(شوقي عبد الرقيب القاضي*)
25/10/2010 -
[email protected]
أعرف تماماً أن الفساد المالي والإداري الذي نعيشه قد ابتلع جميع النظريات والاستراتيجيات والنوايا الإصلاحية لأوضاعنا السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية وكل مناحي حياتنا ومجالاتها.
وأعرف جيداً أنه مهما أبدع المفكرون والعلماء في اختراع نظريات تربوية وتعليمية لتطوير مؤسساتنا التربوية والتعليمية والأكاديمية، ومهما أنفقنا على ذلك من أوقات وأموال وجهود فإن الأدوات التنفيذية التي يوكل إليها تنفيذ مخرجات وإجراءات تلك النظريات لا ترتقي إلى مستوى الجدية والمهنية التي تتطلبها تنفيذ تلك الإبداعات ، لأن أغلب أدواتنا التنفيذية إما جاهلة (لا تفرق بين الكوع والبوع ) تربعت على كراسي مواقعها بسبب المحسوبية والرشوة والولاءات الضيقة ، وإما غير متخصصة (الإنسان المناسب في غير مكانه) ، وإما فاسدة ترى في المناصب مغانم و(هبرات) وفرص لا تعوض لها ولذريتها وليذهب الوطن والمجتمع إلى الجحيم، وإما محبطة يائسة قانطة من إصلاح الأوضاع وتغييرها، وإما محدودة الأفق لا ترى أبعد من أرنبة أنفها وليس بالإمكان أفضل مما كان ، وإما منشغلة عن مهامها إلى مهام أخرى ، وإما .. وإما ، وهناك من هم حريصون على وطنهم ومجتمعهم ومصالحه {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} يبذلون جهدهم ويتفانون في خدمة مجتمعهم وإصلاح واقعهم وأداء مهامهم ، مستشعرين عظمة مسؤولياتهم ومواقعهم وأدوارهم .. لهؤلاء نكتب ، ولهؤلاء نقترح فهم أملنا وأمل أمتهم وأوطانهم ، وسينتصرون بفضل الله ، وإصرارهم على الإصلاح والتغيير ، أسوتهم في ذلك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقدوتهم المهاتما غاندي ونلسون مانديلا ومهاتير محمد وأوردوغان وغيرهم من المصلحين قديماً وحديثاً في كل أمة ومن كل دين وثقافة.
ولأن واقع أغلب مدارسنا الحكومية لا يسر صديقاً فقد اتجه الناس إلى المدارس الأهلية علَّهم يجدون فيها قليلاً من التعليم ، وأقل القليل من التربية ، وبصيص جذوة من التأهيل والتطوير لأبنائهم وبناتهم الذين تدفن مهاراتهم وإبداعاتهم وعقولهم على مرأى ومسمع من المجتمع كله ( رئيساً ووزيراً ونائباً وأسرة و.. ).
ولتزايد احتياج الناس وفرارهم من المدارس الحكومية انتشرت المدارس الأهلية في كل حيٍّ وشارع وزقاق ، وبقدر ما في ذلك من فرص عمل للمعلمين والمعلمات الذين يتقاضى بعضهم فتاتاً من هذه المدارس ( ولا البطالة التي تقود الشباب إلى دهاليز خطرة ) إلا أن هذه الظاهرة ( المدارس الأهلية ) تحتاج إلى تقييم وتقويم ومتابعة مستمرة ، تقودها إدارات نظيفة عفيفة ، لا تسترزق من ورائها ، ولا تبتز بها خلق الله ، وإنما لتطوير أدائها ، وتحسين مخرجاتها ، أسوة ببعض دول العالم من حولنا ، الذين ارتقوا بالتعليم فنهضت مجتمعاتهم وشعوبهم واستقرت أحوالهم ، فتخلصوا من الإرهاب والكباب ، وحدوا من التخلف والفقر والجهل والمرض التي عشعشت في مجتمعنا وباضت وفَرَّخت ، وكل ذلك بفضل انتشار التعليم وجودة مخرجاته.
