للعلامة المحدث الشيخ أحمد محمد شاكر
مقال مهم افتتح بها سلسلة مقالات بمجلة الهدي النبوي ( المجلد 15 العدد الأول محرم 1370هـ ) يبين فيه تقصير العلماء في بيان كلمة الحق في كثير من شؤون المسلمين وأنه ينبغي أن يتوبوا إلى الله من هذا التقصير .
كلمة الحق
بقلم العلامة المحقق أحمد محمد شاكر
ما أقل ما قُلْنا ( كلمة الحق ) في مواقف الرجال ، وما أكثر ما قصَّرنا في ذلك ، إن لم يكن خوفًا فضعفًا ، ونستغفر الله وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا ، كفارة عما سلف من تقصير ، وعما أسلفت من ذنوب ، ليس لها إلاّ عفو الله ورحمته والعمر يجري بنا سريعًا والحياة توشك أن تبلغ منتهاها .
وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا ، وبلادنا ، بلاد الإسلام ، تنحدر في مجرى السيل إلى هُوَّةٍ لا قرار لها ، هُوَّة الإلحاد والإباحية والانحلال ، فإن لم نقف منهم موقف النذير ، وإن لم نأخذ بحُجَزِهم عن النار ، انحدرنا معهم ، وأصابنا من عقابيل ذلك ما يصيبهم ، وكان علينا من الإثم أضعاف ما حملوا .
ذلك بأن الله أخذ علينا ميثاق { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] ، وذلك بأن الله ضرب لنا المثل بأشقى الأمم ، { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [ المائدة : 78 – 79 ] .
وذلك بأن الله وصفنا . معشر المسلمين . بأننا خير الأمم { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [ آل عمران : 110 ] فإن فقدنا ما جعلنا الله به خير الأمم ، كنا كمثل أشقاها ، وليس من منزلة هناك بينهما .
وذلك بأن الله يقول : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ } [ الأحزاب : 39 ] .
وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ألا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده ، فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق ، أو يذكر بعظيم )) رواه أحمد في المسند 11494 بإسناد صحيح .
وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يحقرن أحدكم نفسه . قالوا : يا رسول الله ، كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال : يرى أمرًا لله عليه فيه مقال ، ثم لا يقول فيه ، فيقول الله – عز وجل – له يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشية الناس . فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى )) رواه ابن ماجه 2/252 بإسناد صحيح .
* * *
نريد أن نقول ( كلمة الحق ) في شؤون المسلمين كلها ، نريد أن ننافح عن الإسلام ما استطعنا ، بالقول الفصل ، والكلمة الصريحة ، لا نخشى فيما نقول أحدًا إلاَّ الله ؛ إذ نقول ما نقول في حدود ما أذن الله لنا به ، بل ما أوجب عليه أن نقوله بهدي كتاب ربنا وسنة رسوله .
نريد أن نحارب الوثنية الحديثة والشرك الحديث ، اللذين شاعا في بلادنا وفي أكثر بلاد الإسلام ، تقليدًا لأوربة الوثنية الملحدة ، كما حارب سلفنا الصالح الوثنية القديمة والشرك القديم .
نريد أن ننافح عن القرآن ، وقد اعتاد الناس أن يلعبوا بكتاب الله بين أظهرنا ، فمن متناوّل لآياته غير مؤمن به ، يريد يقسرها : على غير ما يدل عليه صريح اللفظ في كلام العرب ، حتى يوافق ما آمن به ، أو ما أشربته نفسه ومن عقائد أوربة ووثنيتها وإلحادها ، أو يقربه إلى عاداتهم وآدابهم . إن كانت لهم آداب . ليجعل الإسلام دينًا عصريًّا في نظره ونظر ساداته الذين ارتضع لبانهم أو رُبِّي في أحضانهم . ومن منكر لكل شيء من عالم الغيب ، فلا يفتأ يحاور ويداور ، ليجعل عالم الغيب كله موافقًا لظواهر ما رأى من سنن الكون ، إن كان يرى أو على الأصح لما فهم أن أوربة ترى !! نعم ، لا بأس عليه – عنده – أن يؤمن بشيء مما وراء المادة إن أثبته السادة الأوربيون ، ولو كان من خرافات استحضار الأرواح !! .
