هويدي 22-12-2002
* نحن ضد الحجاب السياسي والسماح بدخول المحجبات الجامعة يحدث تفرقة ويكرر مأساة الجزائر * في أعماقي لا أشعر بثقة في الاسلاميين وحزب العدالة والتنمية نفى أن يكون إسلاميا وأعطى إشارات إيجابية وافضل منحهم فرصة.
* كان الرئيس السابق سليمان ديميريل عائدا لتوه من اثينا، حيث شارك في اجتماعات النادي السياسي البلقاني، الذي القى فيه محاضرة عن دور دول البلقان في الاتحاد الاوروبي. وبمجرد ان دخلت عليه مكتبه ابلغني انه اعطاني 45 دقيقة من وقته، بسبب ازدحام برنامجه وكثرة ارتباطاته. وقد فاجأتني حيوية الرجل وقوة ذاكرته وحدة ملاحظاته، وهو على ابواب الثمانين من العمر، ويقاتل في حلبة السياسة التركية منذ اربعين عاما تقريبا، منذ انتخب رئيسا لحزب «العدالة» وعين رئيسا للوزراء في عام .1965 ليس ذلك فحسب، وانما لاحظت خلال الفترة التي قضيتها في انقرة واسطنبول ان الرجل لايزال له حضوره اللافت للنظر في الاعلام التركي، الذي لا يزال يتعامل معه بحسبانه احد المراجع السياسية، رغم اللغط حول تقلب مواقفه في رحلته الطويلة. وقد انتقد ذلك التقلب المفكر الليبرالي التركي البارز محمد ألثان الذي قال ذات مرة ان كل كلمة قالها ديميريل، يمكن ان تجد عكسها اثناء عمره السياسي المديد.
لان عمره من عمر الجمهورية التركية تقريبا (ولد عام 1924 والجمهورية اعلنت في عام 23) فقد سألته عما اذا كان يعتقد ان الجمهورية بعد انتخابات الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) تعد انعطافا في مسيرة الجمهورية فقال: افضل ان اسميها دفعه وليست انعطافا. فالانعطاف فيه معنى تغيير المسار أو الانحراف عن الطريق المرسوم. في حين انني اعتبر ان الدفعه خطوة الى الامام. لان الانتخابات تعد نقلة مهمة في اطار مسيرة الجمهورية. ان شئت فقل إن الانتخابات بمثابة عملية لتجديد شباب الجمهورية، لان مختلف الشواهد كانت تدل على ان الجمهورية شاخت وترهلت، من جراء ممارسات حكوماتها التي تعاقبت في الآونة الاخيرة.
* المجتمع عاقب السلطة
* ما الذي تعنيه بالشيخوخة والترهل؟
ـ الذي افهمه ان مهمة الحكومة هي خدمة مصالح الناس وتوفير ضمانات الاستقرار والرفاهية والأمن لهم. ومشكلة الحكومات التي تعاقبت على السلطة خلال السنوات الاخيرة انها كانت معزولة عن الناس، ولذلك فانها لم تستطع ان تدرك معاناتهم التي تزايدت عاما بعد عام. وكانت النتيجة ان المجتمع استاء من السلطة وصب كل غضبه على الطبقة السياسية بأسرها. ليس ذلك فقط، وانما الاخطر منه ان نقد الناس للساسة ذهب الى ابعد، حيث بدأوا ينتقدون الديمقراطية ذاتها. وحين تصل المسألة الى ذلك الحد فإننا نصبح على شفا أزمة اكبر من ان تطوقها الحكومة ولا الطبقة السياسية كلها. وتقديري أن اجاويد (يقصد رئيس الوزراء السابق بولند اجاويد) لم تغب عنه تلك الحقيقة، لأنه وصف الدعوة الى اجراء انتخابات نيابية جديدة بأنها بمثابة انتحار للحكومة. وهذا ما حدث بالفعل فما حدث كان بركانا سياسيا انفجر في وجوه الجميع، وقلب المعادلة السياسية تماما.
* الا يبرر ذلك وصف ما جرى بأنه انعطاف في مسيرة الجمهورية؟
ـ ما زلت ارفض هذا الوصف، واتمسك باعتبارها دفعه دماء جديدة في شرايين الجمهورية، لأن الانتخابات اسفرت عن فوز حزب شاب لم يتجاوز عمره خمسة عشر شهرا بقيادات شابة بين الاربعينيات والخمسينيات من العمر، وبينهم وزير عمره 34 عاما فقط. وهذا شيء جيد. ثم لا تنسى ان 90% من اعضاء البرلمان السابق لم ينتخبوا في البرلمان الجديد، اذ اعيد انتخاب 50 منهم فقط، بينما دخل البرلمان 500 نائب جديد. وهو دليل اخر على نجاح عملية تجديد دماء السلطة.
