الزنداني !!
بقلم: شوقي عبد الرقيب القاضي
•قبل لحظات أنهيت مقابلة مع الصحافية ( Heather Murdock ) وهي مراسلة لصحيفة أمريكية ، الجديد في المقابلة أن محور موضوعها ـ كما طلبت هي ـ هو الشيخ / عبد المجيد الزنداني .. بكثير من التفاصيل حتى على مستواه الشخصي وطباعه وحضوره الجماهيري وعلاقاته ، ومع أني اعتذرت عن الإجابة عن بعض الأسئلة التي لا يعرفها عنه إلا حارسه الشخصي أو زوجته الكريمة وبناته الفضليات ، إلا أني أجبت عن الكثير مما أعرفه عنه وعن منهجه ومسيرة حياته وتأثيره وكان مما قلته في المقابلة:
•الشيخ / عبد المجيد الزنداني أمضى حياته ولا زال في موضوع ( الإيمان ) وعلاقته بالعلم والاكتشافات ، محاوراً ومناظراً ومناقشاً العلماء والباحثين من مختلف الأديان ومثبتاً حقائق السبق القرآني في مجال الاكتشافات والاختراعات .. فكانت هذه رسالته التي يعيش لها عبر عنها في كتبه ومحاضراته ودروسه .. وقد تتلمذنا عليها إبان انتشار موجة الفكر الشيوعي الذي رُوَّجَ له معادياً ومنفصلاً عن الدين .. وأتذكر أيامها أننا كنا نتحاور مع زملائنا المتأثرين بهذا الفكر في نهاية السبعينيات عن وجود الله ونبوة الرسول صلى الله عليه وسلم والجنة والنار .. فكان كتاب ( توحيد الخالق ) للزنداني ، وكتاب ( حوار مع صديقي الملحد ) للدكتور مصطفى محمود ـ رحمه الله ـ وكتب خالد محمد خالد هي المرجعيات لنا نقتبس منها ونفند بها شبهات أصدقائنا المتشككين ببعض ما نعتقده من قضايا العقيدة والإيمان.
• وكتب الشيخ / عبد المجيد الزنداني ومحاضراته ودروسه في تلك المرحلة ـ وهو يتربع على سدة التأثير علينا ـ موجودة إلى الآن بإمكان الباحث أن ينقب فيها ويتعرف على المحددات والاتجاهات التي عاشها الشيخ وعمل على نشرها .. وسيخرج الباحث ـ كما خرجت ـ بأن الشيخ / عبد المجيد الزنداني لم يتبنى يوما ( مفاهيم العنف والإرهاب والتطرف ) بل على العكس كانت كتبه داعية للحوار والمناظرة والنقاش لإثبات الحق والصواب .. وأنا أحد من تتلمذ على كتبه لمدة ست سنوات ، ودرَّست كتبه لطلابي لمدة تزيد على 13 سنة في المعهد العلمي ومعهد المعلمين بتعز ، وبقيت كتبه مرجعاً لي عندما انتقلت للتدريس في المعهد العالي أكثر من 10 سنوات ، ومن شدة حبي وإعجابي بالشيخ ودفاعي المستميت عنه أتذكر أني خطبت خطبة كاملة ضد الصحافي المدرسة ( عبد الحبيب سالم مقبل ) ـ رحمه الله وأحسن مثواه وتقبله في الصالحين ـ عندما انتقد الشيخ بعموده الأشهر ( الديمقراطية كلمة مرة ) واتهمت الصحفي بكل نقيصة ووصمته بأنه محارب لله ورسوله و .. و .. و .. [ أستغفر الله وأتوب إليه ].
