شعبان عبدالرحمن
لم يكد الصهاينة يفيقون من صفعة «أردوغان» الكبرى حتى أتبعهم المصريون بصفعة أشد.. ذلك هو ملخص الحال التي بدا عليها الكيان الصهيوني خلال الأيام الماضية، وهي نفس الحال البائسة التي بدا عليها «نتنياهو» وهو يُلقي بيانه تعقيباً على ما جرى للسفارة الصهيونية في القاهرة.. لقد بدا مترنحاً من الصفعتين، منحنياً حتى تمر العاصفتان التركية والمصرية إلى حين.. ورغم كل ما قيل من تحليلات قانونية عن وجوب حماية سفارات الدول، وعدم تعريض سمعة الدولة المضيفة للاهتزاز، وتصويرها في موقف الضعف، وإظهارها في وضع مَنْ ينتهك المعاهدات الدولية.. وكل ذلك لا غبار عليه وله كل الاحترام، إلا أننا في الحالة الصهيونية عموماً نعاني من سِجِل متخم بالمرارات، وكأس مترعة بالدماء، ملأتها انتهاكات الصهاينة للقوانين الدولية، واحتقار القرارات الأممية، وانتهاك معاهدة «كامب ديفيد» مع مصر. نحن أمام سبعة وثلاثين قراراً صادراً عن مجلس الأمن منذ عام 1948م يدين الصهاينة، ويجرّم مجازرهم وعربدتهم ضد الشعب الفلسطيني ودول الجوار، ونحن أمام كيان ارتكب - وفق شهادات الأرقام والوثائق في فلسطين - أكثر من مائتين وخمسين مجزرة منذ العام 1937م حتى مجزرة غزة الأخيرة (عملية الرصاص المصبوب ديسمبر 2008 - يناير 2009م).. ونحن أمام كيان استباح كل شيء في مصر منذ توقيع ما يسمى بـ«اتفاقية السلام»؛ من تهريب المخدرات، والعملات المزيَّفة، والتجسس، وتدمير الزراعة المصرية وفق حرب بيولوجية ممنهجة. ونحن أمام كيان قتل على الحدود مع مصر في السنوات العشر الأخيرة فقط عشرين شهيداً، بينهم ثلاثة عشر ضابطاً ومجنداً، وأربعة عشر مصاباً، منهم تسعة مدنيين وخمسة ضباط ومجندين، إضافة للعسكريين الستة الذين استشهدوا مؤخراً.. وقد كان من حق مصر - وفق خبراء القانون الدولي - إقامة دعاوى تعويض أمام المحكمة الجنائية الدولية، والمطالبة بتعويضات، وتقديم الجناة للمحكمة، لكن ذلك لم يحدث ولا غيره.. بينما ثأر «أردوغان» لمقتل تسعة من الأتراك بطرد السفير الصهيوني، وتجميد العلاقات التجارية والعسكرية، أي شبه طرد للصهاينة تماماً من تركيا إحدي أهم الدول للكيان الصهيوني. ومن هنا، كانت النتيجة الطبيعية تلك السعادة التي غمرت الشعب العربي - وليس الشعب المصري فقط - وهو يشاهد بعض محتويات السفارة الصهيونية تتطاير على ضفاف النيل بعد نزع العَلَم الصهيوني وتثبيت العَلَم المصري مكانه.. لقد كان مشهد تطاير تلك الوثائق حتى ولو كانت قديمة أشبه بفيلم سينمائي، ولكنه قدّم رؤية عن مستقبل تبخُّر ذلك الكيان كله يوماً ما إن شاء الله.. ولم يكن مبعث السعادة هو حب الفوضى والرغبة في انتهاك القانون الدولي، وإنما مبعثها أنه فرّغ شحنات من المرارة والغضب والحنق التي امتلأ بها طوال تاريخ ذلك الكيان.. ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى، فلأول مرة في تاريخ ذلك الكيان يتلقى تلك الصفعات القوية دون قدرة على الرد.. فقد عوّد العالم على أنه هو صاحب الضربات الإجرامية والهجمات والعربدة والمذابح بمساندة الغرب والولايات المتحدة، ثم الحصول على براءة أممية مما ارتكب مع إدانة الضحية، وتقرير «بالمر» الذي قرر بأن حصار الصهاينة القاتل لغزة قانوني، وأن قوافل الإغاثة مخطئة، وأن قتل روّاد تلك القوافل لا شيء فيه وربما يستحق الأسف.. أليست تلك وقاحة أممية مستفزة؟ وللأسف الشديد، فقد برمج ذلك الكيان العالم - بدعم من القوى الكبرى وآلتها الإعلامية - وفي مقدمته الأنظمة المهترئة في العالم العربي، على أن الدنيا لابد أن تقوم ولا تقعد إن مس «نملةً» فيه أيُّ مكروه، في مقابل أن يعبث بدماء المنطقة دون أن ينبس أحدٌ ببنت شفة، ولسنا في حاجة هنا لتقديم شواهد أو أدلة على ما نقول، فقضية الجندي «شاليط» وما تأخذه من زخم سياسي وإعلامي على مستوى العالم واضح، مقابل نسيان المأساة التي يعيشها أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني! ومن هنا، ففور وقوع أحداث السفارة الصهيونية في القاهرة، استعدت المنطقة لحالة استنفار من الآلتين الإعلامية والسياسية الصهيونيتين على مستوى العالم لإقامة الدنيا على مصر، بل إن بعضاً من المحللين والمعلقين الذين تابعتهم كان يلتمس العذر لما يمكن أن يتخذه الصهاينة من مواقف رداً على ما جرى، لكن «نتنياهو» خيّب ظنون الجميع هذه المرة، ويبدو أن هيئة مستشاريه وغرفة عملياته قرأت الرسالة قراءة صحيحة واستوعبتها جيداً وبسرعة، فكان القرار الانحناء أو الانبطاح للعاصفة وتحمّل تلك الصفعة؛ لأن البديل كان إما إغلاق السفارة ويكون الخاسر هنا الكيان الصهيوني وحده؛ لأن هذا عين ما يتمناه الشعب المصري، وبالتالي تخسر «إسرائيل» مصر بعد أن خسرت تركيا، أو الذهاب لمجلس الأمن لاستصدار قرار ضد مصر، وهناك سيفاجؤون بكومة كبيرة من القرارات التي أصدرها المجلس وغيره من المنظمات الدولية التابعة له ضد الكيان الصهيوني ولم يعرْها أي اهتمام، وحيثما يذهب الكيان الصهيوني شاكياً سيجد سوابقه في احتقار القرارات الدولية.. لقد أسست القوى الغربية في السنوات الأخيرة ومعها الكيان الصهيوني لشريعة الغاب عندما احتلوا أفغانستان والعراق ومازلوا يبيدون أهلهما، وعندما احتل الصهاينة جنوب لبنان وارتكبوا فيه المجازر، وعندما ارتكبوا المجازر تلو المجازر في فلسطين.. فمن سيستمع إليهم إن تحدثوا عن القانون الدولي والشرعية الدولية؟ إن مَنْ يستمعون إليهم سماع العبد لسيده ذهبوا إلى غير رجعة في مزبلة التاريخ، وبدأ عصر الشعوب الحرة التي أدركت بحق أن داء الكبر والغطرسة والعربدة الذي يمارسه الصهاينة منذ نشأة كيانهم ليس له دواء إلا الردود المزلزلة، واسألوا «رجب طيب أردوغان»، والشعب المصري الثائر ..
*المجتمع
لم يكد الصهاينة يفيقون من صفعة «أردوغان» الكبرى حتى أتبعهم المصريون بصفعة أشد.. ذلك هو ملخص الحال التي بدا عليها الكيان الصهيوني خلال الأيام الماضية، وهي نفس الحال البائسة التي بدا عليها «نتنياهو» وهو يُلقي بيانه تعقيباً على ما جرى للسفارة الصهيونية في القاهرة.. لقد بدا مترنحاً من الصفعتين، منحنياً حتى تمر العاصفتان التركية والمصرية إلى حين.. ورغم كل ما قيل من تحليلات قانونية عن وجوب حماية سفارات الدول، وعدم تعريض سمعة الدولة المضيفة للاهتزاز، وتصويرها في موقف الضعف، وإظهارها في وضع مَنْ ينتهك المعاهدات الدولية.. وكل ذلك لا غبار عليه وله كل الاحترام، إلا أننا في الحالة الصهيونية عموماً نعاني من سِجِل متخم بالمرارات، وكأس مترعة بالدماء، ملأتها انتهاكات الصهاينة للقوانين الدولية، واحتقار القرارات الأممية، وانتهاك معاهدة «كامب ديفيد» مع مصر. نحن أمام سبعة وثلاثين قراراً صادراً عن مجلس الأمن منذ عام 1948م يدين الصهاينة، ويجرّم مجازرهم وعربدتهم ضد الشعب الفلسطيني ودول الجوار، ونحن أمام كيان ارتكب - وفق شهادات الأرقام والوثائق في فلسطين - أكثر من مائتين وخمسين مجزرة منذ العام 1937م حتى مجزرة غزة الأخيرة (عملية الرصاص المصبوب ديسمبر 2008 - يناير 2009م).. ونحن أمام كيان استباح كل شيء في مصر منذ توقيع ما يسمى بـ«اتفاقية السلام»؛ من تهريب المخدرات، والعملات المزيَّفة، والتجسس، وتدمير الزراعة المصرية وفق حرب بيولوجية ممنهجة. ونحن أمام كيان قتل على الحدود مع مصر في السنوات العشر الأخيرة فقط عشرين شهيداً، بينهم ثلاثة عشر ضابطاً ومجنداً، وأربعة عشر مصاباً، منهم تسعة مدنيين وخمسة ضباط ومجندين، إضافة للعسكريين الستة الذين استشهدوا مؤخراً.. وقد كان من حق مصر - وفق خبراء القانون الدولي - إقامة دعاوى تعويض أمام المحكمة الجنائية الدولية، والمطالبة