مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
درس فتنــــة الأمازيــغ
هويدي 3-7-2001

قضية الأمازيغ في الجزائر نموذج للفتنة جدير بالمتابعة والدراسة‏,‏ ليس فقط لأن شأن الجزائر يهمنا باعتبارها تعد ركنا عزيزا في البيت العربي‏,‏ ولكن أيضا لأن رياح الفتنة تهب بدرجات متفاوتة علي أكثر من ركن في بيتنا الكبير‏.‏ وذلك يجعل من دراسة النموذج الجزائري أمرا يتجاوز إشباع الفضول أو مجرد التعاطف والتعبير عن التضامن‏,‏ ليصبح نوعا من التحسب لتحري مظان الحصانة والدفاع عن الذات‏,‏ من خلال استيعاب الدرس واكتساب الخبرة‏.‏

‏(1)‏
لقد انضاف يوم الخميس‏6/14‏ إلي صفحة الأيام السوداء في سجل الأحزان العربية‏,‏ إذ وصفته بعض الأقلام الجزائرية بانه خميس أسود‏,‏ بينما آثر آخرون ان يصفوه بأنه خميس العار والخراب‏(‏ أسود ايضا‏)‏ ـ وقد اكتسب ذلك الوصف بعدما شهدت مدينة الجزائر العاصمة مظاهرة ضخمة للامازيغ‏(‏ الكلمة معناها الأحرار في اللغة البربرية‏),‏ عبرت عن الاحتجاج والغضب‏,‏ الأمر الذي تطور إلي اشتباكات مع الشرطة‏,‏ وتخريب الممتلكات العامة ونهب محتوياتها‏.‏ هذه المسيرة كانت حلقة في سلسلة المظاهرات الغاضبة التي شهدتها منطقة القبائل في وقت سابق‏,‏ استصحبت تخريبا مماثلا‏,‏ لكن الاخطر في ذلك أن بعضها هاجم مراكز الشرطة والثكنات العسكرية وذهب الغاضبون في ذلك إلي المطالبة بإجلاء هذه القوات عن اراضي القبائل‏,‏ ومنهم من دعا إلي حكم ذاتي‏,‏ ومنهم من تحدي فحمل علما مغايرا وهتف مناديا بالانفصال عن الجزائر‏.‏
وبرغم أن الحريق بدأ بحادث قتل أحد الشبان البربر علي أيدي رجال الشرطة‏,‏ وهو حادث مألوف في دول العالم الثالث‏,‏ فإنه تطور إلي حريق كبير‏,‏ جاء دالا علي أن التربة كانت مهيأة للانفجار‏,‏ وكان حادث مقتل الشاب بمثابة عود الثقاب الذي ألقي علي الساحة الجاهزة للاشتعال‏.‏

هكذا فإنه في اعقاب سنوات الترويع الذي مارسته الجماعات المسلحة‏,‏ دخلت الجزائر في طور التمزيق والتفتيت كأنما كتب علي ذلك البلد المبتلي ألا يهدأ له بال أو تستقر له حال‏,‏ وأن يضم رغما عنه إلي قائمة دول الزلازل والبراكين السياسية‏.‏
في هذا الطور الأخير‏,‏ انفجر لغم الأمازيغ‏,‏ ومازالت توابع البركان وهزاته مستمرة حتي الآن وليس هذا هو التفجير الأول من نوعه‏,‏ فاللعب بورقة الامازيغ مستمر منذ عشرينيات القرن الماضي‏,‏ وكان للاحتلال الفرنسي اليد الطولي في تلغيم المسألة من البداية‏,‏ ولم تتخل فرنسا عن ذلك الدور حتي هذه اللحظة‏.‏