ومن جاهل لا يفقه في الإسلام شيئًا ، ثم لا يستحي أن يتلاعب بقراءات القرآن وألفاظه المعجزة السامية ، فيكذب كل الأئمة والحفاظ فيما حفظوا ورووا . تقليدًا لعصبية الإفرنج التي يريدون بها أن يهدموا هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ ليجعلوه مثل ما لديهم من كتب .
وهكذا مما نرى وترون .
* * *
نريد أن نحفظ أعراض المسلمين ، وأن نحارب ، ما أحدث ( النسوان ) وأنصار ( النسوان ) من المنكرات الإباحية والمجون والفجور والدعارة ، هؤلاء ( النسوان ) اللائي ليس لهن رجال إلا رجال ( يشبهن ) الرجال !! هذه الحركة النسائية الماجنة ، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين ، والمخنثون من الرجال ، والمترجلات من النساء ، التي يهدمون بها كل خلق كريم ، يتسابق وأولئك وهؤلاء إلى الشهوات ، وإلى الشهوات فقط .
نريد أن ندعو الصالحين من المؤمنين ، والصالحات من المؤمنات : الذين بقي في نفوسهم الحفاظ والغيرة ومقومات الرجولة ، واللائي بقي في نفوسهن الحياء والعفة والتصون إلى العمل الجدي الحازم على إرجاع المرأة المسلمة إلى خدرها الإسلامي المصون ، إلى حجابها الذي أمر الله به ورسوله ، طوعًا أو كرهًا .
نريد أن نثابر على ما دعونا وندعو إليه من العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله في قضائنا كله ، في كل بلاد الإسلام ، وهدم الطاغوت الإفرنجي الذي ضرب على المسلمين في عقر دارهم في صورة قوانين ، والله تعالى يقول : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً } [ النساء : 60 – 61 ] . ثم يقول : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [ النساء : 65 ] .
* * *
نريد أن نتحدث في السياسة ، السياسة العليا للأمم السابقة ، التي تجعلهم ( أمة واحدة ، كما وصفهم الله في كتابه ، نَسْمُوا بها على بدعة القوميات ، وعلى أهواء الأحزاب نريد أن نبصر المسلمين وزعماءهم بموقعهم من هذه الدنيا بين الأمم ، وتكالب الأمم عليهم بغيًا وعدوًا ، وعصبية وكراهية الإسلام أولاً وقبل كل شيء .
نريد أن نعمل على تحرير عقول المسلمين وقلوبهم من روح التهتك والإباحية ، ومن روح التمرد والإلحاد ، وأن نريهم أثر ذلك في أوربة وأمريكا ، اللتين يقلدانهما تقليد القردة ، وأن نريهم أثر ذلك في أنفسهم وأخلاقهم ودينهم .
نريد أن نحارب النفاق والمجاملات الكاذبة ، التي اصطنعها كُتَّاب هذا العصر أو أكثرهم فيما يكتبون وينصحون ! يظنون أن هذا من حسن السياسة ، ومن الدعوة إلى الحق ( بالحكمة والموعظة الحسنة ) اللتين أمر الله بهما ! وما كان هذا منهما قط ، وإنما هو الضعف والاستخذاء والمَلق والحرص على عرض الحياة الدنيا .