• ومن المحكات التي اختبر فيها الشيخ / عبد المجيد الزنداني ومنهجه وقربه أو بعده من استخدام العنف تلك القصة المعروفة مع صحافيين يمنيين اتهما الشيخ بتهم لو وجهت لمثله من المشايخ والمتنفذين وأصحاب الأتباع لكان الصحفيان ـ يومها ـ في خبر كان .. وهو ما كان يرجوه بعض أنصاره وأتباعه ، إلا أن الشيخ رفض كل تلك العروض ( الجهادية ) واختار طريق القضاء .. ولقد سمعته أكثر من مرة وهو يدعو المتضررين في أي قضية للجوء إلى القضاء ، وعندما تبنى موقفه المعروف ضد الصحفي ( سمير اليوسفي ) بشأن صحيفة ( الثقافية ) وما ينشر فيها ، لجأ إلى القضاء ، مع وجود الكثير من أتباعه وأنصاره ومحبيه من يؤمن بوسائل أخرى ليس منها القضاء .. كل ما ذكرته وغيره كثير يؤكد أن الشيخ / عبد المجيد الزنداني لا يؤمن بالعنف ولا يلجأ إليه ولا يدعو له ولا يشجع عليه .. وأتذكر عبارة قالها لي الأخ سمير اليوسفي ـ وأرجو أن يكون ذاكراً ـ عندما بلغ التحريض ضده في قضيته المعروفة مبلغاً عدائياً من بعض الخطباء قال لي: أنا لا أخاف على حياتي من الشيخ / عبد المجيد الزنداني لأني أعرفه لا يلجأ إلى القتل ، وإنما أخاف من طرف ثالث يستغل قضيتي مع الشيخ ليلصق التهمة بالشيخ الزنداني.
• وعن دور الشيخ / عبد المجيد في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي قلت للصحافية: كلنا ـ بما فيهم حضرتي ـ شاركنا في التحريض ضد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان ، وكلنا باركنا إرسال ( المجاهدين ) إلى هناك ، وكلنا جهزنا الغزاة بالمال والعتاد ، كلنا كخطباء ودعاة وحكومات وأنظمة عربية ـ إلا القليل ـ كلنا كإسلاميين وليبراليين وحداثيين على حد سواء ، وكان الغرب كله بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يبارك ذلك ويدعم ويمول ، وكنا نحارب الاتحاد السوفيتي بالوكالة عنه وعن الولايات المتحدة الأمريكية العدو اللدود للاتحاد السوفيتي ، شعرنا أم لم نشعر.
• وعندما وضعت الحرب مع الاتحاد السوفيتي أوزارها وخرج من أفغانستان ، عاد الكثير من أولئك الشباب الذين شجعناهم على ( الجهاد ) في أفغانستان ، ودعمتهم الحكومات والأنظمة الموالية للغرب ، وباركت ( جهادهم ) الولايات المتحدة الأمريكية ضد عدوها اللدود الاتحاد السوفيتي .. عاد هؤلاء الشباب إلى أقطارهم وبلدانهم ليعيشوا حياة طبيعية في أوطانهم وبلدانهم ومع أهليهم وذويهم .. إلا أن بعض الأنظمة وحكوماتها كانت للكثير منهم بالمرصاد ، منع بعضهم من العمل عن طريق قوائم سوداء وزعتها مخابراتها ، وضيق على بعضهم في الرزق ، وسجن آخرون ، وظل بعضهم تحت رقابة المخابرات و .. و.. ، فكان أمام هؤلاء الشباب خياران ، إما أن يقبلوا العيش في ظل تلك الظروف الخانقة التي صنعتها المخابرات العربية ـ وربما بمباركة أجنبية ـ وإما أن يعودوا إلى أفغانستان وظروفها القاسية باحتراب الإخوة الأعداء فيها ( المجاهدون ) بعد خروج الاتحاد السوفيتي .. ومن هنا بدأ التحول لدى هؤلاء الشباب في معركته من ( الشرق ) ممثلاً بعدوهم الراحل الاتحاد السوفيتي ، إلى ( الغرب ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .. وحتى تتكشف الحقائق [ ويا خبر اليوم .. بكره ببلاش ] فإني أجزم أن هذه الأنظمة ومخابراتها ومن بارك إجراءاتها التعسفية ضد أولئك الشباب عند عودتهم بعد رحيل الاتحاد السوفيتي من أفغانستان هي من صنعت هذا التحول والانحراف ، مع أني لا أقر أي عنف وإرهاب يمارس وتحت أي ذريعة ، فالنضال السلمي هو الطريق الوحيد للإصلاح والتغيير والتمكين.
