د. محمد هشام راغب
أعلن مجلس شورى العلماء مؤخرًا دعمه بالإجماع لترشيح الشيخ حازم أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية، وهو قرار يأتى فى سياق الاجتهاد الذى يسوغ فيه الاختلاف فى الرأى. ونظرًا للمكانة العالية التى يتبوأها أصحاب الفضيلة أعضاء مجلس شورى العلماء الموقر فإن قرارهم ستكون له آثاره القوية فى نفوس المصريين عامة والعلماء والدعاة خاصة، وهو ما يوجب الحوار حوله.
إن قرار الاختيار فى حد ذاته لا مشاحنة فيه وهو بطبيعة الحال حق أصيل لكل مواطن وكل هيئة، ولكن الطريقة التى صدر بها عليها هذه الملاحظات العشر:
أولاً: كنا نتوقع من المجلس الموقر أن يكون مثلاً للمسلمين فى انتهاجه لمبدأ الشورى التى يتشرف بحمل اسمها، ولكننا وجدنا ثلاثة علماء من أبرز أعضاء المجلس قد انفردوا بآرائهم الشخصية قبل اجتماع المجلس بأيام طويلة وأعلنوا ذلك على الملأ دون انتظار لمشورة المجلس وخروجه بقرار.
ثانيًا: كنا نتوقع من المجلس الموقر فى قضية بهذه الخطورة والأهمية قد تؤثر فى الحركة الإسلامية فى مصر والعالم الإسلامى بأسره، كنا نتوقع أن تبرأ ذمته بمقابلة مرشحى الرئاسة (أو الإسلاميين منهم على الأقل) ومناقشتهم وفحص برامجهم وأفكارهم ومواجهتهم بما قد ثار بشأنهم فى وسائل الإعلام المختلفة، خاصة أن الحرب الإعلامية على التيار الإسلامى تتعامل بخسة وتروج لتصريحات مبتورة ومقاطع فيديو مجتزأة خارج سياقها. كنا نتوقع من المجلس الموقر أن يستمع ساعات طوال لكل مرشح بحيث تستجلى له مواقفه وتكون مؤشرًا على ما قد يقوم به إن تولى الرئاسة بعيدًا عن ضجيج الإعلام وبصرف النظر عن الوعود الانتخابية الفضفاضة للمرشحين.
ثالثًا: إن أساسى اختيار أى مرشح هما القوة والأمانة، وفى ظل الظروف المضطربة التى تمر بها بلادنا فإن معيار القوة ينبغى أن يولى اهتمامًا مضاعفًا. إن فحص كفاءة المرشحين للرئاسة يستلزم مشورة أهل الذكر من المتخصصين فى السياسة والاقتصاد والإدارة والعلاقات الدولية، وكنا نتوقع من المجلس الموقر أن يضم إليه فى مداولاته نفرًا من هؤلاء ويعلن أسماءهم.
إن النظر فى احتمال فشل رئيس إسلامى فى النهوض بأعباء الحكم وعدم الوفاء بتلبية تطلعات جموع المصريين الذين يعانون الفقر والتهميش والظلم، يجعلنا ندقق النظر لأن الفشل وقتها سيكون ضربة قاصمة للمشروع الإسلامى كله.
رابعًا: إن الاستعجال فى دعم أحد المرشحين قبل شهرين من إجراء الانتخابات لا تبدو فيه مصلحة واضحة، بل وربما فاتت بذلك مصالح كثيرة. إن شهرين مدة طويلة تسمح لنا برؤية تنافس المرشحين وأدائهم فى هذا الشوط الأخير من سباق الرئاسة وعرضهم لمناظرات علنية بينهم تتعارك فيها الأفكار والمشروعات ليقرر الشعب – دون ضغوط – ولتكون أمام الجميع فرصة كاملة للنظر والتروى فى الرأى. إن أى مؤسسة صغيرة إذا أراد أصحابها تعيين مدير لها، فإنهم ربما يقضون الشهور فى التدقيق بين مرشحى الوظيفة خوفًا على أموالهم ومستقبل مؤسستهم، ونحن هنا بإزاء قيادة لبلد بحجم مصر تستحق منا أكثر من ذلك.
