هويدي 30-10-2001
ما الذي يدفع فتاة في طوكيو لأن تتسلل الي مسجد لتأخذ منه مصحفا, ثم تذهب لكي تمزقه أمام متجر لبيع السيارات المستعملة, يملكه باكستاني مسلم؟ ـ وما الذي يدفع الشرطة في البارجواي بأمريكا اللاتينية, لكي تلقي القبض علي مواطن لبناني اسمه صلاح ياسين, لمجرد أن اسمه فيه شيء من اسم زعيم حركة حماس في فلسطين الشيخ أحمد ياسين, ويكون ذلك التشابه الغبي مبررا لاتهام الرجل بأنه إرهابي ومسوغا لاعتقاله, والتحقيق معه بواسطة مختلف الأجهزة الأمنية, من المخابرات المركزية إلي الموساد الإسرائيلي؟, وما الذي يضطر صاحب محل في بروكلين لأن يضع لافتة يعلن فيها أنه هندي, نافيا أمام الملأ انتماءه الي جنس العرب المذموم, حتي يتجنب أن تحل عليه اللعنة, ويتعرض للإيذاء والعدوان؟
الأمر يتطلب تفكيرا عميقا, يتجنب ذلك الكسل العقلي الذي يتبناه البعض ممن يختزلون ما يجري في عنوان: الحرب الصليبية, أو يسعون الي تسطيح الأمر وإدراجه ضمن أسطورة صدام الحضارات
(1)
ثمة لوثة خبيثة اجتاحت الولايات المتحدة وأوروبا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر, استهدفت الفتك بكل ما هو عربي أو إسلامي, علي نحو يدهش المرء ويصدمه, إذ ما كان يتصور أي واحد من الذين يعيشون خارج تلك المجتمعات المتحضرة أن يتصرف بعض أفرادها في لحظات الغضب والانفعال, علي ذلك النحو غير المتحضر, الذي سحب المسئولية عما جري في واشنطن ونيويورك علي كل من ينتمي الي جنس العرب وثقافتهم ودينهم.
نعم حاول الساسة في بعض البلدان كبح جماح الانفعال, وألحوا في بيانات وتصريحات عدة, علي أن المعركة الراهنة.. ليست ضد العرب أو المسلمين, ولكنها ضد الإرهاب بتجلياته المتعددة.
وهو موقف طيب يستحق التقدير والشكر, إلا أن الرأي العام في تلك البلدان لا تشكله تصريحات السياسيين, وإنما لايزال للإعلام يده الطولي في ذلك التشكيل, وهو الذي لم يكف يوما ما عن تشويه صورة العرب والمسلمين, وتصويرهم بحسبانهم أشرارا, يجسدون مختلف النقائص والرذائل في الأخلاق والسلوك, وإذا كان ذلك هو الموقف التقليدي لخطاب وسائل الإعلام الغربية ـ والأمريكية بوجه أخص ـ فإن الجريمة تضاعفت عدة مرات بعد فاجعة الحادي عشر من سبتمبر, التي وفرت فرصة مثلي للتحريض وإذكاء مشاعر البغض والانتقام.
ورغم أن ما تفعله وسائل الإعلام حقق مراده في التعبئة المضادة والتحريض, إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل عمقا آخر للمسألة, يتمثل في أن الخلفية الثقافية للعقل الغربي مشحونة ببذور ذلك البغض, التي نضحت علي مختلف الأدبيات والموسوعات والمناهج الدراسية, منذ حملة الكراهية التي شنتها المراجع الكاثوليكية منذ تسعة قرون, إبان الحروب الصليبية وفي أعقابها, ولولا أننا لا نريد أن ننكأ جراحا قديمة لأوردنا نماذج من نصوص البيانات التي أصدرتها تلك المراجع وقتذاك, وكيف تأثر بها الخطاب الثقافي في أوروبا بوجه أخص, الذي تم استنساخه بالولايات المتحدة في وقت لاحق.
(2)
إذا استثنينا أقلاما شريفة معدودة, وعددا آخر من الأكاديميين المحترمين في أوروبا والولايات المتحدة, فإننا لا نتردد في القول بأن الإعلام الغربي بوجه عام, يشن منذ الحادي عشر من سبتمبر, حربا غير نظيفة وغير شريفة ضد العرب والمسلمين والإسلام, لا هوادة فيها ولا رحمة, وخطورة تلك الحرب لا تكمن فقط فيما تشيعه من مشاعر الكراهية والبغض, وما تسببه للمسلمين من مهانة وإيذاء, ولكنها أيضا تمثل عنصرا ضاغطا مؤثرا علي مختلف مؤسسات المجتمع, وعلي القرار السياسي, فضلا عن السلوك الأمني.