• بعد أن ترك الشيخ / الزنداني موقعه الرسمي في ( هيئة الإعجاز العلمي ) تفرغ للعمل في اليمن ، ونحى في ثلاثة اتجاهات متوازية الأول هو نشر مفاهيم ( الإيمان ) وتأصيله والتربية عليه وكان من مشاريعه في هذا الاتجاه إنشاء ( جامعة الإيمان ) ، وكان المنحى الثاني هو الترويج والتبشير بصلاحية الخيارات الإسلامية في مجال الحياة والتنمية والاقتصاد وكان من تجاربه في هذا المنحى إنشاء ( شركة الأسماك ) التي أرجو من الشيخ أن يدرس خيار تصفيتها وإعادة أموال المساهمين إليهم فقد [ كثر شاكوها وقّلَّ شاكروها ] وأصبحت حبلاً يطوَّق رقبة الشيخ على الصعيدين ( ابتزاز الرسمي ) و( تشويه الشعبي ) ، أما الاتجاه الثالث ـ وهو بيت القصيد ـ فهو تبنيه لمواقف معارضة لبعض القضايا السياسية وفاعليته القوية وحضوره المهدد للنظام ، تمثل ذلك بحملته الشهيرة لتعديل الدستور ـ مع تباين وجهات النظر في ذلك ـ إلا أن الجميع لا ينكر تأثيره القوي وحضوره الجماهيري وكاريزميته القيادية للجماهير بما يمتلكه من قدرة خطابية وحضور شخصي وإمكانات حوارية وملكات تجعله مؤثراً شعبياً وفاعلاً سياسياً .. كل ذلك وغيره أهَّلّه لأن يكون ( عضو مجلس الرئاسة ) بعد إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 90 . إذن كل هذه المعطيات والاتجاهات والمنحيات للشيخ / عبد المجيد الزنداني تؤكد خياراته السلمية ، ورؤاه الإستراتيجية المعتمدة على التربية والتنمية والنضال السلمي في التغيير وليس على العنف والقتل والإرهاب ، ولو شاءها أو آمن بها لفعلها لما يمتلكه من أتباع وأنصار ـ كما يفعل غيره مع قلة أتباعهم ـ ولكنه لم يفعل ذلك ولم يؤثر عنه أنه أذن بذلك.
• قالت محدثتي: إذن لماذا أدرج اسم الزنداني في قائمة المطلوبين بقضايا الإرهاب ؟ أجبتها: في حينها طلبنا من الخارجية الأمريكية أن تثبت إدعاءها وتسلمنا ما لديها من وثائق وبراهين ، فإن ثبت أن الشيخ / عبد المجيد الزنداني قد ارتكب أي جرم أو شارك فيه أو دعا إليه أو حرض عليه ، فنحن حينئذ من سيطالب بإحالته إلى القضاء ، لأننا نؤمن بأنه لا أحد فوق العدالة ، كيف ونبينا عليه الصلاة والسلام عرض نفسه للحساب والمقاصة لمن يدعي عليه مظلمة ، ووقف خلفاؤه رضي الله عنهم مع خصومهم أمام القضاء .. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تلبي ذلك .. وحينئذ اتجهت الأنظار إلى تفسير آخر .. قاطعتني محدثتي ( ما هو ) ؟ قلت لها : ابحثي عن المستفيد من إسكات صوت الزنداني كمعارض سياسي له حضوره وقوته ، ابحثي عن المستفيد من إقصاء الزنداني عن الحياة السياسية واحتمال مشاركته في أي انتخابات وغيرها. ويبدو أن المخابرات الأمريكية ـ كما عودتنا في قضايا كثيرة ومنها نووي العراق وغيرها ـ قد ابتلعت الطُّعْم من خلال معلومات مظللة عن الشيخ الزنداني ، خاصة إذا علمنا أن الكثير من عملائها السريين لا تربطهم بها إلا الأموال ، فيقدموا أي معلومات كجزء من عملهم الذي يتعيشون منه ليحصلوا عليها ، ومن هنا فإن الإدارة الأمريكية ـ بصورة أو بأخرى ـ مشاركة في إجهاض صوت من أقوى الأصوات المعارضة في الحياة السياسية اليمنية ، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا.