خامسًا: إن ملف العلاقات الإقليمية والدولية فى غاية الحساسية، فكثير من الدول العربية لا تخفى عداءها للثورة المصرية وتبذل جهودًا حثيثة لإفشالها، كما أن الدول الغربية قد كشفت عن نواياها الخبيثة فى اليمن وسوريا. إن الرئيس القادم لمصر سيقود سفينة البلاد وسط أمواج مضطربة ومتلاطمة تتطلب منا جميعًا الاهتمام بهذا الملف وعدم التهوين من آثاره، أو الاستخفاف بتعقيداته. إن ذلك يوجب الرجوع إلى الثقات من الخبراء فى هذا المجال والاستماع لتقديراتهم حول الأنسب من بين مرشحى الرئاسة ليمسك بهذا الملف بتؤدة ورشد، وبقوة تتجنب المغامرة، وحكمة تتجنب الخنوع والذل.
سادسًا: إننا نريد من رئيس مصر القادم أن يعمل من خلال مؤسسة رئاسية قوية، لا يستبد فيها برأيه، وإن من المؤشرات التى تعطينا دلالة على التزام كل مرشح بهذا الجانب وبأنه قادر على حسن اختيار فريق العمل معه، أن ننظر فى رجاله الآن ضمن حملته الانتخابية القائمة. كنا نتوقع من مجلس شورى العلماء الموقر أن يقابل الفريق المساند لكل مرشح وينظر فى مؤهلاتهم وتاريخهم لأن كل فريق منهم مرآة لمن اختارهم، ويعطوننا فكرة جلية عن مؤسسة الرئاسة إذا ما قدر الله تعالى لذلك المرشح أن يكون فى سُدة الحكم.
سابعًا: إن الوضع الشائك للمجلس العسكرى سيضطر الرئيس القادم أن يتعامل معه سياسيًا ربما لعدة شهور، لأنه سيحتاجه لا محالة فى الأمن الداخلى حيث القضاء على الانفلات الأمنى لن يكون بين عشية وضحاها. إن هذا الجانب يحتاج لحنكة شديدة تخلص البلاد من حكم العسكر ولا تؤدى فى نفس الوقت لاضطرابات وفظائع. كنا نتوقع أن هذا الملف وحده يحتاج مناقشة مستفيضة من مجلس شورى العلماء الموقر مع كل مرشح تحسب مآلات أفكاره ومواقفه، ولا تقف عند الشعارات المعلنة.
ثامنًا: إن كل مسلم غيور على دينه يتطلع إلى رفع لواء الشريعة ويتشوف لتطبيق أحكامها كاملة غير منقوصة، وهو يضع فى عنق كل مرشح إسلامى هذه المسئولية العظيمة وينتظر من كل منهم ألا يكتفى بالإعلان الواضح عن هذا، وإنما بالآليات والتصورات التى سيتبناها من أجل تحقيق هذا الحلم العظيم. إن الأمانى وحدها والالتزام القولى وحده لا يكفى وإنما نحتاج إلى رؤية واضحة أو لخارطة طريق قابلة للتنفيذ لنضع أقدامنا على السبيل المؤدية إلى هذا المقصد الجليل. كنا نتوقع من مجلس شورى العلماء الموقر أن يطالب المرشحين الإسلاميين بمثل هذه الآليات وأن يناقشها ليرى إمكانية تنفيذها على أرض الواقع الذى يخبره أعضاء المجلس الفضلاء أكثر من غيرهم وأعمق من غيرهم.
تاسعًا: إن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح قد سعت خلال الأسابيع القليلة الماضية فى كل الخطوات السابقة واستطاعت أن تكون فكرة واضحة – بنسبة كبيرة – عن كل مرشح، ولو علمت الهيئة بعزم مجلس شورى العلماء الموقر على الإعلان عن دعم مرشح بعينه لسعت إليه ووضعت بين يديه خلاصة ما توصلت إليه بهذا الشأن، من باب النصيحة والشورى البينية للهيئات والكيانات الإسلامية.
عاشرًا: إن من الأسباب التى ساقها البعض مبررًا للعجلة فى الإعلان عن دعم مرشح بعينه، كان خشية تصدع الصف الإسلامى وتشتت كلمته وتفتيت أصواته، وأحسب أن مثل هذا الإعلان بالدعم دون التنسيق مع باقى الكيانات والهيئات الإسلامية ربما يؤدى إلى ذلك المحظور وتنشأ عنه حالة من الشقاق نرجو أن يجنبنا الله تعالى فتنتها.
أرجو أن تتسع صدور أصحاب الفضيلة فى مجلس شورى العلماء الموقر لهذه الملاحظات، وهم أهل لذلك بما يتمتعون به من خلق رفيع وحكمة بالغة وفقه رحب.