على كل حال .. لا أطيل عليك حبيبي القارئ وعزيزتي القارئة ، وبعيداً عن الخوض في التعليم ورداءة مؤسساته ، وعن ضعف مخرجاته ، وعن الغش الذي يقوده علية القوم من مشايخ ووجاهات ومسؤولين ونواب ومتنفذين في مناطقهم ودوائرهم ، وعن .. وعن .. ، المقترح الذي أضعه بين أيديكم للنقاش والإثراء هو: أن تصنف المدارس الأهلية كما تصنف الفنادق ، خمسة نجوم وأربعة وثلاثة وهكذا ، بموجب معايير دقيقة مهنية وموضوعية ( وأكرر: تقودها إدارات نظيفة عفيفة ، لا تسترزق من ورائها ، ولا تبتز بها خلق الله ، وإنما لتطوير أدائها ، وتحسين مخرجاتها ) تتعلق بـ: أولاً: المبنى والإمكانات وتوفر وتناسب الملاعب والمعامل والفصول الدراسية والقاعات والأجهزة والمكتبات ، وثانياً: الإدارات والمدرسين والاختصاصيين والمشرفين من حيث المؤهلات والخبرات والتفرغ للمدرسة ( لأن الكثير من المعلمين في هذه المدارس خاصة ذوي الجودة اللابأس بها منهكين في متابعة جداولهم وحصصهم من مدرسة إلى أخرى بنظام الساعات والحصص ) ، وثالثاً: العملية التعليمية والسياسات التربوية والتقييمية والمنهاج والأنشطة المصاحبة الصفية واللاصفية ، ورابعاً: من حيث الإبداع والتطوير .. وهكذا. مع ملاحظة عدم التفريط بالحد الأدنى من مواصفات هذه المدارس التي تبقي العملية التعليمية في غرفة الإنعاش.
حينئذٍ سيكون أمام أولياء الأمور أكثر من خيار حسب قدراتهم واهتماماتهم ومخططاتهم ، ( وهذا قدرنا بعد أن تخلت الأنظمة والحكومات عن مهامها وأدوارها بموجب هيمنة ثقافة وأدوات وسياسات الليبرالية والرأسمالية ) ، وحينئذٍ سيفرق الناس بين الحابل والنابل من هذه المدارس ، وحينئذٍ سنخلق فرص تنافس بين تجار هذه المدارس ، وحينئذٍ ـ ربما ـ تتحسن أوضاع هذه المدارس.
تنبيه .. عندما طرحت هذا المقترح لأحد الحبايب ، اعترض عليه بشدة مبرراً تخوفه من أن الكثير من هذه المدارس سيكون مستواها بحسب التصنيف الفندقي أقل من ( لوكندة ) في باب اليمن.
* عضو البرلمان اليمني
25/10/2010 -
[email protected]
أعرف تماماً أن الفساد المالي والإداري الذي نعيشه قد ابتلع جميع النظريات والاستراتيجيات والنوايا الإصلاحية لأوضاعنا السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية وكل مناحي حياتنا ومجالاتها.
وأعرف جيداً أنه مهما أبدع المفكرون والعلماء في اختراع نظريات تربوية وتعليمية لتطوير مؤسساتنا التربوية والتعليمية والأكاديمية، ومهما أنفقنا على ذلك من أوقات وأموال وجهود فإن الأدوات التنفيذية التي يوكل إليها تنفيذ مخرجات وإجراءات تلك النظريات لا ترتقي إلى مستوى الجدية والمهنية التي تتطلبها تنفيذ تلك الإبداعات ، لأن أغلب أدواتنا التنفيذية إما جاهلة (لا تفرق بين الكوع والبوع ) تربعت على كراسي مواقعها بسبب المحسوبية والرشوة والولاءات الضيقة ، وإما غير متخصصة (الإنسان المناسب في غير مكانه) ، وإما فاسدة ترى في المناصب مغانم و(هبرات) وفرص لا تعوض لها ولذريتها وليذهب الوطن والمجتمع إلى الجحيم، وإما محبطة يائسة قانطة من إصلاح الأوضاع وتغييرها، وإما محدودة الأفق لا ترى أبعد من أرنبة أنفها وليس بالإمكان أفضل مما كان ، وإما منشغلة عن مهامها إلى مهام أخرى ، وإما .. وإما ، وهناك من هم حريصون على وطنهم ومجتمعهم ومصالحه {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} يبذلون جهدهم ويتفانون في خدمة مجتمعهم وإصلاح واقعهم وأداء مهامهم ، مستشعرين عظمة مسؤولياتهم ومواقعهم وأدوارهم .. لهؤلاء نكتب ، ولهؤلاء نقترح فهم أملنا وأمل أمتهم وأوطانهم ، وسينتصرون بفضل الله ، وإصرارهم على الإصلاح والتغيير ، أسوتهم في ذلك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقدوتهم المهاتما غاندي ونلسون مانديلا ومهاتير محمد وأوردوغان وغيرهم من المصلحين قديماً وحديثاً في كل أمة ومن كل دين وثقافة.