لقد أشرت في الأسبوع الماضي, الي أن فاجعة الحادي عشر من سبتمبر, خرجت من عباءتها القاتمة حروب ثلاث, واحدة أمريكية موجهة ضد شعب أفغانستان, والثانية إسرائيلية يراد لها أن تضرب دولا وأوطانا عربية بذريعة أنها ضالعة بدورها في الإرهاب, والثالثة إعلامية تستهدف ضرب واستئصال الوجود العربي والإسلامي في بلاد الغرب, وقد وجدنا لتلك الحملة صداها في بعض الدول الآسيوية التي تتأثر بالخطاب الإعلامي الغربي, وفعلة الفتاة اليابانية التي أشرت إليها قبل قليل, والتي نشرتها صحيفة يابان تايمز من نماذج ذلك التأثر, كما أن قرار الحكومة الصينية بمنع رعايا العديد من الدول العربية والآسيوية من ركوب طائراتها نموذج آخر, وهولا يختلف إلا في الدرجة عن اقتراح المسئول الإيطالي الكبير في رابطة الشمال, والنائب في البرلمان الأوروبي فرانشيسكو سبيروني, الذي طالب بمنع دخول المسلمين إيطاليا!
في الوقت ذاته, تحفل الصحف اليومية بالتقارير التي ترصد صور معاناة العرب والمسلمين من جراء تلك الحرب غير الشريفة, في مختلف الدول الأوروبية, والولايات الأمريكية, وما ذكرته في مستهل المقال مجرد قطرة في محيط كبير, وبعض الوقائع التي نشرت لا يكاد يصدقها عقل, مثل قصة اللبناني الذي اعتقل في البارجواي لأن في اسمه كلمة ياسين, والعرب الذين طردوا من مساكنهم في ولاية تكساس لأن سحناتهم أصبحت تثير الرعب, وما ذكرته الوكالة الفرنسية للأنباء من أن بعض الناس أصبحوا يختبئون بالقرب من مداخل محلات الحلاقة, لكي يتعرفوا علي الأصوليين الذين سارعوا الي حلق ذقونهم, وقصة الصحفي اللبناني المعروف الياس خوري, الذي كان قد دعي لندوة في جنوب فرنسا, وفوجيء ذات صباح بشرطة مكافحة الإرهاب وقد اقتحمت غرفته, بعدما ثارت الشبهات من حوله, حين أجري اتصالا( مع ابنه) بالعربية ـ لغة الإرهابيين ـ وبعث إلي بيروت بفاكس بذات اللغة المشبوهة(!), وتضاعفت تلك الشبهات بحقه حين وقعت عينا عاملة كانت تراقبه, علي منشور في غرفته حمل عنوان التضحية, الذي لم يكن سوي إعلان عن مسرحية إيطالية معروضة بالمدينة التي نزل فيها, أضف الي ذلك, قصة العرب الثلاثة الذين أنزلوا من حافلة أمريكية للركاب لأن بقية المسافرين شكوا من أنهم لن يشعروا بالأمان في وجودهم, ثم ذلك القرار الأمريكي الغريب, الذي صدر بمنع العرب من ركوب الطائرات اذا ما اجتمعوا, وينبغي توزيعهم علي رحلات مختلفة, لأن في وجودهم مجتمعين علي طائرة واحدة خطرا محتملا.. وذلك المصري المسكين الذي مر بسيارته ـ مجرد مرور ـ في شارع يجاور أحد المفاعلات النووية بألمانيا, فاستدعي للتحقيق معه حول سر اختياره ذلك الشارع, وقد ذهبت اللوثة الأمنية في ألمانيا إلي أبعد, حيث صدر حكم لصالح وزارة الداخلية يلزم الجامعات بتزويدها بجميع ملفات الطلبة العرب والمسلمين الذين درسوا فيها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية!
في10/16 نشرت صحيفة القدس اللندنية, رسالة سجل فيها أحد العرب الذين يعيشون في نيويورك جانبا من يومياته في الفترة التي أعقبت يوم11 سبتمبر, التي جاءت حافلة بمشاهد الازدراء والإذلال, من بين ما ذكره صاحب الرسالة ـ اسمه حاتم الجمسي ـ انه يعمل في متجر كبير( سوبر ماركت) في بروكلين يملكه عرب, وذات يوم(10/18) دلفت إلي المحل زبونة من أصول إفريقية طلبت مساعدته, فقدم لها ماتريد بلطف وأدب حسب تعبيره, وعندئذ تأملت وجهه وسألته: هل أنت أسباني, فأجاب بالنفي, وحينئذ قالت: أتمني ألا تكون عربيا, وحين اعترف بأنه كذلك بالفعل, تغيرت ملامح وجهها, وقالت: أتمني لو أرسل كل العرب الي بلادهم, لأنهم يعملون هنا, ويدخرون الأموال ثم يرسلونها إلي بن لادن.