*المصريون
أعلن مجلس شورى العلماء مؤخرًا دعمه بالإجماع لترشيح الشيخ حازم أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية، وهو قرار يأتى فى سياق الاجتهاد الذى يسوغ فيه الاختلاف فى الرأى. ونظرًا للمكانة العالية التى يتبوأها أصحاب الفضيلة أعضاء مجلس شورى العلماء الموقر فإن قرارهم ستكون له آثاره القوية فى نفوس المصريين عامة والعلماء والدعاة خاصة، وهو ما يوجب الحوار حوله.
إن قرار الاختيار فى حد ذاته لا مشاحنة فيه وهو بطبيعة الحال حق أصيل لكل مواطن وكل هيئة، ولكن الطريقة التى صدر بها عليها هذه الملاحظات العشر:
أولاً: كنا نتوقع من المجلس الموقر أن يكون مثلاً للمسلمين فى انتهاجه لمبدأ الشورى التى يتشرف بحمل اسمها، ولكننا وجدنا ثلاثة علماء من أبرز أعضاء المجلس قد انفردوا بآرائهم الشخصية قبل اجتماع المجلس بأيام طويلة وأعلنوا ذلك على الملأ دون انتظار لمشورة المجلس وخروجه بقرار.
ثانيًا: كنا نتوقع من المجلس الموقر فى قضية بهذه الخطورة والأهمية قد تؤثر فى الحركة الإسلامية فى مصر والعالم الإسلامى بأسره، كنا نتوقع أن تبرأ ذمته بمقابلة مرشحى الرئاسة (أو الإسلاميين منهم على الأقل) ومناقشتهم وفحص برامجهم وأفكارهم ومواجهتهم بما قد ثار بشأنهم فى وسائل الإعلام المختلفة، خاصة أن الحرب الإعلامية على التيار الإسلامى تتعامل بخسة وتروج لتصريحات مبتورة ومقاطع فيديو مجتزأة خارج سياقها. كنا نتوقع من المجلس الموقر أن يستمع ساعات طوال لكل مرشح بحيث تستجلى له مواقفه وتكون مؤشرًا على ما قد يقوم به إن تولى الرئاسة بعيدًا عن ضجيج الإعلام وبصرف النظر عن الوعود الانتخابية الفضفاضة للمرشحين.
ثالثًا: إن أساسى اختيار أى مرشح هما القوة والأمانة، وفى ظل الظروف المضطربة التى تمر بها بلادنا فإن معيار القوة ينبغى أن يولى اهتمامًا مضاعفًا. إن فحص كفاءة المرشحين للرئاسة يستلزم مشورة أهل الذكر من المتخصصين فى السياسة والاقتصاد والإدارة والعلاقات الدولية، وكنا نتوقع من المجلس الموقر أن يضم إليه فى مداولاته نفرًا من هؤلاء ويعلن أسماءهم.
إن النظر فى احتمال فشل رئيس إسلامى فى النهوض بأعباء الحكم وعدم الوفاء بتلبية تطلعات جموع المصريين الذين يعانون الفقر والتهميش والظلم، يجعلنا ندقق النظر لأن الفشل وقتها سيكون ضربة قاصمة للمشروع الإسلامى كله.
رابعًا: إن الاستعجال فى دعم أحد المرشحين قبل شهرين من إجراء الانتخابات لا تبدو فيه مصلحة واضحة، بل وربما فاتت بذلك مصالح كثيرة. إن شهرين مدة طويلة تسمح لنا برؤية تنافس المرشحين وأدائهم فى هذا الشوط الأخير من سباق الرئاسة وعرضهم لمناظرات علنية بينهم تتعارك فيها الأفكار والمشروعات ليقرر الشعب – دون ضغوط – ولتكون أمام الجميع فرصة كاملة للنظر والتروى فى الرأى. إن أى مؤسسة صغيرة إذا أراد أصحابها تعيين مدير لها، فإنهم ربما يقضون الشهور فى التدقيق بين مرشحى الوظيفة خوفًا على أموالهم ومستقبل مؤسستهم، ونحن هنا بإزاء قيادة لبلد بحجم مصر تستحق منا أكثر من ذلك.