* هل تعتبر ذلك نجاحا للمجتمع أم لحزب العدالة أم للنظام الجمهوري؟
ـ كلهم نجحوا والطبقة السياسية التقليدية هي التي رسبت وهزمت. وازعم ان الفائز الاول هو المجتمع الذي حسم الامر، وقرر ان يعاقب فريقا وان يعطي الفرصة لفريق آخر. ولا أخفي انني كنت اخشى ان يبلغ الغضب بالناس مداه، بحيث يعزفون عن المشاركة في التصويت. ولكن ذلك لم يحدث ولله الحمد. فقد شارك في الاقتراع 75% من الناخبين (عددهم 41 مليونا والذين امتنعوا عن التصويت قرابة 10 ملايين) . واكاد اقول ان النتيجة جاء تقريعا وعقابا للحكومة السابقة باكثر منها حماسة للفريق الجديد. الذي لم يختبر من قبل. كأن الناس ارادوا ان يقولوا ان أي شيء غير الموجود لابد ان يكون افضل منه.
* لا يهددون العلمانية
* هل معنى ذلك ان المجتمع لم يصوت لبرنامج حزب العدالة والتنمية؟
بالدرجة الاولى هذا التصويت احتجاجي اذا جاز التعبير. لكننا لا نستطيع ان نتجاهل عوامل اخرى اسهمت في فوز الحزب، منها مثلا ان بعض قادته لهم تاريخ ويتمتعون بشعبية واسعة وسمعة جيدة (في المقدمة منهم طيب اردوغان الذي نجح كرئيس لبلدية اسطنبول وكانت ملصقات الدعاية الانتخابية للحزب تحمل صورته مكبرة والى جواره رمز الحزب «مصباح» رغم ان الرجل كان ممنوعا من ترشح نفسه). من ذلك ايضا ان الناس تعاطفوا مع قيادة الحزب التي تعرضت للمتاعب من جانب السلطة (اردوغان سجن لمدة اربعة اشهر)، فضلا عن هذا وذاك فالحزب قام بحملة دعائية ناجحة ووصل الى قاع المجتمع في مختلف انحاء تركيا.
* هل الخلفية الاسلامية لقيادات الحزب لا تقلقك في شيء؟
ـ في اعماقي لا اشعر بثقة كافية في هؤلاء الناس. لكني لا اريد ان استسلم لهذه الهواجس لانه اذا كانت السياسة هي ما يقوله الساسة وما يفعلونه، فهؤلاء نفوا باستمرار انهم حزب اسلامي وليس في برامجهم شيء عن الاسلام أو الشريعة. كما انهم اعلنوا عن التزامهم بالعلمانية، وتلك كلها اشارات ايجابية تجعلني اكثر ميلا للترحيب بهم ابتداء، ولاعطائهم فرصة كافية للعمل قبل تقييم تجربتهم والحكم عليهم.
* هل تعتقد ان استمرارهم في السلطة من شأنه ان يهدد العلمانية في تركيا؟
ـ العلمانية مستقره في تركيا على نحو يتعذر زحزحته. والاستطلاعات تقول ان الذين يعارضون العلمانية لا يتجاوزون 5% من جملة السكان. و5% لا يستطيعون ان يهددوا نظاما يؤيده 95% من المجتمع.
* ما رأيك فيما يقال ان الانتخابات عقدت صلحا بين الاسلام والديمقراطية وبين المجتمع والسلطة، وما يقال ان هذا النموذج يراد له ان يعمم في العالم الاسلامي؟
ـ كلنا مسلمون موحدون بالله ولا نريد ان يزايد علينا احد أو يعطينا دروسا في الدين، لكن هذه المسألة في كفة، والجمهورية والعلمانية والديمقراطية في كفة اخرى. وما استطيع ان اقوله اننا نقدم تجربة نحترم فيها ديننا ونحترم في الوقت ذاته قيم الجمهورية، واذا سميت هذا بأنه «مصالحة» فلا مانع ولا بأس. اما المصالحة بين المجتمع والسلطة فأحسب انها بدأت بالفعل وستعزز تلك المصالحة اذا ما واصلت الحكومة كسب ثقة الناس واقناعهم بانها قادرة على الوفاء بما تعهدت به في دعاياتها الانتخابية.
* هناك من يقول ان الاميركيين تدخلوا لحساب انجاح حزب العدالة، حيث تناقلت وكالات الانباء تقارير عن نصيحة اميركية قدمت دعت الى عدم المضي في دعوى حل الحزب التي رفعت قبل عشرة ايام من موعد الاقتراع؟
ـ لي خبرة طويلة في هذا النوع من الشائعات. فمن اصل 14 عملية انتخابية جرت في ظل الجمهورية شاركت في ست منها وتقلبت في وظائف السلطة حتى قمتها (رئاسة الجمهورية). ولهذا اقول صراحة ان الاميركيين لو انهم تدخلوا لخسر حزب العدالة والتنمية معركته. لان مثل ذلك التدخل لابد ان يستنفر غضب المجتمع ومن ثم يحفزه الى التصويت ضد الحزب وليس لصالحه.