(3)
اللوثة الخبيثة كان لها صداها الذي تجاوز سلوك الأفراد الي سلوك المؤسسات, لن أتحدث عن عمليات المراقبة والتنصت والتفتيش, بل واللجوء إلي بعض الحيل في الولايات المتحدة للسماح بتعذيب المحتجزين واستنطاقهم للحصول علي معلومات, فمثل هذه التجاوزات والاعتداءات علي حريات الناس ـ والمسلمين منهم بوجه أخص ـ قد يكون لها حديث آخر, لكن إجراءات القمع طالت المؤسسات الإسلامية الخيرية والإغاثية, خصوصا تلك التي أشير إليها في سياق حملات التشهير التي قامت بها الصحف المحلية, فأغلب هذه المؤسسات هوجمت في وسائل الإعلام باعتبارها واجهات لأنشطة إرهابية, ومشاركة في تمويل تلك الأنشطة, وما جري لمنظمة الإغاثة الإنسانية الدولية في كندا, التي تعمل في خدمة فقراء العالم الثالث منذ عشرين عاما, نموذج لتلك المؤسسات, إذ منذ ألقي القبض علي المندوب الإقليمي للمنظمة في باكستان في عام95, وأفرج عنه لعدم ثبوت أدلة ضده, حملت الصحف الكندية ذات الميول الصهيونية عليها حملة شعواء, ركزت فيها علي علاقة المنظمة بالإرهاب, ورغم أن كل التقارير القانونية والمحاسبية أثبتت سلامة موقفها, كما ذكر زميلنا مصطفي سامي مندوب الأهرام بكندا, فإن ذلك لم يشفع لها, حيث صودرت أموالها وجمد نشاطها, بعدما أدرجت فجأة ضمن الجمعيات الراعية للإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة, واعتبرت المنظمة واجهة لجرائم شبكة القاعدة الإرهابية!
في هذه الأجواء المحمومة, تضاعفت الكتابات التي تجرح الإسلام وتعاليمه, معتبرة ان بن لادن وجماعته هم التعبير الذي يجسد تلك التعاليم, وهذه الكتابات بلا حصر, ويحضرني منها الآن ما نشرته صحيفة التايمز اللندنية يوم الأحد10/14 للكاتبة هيلاني فيليبس, التي انتقدت بشدة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, واعتبرت أنه فقد صدقيته, لأنه قال إن العنف لا علاقة له بالإسلام ولا بالفلسطينيين, وأضافت أنه إذا كان الغرب لم يعلن الحرب علي الإسلام, فالذي حدث أن الإسلام( الذي هو في هذه الحالة أسامة بن لادن), هو الذي أعلن الحرب علي الغرب, وأشارت الي المستشرق المتعصب والحاقد علي الإسلام برنارد لويس, باعتباره عالم الإسلاميات العظيم, لمجرد أنه ذكر أن المسلمين يقسمون العالم إلي مؤمنين وكفار, وأن واجب المسلمين أن يحولوا أولئك الكفار( الغربيين) إلي الإسلام, وخلصت من ذلك إلي أن الإرهاب الإسلامي ضد الغرب وضد إسرائيل لن يتوقف, ولا حل لذلك إلا بمحاربة كل ما يمثله الإسلام, لأن كسب تلك الحرب, في نظرها, هو الضمان الوحيد لحماية القيم الغربية.
لا أعرف إن كانت مصادفة أم لا, أن الرجل الذي منح جائزة نوبل في الآداب لهذا العام( أ.س. نيبول.. انجليزي من أصل هندوسي), هو من أكثر الكتاب في الغرب كراهية وحقدا علي الإسلام, وحتي إذا كانت تلك مجرد مصادفة, فالقدر المتيقن أن التوقيت الذي أعلنت فيه(10/11) بالغ السوء, للرجل كتابات عدة, لكن أكثر ما عرف به جولاته في العالم الإسلامي, ومؤلفاته عن عالم المسلمين الذي لم ير فيه إلا كل ما يدعو إلي السخرية والإزدراء, حتي قال عنه الناقد المعروف الدكتور ادوارد سعيد: إن ما كتبه عن المسلمين, لا يستطيع أي كاتب آخر أن يتحدث بمثله في المسيحية أو اليهودية, فهو يعتبر أن الإسلام من أسوأ ما ابتلي به العالم الثالث من مشكلات.
(4)
هل هذه حرب صليبية؟
أدري أن الكلمة وردت علي لسان الرئيس بوش, وأن البعض التقطها وثبتها فوق كل ما يجري, ومنهم من أصر علي أنها ليست زلة لسان ولكنها عنوان الحقيقة, ولا أنكر أن بعض الأطراف الأمريكية ـ الواقفة في أقصي اليمين من الخريطة السياسية ـ ما برحت تستخدم في خطاب التعبئة للحرب مصطلحات بروتستانتية, من قبيل الإلحاح المستمر علي أنها حرب ضد الشر وصانعيه, ومن هؤلاء من لا يكن أي مودة للإسلام أو المسلمين, مثل القس جيري نولوين.