* * *
وما نريد بهذا أن نكون سفهاء أو شتامين أو مُنَفِّرِين معاذ الله (( وليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ، ولا الفاحش ولا البذيء )) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ رواه الترمذي ( 3/138 من شرح المباركفوري ) وأحمد في المسند 3839 ، 3948 ـ ولكننا نريد أن نقول الحق واضحًا غير ملتو ، وأن نصف الأشياء بأوصافها الصحيحة ، بأحسن عبارة نستطيعها ، ولكننا نربأ بأنفسنا وبإخواننا ، أن نصف رجل يعلن عداءه للإسلام ، أو يرفض شريعة الله ورسوله – مثلاً – بأنه ( صديقنا ) والله سبحانه نهانا عن ذلك نهيا حازما في كتابه ، ونربأ بأنفسنا أن نضعف ونستخذي فنصف أمة من الأمم تضرب المسلمين بالحديد والنار ، وتهتك أعراضهم وتنتهب أموالهم ، بأنها أمة ( صديقة ) أو بأنها أمة ( الحرية والنور ) إذا كان من فعلها مع إخواننا أنها أمة ( الاستعباد والنار ) ! وأمثال ذلك مما يرى القارئ ويسمع كل يوم ، من علمائنا ، ومن كبرائنا وزعمائنا ووزرائنا ! والله المستعان .
نريد أن نمهد للمسلمين سبيل العزة التي جعلها الله لهم ومن حقهم إذا اتصفوا بما وصفهم به : أن يكونوا ( مؤمنين ) نريد أن نوقظهم وندعوهم إلى دينهم بهذا الصوت الضعيف صوت مجلتنا هذه المتواضعة ، ولكننا نرجو أن يُدَوِّي هذا الصوت الضعيف يومًا ما ، فيملأ العالم الإسلامي ، ويبلغ أطراف الأرض ، بما اعتزمنا من نية صادقة ، نرجو أن تكون خالصة لله وحده ، جهادًا في سبيل الله ، إن شاء الله .
فإن عجزنا أو ذهبنا ، فلن يعدم الإسلام رجلاً أو رجالاً خير منا ، يرفعون هذا اللواء ، فلا يزال خفاقًا إلى السماء بإذن الله ؟
أحمد محمد شاكر
*المصريون
مقال مهم افتتح بها سلسلة مقالات بمجلة الهدي النبوي ( المجلد 15 العدد الأول محرم 1370هـ ) يبين فيه تقصير العلماء في بيان كلمة الحق في كثير من شؤون المسلمين وأنه ينبغي أن يتوبوا إلى الله من هذا التقصير .
كلمة الحق
بقلم العلامة المحقق أحمد محمد شاكر
ما أقل ما قُلْنا ( كلمة الحق ) في مواقف الرجال ، وما أكثر ما قصَّرنا في ذلك ، إن لم يكن خوفًا فضعفًا ، ونستغفر الله وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا ، كفارة عما سلف من تقصير ، وعما أسلفت من ذنوب ، ليس لها إلاّ عفو الله ورحمته والعمر يجري بنا سريعًا والحياة توشك أن تبلغ منتهاها .
وأرى أن قد آن الأوان لنقولها ما استطعنا ، وبلادنا ، بلاد الإسلام ، تنحدر في مجرى السيل إلى هُوَّةٍ لا قرار لها ، هُوَّة الإلحاد والإباحية والانحلال ، فإن لم نقف منهم موقف النذير ، وإن لم نأخذ بحُجَزِهم عن النار ، انحدرنا معهم ، وأصابنا من عقابيل ذلك ما يصيبهم ، وكان علينا من الإثم أضعاف ما حملوا .
ذلك بأن الله أخذ علينا ميثاق { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ } [ آل عمران : 187 ] ، وذلك بأن الله ضرب لنا المثل بأشقى الأمم ، { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [ المائدة : 78 – 79 ] .
وذلك بأن الله وصفنا . معشر المسلمين . بأننا خير الأمم { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [ آل عمران : 110 ] فإن فقدنا ما جعلنا الله به خير الأمم ، كنا كمثل أشقاها ، وليس من منزلة هناك بينهما .
وذلك بأن الله يقول : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ } [ الأحزاب : 39 ] .
وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ألا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده ، فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق ، أو يذكر بعظيم )) رواه أحمد في المسند 11494 بإسناد صحيح .
وذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يحقرن أحدكم نفسه . قالوا : يا رسول الله ، كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال : يرى أمرًا لله عليه فيه مقال ، ثم لا يقول فيه ، فيقول الله – عز وجل – له يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشية الناس . فيقول : فإياي كنت أحق أن تخشى )) رواه ابن ماجه 2/252 بإسناد صحيح .
* * *
نريد أن نقول ( كلمة الحق ) في شؤون المسلمين كلها ، نريد أن ننافح عن الإسلام ما استطعنا ، بالقول الفصل ، والكلمة الصريحة ، لا نخشى فيما نقول أحدًا إلاَّ الله ؛ إذ نقول ما نقول في حدود ما أذن الله لنا به ، بل ما أوجب عليه أن نقوله بهدي كتاب ربنا وسنة رسوله .
نريد أن نحارب الوثنية الحديثة والشرك الحديث ، اللذين شاعا في بلادنا وفي أكثر بلاد الإسلام ، تقليدًا لأوربة الوثنية الملحدة ، كما حارب سلفنا الصالح الوثنية القديمة والشرك القديم .
نريد أن ننافح عن القرآن ، وقد اعتاد الناس أن يلعبوا بكتاب الله بين أظهرنا ، فمن متناوّل لآياته غير مؤمن به ، يريد يقسرها : على غير ما يدل عليه صريح اللفظ في كلام العرب ، حتى يوافق ما آمن به ، أو ما أشربته نفسه ومن عقائد أوربة ووثنيتها وإلحادها ، أو يقربه إلى عاداتهم وآدابهم . إن كانت لهم آداب . ليجعل الإسلام دينًا عصريًّا في نظره ونظر ساداته الذين ارتضع لبانهم أو رُبِّي في أحضانهم . ومن منكر لكل شيء من عالم الغيب ، فلا يفتأ يحاور ويداور ، ليجعل عالم الغيب كله موافقًا لظواهر ما رأى من سنن الكون ، إن كان يرى أو على الأصح لما فهم أن أوربة ترى !! نعم ، لا بأس عليه – عنده – أن يؤمن بشيء مما وراء المادة إن أثبته السادة الأوربيون ، ولو كان من خرافات استحضار الأرواح !! .
ومن جاهل لا يفقه في الإسلام شيئًا ، ثم لا يستحي أن يتلاعب بقراءات القرآن وألفاظه المعجزة السامية ، فيكذب كل الأئمة والحفاظ فيما حفظوا ورووا . تقليدًا لعصبية الإفرنج التي يريدون بها أن يهدموا هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؛ ليجعلوه مثل ما لديهم من كتب .
وهكذا مما نرى وترون .
* * *
نريد أن نحفظ أعراض المسلمين ، وأن نحارب ، ما أحدث ( النسوان ) وأنصار ( النسوان ) من المنكرات الإباحية والمجون والفجور والدعارة ، هؤلاء ( النسوان ) اللائي ليس لهن رجال إلا رجال ( يشبهن ) الرجال !! هذه الحركة النسائية الماجنة ، التي يتزعمها المجددون وأشباه المجددين ، والمخنثون من الرجال ، والمترجلات من النساء ، التي يهدمون بها كل خلق كريم ، يتسابق وأولئك وهؤلاء إلى الشهوات ، وإلى الشهوات فقط .
نريد أن ندعو الصالحين من المؤمنين ، والصالحات من المؤمنات : الذين بقي في نفوسهم الحفاظ والغيرة ومقومات الرجولة ، واللائي بقي في نفوسهن الحياء والعفة والتصون إلى العمل الجدي الحازم على إرجاع المرأة المسلمة إلى خدرها الإسلامي المصون ، إلى حجابها الذي أمر الله به ورسوله ، طوعًا أو كرهًا .