فمنذ برزت الحركات الجزائرية المطالبة بطرد الاستعمار الفرنسي‏,‏ وتشكلت في العشرينيات حركة نجم شمال إفريقيا‏.‏ حاول الفرنسيون تفتيت الحركة الوطنية من خلال وسائل عدة‏.‏ بينها إبراز فكرة الخصوصية الإمازيغية‏.‏ وفي سعيهم ذاك‏,‏ فإنهم ركزها علي منطقة القبائل من ناحيتين‏,‏ الأولي تمثلت في تكثيف فتح المدارس الفرنسية ومحاربة التعليم العربي ومنع تحفيظ القرآن للتلاميذ‏.‏ والثانية تجلت في تنشيط عملية التبشير بين القبائلين من خلال ما عرف لاحقا باسم الآباء البيض‏.‏ وبالفرنسية والتبشير حاولت السلطة الاستعمارية إحداث الفجوة والتباين بين البربر والعرب في الجزائر‏,‏ وفي الوقت نفسه ربط البربر بفرنسا من خلال الإيحاء بأنهم أقرب إلي الآريين الأوروبين منهم إلي العرب‏(‏ الساميين‏).‏
كلما اشتد ساعد الحركة الوطنية الجزائرية‏,‏ كانت الاصابع الفرنسية الخفية تتحرك إذكاء النزعة البربرية وشق الصف الوطني‏.‏ وكان بعض شباب منطق القبائل الذين يستقدمون للدراسة في فرنسا هم الأداة التي استخدمت للترويج لتلك النزعة‏.‏
غير ان المقاومة الوطنية حين إنتقلت من العمل السياسي إلي الكفاح المسلح فيما عرف بثورة نوفمبر‏54‏ تراجع الاهتمام بالمسألة الأمازيغية من قبيل التيارات التي تبنتها‏,‏ وأصبحت الأولوية لتحقيق الاستقلال الذي اعلن في عام‏63‏ م‏.‏

‏(2)‏
بعد الاستقلال تضاعف اهتمام فرنسا بالمسألة الأمازيغية‏,‏ باعتبار انها إذا كانت فشلت في ضم الجزائر كلها‏,‏ فقد وجدت فرصتها أكبر في إلحاق البربر بها‏,‏ وفيما كتب الباحثان الجزائريان الدكتور عثمان سعدي والدكتور ابن نعمان اشارات إلي وثائق وتقارير فرنسية عديدة راهنت علي البربر‏,‏ بحسبانهم الأمل الذي تبقي لفرنسا في الجزائر‏.‏
في هذا الصدد رعت المخابرات الفرنسية خطوتين مهمتين‏,‏ الأولي إنشاء الأكاديمية البربرية في باريس عام‏67(‏ والعرب مشغولون بهزيمة يونيو‏)‏ التي قامت بكتابة اللهجمة البربرية القبائلية بالحرف اللاتيني‏,‏ ولإكمال القطيعة مع العربية فإنها قامت بعملية تطهير لها من الكلمات العربية‏,‏ التي استبدلتها بكلمات مصنوعة‏.‏ والمعروف أن الأمازيغية لهجة منطوقة وليست مكتوبة‏,‏ وأن في الجزائر عشر فئات بربرية‏,‏ تمثل القبائل واحدة منها‏,‏ والفئات التسع الأخري لها لهجات مختلفة‏,‏ وجل التركيز الفرنسي في منطقة القبائل‏(‏ عاصمتها تيزي ووزو‏),‏ التي كانت تاريخيا الوعاء الذي صبت فيه سلطة الاحتلال الفرنسي جهودها‏.‏ وهي تسعي الآن لجني ثمار ما زرعته هناك في النصف الأول من القرن الماضي‏.‏

