د . جاسم مهلهل الياسين
منذ انبثاق فجر الرسالة الإسلامية كانت البحرين تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتقدات على أرضها في نموذج نادر المثال في تلك العصور، وفي ظل هذا التسامح الروحي والفكري ازدهرت الثقافة وتعايشت الأديان فيها. ومنذ فجر التاريخ والبحرين قلب الخليج، وسبحة من سبحات مجلس دول التعاون الخليجي، مهما اتسعت دلالة التسمية جغرافياً أم ضاقت، الخليج سبحة واحدة يسبح بها كل محتاج في عالمنا العربي والإسلامي. ومنذ زمن بعيد والبحرين تعيش بسلام في مكان واحد وبيت واحد عبر مئات السنين، حتى عكر صفوها اليوم بعض الغلاة وبعض المخربين والطامعين، وأثار الفتنة فيها بعض الحاقدين. إن ما يحدث في البحرين الذين قدَرهم أن يكونوا على مرمى من إيران، وقدَرهم أن تكون تركيبتهم السكانية شيعة وسُنّة، فتنة تتعلق بمحو الهوية المجتمعية والحقوقية والاجتماعية للبحرين، إن ما يحدث في البحرين من إشعال الطائفية سيحرق الأخضر واليابس!! ويا أهل الخليج لا تسلّموا إخوانكم في البحرين لفتنتهم. حتى لا نقول: «أُكلنا يوم أُكلت البحرين» إذا تمت المراجعة الصحيحة وفق نظام المراجعات المجتمعية والسياسية والاقتصادية؛ فإنها تعطي معياراً بأن استقرار الخليج مرتبط باستقرار البحرين، فلابد أن يرجع الأمن والاستقرار إليها. إن البحرين هي قلب الخليج، تاريخ طويل قديم عروبة وأصالة، وهي أمانة في عنق إخوانها وأشقائها في مجلس التعاون الخليجي، ضررها من ضررهم، وغناها من غناهم، وفقرها من فقرهم. فيا دول مجلس التعاون، البحرين ليست منفصلة عن أخواتها الشقيقات في مجلس التعاون، وأنتم في مجلس التعاون لستم بقعاً متناثرة، بل أنتم كالجسد الواحد، والمفترض أنه إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى والمساعدة.. وقد قال [: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(1). قال النووي في شرح صحيح مسلم: لا يظلمه أمر فإن ظلم المسلم للمسلم حرام، ولا يسلمه؛ أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه. فالبحرين جزء من منظومة مجلس دول التعاون لها ما لها وعليها ما عليها، فلا تسلموهم لمعاناتهم ولا لفتنتهم، فليس في البحرين ظلم اجتماعي، ولا سرقات منظمة، ولا تقسيم طائفي، فإن من يعرف التركيبة السياسية في مجلس الوزراء ومجلس النواب البحريني يعرف مدى التكامل الاجتماعي، إنه ليس هناك طائفية كما هي في إيران مثلاً.. ولهذا، فإن رفع شعارات طائفية بغيضة في المطالبات في دولة مدنية المواطنة فيها مؤطرة بكل أشكالها خطأ كبير، وإن وجود المؤسسات الرسمية والمجتمعية في البحرين تُسهل الحوار والوصول إلى حلول. إن أمن البحرين من أمن الكويت، وأمن الكويت من أمن السعودية، وأمن السعودية من أمن عُمان، وهكذا.. وإن لم ينتبه قادة مجلس التعاون إلى هذا الأمر ويأخذوه بحسم وعزم، وإلا فستقول البحرين لا قدّر الله: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَتْ جُزر الإمارات»، أو تقول غيرها: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَتْ البحرين»، لا سمح الله تعالى. نصرة البحرين مطلب شرعي وواجب حتمي! إن نصرة البحرين واجب على كل دول مجلس التعاون عامة وعلى الكويت خاصة، وهذا الواجب ينطلق من عدة نواحٍ، فهناك عدَّة أسباب ترفع درجة دعمنا للبحرين بكل الوسائل المتاحة من مستوى التفضُّل أو النافلة الاختيارية إلى مستوى الوجوب الحتمي الذي لا يمكن أن تنفَكَّ عنه أي دولة