• ابتسمت محدثتي وقالت: أين تتفق وأين تختلف مع الزنداني ؟ قلت لها اتفاقي مع الشيخ / عبد المجيد الزنداني لا حدود له وهو الأصل ، ولكني وبكل أدب واحترام أختلف معه ومع الإدارة الأمريكية من موقفهما ضد المحكمة الجنائية الدولية ، وأختلف مع شيخنا الزنداني في عدد من قضايا المرأة وتزويج الصغيرات .. وأختلف أكثر معه في مصادر معلوماته التي من خلالها يحدد بعض مواقفه ، وأجدها فرصة في تحذيره ممن يعتقد أنهم ( ثقات ) بالنسبة له ، فإن بعضهم ( ..... ) لا يصدق في الكثير مما ينقله إليه ، وأرجو أن يستفيد شيخنا من تجربة بعض المشايخ الذين ظللهم بعض أتباعهم فجنوا عليهم الكثير من اللوم ، وما صاحب ( البركان في نسف جامعة الإيمان ) رحمه الله إلا دليل يستفاد منه.
•كلمة أخيرة .. أنقلها عبرك أيتها الصحافية الصديقة هي أننا لا نحمل للشعب الأمريكي وكافة الشعوب الغربية والشرقية والشمالية والجنوبية وجميع شعوب الأرض إلا كل خير وود وسلام ، ونؤمن بأن لكلٍ مصالحه المشروعة بالتعاون والتفاهم والتبادل ، إلا أننا كشعوب عربية وإسلامية ضحايا لسياسات حكوماتهم وإداراتهم التي تؤثر فيها خيارات بعض اللوبيات المتطرفة التي لا تريد لشعوبنا أن تحيا بسلام ومن مصلحتها إشعال الفتن والحروب بيننا ، كما أننا كشعوب ضحايا دعم حكوماتها لأنظمتنا الفاسدة والمستبدة والقمعية وعلى حساب حرياتنا وحقوقنا.
[email protected]
*نيوزيمن
بقلم: شوقي عبد الرقيب القاضي
•قبل لحظات أنهيت مقابلة مع الصحافية ( Heather Murdock ) وهي مراسلة لصحيفة أمريكية ، الجديد في المقابلة أن محور موضوعها ـ كما طلبت هي ـ هو الشيخ / عبد المجيد الزنداني .. بكثير من التفاصيل حتى على مستواه الشخصي وطباعه وحضوره الجماهيري وعلاقاته ، ومع أني اعتذرت عن الإجابة عن بعض الأسئلة التي لا يعرفها عنه إلا حارسه الشخصي أو زوجته الكريمة وبناته الفضليات ، إلا أني أجبت عن الكثير مما أعرفه عنه وعن منهجه ومسيرة حياته وتأثيره وكان مما قلته في المقابلة:
•الشيخ / عبد المجيد الزنداني أمضى حياته ولا زال في موضوع ( الإيمان ) وعلاقته بالعلم والاكتشافات ، محاوراً ومناظراً ومناقشاً العلماء والباحثين من مختلف الأديان ومثبتاً حقائق السبق القرآني في مجال الاكتشافات والاختراعات .. فكانت هذه رسالته التي يعيش لها عبر عنها في كتبه ومحاضراته ودروسه .. وقد تتلمذنا عليها إبان انتشار موجة الفكر الشيوعي الذي رُوَّجَ له معادياً ومنفصلاً عن الدين .. وأتذكر أيامها أننا كنا نتحاور مع زملائنا المتأثرين بهذا الفكر في نهاية السبعينيات عن وجود الله ونبوة الرسول صلى الله عليه وسلم والجنة والنار .. فكان كتاب ( توحيد الخالق ) للزنداني ، وكتاب ( حوار مع صديقي الملحد ) للدكتور مصطفى محمود ـ رحمه الله ـ وكتب خالد محمد خالد هي المرجعيات لنا نقتبس منها ونفند بها شبهات أصدقائنا المتشككين ببعض ما نعتقده من قضايا العقيدة والإيمان.