الخطوة الثانية تمثلت في الرعاية الفرنسية لمنظمة عالمية جري إنشاؤها في عام‏98,‏ لتمثيل البربر في العالم‏,‏ الذين يتركزون أساسا في المغرب العربي وغرب افريقيا‏,‏ وهو ما حول فرنسا عمليا إلي دولة حاضنة للبربر‏,‏ ومتبنية لمطلبهم في أن تصبح لغتهم التي اصبحت تكتب بالحرف اللاتيني‏,‏ لغة رسمية ثانية إلي جانب العربية في الجزائر‏.‏
وهو أمر لا يخلو من مفارقة‏,‏ لأن فرنسا وهي تؤيد وتشجع ذلك المطلب للأمازيغ‏,‏ فإنها ترفض الاعتراف بأي لغة محلية داخل حدودها‏.‏ وآخر رفض في هذا القبيل تم في عام‏99.‏ حين أرسل رئيس الحكومة جوسيان رسالة إلي الرئيس شيراك طلب فيها تعديل الدستور الفرنسي والاعتراف باللغات المحلية في الجمهورية الفرنسية‏.‏ وقد رفض شيراك الاقتراح‏.‏ الذي تكرر رفضه بالاجماع في اجتماع لمجلس الوزراء‏,‏ وعقب الاجتماع صرح وزير الداخلية الفرنسي قائلا‏:‏ إن الاعتراف باللغات المحلية يعني بلقنة فرنسا‏.‏ وهذا أمر لا يمكن قبوله‏.‏ وهو ما يعني أن فرنسا تعتبر وحدة اللغة الوطنية حلالا لها وحدها‏,‏ ولكنها حرام علي الجزائر والجزائريين‏.‏
وبعد كتابة الامازيغية بالحروف اللاتينية‏,‏ فإذا ما تحقق مطلب تحويلها إلي لغة رسمية للبلاد‏,‏ فإن أجيال البربر اللاحقة لن يكون بمقدورها أن تتخاطب مع بقية السكان العرب‏,‏ إلا من خلال اللغة الفرنسية‏.‏

‏(3)‏
للدكتور عثمان سعدي كتاب مهم في الموضوع صدر في عام‏1996‏ بعنوان‏:‏ الامازيغ ـ البربر عرب عاربة‏.‏ ذكر فيه ما خلاصته أن البربر عرب عاربة جاءوا من جنوب الجزيرة العربية‏,‏ في هجرات سابقة علي الفتح الإسلامي‏,‏ وسابقا أيضا علي الفتح الفينيقي‏.‏ والبربرية لهجات شفوية‏,80%‏ من كلماتها من العربية المستعربة التي جاء بها القرآن الكريم وطورها الاسلام‏,‏ و‏20%‏ من كلماتها من العربية العاربة التي بطل استعمالها‏.‏ وحين جاء الفينيقيون إلي المغرب اختلطوا بالبربر وكونوا معهم حضارة قرطاج الراقية‏,‏ وظلت حضارتهم مهيمنة إلي أن جاء الاسلام‏,‏ فاندمج فيه البربر وتعربوا‏.‏ وتحولوا بمضي الوقت إلي حماة له ودعاة‏.‏ بل وصارت منطقة القبائل معقلا للحركة الوطنية والمقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي‏.‏ وكانت جبال الأوراس رمزا لتلك المقاومة الباسلة‏.‏
يمثل البربر في الجزائر‏,‏ بمن فيهم القبائل‏,‏ نسبة‏15%‏ من الشعب الجزائري‏,‏ كما ذكر الدكتور السعدي‏,‏ أما العرب أو الناطقون باللغة العربية فيمثلون‏85%‏ من الشعب‏,‏ ولا غرابة في ذلك‏,‏ لأنه منذ انفصل المغرب العربي عن الخلافة الأموية في عهد عمر بن عبدالعزيز‏,‏ تعاقبت علي حكم الغرب دول اسستها‏13‏ أسرة من اصول بربرية‏,‏ وهؤلاء جميعا كانوا ابناء أوفياء للثقافة الاسلامية التي عرفت العربي بانه كل من نطق العربية‏,‏ ولم تتعامل مع العروبة باعتبارها عرقا‏,‏ وتبنت علي الدوام معيار عروبة اللسان‏.‏