مع ذلك, فأنا أزعم أن القرار السياسي الذي اتخذ في صدد الحرب ليس خارجا من العباءة الصليبية, وليس له علاقة بمفاهيم ومقاصد تلك الحرب, التي أعطي إشارة البدء فيها البابا إيربان الثاني في مجمع كليرمون في عام1095 م, وهي التي استهدفت الزحف علي الشرق لتخليص الأرض المقدسة من أيدي المسلمين والقضاء علي الوجود الإسلامي في مناطق شرق المتوسط, وكان البابا قد استشعر أن المد الإسلامي الذي قاده الأتراك آنذاك, قد أصبح يهدد أقطار الكاثوليكية ومعاقلها, فدعا إلي شن الحملة باسم الرب, لاستئصال شأفة ذلك الجنس الشرير من أرضنا.
وثمة فرق لابد أن يكون ملحوظا بين حرب دعت إليها الكنيسة في القرن الحادي عشر الميلادي, لاجتثاث الإسلام الذي يهدد مصالحها, وأخري يقررها السياسيون لدوافع وأهداف أخري مختلفة تماما, وإذا كانت البابوية قد اعتبرت الإسلام خطرا آنذاك, فإن الساسة في هذا الزمان يتعاملون مع الإسلام بصورة أكثر ذكاء, حيث لم يعنوا به كدين, وإنما وضعوا مصالحهم في المقام الأول, فإذا تحققت تلك المصالح في وجود الإسلام وبرعاية منه, فهم به يرحبون, وإذا ما وجدوا في بعض أتباعه من يشكل تهديدا لتلك المصالح, فإنهم لا يستأصلون الإسلام ولكنهم يبحثون عمن يعتبرونهم إسلاميين معتدلين يؤمنون لهم تلك المصالح, وما حدث في أفغانستان نموذج لذلك.
(5)
هل هو صدام بين الحضارات؟
ثمة تهليل في العالم الغربي للفكرة, التي أطلقها في عام93 عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتنجتون واعتبر أن صدامات العالم الجديد لن تكون إيديولوجية ولا اقتصادية, وإنما ستكون الثقافة هي مصدرها الأول, وبعد أن عدد سبع حضارات أو ثقافات أساسية في العالم, فإنه اعتبر أن الصدام الحقيقي سيكون بين الإسلام( بمفهومه الثقافي والحضاري وبين الغرب بعامة) ـ ويلفت النظر أنه صنف الأرثوذكس الشرقيين ضمن المعسكر الإسلامي المرشح للصراع مع الغرب.
الفكرة لا تخلو من تبسيط شديد, لدرجة أن الدكتور ادوارد سعيد انتقدها أخيرا في مقالة بعنوان صدام الجهالات( الحياة اللندنية10/21), ذلك أنها تعتبر الغرب كتلة واحدة, وتضع العالم الإسلامي في كتلة أخري مقابلة, وكأن الحضارات كيانات منغلقة عن بعضها البعض, وخالية في داخلها وفيما بينها من التيارات والتيارات المعاكسة, التي تشكل تاريخ الإنسانية, بما أفرزته من عمليات التقاطع حينا, والتلاقح في أحيان أخري كثيرة, وهذا الافتراض التبسيطي يغفل ويلغي تماما شرائح قوية بين النخبة في العالم الإسلامي تعتبر الحضارة الغربية مشروعها ونموذجها الذي تتعلق به وتحتذيه, وفي ذات الوقت فإنه يلغي ويسقط من الاعتبار ما بين20 و30 مليون مسلم يعيشون في الغرب.
أما ما يبعث علي الدهشة والاستغراب حقا, فهو أن تستدعي الفكرة في الظروف الراهنة, بحيث ينظر إلي أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة, علي أنهم يمثلون الحضارة الإسلامية, بينما يختزل الحضارة الغربية في التحالف العسكري, الذي تقوده الولايات المتحدة.
قرأت تعليقا حول هذه النقطة نشرته صحيفة معاريف(9/22) كتبه مئير شتجليتش, قال فيه, إن اعتبار بن لادن ممثلا للثقافة الإسلامية يقبل اذا اعتبرنا منظمتي بادر ماينهوف والجيش الأحمر الإرهابيتين ممثلتين للثقافة الغربية في السبعينيات.
إذا لم تكن حربا صليبية, أو صداما بين الحضارات, فماذا تكون إذن؟ نجيب في الأسبوع المقبل بإذن الله.