* يد جزائرية وراء الحجاب
* هل تؤيد الرأي القائل بأن حزب العدالة استهل عهده بارتكاب عدة اخطاء، منها مثلا ظهور زوجة رئيس البرلمان بالحجاب في وداع رئيس الجمهورية، وقيام بعض الوزراء بالصلاة في احدى ردهات هيلتون انقرة؟
ـ ربما عمدت الصحافة الى الاثارة في التعامل مع هذين الموضوعين، لكني لا اعفي قادة الحزب من الخطأ. وقد اراحني ان رئيس الحزب ورئيس الوزراء اعلنا ان موضوع الحجاب ليس من اولويات الحكومة، وان صلاة الوزراء في مكان عام مثل الفندق كان ينبغي ان تتم بعيدا عن الردهات والاماكن المفتوحة، وقالا ان مثل هذه الاخطاء لن تتكرر. هذا شيء جيد.
* حجاب لا أعارضه
* بالمناسبة، هل ترى منطقا في حظر دخول المحجبات الى الجامعات والدوائر الرسمية؟
ـ (سحب الرئيس ديميريل مظروفا كان موضوعا امامه على الطاوله، وبعد ان قلب فيه انتقى صورة ثم اطلعني عليها وقال): هذه صورتي مع شقيقتي واسرتها. وكنت قد زرتهم قبل اسبوعين في قريتنا بجنوب تركيا. هي محجبة كما ترى، وهذا شأن السيدات في عمق المجتمع التركي. وهذا الحجاب لا اعارضه لانه جزء من تقاليد اسرنا، ولكن الحجاب الذي تمنعه الدولة هو ذلك الذي يتحول الى رمز سياسي، يستدعي الى الذاكرة شريطا من المشاهد والتوقعات التي تتصادم مع علمانية الدولة. ولهذا فأنا اقول انني مع حجاب التقاليد والتدين، وضد حجاب الاسلام السياسي. ان دخول الحجاب الى الجامعات يتضمن رسالة اخرى تفرق بين الطلاب فالمحجاب يعتبرن انفسهن وحدهن المسلمات، في حين ان غير المحجبات غير مسلمات. ومن شأن ذلك ان يحدث فتنة في مجتمعنا نحن في غنى عنها. اننا لا نريد ان نكرر مأساة الجزائر، فالحجاب مرحب به في الشارع لان ذلك جزء من حرية الناس، ولكن حين يصل الامر الى ساحة الدولة ومؤسسات الجمهورية فلابد ان يختلف الأمر.
* المقارنة بالجزائر تحتاج الى مراجعة، لان الحالة الديمقراطية في تركيا افضل منها بكثير في الجزائر، وبالتالي فيفترض ان تكون ضمانات الحرية في تركيا افضل بدرجة لا تسمح باجراء مقارنة مع الحالة الجزائرية؟
ـ ما يهمني في موضوع الجزائر هو التداعيات التي ترتبت على صعود الاسلام السياسي. ثم انني ضد ان يكون هناك أي ايد اجنبية في التعامل مع المجتمع المسلم في تركيا. وعندي شكوك في أن مسألة الحجاب في تركيا وراءها خيوط جزائرية.
* ما تقييمك لدور العسكر في الديمقراطية التركية خصوصا وانهم يضغطون بشدة في مسألة الحجاب من خلال مجلس الامن القومي؟
ـ الجيش التركي له احترامه من جانب مختلف القوى السياسية. وهو يمثل ضمير المجتمع التركي. والعسكر لا يتدخلون في الديمقراطية (حين عين ديميريل رئيسا للوزراء في عام 65، بعد فوز حزب العدالة بقيادته، فإنه ترأس ثلاث حكومات حتى سنة 1971، ولكن العسكر وجهوا اليه انذارا وطالبوه بالاستقالة بحجة تردي الاوضاع الاقتصادية فرضخ، وكان هذا هو الانقلاب الثاني الذي قاموا به). ومجلس الامن القومي له موقعه ودوره الذي حدده الدستور، وقد حضرت اجتماعاته التي تتم كل شهر 270 مرة، ووجدت انه يناقش مختلف قضايا المجتمع من الزاوية الامنية، ولانه يضم اكبر قادة في القوات المسلحة، ورؤوس المؤسسة السياسية المدنية، فأنه يؤدي دورا فاعلا وايجابيا لمصلحة الوطن.