من دول مجلس التعاون أراد السلامة على هذه السبحة الخليجية: 1 - واجب الرحم: وهي القرابة والنسب والمحبة والوفاء التي تتجدد كل يوم بين أبناء العمومة، وتزداد وثوقاً في كل المحن، وتبعث رسائل للداخل والخارج بأن أمن البحرين من أمن أبناء عمومتهم وأشقائهم من دول الخليج العربي جميعها، لا انفصام في وثاقه مهما اشتدت الأزمات، ومنه كان قرار إرسال قوات «درع الجزيرة» لدعم ومساندة قوة دفاع البحرين في حفظ الأمن والنظام بالمملكة برهاناً على التضامن الخليجي الخليجي. 2- واجب الدين: كانت البحرين من أوائل من استجاب للدعوة الإسلامية السمحاء، ودخلت في دين الله طوعاً واقتناعاً، كما كانت أول المدافعين عن هذا الدين، وحملت لواء هذه الدعوة عبر مياه البحر إلى الضفة الأخرى من الخليج وصولاً إلى بلاد الهند، وأصبحت ثروات البحرين مصدراً مهماً لموارد بيت المال الإسلامي، كما ساهم شعبها منذ البدايات الأولى في بناء الحضارات الإسلامية المتبعة لما جاء به النبي [ دون تحريف أو تزوير أو تبديل، ومن هنا كان الواجب على دول مجلس التعاون نصرة أختها المؤمنة من منطلق نصرة الأخ المؤمن في الدين، وإن النصوص الشرعية العامة تزخر بالكثير من الحث على تناصر المسلمين وتعاونهم، وأن المسلمين أمة واحدة كما قال الله تعالى: {$ّإنَّ هّذٌهٌ أٍمَّتٍكٍمً أٍمَّةْ $ّاحٌدّةْ $ّأّنّا رّبٍَكٍمً فّاتَّقٍونٌ >52 الهوامش (1) انظر: جريدة «الأنباء»: «ما بين البحرين والكويت ربيع محبة دائم ومن يريد العبث بنظام وأمن المملكة فهو واهم»، بتاريخ الخميس 17 مارس 2011م. (2) صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906). (3، 4) - أخرجه البخاري في الشركة (2493) عن النعمان بن بشير ] بنحوه. (5) الشاطبي، الموافقات: 169/4.
*المجتمع
منذ انبثاق فجر الرسالة الإسلامية كانت البحرين تحتضن بحرية تعدد الأفكار والمعتقدات على أرضها في نموذج نادر المثال في تلك العصور، وفي ظل هذا التسامح الروحي والفكري ازدهرت الثقافة وتعايشت الأديان فيها. ومنذ فجر التاريخ والبحرين قلب الخليج، وسبحة من سبحات مجلس دول التعاون الخليجي، مهما اتسعت دلالة التسمية جغرافياً أم ضاقت، الخليج سبحة واحدة يسبح بها كل محتاج في عالمنا العربي والإسلامي. ومنذ زمن بعيد والبحرين تعيش بسلام في مكان واحد وبيت واحد عبر مئات السنين، حتى عكر صفوها اليوم بعض الغلاة وبعض المخربين والطامعين، وأثار الفتنة فيها بعض الحاقدين. إن ما يحدث في البحرين الذين قدَرهم أن يكونوا على مرمى من إيران، وقدَرهم أن تكون تركيبتهم السكانية شيعة وسُنّة، فتنة تتعلق بمحو الهوية المجتمعية والحقوقية والاجتماعية للبحرين، إن ما يحدث في البحرين من إشعال الطائفية سيحرق الأخضر واليابس!! ويا أهل الخليج لا تسلّموا إخوانكم في البحرين لفتنتهم. حتى لا نقول: «أُكلنا يوم أُكلت البحرين» إذا تمت المراجعة الصحيحة وفق نظام المراجعات المجتمعية والسياسية والاقتصادية؛ فإنها تعطي معياراً بأن استقرار الخليج مرتبط باستقرار البحرين، فلابد أن يرجع الأمن والاستقرار إليها. إن البحرين هي قلب الخليج، تاريخ طويل قديم عروبة وأصالة، وهي أمانة في عنق إخوانها وأشقائها في مجلس التعاون الخليجي، ضررها من ضررهم، وغناها من غناهم، وفقرها من فقرهم. فيا دول مجلس التعاون، البحرين ليست منفصلة عن أخواتها الشقيقات في مجلس التعاون، وأنتم في مجلس التعاون لستم بقعاً متناثرة، بل أنتم كالجسد الواحد، والمفترض