• وكتب الشيخ / عبد المجيد الزنداني ومحاضراته ودروسه في تلك المرحلة ـ وهو يتربع على سدة التأثير علينا ـ موجودة إلى الآن بإمكان الباحث أن ينقب فيها ويتعرف على المحددات والاتجاهات التي عاشها الشيخ وعمل على نشرها .. وسيخرج الباحث ـ كما خرجت ـ بأن الشيخ / عبد المجيد الزنداني لم يتبنى يوما ( مفاهيم العنف والإرهاب والتطرف ) بل على العكس كانت كتبه داعية للحوار والمناظرة والنقاش لإثبات الحق والصواب .. وأنا أحد من تتلمذ على كتبه لمدة ست سنوات ، ودرَّست كتبه لطلابي لمدة تزيد على 13 سنة في المعهد العلمي ومعهد المعلمين بتعز ، وبقيت كتبه مرجعاً لي عندما انتقلت للتدريس في المعهد العالي أكثر من 10 سنوات ، ومن شدة حبي وإعجابي بالشيخ ودفاعي المستميت عنه أتذكر أني خطبت خطبة كاملة ضد الصحافي المدرسة ( عبد الحبيب سالم مقبل ) ـ رحمه الله وأحسن مثواه وتقبله في الصالحين ـ عندما انتقد الشيخ بعموده الأشهر ( الديمقراطية كلمة مرة ) واتهمت الصحفي بكل نقيصة ووصمته بأنه محارب لله ورسوله و .. و .. و .. [ أستغفر الله وأتوب إليه ].
• ومن المحكات التي اختبر فيها الشيخ / عبد المجيد الزنداني ومنهجه وقربه أو بعده من استخدام العنف تلك القصة المعروفة مع صحافيين يمنيين اتهما الشيخ بتهم لو وجهت لمثله من المشايخ والمتنفذين وأصحاب الأتباع لكان الصحفيان ـ يومها ـ في خبر كان .. وهو ما كان يرجوه بعض أنصاره وأتباعه ، إلا أن الشيخ رفض كل تلك العروض ( الجهادية ) واختار طريق القضاء .. ولقد سمعته أكثر من مرة وهو يدعو المتضررين في أي قضية للجوء إلى القضاء ، وعندما تبنى موقفه المعروف ضد الصحفي ( سمير اليوسفي ) بشأن صحيفة ( الثقافية ) وما ينشر فيها ، لجأ إلى القضاء ، مع وجود الكثير من أتباعه وأنصاره ومحبيه من يؤمن بوسائل أخرى ليس منها القضاء .. كل ما ذكرته وغيره كثير يؤكد أن الشيخ / عبد المجيد الزنداني لا يؤمن بالعنف ولا يلجأ إليه ولا يدعو له ولا يشجع عليه .. وأتذكر عبارة قالها لي الأخ سمير اليوسفي ـ وأرجو أن يكون ذاكراً ـ عندما بلغ التحريض ضده في قضيته المعروفة مبلغاً عدائياً من بعض الخطباء قال لي: أنا لا أخاف على حياتي من الشيخ / عبد المجيد الزنداني لأني أعرفه لا يلجأ إلى القتل ، وإنما أخاف من طرف ثالث يستغل قضيتي مع الشيخ ليلصق التهمة بالشيخ الزنداني.
• وعن دور الشيخ / عبد المجيد في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي قلت للصحافية: كلنا ـ بما فيهم حضرتي ـ شاركنا في التحريض ضد غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان ، وكلنا باركنا إرسال ( المجاهدين ) إلى هناك ، وكلنا جهزنا الغزاة بالمال والعتاد ، كلنا كخطباء ودعاة وحكومات وأنظمة عربية ـ إلا القليل ـ كلنا كإسلاميين وليبراليين وحداثيين على حد سواء ، وكان الغرب كله بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يبارك ذلك ويدعم ويمول ، وكنا نحارب الاتحاد السوفيتي بالوكالة عنه وعن الولايات المتحدة الأمريكية العدو اللدود للاتحاد السوفيتي ، شعرنا أم لم نشعر.