* هل استمراره يخدم الديمقراطية أم يمثل عدوانا عليها، باعتبار انه يمارس نوعا من الوصاية على الحكومة التي ينتخبها المجتمع؟
ـ هو يخدم الوطن كما قلت، وليس صحيحا انه يمارس وصايه على المجتمع، ولكنه يشارك في مناقشة الامور التي تهم المجتمع، وفي حالة التوصل الى اتفاق عام بين الطرفين، يتم تنفيذ ما اتفق عليه.
* أي الحكومات افضل في الاداء الديمقراطي، حكومة الائتلاف التي تشترك فيها اكثر من قوة سياسية أو حكومة الحزب الواحد؟
ـ حكومة الحزب الواحد افضل بكثير. ومن خبرتي فان تشكيل الحكومة الائتلافية واقرارها من البرلمان كان يستغرق في المتوسط 60 يوما، تتعطل خلالها مصالح المجتمع ويظل القلق مهيمنا على الدوائر الاقتصادية. اما حكومة الحزب الواحد فقد وجدنا انها تشكلت ونالت ثقة البرلمان في 25 يوما فقط، كما ان قدرتها على اتخاذ القرارات وانجاز الاعمال افضل بكثير.
* هل تعتبر ان اولوية المطالبة بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي في تحرك الحكومة الجديدة كانت تقديرا منها؟
ـ هذه اولوية في السياسة الخارجية كما فهمت، واظن ان ذلك ما كان ينبغي فعله، حيث لم يكن امامهم خيار، لان اجتماع الاتحاد كان محددا له 12 ديسمبر (كانون الاول)، وبالتالي فالذي فرض التحرك هو ذلك الموعد، واحسب ان دخول الاتحاد الاوروبي يمثل اهمية قصوى لتركيا، لانني اعتقد ان هذا الاتحاد هو اعظم مشروع سلام في التاريخ، وانه يضع القارة على عتبات تطور لا حدود لايجابياته على كل مستوى، سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
* هل تتوقع ان تتقبل دول الاتحاد انضمام تركيا اليه، رغم الحجم الاسلامي الكبير الذي تمثله (70 مليونا تقريبا). (والسؤال واللقاء كان قبل يوم 12 سبتمبر / ايلول)؟
ـ المبدأ تم اقراره والكلام كله حول المواعيد، مرة يقولون سنحدد تاريخا لبدء مفاوضات الانضمام. ومرة ثانية يقولون اننا سنحدد تاريخا نتفق فيه على التاريخ، الامر الذي يعطي انطباعا بأن هناك تسويفا في التنفيذ والاجال.
* لا مشكلة هوية في تركيا
* البعض يتحدث عن ان الاتحاد هو ناد مسيحي، الامر الذي يتعذر في ظله ان تنضم اليه كتلة سكانية مسلمة تضم 70 مليونا من البشر. ـ وانا سمعت حكاية النادي المسيحي، وقد ادهشتني لاول وهلة، ولكن يبدو ان ضغوطا تمارس من هذه الزاوية حقا. الامر الذي قد يسوغ فكرة انشاء ناد اسلامي بالمقابل. وهو تطور ارجو الا يحدث، لانه يعيدنا الى الوراء عدة خطوات وليس خطوة واحدة.
* تتردد اشارة عن محاولة تعميم النموذج التركي على العالم الاسلامي. هل تعتقد أن ذلك ممكن؟
ـ لست مقتنعا باستنساخ التجارب السياسية، فلكل مجتمع خصوصيته، وما يصلح لنا قد لا يصلح لغيرنا. وانا اعتقد ان نموذجنا حقق نجاحا نقل تركيا من عصر الى عصر، ولا اعرف اذا كانت المجتمعات العربية أو الاسلامية الاخرى يمكن ان تتعايش في ظله أم لا، وتلك مهمة متروكة لاهل كل بلد على أي حال.
* هل تعتقد ان النموذج التركي حل مشكلة الهوية لدى الاتراك؟
ـ لا توجد ازمة هوية عندنا، وخيارنا الحضاري والديمقراطي حسم قبل ثمانين عاما.
* اذا كانت 97% من مساحة تركيا في آسيا و3% في أوروبا، ثم تكون وجهة النظام والنموذج متجهة بالكامل ناحية أوروبا. الا يحدث ذلك ازمة انتماء وهوية؟
ـ ليست الجغرافيا هي العامل الاساسي هنا، ولكن البنيان الاجتماعي هو العنصر الحاسم. وقد اختار شعبنا من البداية ان يكون جزءا من أوروبا.
* بعد خروج الاحزاب التقليدية من البرلمان، هل تعتقد ان تركيا بصدد الدخول في نظام الحزبين الرئيسيين، اليمين واليسار؟
ـ لا اريد ان نتعجل الرد فأمامنا وقت حتى نصدر احكاما أو نجري تقييمات. ولا شك ان فكرة نظام الحزبين ستلقى دعما قويا اذا تكللت جهود الحكومات الراهنة بالنجاح.