ما الذي يدفع فتاة في طوكيو لأن تتسلل الي مسجد لتأخذ منه مصحفا, ثم تذهب لكي تمزقه أمام متجر لبيع السيارات المستعملة, يملكه باكستاني مسلم؟ ـ وما الذي يدفع الشرطة في البارجواي بأمريكا اللاتينية, لكي تلقي القبض علي مواطن لبناني اسمه صلاح ياسين, لمجرد أن اسمه فيه شيء من اسم زعيم حركة حماس في فلسطين الشيخ أحمد ياسين, ويكون ذلك التشابه الغبي مبررا لاتهام الرجل بأنه إرهابي ومسوغا لاعتقاله, والتحقيق معه بواسطة مختلف الأجهزة الأمنية, من المخابرات المركزية إلي الموساد الإسرائيلي؟, وما الذي يضطر صاحب محل في بروكلين لأن يضع لافتة يعلن فيها أنه هندي, نافيا أمام الملأ انتماءه الي جنس العرب المذموم, حتي يتجنب أن تحل عليه اللعنة, ويتعرض للإيذاء والعدوان؟
الأمر يتطلب تفكيرا عميقا, يتجنب ذلك الكسل العقلي الذي يتبناه البعض ممن يختزلون ما يجري في عنوان: الحرب الصليبية, أو يسعون الي تسطيح الأمر وإدراجه ضمن أسطورة صدام الحضارات
(1)
ثمة لوثة خبيثة اجتاحت الولايات المتحدة وأوروبا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر, استهدفت الفتك بكل ما هو عربي أو إسلامي, علي نحو يدهش المرء ويصدمه, إذ ما كان يتصور أي واحد من الذين يعيشون خارج تلك المجتمعات المتحضرة أن يتصرف بعض أفرادها في لحظات الغضب والانفعال, علي ذلك النحو غير المتحضر, الذي سحب المسئولية عما جري في واشنطن ونيويورك علي كل من ينتمي الي جنس العرب وثقافتهم ودينهم.
نعم حاول الساسة في بعض البلدان كبح جماح الانفعال, وألحوا في بيانات وتصريحات عدة, علي أن المعركة الراهنة.. ليست ضد العرب أو المسلمين, ولكنها ضد الإرهاب بتجلياته المتعددة.
وهو موقف طيب يستحق التقدير والشكر, إلا أن الرأي العام في تلك البلدان لا تشكله تصريحات السياسيين, وإنما لايزال للإعلام يده الطولي في ذلك التشكيل, وهو الذي لم يكف يوما ما عن تشويه صورة العرب والمسلمين, وتصويرهم بحسبانهم أشرارا, يجسدون مختلف النقائص والرذائل في الأخلاق والسلوك, وإذا كان ذلك هو الموقف التقليدي لخطاب وسائل الإعلام الغربية ـ والأمريكية بوجه أخص ـ فإن الجريمة تضاعفت عدة مرات بعد فاجعة الحادي عشر من سبتمبر, التي وفرت فرصة مثلي للتحريض وإذكاء مشاعر البغض والانتقام.
ورغم أن ما تفعله وسائل الإعلام حقق مراده في التعبئة المضادة والتحريض, إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل عمقا آخر للمسألة, يتمثل في أن الخلفية الثقافية للعقل الغربي مشحونة ببذور ذلك البغض, التي نضحت علي مختلف الأدبيات والموسوعات والمناهج الدراسية, منذ حملة الكراهية التي شنتها المراجع الكاثوليكية منذ تسعة قرون, إبان الحروب الصليبية وفي أعقابها, ولولا أننا لا نريد أن ننكأ جراحا قديمة لأوردنا نماذج من نصوص البيانات التي أصدرتها تلك المراجع وقتذاك, وكيف تأثر بها الخطاب الثقافي في أوروبا بوجه أخص, الذي تم استنساخه بالولايات المتحدة في وقت لاحق.
(2)
إذا استثنينا أقلاما شريفة معدودة, وعددا آخر من الأكاديميين المحترمين في أوروبا والولايات المتحدة, فإننا لا نتردد في القول بأن الإعلام الغربي بوجه عام, يشن منذ الحادي عشر من سبتمبر, حربا غير نظيفة وغير شريفة ضد العرب والمسلمين والإسلام, لا هوادة فيها ولا رحمة, وخطورة تلك الحرب لا تكمن فقط فيما تشيعه من مشاعر الكراهية والبغض, وما تسببه للمسلمين من مهانة وإيذاء, ولكنها أيضا تمثل عنصرا ضاغطا مؤثرا علي مختلف مؤسسات المجتمع, وعلي القرار السياسي, فضلا عن السلوك الأمني.