• وعندما وضعت الحرب مع الاتحاد السوفيتي أوزارها وخرج من أفغانستان ، عاد الكثير من أولئك الشباب الذين شجعناهم على ( الجهاد ) في أفغانستان ، ودعمتهم الحكومات والأنظمة الموالية للغرب ، وباركت ( جهادهم ) الولايات المتحدة الأمريكية ضد عدوها اللدود الاتحاد السوفيتي .. عاد هؤلاء الشباب إلى أقطارهم وبلدانهم ليعيشوا حياة طبيعية في أوطانهم وبلدانهم ومع أهليهم وذويهم .. إلا أن بعض الأنظمة وحكوماتها كانت للكثير منهم بالمرصاد ، منع بعضهم من العمل عن طريق قوائم سوداء وزعتها مخابراتها ، وضيق على بعضهم في الرزق ، وسجن آخرون ، وظل بعضهم تحت رقابة المخابرات و .. و.. ، فكان أمام هؤلاء الشباب خياران ، إما أن يقبلوا العيش في ظل تلك الظروف الخانقة التي صنعتها المخابرات العربية ـ وربما بمباركة أجنبية ـ وإما أن يعودوا إلى أفغانستان وظروفها القاسية باحتراب الإخوة الأعداء فيها ( المجاهدون ) بعد خروج الاتحاد السوفيتي .. ومن هنا بدأ التحول لدى هؤلاء الشباب في معركته من ( الشرق ) ممثلاً بعدوهم الراحل الاتحاد السوفيتي ، إلى ( الغرب ) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .. وحتى تتكشف الحقائق [ ويا خبر اليوم .. بكره ببلاش ] فإني أجزم أن هذه الأنظمة ومخابراتها ومن بارك إجراءاتها التعسفية ضد أولئك الشباب عند عودتهم بعد رحيل الاتحاد السوفيتي من أفغانستان هي من صنعت هذا التحول والانحراف ، مع أني لا أقر أي عنف وإرهاب يمارس وتحت أي ذريعة ، فالنضال السلمي هو الطريق الوحيد للإصلاح والتغيير والتمكين.
• بعد أن ترك الشيخ / الزنداني موقعه الرسمي في ( هيئة الإعجاز العلمي ) تفرغ للعمل في اليمن ، ونحى في ثلاثة اتجاهات متوازية الأول هو نشر مفاهيم ( الإيمان ) وتأصيله والتربية عليه وكان من مشاريعه في هذا الاتجاه إنشاء ( جامعة الإيمان ) ، وكان المنحى الثاني هو الترويج والتبشير بصلاحية الخيارات الإسلامية في مجال الحياة والتنمية والاقتصاد وكان من تجاربه في هذا المنحى إنشاء ( شركة الأسماك ) التي أرجو من الشيخ أن يدرس خيار تصفيتها وإعادة أموال المساهمين إليهم فقد [ كثر شاكوها وقّلَّ شاكروها ] وأصبحت حبلاً يطوَّق رقبة الشيخ على الصعيدين ( ابتزاز الرسمي ) و( تشويه الشعبي ) ، أما الاتجاه الثالث ـ وهو بيت القصيد ـ فهو تبنيه لمواقف معارضة لبعض القضايا السياسية وفاعليته القوية وحضوره المهدد للنظام ، تمثل ذلك بحملته الشهيرة لتعديل الدستور ـ مع تباين وجهات النظر في ذلك ـ إلا أن الجميع لا ينكر تأثيره القوي وحضوره الجماهيري وكاريزميته القيادية للجماهير بما يمتلكه من قدرة خطابية وحضور شخصي وإمكانات حوارية وملكات تجعله مؤثراً شعبياً وفاعلاً سياسياً .. كل ذلك وغيره أهَّلّه لأن يكون ( عضو مجلس الرئاسة ) بعد إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 90 . إذن كل هذه المعطيات والاتجاهات والمنحيات للشيخ / عبد المجيد الزنداني تؤكد خياراته السلمية ، ورؤاه الإستراتيجية المعتمدة على التربية والتنمية والنضال السلمي في التغيير وليس على العنف والقتل والإرهاب ، ولو شاءها أو آمن بها لفعلها لما يمتلكه من أتباع وأنصار ـ كما يفعل غيره مع قلة أتباعهم ـ ولكنه لم يفعل ذلك ولم يؤثر عنه أنه أذن بذلك.