* نحن ضد الحجاب السياسي والسماح بدخول المحجبات الجامعة يحدث تفرقة ويكرر مأساة الجزائر * في أعماقي لا أشعر بثقة في الاسلاميين وحزب العدالة والتنمية نفى أن يكون إسلاميا وأعطى إشارات إيجابية وافضل منحهم فرصة.
* كان الرئيس السابق سليمان ديميريل عائدا لتوه من اثينا، حيث شارك في اجتماعات النادي السياسي البلقاني، الذي القى فيه محاضرة عن دور دول البلقان في الاتحاد الاوروبي. وبمجرد ان دخلت عليه مكتبه ابلغني انه اعطاني 45 دقيقة من وقته، بسبب ازدحام برنامجه وكثرة ارتباطاته. وقد فاجأتني حيوية الرجل وقوة ذاكرته وحدة ملاحظاته، وهو على ابواب الثمانين من العمر، ويقاتل في حلبة السياسة التركية منذ اربعين عاما تقريبا، منذ انتخب رئيسا لحزب «العدالة» وعين رئيسا للوزراء في عام .1965 ليس ذلك فحسب، وانما لاحظت خلال الفترة التي قضيتها في انقرة واسطنبول ان الرجل لايزال له حضوره اللافت للنظر في الاعلام التركي، الذي لا يزال يتعامل معه بحسبانه احد المراجع السياسية، رغم اللغط حول تقلب مواقفه في رحلته الطويلة. وقد انتقد ذلك التقلب المفكر الليبرالي التركي البارز محمد ألثان الذي قال ذات مرة ان كل كلمة قالها ديميريل، يمكن ان تجد عكسها اثناء عمره السياسي المديد.
لان عمره من عمر الجمهورية التركية تقريبا (ولد عام 1924 والجمهورية اعلنت في عام 23) فقد سألته عما اذا كان يعتقد ان الجمهورية بعد انتخابات الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) تعد انعطافا في مسيرة الجمهورية فقال: افضل ان اسميها دفعه وليست انعطافا. فالانعطاف فيه معنى تغيير المسار أو الانحراف عن الطريق المرسوم. في حين انني اعتبر ان الدفعه خطوة الى الامام. لان الانتخابات تعد نقلة مهمة في اطار مسيرة الجمهورية. ان شئت فقل إن الانتخابات بمثابة عملية لتجديد شباب الجمهورية، لان مختلف الشواهد كانت تدل على ان الجمهورية شاخت وترهلت، من جراء ممارسات حكوماتها التي تعاقبت في الآونة الاخيرة.
* المجتمع عاقب السلطة
* ما الذي تعنيه بالشيخوخة والترهل؟
ـ الذي افهمه ان مهمة الحكومة هي خدمة مصالح الناس وتوفير ضمانات الاستقرار والرفاهية والأمن لهم. ومشكلة الحكومات التي تعاقبت على السلطة خلال السنوات الاخيرة انها كانت معزولة عن الناس، ولذلك فانها لم تستطع ان تدرك معاناتهم التي تزايدت عاما بعد عام. وكانت النتيجة ان المجتمع استاء من السلطة وصب كل غضبه على الطبقة السياسية بأسرها. ليس ذلك فقط، وانما الاخطر منه ان نقد الناس للساسة ذهب الى ابعد، حيث بدأوا ينتقدون الديمقراطية ذاتها. وحين تصل المسألة الى ذلك الحد فإننا نصبح على شفا أزمة اكبر من ان تطوقها الحكومة ولا الطبقة السياسية كلها. وتقديري أن اجاويد (يقصد رئيس الوزراء السابق بولند اجاويد) لم تغب عنه تلك الحقيقة، لأنه وصف الدعوة الى اجراء انتخابات نيابية جديدة بأنها بمثابة انتحار للحكومة. وهذا ما حدث بالفعل فما حدث كان بركانا سياسيا انفجر في وجوه الجميع، وقلب المعادلة السياسية تماما.
* الا يبرر ذلك وصف ما جرى بأنه انعطاف في مسيرة الجمهورية؟
ـ ما زلت ارفض هذا الوصف، واتمسك باعتبارها دفعه دماء جديدة في شرايين الجمهورية، لأن الانتخابات اسفرت عن فوز حزب شاب لم يتجاوز عمره خمسة عشر شهرا بقيادات شابة بين الاربعينيات والخمسينيات من العمر، وبينهم وزير عمره 34 عاما فقط. وهذا شيء جيد. ثم لا تنسى ان 90% من اعضاء البرلمان السابق لم ينتخبوا في البرلمان الجديد، اذ اعيد انتخاب 50 منهم فقط، بينما دخل البرلمان 500 نائب جديد. وهو دليل اخر على نجاح عملية تجديد دماء السلطة.