خامسًا: إن ملف العلاقات الإقليمية والدولية فى غاية الحساسية، فكثير من الدول العربية لا تخفى عداءها للثورة المصرية وتبذل جهودًا حثيثة لإفشالها، كما أن الدول الغربية قد كشفت عن نواياها الخبيثة فى اليمن وسوريا. إن الرئيس القادم لمصر سيقود سفينة البلاد وسط أمواج مضطربة ومتلاطمة تتطلب منا جميعًا الاهتمام بهذا الملف وعدم التهوين من آثاره، أو الاستخفاف بتعقيداته. إن ذلك يوجب الرجوع إلى الثقات من الخبراء فى هذا المجال والاستماع لتقديراتهم حول الأنسب من بين مرشحى الرئاسة ليمسك بهذا الملف بتؤدة ورشد، وبقوة تتجنب المغامرة، وحكمة تتجنب الخنوع والذل.
سادسًا: إننا نريد من رئيس مصر القادم أن يعمل من خلال مؤسسة رئاسية قوية، لا يستبد فيها برأيه، وإن من المؤشرات التى تعطينا دلالة على التزام كل مرشح بهذا الجانب وبأنه قادر على حسن اختيار فريق العمل معه، أن ننظر فى رجاله الآن ضمن حملته الانتخابية القائمة. كنا نتوقع من مجلس شورى العلماء الموقر أن يقابل الفريق المساند لكل مرشح وينظر فى مؤهلاتهم وتاريخهم لأن كل فريق منهم مرآة لمن اختارهم، ويعطوننا فكرة جلية عن مؤسسة الرئاسة إذا ما قدر الله تعالى لذلك المرشح أن يكون فى سُدة الحكم.
سابعًا: إن الوضع الشائك للمجلس العسكرى سيضطر الرئيس القادم أن يتعامل معه سياسيًا ربما لعدة شهور، لأنه سيحتاجه لا محالة فى الأمن الداخلى حيث القضاء على الانفلات الأمنى لن يكون بين عشية وضحاها. إن هذا الجانب يحتاج لحنكة شديدة تخلص البلاد من حكم العسكر ولا تؤدى فى نفس الوقت لاضطرابات وفظائع. كنا نتوقع أن هذا الملف وحده يحتاج مناقشة مستفيضة من مجلس شورى العلماء الموقر مع كل مرشح تحسب مآلات أفكاره ومواقفه، ولا تقف عند الشعارات المعلنة.
ثامنًا: إن كل مسلم غيور على دينه يتطلع إلى رفع لواء الشريعة ويتشوف لتطبيق أحكامها كاملة غير منقوصة، وهو يضع فى عنق كل مرشح إسلامى هذه المسئولية العظيمة وينتظر من كل منهم ألا يكتفى بالإعلان الواضح عن هذا، وإنما بالآليات والتصورات التى سيتبناها من أجل تحقيق هذا الحلم العظيم. إن الأمانى وحدها والالتزام القولى وحده لا يكفى وإنما نحتاج إلى رؤية واضحة أو لخارطة طريق قابلة للتنفيذ لنضع أقدامنا على السبيل المؤدية إلى هذا المقصد الجليل. كنا نتوقع من مجلس شورى العلماء الموقر أن يطالب المرشحين الإسلاميين بمثل هذه الآليات وأن يناقشها ليرى إمكانية تنفيذها على أرض الواقع الذى يخبره أعضاء المجلس الفضلاء أكثر من غيرهم وأعمق من غيرهم.
تاسعًا: إن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح قد سعت خلال الأسابيع القليلة الماضية فى كل الخطوات السابقة واستطاعت أن تكون فكرة واضحة – بنسبة كبيرة – عن كل مرشح، ولو علمت الهيئة بعزم مجلس شورى العلماء الموقر على الإعلان عن دعم مرشح بعينه لسعت إليه ووضعت بين يديه خلاصة ما توصلت إليه بهذا الشأن، من باب النصيحة والشورى البينية للهيئات والكيانات الإسلامية.
عاشرًا: إن من الأسباب التى ساقها البعض مبررًا للعجلة فى الإعلان عن دعم مرشح بعينه، كان خشية تصدع الصف الإسلامى وتشتت كلمته وتفتيت أصواته، وأحسب أن مثل هذا الإعلان بالدعم دون التنسيق مع باقى الكيانات والهيئات الإسلامية ربما يؤدى إلى ذلك المحظور وتنشأ عنه حالة من الشقاق نرجو أن يجنبنا الله تعالى فتنتها.
أرجو أن تتسع صدور أصحاب الفضيلة فى مجلس شورى العلماء الموقر لهذه الملاحظات، وهم أهل لذلك بما يتمتعون به من خلق رفيع وحكمة بالغة وفقه رحب.
*المصريون