أنه إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى والمساعدة.. وقد قال [: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(1). قال النووي في شرح صحيح مسلم: لا يظلمه أمر فإن ظلم المسلم للمسلم حرام، ولا يسلمه؛ أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه. فالبحرين جزء من منظومة مجلس دول التعاون لها ما لها وعليها ما عليها، فلا تسلموهم لمعاناتهم ولا لفتنتهم، فليس في البحرين ظلم اجتماعي، ولا سرقات منظمة، ولا تقسيم طائفي، فإن من يعرف التركيبة السياسية في مجلس الوزراء ومجلس النواب البحريني يعرف مدى التكامل الاجتماعي، إنه ليس هناك طائفية كما هي في إيران مثلاً.. ولهذا، فإن رفع شعارات طائفية بغيضة في المطالبات في دولة مدنية المواطنة فيها مؤطرة بكل أشكالها خطأ كبير، وإن وجود المؤسسات الرسمية والمجتمعية في البحرين تُسهل الحوار والوصول إلى حلول. إن أمن البحرين من أمن الكويت، وأمن الكويت من أمن السعودية، وأمن السعودية من أمن عُمان، وهكذا.. وإن لم ينتبه قادة مجلس التعاون إلى هذا الأمر ويأخذوه بحسم وعزم، وإلا فستقول البحرين لا قدّر الله: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَتْ جُزر الإمارات»، أو تقول غيرها: «أُكِلْتُ يوم أُكِلَتْ البحرين»، لا سمح الله تعالى. نصرة البحرين مطلب شرعي وواجب حتمي! إن نصرة البحرين واجب على كل دول مجلس التعاون عامة وعلى الكويت خاصة، وهذا الواجب ينطلق من عدة نواحٍ، فهناك عدَّة أسباب ترفع درجة دعمنا للبحرين بكل الوسائل المتاحة من مستوى التفضُّل أو النافلة الاختيارية إلى مستوى الوجوب الحتمي الذي لا يمكن أن تنفَكَّ عنه أي دولة من دول مجلس التعاون أراد السلامة على هذه السبحة الخليجية: 1 - واجب الرحم: وهي القرابة والنسب والمحبة والوفاء التي تتجدد كل يوم بين أبناء العمومة، وتزداد وثوقاً في كل المحن، وتبعث رسائل للداخل والخارج بأن أمن البحرين من أمن أبناء عمومتهم وأشقائهم من دول الخليج العربي جميعها، لا انفصام في وثاقه مهما اشتدت الأزمات، ومنه كان قرار إرسال قوات «درع الجزيرة» لدعم ومساندة قوة دفاع البحرين في حفظ الأمن والنظام بالمملكة برهاناً على التضامن الخليجي الخليجي. 2- واجب الدين: كانت البحرين من أوائل من استجاب للدعوة الإسلامية السمحاء، ودخلت في دين الله طوعاً واقتناعاً، كما كانت أول المدافعين عن هذا الدين، وحملت لواء هذه الدعوة عبر مياه البحر إلى الضفة الأخرى من الخليج وصولاً إلى بلاد الهند، وأصبحت ثروات البحرين مصدراً مهماً لموارد بيت المال الإسلامي، كما ساهم شعبها منذ البدايات الأولى في بناء الحضارات الإسلامية المتبعة لما جاء به النبي [ دون تحريف أو تزوير أو تبديل، ومن هنا كان الواجب على دول مجلس التعاون نصرة أختها المؤمنة من منطلق نصرة الأخ المؤمن في الدين، وإن النصوص الشرعية العامة تزخر بالكثير من الحث على تناصر المسلمين وتعاونهم، وأن المسلمين أمة واحدة كما قال الله تعالى: {$ّإنَّ هّذٌهٌ أٍمَّتٍكٍمً أٍمَّةْ $ّاحٌدّةْ $ّأّنّا رّبٍَكٍمً فّاتَّقٍونٌ >52 الهوامش (1) انظر: جريدة «الأنباء»: «ما بين البحرين والكويت ربيع محبة دائم ومن يريد العبث بنظام وأمن المملكة فهو واهم»، بتاريخ الخميس 17 مارس 2011م. (2) صححه الألباني الأحاديث الصحيحة رقم (906). (3، 4) - أخرجه البخاري في الشركة (2493) عن النعمان بن بشير ] بنحوه. (5) الشاطبي، الموافقات: 169/4.
*المجتمع