* هل تعتبر ذلك نجاحا للمجتمع أم لحزب العدالة أم للنظام الجمهوري؟
ـ كلهم نجحوا والطبقة السياسية التقليدية هي التي رسبت وهزمت. وازعم ان الفائز الاول هو المجتمع الذي حسم الامر، وقرر ان يعاقب فريقا وان يعطي الفرصة لفريق آخر. ولا أخفي انني كنت اخشى ان يبلغ الغضب بالناس مداه، بحيث يعزفون عن المشاركة في التصويت. ولكن ذلك لم يحدث ولله الحمد. فقد شارك في الاقتراع 75% من الناخبين (عددهم 41 مليونا والذين امتنعوا عن التصويت قرابة 10 ملايين) . واكاد اقول ان النتيجة جاء تقريعا وعقابا للحكومة السابقة باكثر منها حماسة للفريق الجديد. الذي لم يختبر من قبل. كأن الناس ارادوا ان يقولوا ان أي شيء غير الموجود لابد ان يكون افضل منه.
* لا يهددون العلمانية
* هل معنى ذلك ان المجتمع لم يصوت لبرنامج حزب العدالة والتنمية؟
بالدرجة الاولى هذا التصويت احتجاجي اذا جاز التعبير. لكننا لا نستطيع ان نتجاهل عوامل اخرى اسهمت في فوز الحزب، منها مثلا ان بعض قادته لهم تاريخ ويتمتعون بشعبية واسعة وسمعة جيدة (في المقدمة منهم طيب اردوغان الذي نجح كرئيس لبلدية اسطنبول وكانت ملصقات الدعاية الانتخابية للحزب تحمل صورته مكبرة والى جواره رمز الحزب «مصباح» رغم ان الرجل كان ممنوعا من ترشح نفسه). من ذلك ايضا ان الناس تعاطفوا مع قيادة الحزب التي تعرضت للمتاعب من جانب السلطة (اردوغان سجن لمدة اربعة اشهر)، فضلا عن هذا وذاك فالحزب قام بحملة دعائية ناجحة ووصل الى قاع المجتمع في مختلف انحاء تركيا.
* هل الخلفية الاسلامية لقيادات الحزب لا تقلقك في شيء؟
ـ في اعماقي لا اشعر بثقة كافية في هؤلاء الناس. لكني لا اريد ان استسلم لهذه الهواجس لانه اذا كانت السياسة هي ما يقوله الساسة وما يفعلونه، فهؤلاء نفوا باستمرار انهم حزب اسلامي وليس في برامجهم شيء عن الاسلام أو الشريعة. كما انهم اعلنوا عن التزامهم بالعلمانية، وتلك كلها اشارات ايجابية تجعلني اكثر ميلا للترحيب بهم ابتداء، ولاعطائهم فرصة كافية للعمل قبل تقييم تجربتهم والحكم عليهم.
* هل تعتقد ان استمرارهم في السلطة من شأنه ان يهدد العلمانية في تركيا؟
ـ العلمانية مستقره في تركيا على نحو يتعذر زحزحته. والاستطلاعات تقول ان الذين يعارضون العلمانية لا يتجاوزون 5% من جملة السكان. و5% لا يستطيعون ان يهددوا نظاما يؤيده 95% من المجتمع.
* ما رأيك فيما يقال ان الانتخابات عقدت صلحا بين الاسلام والديمقراطية وبين المجتمع والسلطة، وما يقال ان هذا النموذج يراد له ان يعمم في العالم الاسلامي؟
ـ كلنا مسلمون موحدون بالله ولا نريد ان يزايد علينا احد أو يعطينا دروسا في الدين، لكن هذه المسألة في كفة، والجمهورية والعلمانية والديمقراطية في كفة اخرى. وما استطيع ان اقوله اننا نقدم تجربة نحترم فيها ديننا ونحترم في الوقت ذاته قيم الجمهورية، واذا سميت هذا بأنه «مصالحة» فلا مانع ولا بأس. اما المصالحة بين المجتمع والسلطة فأحسب انها بدأت بالفعل وستعزز تلك المصالحة اذا ما واصلت الحكومة كسب ثقة الناس واقناعهم بانها قادرة على الوفاء بما تعهدت به في دعاياتها الانتخابية.
* هناك من يقول ان الاميركيين تدخلوا لحساب انجاح حزب العدالة، حيث تناقلت وكالات الانباء تقارير عن نصيحة اميركية قدمت دعت الى عدم المضي في دعوى حل الحزب التي رفعت قبل عشرة ايام من موعد الاقتراع؟
ـ لي خبرة طويلة في هذا النوع من الشائعات. فمن اصل 14 عملية انتخابية جرت في ظل الجمهورية شاركت في ست منها وتقلبت في وظائف السلطة حتى قمتها (رئاسة الجمهورية). ولهذا اقول صراحة ان الاميركيين لو انهم تدخلوا لخسر حزب العدالة والتنمية معركته. لان مثل ذلك التدخل لابد ان يستنفر غضب المجتمع ومن ثم يحفزه الى التصويت ضد الحزب وليس لصالحه.