ورغم الجهود التي بذلتها فرنسا لاذكاء النزعة البربرية‏,‏ ورغم الضغوط اللحوحة التي مارسها رموز تلك النزعة من أبناء منطقة القبائل‏,‏ فإن الأغلبية الصامتة من البربر‏,‏ التي لم يسمع صوتها بعد‏,‏ مازالت عند تمسكها باسلامها وعروبتها‏,‏ آية ذلك انه المحافظة السامية للامازيغية التابعة لرئاسة الجمهورية بالجزائر‏,‏ وكان انشاؤها من مظاهر تراجع السلطة أمام الضغوط التي مورست عليها في هذا الصدد‏,‏ حين دعت تلك المحافظة في عام‏96‏ إلي اقامة مؤتمر للبربرية بمدينة باتنة عاصمة الأوراس‏,‏ وكان معروفا أن ابناء القبائل المتعصبين هم وراء تلك الدعوة بحكم سيطرتهم علي أمر المحافظة‏,‏ آنذاك تصدي الشاوية ـ وهم بربر أيضا ـ للمؤتمر‏,‏ ومنعوا عقده في بلادهم‏.‏
من دلائل رفض اغلبية البربر تلك النزعة العنصرية أيضا ان زعيمها سعيد سعدي‏,‏ الذي اسس حزبا باسم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية‏,‏ ترشح للرئاسة في عام‏95‏ ضمن أربعة آخرين‏.‏ وشن انصاره ومعهم كل اللوبي الفرانكوفوني حملة واسعة لتأييده‏,‏ لكنه جاء في ذيل القائمة‏,‏ ولم يحصل علي عشرة في المائة من الأصوات‏.‏

‏(4)‏
هذه الخلفية تسلط الضوء علي جانب من الصورة فقط‏,‏ لأن الأمر في الجزائر اعمق وابعد من كونه مجرد ازمة افتعلها الفرنسيون واستثمرها المتعصبون واستجاب لهم نفر من الشباب المتشنج والمنفعل‏.‏ ذلك أن المجتمع أيضا له ازمته التي يتجاهلها بعض الذين يكتفون بالنظر إلي السطح‏,‏ كسلا أو عمدا‏.‏
فلا يمكن مثلا تجاهل الدور الذي لعبته العلمنة ومعها التغريب في تشكيل المشهد‏.‏ ذلك أن تعايش البربر مع العرب كان اقوي ما يكون في ظل رابطة الاسلام‏,‏ التي شكلت القاسم المشترك الأعظم بين الطرفين‏.‏ إذ بالعقيدة المشتركة قبل كل منها الآخر‏,‏ واستعلي الجميع فوق كل ما هو عنصري وعرقي‏.‏ وفي ظلها تعلق البربر باللغة العربية ليس لأنها لغة العرب‏,‏ ولكن لأنها لغة القرآن‏,‏ كتاب المسلمين المقدس‏.‏

العلمانية التي تبنتها عناصر النخبة الحاكمة منذ الاستقلال اضعفت من تلك الوشيجة التي حافظت قرونا علي وحدة النسيج ومتانته‏.‏ ومنذ وقع الصدام بين النخبة العسكرية الحاكمة وبين جبهة الانقاذ في عام‏90,‏ عقب فوز الجبهة في الانتخابات النيابية‏,‏ اشتدت الحملة علي مجمل التوجه الإسلامي‏,‏ وشوهت العمليات الارهابية صورة الاسلام ولطخت صفحته بالاوحال فضلا عن الدماء‏.‏ وكانت النتيجة مزيدا من التراجع لدور الاسلام في المجتمع‏,‏ الأمر الذي ادي إلي خلخلة ذلك الوتد الثابت منذ أكثر من‏13‏ قرنا‏.‏ وحين ضعفت الرابطة الإسلامية وانحلت‏,‏ فقد انكسر ما بين البربر والعرب‏,‏ وظهر في الأفق من يقول ما معناه‏:‏ إذا كان عقد الزواج لم يعد قائما ولا ساريا‏,‏ فلماذا لا يكون الطلاق اذن؟‏!‏
التيار الفرانكوفوني قوي من هذه الحجة وثبتها‏.‏ فهو بطبيعته له مشروعه الذي يتأبي علي العروبة والاسلام‏,‏ ويتمثل النموذج الغربي‏,‏ ويري أن الالتحاق به نهاية المطاف وغاية المراد‏.‏

وهؤلاء كانت حساسيتهم ضد العروبة اقوي من حساسيتهم ازاء الإسلام‏.‏ فرفض العروبة كان مطلقا‏,‏ ورفضهم للاسلام كان نسبيا‏.‏ بمعني الاكتفاء منه بالعبادات والطقوس علي أحسن القروض‏.‏
ولأن هؤلاء هم القابضون علي السلطة‏,‏ والمهيمنون علي المساحة الأكبر من الخطاب الإعلامي‏,‏ فإن دورهم في تفكيك تماسك المجتمع الجزائري وهز ثوابته لم يكن هينا‏,‏ الأمر الذي اثار في الساحة من جديد تساؤلات قوية حول مسألة الهوية‏.‏ وحين حدث ذلك فإن حالة الانفراط في المجتمع تضاعفت‏,‏ الأمر الذي كان عنصرا مساعدا علي اذكاء النزعة الامازيغية ومشجعا علي مزيد من في التعلق بفرنسا‏.‏ وفك الارتباط مع الدولة الجزائرية‏.‏