نريد أن نثابر على ما دعونا وندعو إليه من العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله في قضائنا كله ، في كل بلاد الإسلام ، وهدم الطاغوت الإفرنجي الذي ضرب على المسلمين في عقر دارهم في صورة قوانين ، والله تعالى يقول : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً } [ النساء : 60 – 61 ] . ثم يقول : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [ النساء : 65 ] .
* * *
نريد أن نتحدث في السياسة ، السياسة العليا للأمم السابقة ، التي تجعلهم ( أمة واحدة ، كما وصفهم الله في كتابه ، نَسْمُوا بها على بدعة القوميات ، وعلى أهواء الأحزاب نريد أن نبصر المسلمين وزعماءهم بموقعهم من هذه الدنيا بين الأمم ، وتكالب الأمم عليهم بغيًا وعدوًا ، وعصبية وكراهية الإسلام أولاً وقبل كل شيء .
نريد أن نعمل على تحرير عقول المسلمين وقلوبهم من روح التهتك والإباحية ، ومن روح التمرد والإلحاد ، وأن نريهم أثر ذلك في أوربة وأمريكا ، اللتين يقلدانهما تقليد القردة ، وأن نريهم أثر ذلك في أنفسهم وأخلاقهم ودينهم .
نريد أن نحارب النفاق والمجاملات الكاذبة ، التي اصطنعها كُتَّاب هذا العصر أو أكثرهم فيما يكتبون وينصحون ! يظنون أن هذا من حسن السياسة ، ومن الدعوة إلى الحق ( بالحكمة والموعظة الحسنة ) اللتين أمر الله بهما ! وما كان هذا منهما قط ، وإنما هو الضعف والاستخذاء والمَلق والحرص على عرض الحياة الدنيا .
* * *
وما نريد بهذا أن نكون سفهاء أو شتامين أو مُنَفِّرِين معاذ الله (( وليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ، ولا الفاحش ولا البذيء )) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ رواه الترمذي ( 3/138 من شرح المباركفوري ) وأحمد في المسند 3839 ، 3948 ـ ولكننا نريد أن نقول الحق واضحًا غير ملتو ، وأن نصف الأشياء بأوصافها الصحيحة ، بأحسن عبارة نستطيعها ، ولكننا نربأ بأنفسنا وبإخواننا ، أن نصف رجل يعلن عداءه للإسلام ، أو يرفض شريعة الله ورسوله – مثلاً – بأنه ( صديقنا ) والله سبحانه نهانا عن ذلك نهيا حازما في كتابه ، ونربأ بأنفسنا أن نضعف ونستخذي فنصف أمة من الأمم تضرب المسلمين بالحديد والنار ، وتهتك أعراضهم وتنتهب أموالهم ، بأنها أمة ( صديقة ) أو بأنها أمة ( الحرية والنور ) إذا كان من فعلها مع إخواننا أنها أمة ( الاستعباد والنار ) ! وأمثال ذلك مما يرى القارئ ويسمع كل يوم ، من علمائنا ، ومن كبرائنا وزعمائنا ووزرائنا ! والله المستعان .
نريد أن نمهد للمسلمين سبيل العزة التي جعلها الله لهم ومن حقهم إذا اتصفوا بما وصفهم به : أن يكونوا ( مؤمنين ) نريد أن نوقظهم وندعوهم إلى دينهم بهذا الصوت الضعيف صوت مجلتنا هذه المتواضعة ، ولكننا نرجو أن يُدَوِّي هذا الصوت الضعيف يومًا ما ، فيملأ العالم الإسلامي ، ويبلغ أطراف الأرض ، بما اعتزمنا من نية صادقة ، نرجو أن تكون خالصة لله وحده ، جهادًا في سبيل الله ، إن شاء الله .
فإن عجزنا أو ذهبنا ، فلن يعدم الإسلام رجلاً أو رجالاً خير منا ، يرفعون هذا اللواء ، فلا يزال خفاقًا إلى السماء بإذن الله ؟
أحمد محمد شاكر
*المصريون