* يد جزائرية وراء الحجاب
* هل تؤيد الرأي القائل بأن حزب العدالة استهل عهده بارتكاب عدة اخطاء، منها مثلا ظهور زوجة رئيس البرلمان بالحجاب في وداع رئيس الجمهورية، وقيام بعض الوزراء بالصلاة في احدى ردهات هيلتون انقرة؟
ـ ربما عمدت الصحافة الى الاثارة في التعامل مع هذين الموضوعين، لكني لا اعفي قادة الحزب من الخطأ. وقد اراحني ان رئيس الحزب ورئيس الوزراء اعلنا ان موضوع الحجاب ليس من اولويات الحكومة، وان صلاة الوزراء في مكان عام مثل الفندق كان ينبغي ان تتم بعيدا عن الردهات والاماكن المفتوحة، وقالا ان مثل هذه الاخطاء لن تتكرر. هذا شيء جيد.
* حجاب لا أعارضه
* بالمناسبة، هل ترى منطقا في حظر دخول المحجبات الى الجامعات والدوائر الرسمية؟
ـ (سحب الرئيس ديميريل مظروفا كان موضوعا امامه على الطاوله، وبعد ان قلب فيه انتقى صورة ثم اطلعني عليها وقال): هذه صورتي مع شقيقتي واسرتها. وكنت قد زرتهم قبل اسبوعين في قريتنا بجنوب تركيا. هي محجبة كما ترى، وهذا شأن السيدات في عمق المجتمع التركي. وهذا الحجاب لا اعارضه لانه جزء من تقاليد اسرنا، ولكن الحجاب الذي تمنعه الدولة هو ذلك الذي يتحول الى رمز سياسي، يستدعي الى الذاكرة شريطا من المشاهد والتوقعات التي تتصادم مع علمانية الدولة. ولهذا فأنا اقول انني مع حجاب التقاليد والتدين، وضد حجاب الاسلام السياسي. ان دخول الحجاب الى الجامعات يتضمن رسالة اخرى تفرق بين الطلاب فالمحجاب يعتبرن انفسهن وحدهن المسلمات، في حين ان غير المحجبات غير مسلمات. ومن شأن ذلك ان يحدث فتنة في مجتمعنا نحن في غنى عنها. اننا لا نريد ان نكرر مأساة الجزائر، فالحجاب مرحب به في الشارع لان ذلك جزء من حرية الناس، ولكن حين يصل الامر الى ساحة الدولة ومؤسسات الجمهورية فلابد ان يختلف الأمر.
* المقارنة بالجزائر تحتاج الى مراجعة، لان الحالة الديمقراطية في تركيا افضل منها بكثير في الجزائر، وبالتالي فيفترض ان تكون ضمانات الحرية في تركيا افضل بدرجة لا تسمح باجراء مقارنة مع الحالة الجزائرية؟
ـ ما يهمني في موضوع الجزائر هو التداعيات التي ترتبت على صعود الاسلام السياسي. ثم انني ضد ان يكون هناك أي ايد اجنبية في التعامل مع المجتمع المسلم في تركيا. وعندي شكوك في أن مسألة الحجاب في تركيا وراءها خيوط جزائرية.
* ما تقييمك لدور العسكر في الديمقراطية التركية خصوصا وانهم يضغطون بشدة في مسألة الحجاب من خلال مجلس الامن القومي؟
ـ الجيش التركي له احترامه من جانب مختلف القوى السياسية. وهو يمثل ضمير المجتمع التركي. والعسكر لا يتدخلون في الديمقراطية (حين عين ديميريل رئيسا للوزراء في عام 65، بعد فوز حزب العدالة بقيادته، فإنه ترأس ثلاث حكومات حتى سنة 1971، ولكن العسكر وجهوا اليه انذارا وطالبوه بالاستقالة بحجة تردي الاوضاع الاقتصادية فرضخ، وكان هذا هو الانقلاب الثاني الذي قاموا به). ومجلس الامن القومي له موقعه ودوره الذي حدده الدستور، وقد حضرت اجتماعاته التي تتم كل شهر 270 مرة، ووجدت انه يناقش مختلف قضايا المجتمع من الزاوية الامنية، ولانه يضم اكبر قادة في القوات المسلحة، ورؤوس المؤسسة السياسية المدنية، فأنه يؤدي دورا فاعلا وايجابيا لمصلحة الوطن.