لقد أشرت في الأسبوع الماضي, الي أن فاجعة الحادي عشر من سبتمبر, خرجت من عباءتها القاتمة حروب ثلاث, واحدة أمريكية موجهة ضد شعب أفغانستان, والثانية إسرائيلية يراد لها أن تضرب دولا وأوطانا عربية بذريعة أنها ضالعة بدورها في الإرهاب, والثالثة إعلامية تستهدف ضرب واستئصال الوجود العربي والإسلامي في بلاد الغرب, وقد وجدنا لتلك الحملة صداها في بعض الدول الآسيوية التي تتأثر بالخطاب الإعلامي الغربي, وفعلة الفتاة اليابانية التي أشرت إليها قبل قليل, والتي نشرتها صحيفة يابان تايمز من نماذج ذلك التأثر, كما أن قرار الحكومة الصينية بمنع رعايا العديد من الدول العربية والآسيوية من ركوب طائراتها نموذج آخر, وهولا يختلف إلا في الدرجة عن اقتراح المسئول الإيطالي الكبير في رابطة الشمال, والنائب في البرلمان الأوروبي فرانشيسكو سبيروني, الذي طالب بمنع دخول المسلمين إيطاليا!
في الوقت ذاته, تحفل الصحف اليومية بالتقارير التي ترصد صور معاناة العرب والمسلمين من جراء تلك الحرب غير الشريفة, في مختلف الدول الأوروبية, والولايات الأمريكية, وما ذكرته في مستهل المقال مجرد قطرة في محيط كبير, وبعض الوقائع التي نشرت لا يكاد يصدقها عقل, مثل قصة اللبناني الذي اعتقل في البارجواي لأن في اسمه كلمة ياسين, والعرب الذين طردوا من مساكنهم في ولاية تكساس لأن سحناتهم أصبحت تثير الرعب, وما ذكرته الوكالة الفرنسية للأنباء من أن بعض الناس أصبحوا يختبئون بالقرب من مداخل محلات الحلاقة, لكي يتعرفوا علي الأصوليين الذين سارعوا الي حلق ذقونهم, وقصة الصحفي اللبناني المعروف الياس خوري, الذي كان قد دعي لندوة في جنوب فرنسا, وفوجيء ذات صباح بشرطة مكافحة الإرهاب وقد اقتحمت غرفته, بعدما ثارت الشبهات من حوله, حين أجري اتصالا( مع ابنه) بالعربية ـ لغة الإرهابيين ـ وبعث إلي بيروت بفاكس بذات اللغة المشبوهة(!), وتضاعفت تلك الشبهات بحقه حين وقعت عينا عاملة كانت تراقبه, علي منشور في غرفته حمل عنوان التضحية, الذي لم يكن سوي إعلان عن مسرحية إيطالية معروضة بالمدينة التي نزل فيها, أضف الي ذلك, قصة العرب الثلاثة الذين أنزلوا من حافلة أمريكية للركاب لأن بقية المسافرين شكوا من أنهم لن يشعروا بالأمان في وجودهم, ثم ذلك القرار الأمريكي الغريب, الذي صدر بمنع العرب من ركوب الطائرات اذا ما اجتمعوا, وينبغي توزيعهم علي رحلات مختلفة, لأن في وجودهم مجتمعين علي طائرة واحدة خطرا محتملا.. وذلك المصري المسكين الذي مر بسيارته ـ مجرد مرور ـ في شارع يجاور أحد المفاعلات النووية بألمانيا, فاستدعي للتحقيق معه حول سر اختياره ذلك الشارع, وقد ذهبت اللوثة الأمنية في ألمانيا إلي أبعد, حيث صدر حكم لصالح وزارة الداخلية يلزم الجامعات بتزويدها بجميع ملفات الطلبة العرب والمسلمين الذين درسوا فيها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية!
في10/16 نشرت صحيفة القدس اللندنية, رسالة سجل فيها أحد العرب الذين يعيشون في نيويورك جانبا من يومياته في الفترة التي أعقبت يوم11 سبتمبر, التي جاءت حافلة بمشاهد الازدراء والإذلال, من بين ما ذكره صاحب الرسالة ـ اسمه حاتم الجمسي ـ انه يعمل في متجر كبير( سوبر ماركت) في بروكلين يملكه عرب, وذات يوم(10/18) دلفت إلي المحل زبونة من أصول إفريقية طلبت مساعدته, فقدم لها ماتريد بلطف وأدب حسب تعبيره, وعندئذ تأملت وجهه وسألته: هل أنت أسباني, فأجاب بالنفي, وحينئذ قالت: أتمني ألا تكون عربيا, وحين اعترف بأنه كذلك بالفعل, تغيرت ملامح وجهها, وقالت: أتمني لو أرسل كل العرب الي بلادهم, لأنهم يعملون هنا, ويدخرون الأموال ثم يرسلونها إلي بن لادن.