ولأن واقع أغلب مدارسنا الحكومية لا يسر صديقاً فقد اتجه الناس إلى المدارس الأهلية علَّهم يجدون فيها قليلاً من التعليم ، وأقل القليل من التربية ، وبصيص جذوة من التأهيل والتطوير لأبنائهم وبناتهم الذين تدفن مهاراتهم وإبداعاتهم وعقولهم على مرأى ومسمع من المجتمع كله ( رئيساً ووزيراً ونائباً وأسرة و.. ).
ولتزايد احتياج الناس وفرارهم من المدارس الحكومية انتشرت المدارس الأهلية في كل حيٍّ وشارع وزقاق ، وبقدر ما في ذلك من فرص عمل للمعلمين والمعلمات الذين يتقاضى بعضهم فتاتاً من هذه المدارس ( ولا البطالة التي تقود الشباب إلى دهاليز خطرة ) إلا أن هذه الظاهرة ( المدارس الأهلية ) تحتاج إلى تقييم وتقويم ومتابعة مستمرة ، تقودها إدارات نظيفة عفيفة ، لا تسترزق من ورائها ، ولا تبتز بها خلق الله ، وإنما لتطوير أدائها ، وتحسين مخرجاتها ، أسوة ببعض دول العالم من حولنا ، الذين ارتقوا بالتعليم فنهضت مجتمعاتهم وشعوبهم واستقرت أحوالهم ، فتخلصوا من الإرهاب والكباب ، وحدوا من التخلف والفقر والجهل والمرض التي عشعشت في مجتمعنا وباضت وفَرَّخت ، وكل ذلك بفضل انتشار التعليم وجودة مخرجاته.
على كل حال .. لا أطيل عليك حبيبي القارئ وعزيزتي القارئة ، وبعيداً عن الخوض في التعليم ورداءة مؤسساته ، وعن ضعف مخرجاته ، وعن الغش الذي يقوده علية القوم من مشايخ ووجاهات ومسؤولين ونواب ومتنفذين في مناطقهم ودوائرهم ، وعن .. وعن .. ، المقترح الذي أضعه بين أيديكم للنقاش والإثراء هو: أن تصنف المدارس الأهلية كما تصنف الفنادق ، خمسة نجوم وأربعة وثلاثة وهكذا ، بموجب معايير دقيقة مهنية وموضوعية ( وأكرر: تقودها إدارات نظيفة عفيفة ، لا تسترزق من ورائها ، ولا تبتز بها خلق الله ، وإنما لتطوير أدائها ، وتحسين مخرجاتها ) تتعلق بـ: أولاً: المبنى والإمكانات وتوفر وتناسب الملاعب والمعامل والفصول الدراسية والقاعات والأجهزة والمكتبات ، وثانياً: الإدارات والمدرسين والاختصاصيين والمشرفين من حيث المؤهلات والخبرات والتفرغ للمدرسة ( لأن الكثير من المعلمين في هذه المدارس خاصة ذوي الجودة اللابأس بها منهكين في متابعة جداولهم وحصصهم من مدرسة إلى أخرى بنظام الساعات والحصص ) ، وثالثاً: العملية التعليمية والسياسات التربوية والتقييمية والمنهاج والأنشطة المصاحبة الصفية واللاصفية ، ورابعاً: من حيث الإبداع والتطوير .. وهكذا. مع ملاحظة عدم التفريط بالحد الأدنى من مواصفات هذه المدارس التي تبقي العملية التعليمية في غرفة الإنعاش.
حينئذٍ سيكون أمام أولياء الأمور أكثر من خيار حسب قدراتهم واهتماماتهم ومخططاتهم ، ( وهذا قدرنا بعد أن تخلت الأنظمة والحكومات عن مهامها وأدوارها بموجب هيمنة ثقافة وأدوات وسياسات الليبرالية والرأسمالية ) ، وحينئذٍ سيفرق الناس بين الحابل والنابل من هذه المدارس ، وحينئذٍ سنخلق فرص تنافس بين تجار هذه المدارس ، وحينئذٍ ـ ربما ـ تتحسن أوضاع هذه المدارس.
تنبيه .. عندما طرحت هذا المقترح لأحد الحبايب ، اعترض عليه بشدة مبرراً تخوفه من أن الكثير من هذه المدارس سيكون مستواها بحسب التصنيف الفندقي أقل من ( لوكندة ) في باب اليمن.
* عضو البرلمان اليمني