بتعويضات، وتقديم الجناة للمحكمة، لكن ذلك لم يحدث ولا غيره.. بينما ثأر «أردوغان» لمقتل تسعة من الأتراك بطرد السفير الصهيوني، وتجميد العلاقات التجارية والعسكرية، أي شبه طرد للصهاينة تماماً من تركيا إحدي أهم الدول للكيان الصهيوني. ومن هنا، كانت النتيجة الطبيعية تلك السعادة التي غمرت الشعب العربي - وليس الشعب المصري فقط - وهو يشاهد بعض محتويات السفارة الصهيونية تتطاير على ضفاف النيل بعد نزع العَلَم الصهيوني وتثبيت العَلَم المصري مكانه.. لقد كان مشهد تطاير تلك الوثائق حتى ولو كانت قديمة أشبه بفيلم سينمائي، ولكنه قدّم رؤية عن مستقبل تبخُّر ذلك الكيان كله يوماً ما إن شاء الله.. ولم يكن مبعث السعادة هو حب الفوضى والرغبة في انتهاك القانون الدولي، وإنما مبعثها أنه فرّغ شحنات من المرارة والغضب والحنق التي امتلأ بها طوال تاريخ ذلك الكيان.. ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى، فلأول مرة في تاريخ ذلك الكيان يتلقى تلك الصفعات القوية دون قدرة على الرد.. فقد عوّد العالم على أنه هو صاحب الضربات الإجرامية والهجمات والعربدة والمذابح بمساندة الغرب والولايات المتحدة، ثم الحصول على براءة أممية مما ارتكب مع إدانة الضحية، وتقرير «بالمر» الذي قرر بأن حصار الصهاينة القاتل لغزة قانوني، وأن قوافل الإغاثة مخطئة، وأن قتل روّاد تلك القوافل لا شيء فيه وربما يستحق الأسف.. أليست تلك وقاحة أممية مستفزة؟ وللأسف الشديد، فقد برمج ذلك الكيان العالم - بدعم من القوى الكبرى وآلتها الإعلامية - وفي مقدمته الأنظمة المهترئة في العالم العربي، على أن الدنيا لابد أن تقوم ولا تقعد إن مس «نملةً» فيه أيُّ مكروه، في مقابل أن يعبث بدماء المنطقة دون أن ينبس أحدٌ ببنت شفة، ولسنا في حاجة هنا لتقديم شواهد أو أدلة على ما نقول، فقضية الجندي «شاليط» وما تأخذه من زخم سياسي وإعلامي على مستوى العالم واضح، مقابل نسيان المأساة التي يعيشها أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني! ومن هنا، ففور وقوع أحداث السفارة الصهيونية في القاهرة، استعدت المنطقة لحالة استنفار من الآلتين الإعلامية والسياسية الصهيونيتين على مستوى العالم لإقامة الدنيا على مصر، بل إن بعضاً من المحللين والمعلقين الذين تابعتهم كان يلتمس العذر لما يمكن أن يتخذه الصهاينة من مواقف رداً على ما جرى، لكن «نتنياهو» خيّب ظنون الجميع هذه المرة، ويبدو أن هيئة مستشاريه وغرفة عملياته قرأت الرسالة قراءة صحيحة واستوعبتها جيداً وبسرعة، فكان القرار الانحناء أو الانبطاح للعاصفة وتحمّل تلك الصفعة؛ لأن البديل كان إما إغلاق السفارة ويكون الخاسر هنا الكيان الصهيوني وحده؛ لأن هذا عين ما يتمناه الشعب المصري، وبالتالي تخسر «إسرائيل» مصر بعد أن خسرت تركيا، أو الذهاب لمجلس الأمن لاستصدار قرار ضد مصر، وهناك سيفاجؤون بكومة كبيرة من القرارات التي أصدرها المجلس وغيره من المنظمات الدولية التابعة له ضد الكيان الصهيوني ولم يعرْها أي اهتمام، وحيثما يذهب الكيان الصهيوني شاكياً سيجد سوابقه في احتقار القرارات الدولية.. لقد أسست القوى الغربية في السنوات الأخيرة ومعها الكيان الصهيوني لشريعة الغاب عندما احتلوا أفغانستان والعراق ومازلوا يبيدون أهلهما، وعندما احتل الصهاينة جنوب لبنان وارتكبوا فيه المجازر، وعندما ارتكبوا المجازر تلو المجازر في فلسطين.. فمن سيستمع إليهم إن تحدثوا عن القانون الدولي والشرعية الدولية؟ إن مَنْ يستمعون إليهم سماع العبد لسيده ذهبوا إلى غير رجعة في مزبلة التاريخ، وبدأ عصر الشعوب الحرة التي أدركت بحق أن داء الكبر والغطرسة والعربدة الذي يمارسه الصهاينة منذ نشأة كيانهم ليس له دواء إلا الردود المزلزلة، واسألوا «رجب طيب أردوغان»، والشعب المصري الثائر ..
*المجتمع