• قالت محدثتي: إذن لماذا أدرج اسم الزنداني في قائمة المطلوبين بقضايا الإرهاب ؟ أجبتها: في حينها طلبنا من الخارجية الأمريكية أن تثبت إدعاءها وتسلمنا ما لديها من وثائق وبراهين ، فإن ثبت أن الشيخ / عبد المجيد الزنداني قد ارتكب أي جرم أو شارك فيه أو دعا إليه أو حرض عليه ، فنحن حينئذ من سيطالب بإحالته إلى القضاء ، لأننا نؤمن بأنه لا أحد فوق العدالة ، كيف ونبينا عليه الصلاة والسلام عرض نفسه للحساب والمقاصة لمن يدعي عليه مظلمة ، ووقف خلفاؤه رضي الله عنهم مع خصومهم أمام القضاء .. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تلبي ذلك .. وحينئذ اتجهت الأنظار إلى تفسير آخر .. قاطعتني محدثتي ( ما هو ) ؟ قلت لها : ابحثي عن المستفيد من إسكات صوت الزنداني كمعارض سياسي له حضوره وقوته ، ابحثي عن المستفيد من إقصاء الزنداني عن الحياة السياسية واحتمال مشاركته في أي انتخابات وغيرها. ويبدو أن المخابرات الأمريكية ـ كما عودتنا في قضايا كثيرة ومنها نووي العراق وغيرها ـ قد ابتلعت الطُّعْم من خلال معلومات مظللة عن الشيخ الزنداني ، خاصة إذا علمنا أن الكثير من عملائها السريين لا تربطهم بها إلا الأموال ، فيقدموا أي معلومات كجزء من عملهم الذي يتعيشون منه ليحصلوا عليها ، ومن هنا فإن الإدارة الأمريكية ـ بصورة أو بأخرى ـ مشاركة في إجهاض صوت من أقوى الأصوات المعارضة في الحياة السياسية اليمنية ، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا.
• ابتسمت محدثتي وقالت: أين تتفق وأين تختلف مع الزنداني ؟ قلت لها اتفاقي مع الشيخ / عبد المجيد الزنداني لا حدود له وهو الأصل ، ولكني وبكل أدب واحترام أختلف معه ومع الإدارة الأمريكية من موقفهما ضد المحكمة الجنائية الدولية ، وأختلف مع شيخنا الزنداني في عدد من قضايا المرأة وتزويج الصغيرات .. وأختلف أكثر معه في مصادر معلوماته التي من خلالها يحدد بعض مواقفه ، وأجدها فرصة في تحذيره ممن يعتقد أنهم ( ثقات ) بالنسبة له ، فإن بعضهم ( ..... ) لا يصدق في الكثير مما ينقله إليه ، وأرجو أن يستفيد شيخنا من تجربة بعض المشايخ الذين ظللهم بعض أتباعهم فجنوا عليهم الكثير من اللوم ، وما صاحب ( البركان في نسف جامعة الإيمان ) رحمه الله إلا دليل يستفاد منه.
•كلمة أخيرة .. أنقلها عبرك أيتها الصحافية الصديقة هي أننا لا نحمل للشعب الأمريكي وكافة الشعوب الغربية والشرقية والشمالية والجنوبية وجميع شعوب الأرض إلا كل خير وود وسلام ، ونؤمن بأن لكلٍ مصالحه المشروعة بالتعاون والتفاهم والتبادل ، إلا أننا كشعوب عربية وإسلامية ضحايا لسياسات حكوماتهم وإداراتهم التي تؤثر فيها خيارات بعض اللوبيات المتطرفة التي لا تريد لشعوبنا أن تحيا بسلام ومن مصلحتها إشعال الفتن والحروب بيننا ، كما أننا كشعوب ضحايا دعم حكوماتها لأنظمتنا الفاسدة والمستبدة والقمعية وعلى حساب حرياتنا وحقوقنا.
[email protected]
*نيوزيمن