* هل استمراره يخدم الديمقراطية أم يمثل عدوانا عليها، باعتبار انه يمارس نوعا من الوصاية على الحكومة التي ينتخبها المجتمع؟
ـ هو يخدم الوطن كما قلت، وليس صحيحا انه يمارس وصايه على المجتمع، ولكنه يشارك في مناقشة الامور التي تهم المجتمع، وفي حالة التوصل الى اتفاق عام بين الطرفين، يتم تنفيذ ما اتفق عليه.
* أي الحكومات افضل في الاداء الديمقراطي، حكومة الائتلاف التي تشترك فيها اكثر من قوة سياسية أو حكومة الحزب الواحد؟
ـ حكومة الحزب الواحد افضل بكثير. ومن خبرتي فان تشكيل الحكومة الائتلافية واقرارها من البرلمان كان يستغرق في المتوسط 60 يوما، تتعطل خلالها مصالح المجتمع ويظل القلق مهيمنا على الدوائر الاقتصادية. اما حكومة الحزب الواحد فقد وجدنا انها تشكلت ونالت ثقة البرلمان في 25 يوما فقط، كما ان قدرتها على اتخاذ القرارات وانجاز الاعمال افضل بكثير.
* هل تعتبر ان اولوية المطالبة بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي في تحرك الحكومة الجديدة كانت تقديرا منها؟
ـ هذه اولوية في السياسة الخارجية كما فهمت، واظن ان ذلك ما كان ينبغي فعله، حيث لم يكن امامهم خيار، لان اجتماع الاتحاد كان محددا له 12 ديسمبر (كانون الاول)، وبالتالي فالذي فرض التحرك هو ذلك الموعد، واحسب ان دخول الاتحاد الاوروبي يمثل اهمية قصوى لتركيا، لانني اعتقد ان هذا الاتحاد هو اعظم مشروع سلام في التاريخ، وانه يضع القارة على عتبات تطور لا حدود لايجابياته على كل مستوى، سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.
* هل تتوقع ان تتقبل دول الاتحاد انضمام تركيا اليه، رغم الحجم الاسلامي الكبير الذي تمثله (70 مليونا تقريبا). (والسؤال واللقاء كان قبل يوم 12 سبتمبر / ايلول)؟
ـ المبدأ تم اقراره والكلام كله حول المواعيد، مرة يقولون سنحدد تاريخا لبدء مفاوضات الانضمام. ومرة ثانية يقولون اننا سنحدد تاريخا نتفق فيه على التاريخ، الامر الذي يعطي انطباعا بأن هناك تسويفا في التنفيذ والاجال.
* لا مشكلة هوية في تركيا
* البعض يتحدث عن ان الاتحاد هو ناد مسيحي، الامر الذي يتعذر في ظله ان تنضم اليه كتلة سكانية مسلمة تضم 70 مليونا من البشر. ـ وانا سمعت حكاية النادي المسيحي، وقد ادهشتني لاول وهلة، ولكن يبدو ان ضغوطا تمارس من هذه الزاوية حقا. الامر الذي قد يسوغ فكرة انشاء ناد اسلامي بالمقابل. وهو تطور ارجو الا يحدث، لانه يعيدنا الى الوراء عدة خطوات وليس خطوة واحدة.
* تتردد اشارة عن محاولة تعميم النموذج التركي على العالم الاسلامي. هل تعتقد أن ذلك ممكن؟
ـ لست مقتنعا باستنساخ التجارب السياسية، فلكل مجتمع خصوصيته، وما يصلح لنا قد لا يصلح لغيرنا. وانا اعتقد ان نموذجنا حقق نجاحا نقل تركيا من عصر الى عصر، ولا اعرف اذا كانت المجتمعات العربية أو الاسلامية الاخرى يمكن ان تتعايش في ظله أم لا، وتلك مهمة متروكة لاهل كل بلد على أي حال.
* هل تعتقد ان النموذج التركي حل مشكلة الهوية لدى الاتراك؟
ـ لا توجد ازمة هوية عندنا، وخيارنا الحضاري والديمقراطي حسم قبل ثمانين عاما.
* اذا كانت 97% من مساحة تركيا في آسيا و3% في أوروبا، ثم تكون وجهة النظام والنموذج متجهة بالكامل ناحية أوروبا. الا يحدث ذلك ازمة انتماء وهوية؟
ـ ليست الجغرافيا هي العامل الاساسي هنا، ولكن البنيان الاجتماعي هو العنصر الحاسم. وقد اختار شعبنا من البداية ان يكون جزءا من أوروبا.
* بعد خروج الاحزاب التقليدية من البرلمان، هل تعتقد ان تركيا بصدد الدخول في نظام الحزبين الرئيسيين، اليمين واليسار؟
ـ لا اريد ان نتعجل الرد فأمامنا وقت حتى نصدر احكاما أو نجري تقييمات. ولا شك ان فكرة نظام الحزبين ستلقى دعما قويا اذا تكللت جهود الحكومات الراهنة بالنجاح.