحية‏,‏ ورباني وأحمد شاه مسعود الطاجيكيان من ناحية ثانية‏,‏ والجنرال عبدالرشيد دوستم الأوزبكي من ناحية ثالثة‏,‏ وحزب الوحدة الشيعي من ناحية رابعة‏,‏ وإسماعيل خان الإسماعيلي من ناحية خامسة‏.‏

هذه المرارات القديمة لم تنمح‏,‏ لكن آثارها مازالت باقية‏,‏ وما جمع بين تلك الفئات جميعها سوي أن حركة طالبان خلعتهم وانتزعت السلطة من أيديهم‏,‏ فتحالفوا ليس لأنهم متآلفون‏,‏ ولكن لأنهم تأذوا من صعود طالبان‏,‏ من ثم فخصومتهم لطالبان طغت علي الحزازات القائمة بينهم‏,‏ وزوال تلك الخصومة كفيل بإظهار الحزازات علي السطح مرة أخري‏.‏
لقد كان برهان الدين رباني أول القادة الواصلين إلي كابول في الأسبوع الماضي‏,‏ فتولي تسيير الأمور مؤقتا‏.‏ وجاءت عناصر حزب الوحدة الشيعي فأقامت حاجزا عند حي الشيعة في العاصمة‏,‏ وقالت التقارير الصحفية‏:‏ إن هناك قوات أخري تابعة للتحالف الشمالي في طريقها إلي كابول‏,‏ التي سيحاول الأوزبك أخذ حصتهم منها‏,‏ الأمر الذي سيعرض المدينة للتقسيم‏,‏ ولن يسكت البشتون بطبيعة الحال‏,‏ وهم الذين سيصرون علي أن يفوزوا بالحصة الأكبر‏,‏ وسيقاتلون دون ذلك لاريب‏.‏
ذلك في داخل العاصمة وحدها‏.‏ أما ما يحدث خارجها فهو شيء مماثل‏,‏ بمعني أن كل حاكم أو قائد زعيم قبيلة في منطقة‏,‏ سوف يحاول الاستئثار بها‏,‏ كما حدث في مزار شريف وجلال أباد مثلا‏,‏ الأمر الذي سيفتح الباب لإشاعة الفوضي في البلاد‏.‏

‏(5)‏
موقف الجيران لا يمكن تجاهله في المشهد‏,‏ فباكستان تعارض أي حكومة في كابول غير موالية لها أو متفاهمة معها‏,‏ لذك فهي بالمطلق ضد حكومة رباني والطاجيك‏.‏ والهند متعاطفة مع الطاجيك‏,‏ ومع أي حكومة تزعج باكستان‏.‏ إيران مؤيدة للطاجيك وداعمة للشيعة‏.‏ روسيا مرحبة بهم أيضا‏,‏ وقد سارعت إلي تأييد حكومتهم علي نحو أزعج الأمريكان‏.‏ أوزبكستان تقف وراء الجنرال دوستم قائد ميليشيات الأوزبك‏.‏
الملك ظاهر شاه رغم أنه بشتوني وتقف وراءه الولايات المتحدة والدول الغربية والأمم المتحدة‏,‏ فإن كبر سنه واعتلال صحته هما مصدر ضعفه الأول‏,‏ لأن الجميع يعرفون أن الرجل لن يحكم‏,‏ لكن الذي سيحكم هم مستشاروه وأبناؤه‏.‏ في الوقت نفسه فباكستان تعارض عودته‏,‏ لأنه كان علي علاقة سيئة بها ويعتبرها محتلة لأراضي بشتونستان‏.‏ والرئيس رباني غير مرحب به‏,‏ لأنه وفريقه يقولون إن أفغانستان لم تحارب طيلة الفترة الماضية لكي تعود الملكية مرة أخري‏.‏
في الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة لا تثق كثيرا في رباني وحكمتيار‏,‏ والأخير هاجم التدخل الأمريكي‏,‏ وحاول أن يجمع البشتون من حوله‏,‏ وطلب لذلك مساعدات من بعض الدول العربية و الإسلامية لكنه لم ينجح في محاولته‏.‏

أما الإشكال الكبير في الوضع الجديد فيكمن في أنه سيظل في كل أحواله محسوبا علي الحملة العسكرية الأمريكية‏,‏ الأمر الذي سيجعله محلا للشبهة والاتهام‏.‏ لذلك فإن الذين حققوا أي إنجاز بواسطة الأمريكان تحولوا إلي ضائقين بهم ومتبرمين من وجودهم في اللحظة التي قعدوا فيها علي مقاعدهم‏,‏ وصعدوا بأقدامهم علي سلم السلطة من جديد‏.‏
وفي ظل وفرة السلاح في أيدي الجميع‏,‏ فما أسرع أن يسحب كل فصيل سلاحه لكي يعزز موقفه ويرفع حصته ويحقق تطلعاته‏,‏ الأمر الذي يرشح كلمة الفوضي لكي تكون عنوانا عريضا لأفغانستان القادمة‏.‏
أضافة تعليق