(3)
اللوثة الخبيثة كان لها صداها الذي تجاوز سلوك الأفراد الي سلوك المؤسسات, لن أتحدث عن عمليات المراقبة والتنصت والتفتيش, بل واللجوء إلي بعض الحيل في الولايات المتحدة للسماح بتعذيب المحتجزين واستنطاقهم للحصول علي معلومات, فمثل هذه التجاوزات والاعتداءات علي حريات الناس ـ والمسلمين منهم بوجه أخص ـ قد يكون لها حديث آخر, لكن إجراءات القمع طالت المؤسسات الإسلامية الخيرية والإغاثية, خصوصا تلك التي أشير إليها في سياق حملات التشهير التي قامت بها الصحف المحلية, فأغلب هذه المؤسسات هوجمت في وسائل الإعلام باعتبارها واجهات لأنشطة إرهابية, ومشاركة في تمويل تلك الأنشطة, وما جري لمنظمة الإغاثة الإنسانية الدولية في كندا, التي تعمل في خدمة فقراء العالم الثالث منذ عشرين عاما, نموذج لتلك المؤسسات, إذ منذ ألقي القبض علي المندوب الإقليمي للمنظمة في باكستان في عام95, وأفرج عنه لعدم ثبوت أدلة ضده, حملت الصحف الكندية ذات الميول الصهيونية عليها حملة شعواء, ركزت فيها علي علاقة المنظمة بالإرهاب, ورغم أن كل التقارير القانونية والمحاسبية أثبتت سلامة موقفها, كما ذكر زميلنا مصطفي سامي مندوب الأهرام بكندا, فإن ذلك لم يشفع لها, حيث صودرت أموالها وجمد نشاطها, بعدما أدرجت فجأة ضمن الجمعيات الراعية للإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة, واعتبرت المنظمة واجهة لجرائم شبكة القاعدة الإرهابية!
في هذه الأجواء المحمومة, تضاعفت الكتابات التي تجرح الإسلام وتعاليمه, معتبرة ان بن لادن وجماعته هم التعبير الذي يجسد تلك التعاليم, وهذه الكتابات بلا حصر, ويحضرني منها الآن ما نشرته صحيفة التايمز اللندنية يوم الأحد10/14 للكاتبة هيلاني فيليبس, التي انتقدت بشدة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير, واعتبرت أنه فقد صدقيته, لأنه قال إن العنف لا علاقة له بالإسلام ولا بالفلسطينيين, وأضافت أنه إذا كان الغرب لم يعلن الحرب علي الإسلام, فالذي حدث أن الإسلام( الذي هو في هذه الحالة أسامة بن لادن), هو الذي أعلن الحرب علي الغرب, وأشارت الي المستشرق المتعصب والحاقد علي الإسلام برنارد لويس, باعتباره عالم الإسلاميات العظيم, لمجرد أنه ذكر أن المسلمين يقسمون العالم إلي مؤمنين وكفار, وأن واجب المسلمين أن يحولوا أولئك الكفار( الغربيين) إلي الإسلام, وخلصت من ذلك إلي أن الإرهاب الإسلامي ضد الغرب وضد إسرائيل لن يتوقف, ولا حل لذلك إلا بمحاربة كل ما يمثله الإسلام, لأن كسب تلك الحرب, في نظرها, هو الضمان الوحيد لحماية القيم الغربية.
لا أعرف إن كانت مصادفة أم لا, أن الرجل الذي منح جائزة نوبل في الآداب لهذا العام( أ.س. نيبول.. انجليزي من أصل هندوسي), هو من أكثر الكتاب في الغرب كراهية وحقدا علي الإسلام, وحتي إذا كانت تلك مجرد مصادفة, فالقدر المتيقن أن التوقيت الذي أعلنت فيه(10/11) بالغ السوء, للرجل كتابات عدة, لكن أكثر ما عرف به جولاته في العالم الإسلامي, ومؤلفاته عن عالم المسلمين الذي لم ير فيه إلا كل ما يدعو إلي السخرية والإزدراء, حتي قال عنه الناقد المعروف الدكتور ادوارد سعيد: إن ما كتبه عن المسلمين, لا يستطيع أي كاتب آخر أن يتحدث بمثله في المسيحية أو اليهودية, فهو يعتبر أن الإسلام من أسوأ ما ابتلي به العالم الثالث من مشكلات.
(4)
هل هذه حرب صليبية؟
أدري أن الكلمة وردت علي لسان الرئيس بوش, وأن البعض التقطها وثبتها فوق كل ما يجري, ومنهم من أصر علي أنها ليست زلة لسان ولكنها عنوان الحقيقة, ولا أنكر أن بعض الأطراف الأمريكية ـ الواقفة في أقصي اليمين من الخريطة السياسية ـ ما برحت تستخدم في خطاب التعبئة للحرب مصطلحات بروتستانتية, من قبيل الإلحاح المستمر علي أنها حرب ضد الشر وصانعيه, ومن هؤلاء من لا يكن أي مودة للإسلام أو المسلمين, مثل القس جيري نولوين.