‏(5)‏
في محاولة رصد ما تحت السطح من اسباب للأنفراط والغضب‏,‏ لا يمكن اغفال دور الأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية‏,‏ لأولي تمثلت في أن الثورة الجزائرية قادها المدنيون ورووا شجرتها بدمائهم‏,‏ ولكن الجنرالات ورثوها‏,‏ وحولوها إلي وقف عليهم منذ الاستقلال‏.‏ وهو ما أدي إلي تهميش مختلف فئات الشعب الجزائري‏,‏ سواء من خلال تغييب المشاركة الديمقراطية تماما في مرحلة‏,‏ او تحويلها إلي هياكل واشكال خالية في أي وظيفة حقيقية في مرحلة ثانية‏.‏ وفي الحالتين فإن المجتمع صار في جانب والسلطة في جانب آخر‏,‏ وحين غابت المشاركة حدث امران‏,‏ فقد انقطع الحوار وغابت السياسة‏.‏ و اصبحت الحلول الأمنية سيدة الموقف‏.‏ ثم أن كل فئة انكفأت علي ذاتها‏,‏ وحاولت ان تتحرك في اطار مشروعها الخاص‏,‏ وهي ما وفر تربة مواتية تماما لدعاة النزعة البربرية‏,‏ فاستثمروها إلي ابعد مدي‏.‏
فيما يخص الأزمة الاقتصادية‏,‏ فينبغي الا ننسي أن الجزائر بلد غني وليس فقيرا‏,‏ وموارده من النفط والغاز تكفل للمجتمع حياة طيبة ومستقرة‏.‏ غير أن سنوات الصراع ـ التي يسميها البعض بالعشرية السوداء التي امتدت من سنة‏90‏ إلي عام‏2000‏ ـ دمرت الكثير من المرافق واقترنت بما يشبه الشلل بعجلة الانتاج‏.‏ وإذا أضيفت إلي ذلك سوء الادارة الاقتصادية‏,‏ فليس غريبا ان ينتهي الأمر بارتفاع فاحش في الأسعار‏,‏ وبمعدل عال للبطالة يقدره البعض بـ‏15‏ مليون عاطل‏.‏

لابد أن نضيف هنا ان الذين احتكروا السلطة لم يترددوا في احتكار الثروة‏,‏ الأمر الذي استصحب درجة عالية من الفساد‏,‏ الأمر الذي جعل المتظاهرين يهتفون في ذلك الخميس الأسود قائلين‏:‏ الدولة قاع التشيبه‏(‏ المقصود دولة الرشوة‏)‏ والجنرالات سفاحة‏.‏ وحين كنت هناك في العام الماضي وجدت كثيرين يتندرون علي الجنرالات الذين احتكروا السوق‏,‏ واصبح الواحد منهم يعرف بالسلعة التي يهيمن عليها‏,‏ فهذا جنرال الزيت وذاك جنرال الدقيق أو جنرال الموز‏,‏ والثالث جنرال الاطارات وقطع الغيار والرابع جنرال الخردة والمسامير والخامس جنرال القهوة والسكر‏..‏ وهكذا‏.‏
ازاء ذلك فلعلنا لا نبالغ إذا قلنا غضبة الامازيغ ليست سوي الجزء الذي ظهر من جبل الثلج‏,‏ وأن المشكلة في عمقها تكمن في ازمة المجتمع‏,‏ وهو الشق المسكوت عنه في مناقشة الموضوع‏..‏ والمطلوب اعلانه علي الملأ وابلاغه إلي كل من يهمه الأمر في العالم العربي‏,‏ حيث لكل بلد امازيغه‏!‏
أضافة تعليق