مع ذلك, فأنا أزعم أن القرار السياسي الذي اتخذ في صدد الحرب ليس خارجا من العباءة الصليبية, وليس له علاقة بمفاهيم ومقاصد تلك الحرب, التي أعطي إشارة البدء فيها البابا إيربان الثاني في مجمع كليرمون في عام1095 م, وهي التي استهدفت الزحف علي الشرق لتخليص الأرض المقدسة من أيدي المسلمين والقضاء علي الوجود الإسلامي في مناطق شرق المتوسط, وكان البابا قد استشعر أن المد الإسلامي الذي قاده الأتراك آنذاك, قد أصبح يهدد أقطار الكاثوليكية ومعاقلها, فدعا إلي شن الحملة باسم الرب, لاستئصال شأفة ذلك الجنس الشرير من أرضنا.
وثمة فرق لابد أن يكون ملحوظا بين حرب دعت إليها الكنيسة في القرن الحادي عشر الميلادي, لاجتثاث الإسلام الذي يهدد مصالحها, وأخري يقررها السياسيون لدوافع وأهداف أخري مختلفة تماما, وإذا كانت البابوية قد اعتبرت الإسلام خطرا آنذاك, فإن الساسة في هذا الزمان يتعاملون مع الإسلام بصورة أكثر ذكاء, حيث لم يعنوا به كدين, وإنما وضعوا مصالحهم في المقام الأول, فإذا تحققت تلك المصالح في وجود الإسلام وبرعاية منه, فهم به يرحبون, وإذا ما وجدوا في بعض أتباعه من يشكل تهديدا لتلك المصالح, فإنهم لا يستأصلون الإسلام ولكنهم يبحثون عمن يعتبرونهم إسلاميين معتدلين يؤمنون لهم تلك المصالح, وما حدث في أفغانستان نموذج لذلك.
(5)
هل هو صدام بين الحضارات؟
ثمة تهليل في العالم الغربي للفكرة, التي أطلقها في عام93 عالم السياسة الأمريكي صمويل هنتنجتون واعتبر أن صدامات العالم الجديد لن تكون إيديولوجية ولا اقتصادية, وإنما ستكون الثقافة هي مصدرها الأول, وبعد أن عدد سبع حضارات أو ثقافات أساسية في العالم, فإنه اعتبر أن الصدام الحقيقي سيكون بين الإسلام( بمفهومه الثقافي والحضاري وبين الغرب بعامة) ـ ويلفت النظر أنه صنف الأرثوذكس الشرقيين ضمن المعسكر الإسلامي المرشح للصراع مع الغرب.
الفكرة لا تخلو من تبسيط شديد, لدرجة أن الدكتور ادوارد سعيد انتقدها أخيرا في مقالة بعنوان صدام الجهالات( الحياة اللندنية10/21), ذلك أنها تعتبر الغرب كتلة واحدة, وتضع العالم الإسلامي في كتلة أخري مقابلة, وكأن الحضارات كيانات منغلقة عن بعضها البعض, وخالية في داخلها وفيما بينها من التيارات والتيارات المعاكسة, التي تشكل تاريخ الإنسانية, بما أفرزته من عمليات التقاطع حينا, والتلاقح في أحيان أخري كثيرة, وهذا الافتراض التبسيطي يغفل ويلغي تماما شرائح قوية بين النخبة في العالم الإسلامي تعتبر الحضارة الغربية مشروعها ونموذجها الذي تتعلق به وتحتذيه, وفي ذات الوقت فإنه يلغي ويسقط من الاعتبار ما بين20 و30 مليون مسلم يعيشون في الغرب.
أما ما يبعث علي الدهشة والاستغراب حقا, فهو أن تستدعي الفكرة في الظروف الراهنة, بحيث ينظر إلي أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة, علي أنهم يمثلون الحضارة الإسلامية, بينما يختزل الحضارة الغربية في التحالف العسكري, الذي تقوده الولايات المتحدة.
قرأت تعليقا حول هذه النقطة نشرته صحيفة معاريف(9/22) كتبه مئير شتجليتش, قال فيه, إن اعتبار بن لادن ممثلا للثقافة الإسلامية يقبل اذا اعتبرنا منظمتي بادر ماينهوف والجيش الأحمر الإرهابيتين ممثلتين للثقافة الغربية في السبعينيات.
إذا لم تكن حربا صليبية, أو صداما بين الحضارات, فماذا تكون إذن؟ نجيب في الأسبوع المقبل بإذن الله.