هويدي 16-7-2001
الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى واشنطن في نهاية الاسبوع الماضي أهم بكثير من الاخبار التي نشرت عنها. اذ من الصحيح أن الزيارة تناولت علاقات البلدين وملف الصحراء والشراكة المغاربية، لكن اختزالها في عنوان من هذا القبيل يهون من شأنها بصورة نسبية، لان ثمة دلائل عديدة تشير الى ان الامر أعمق من ذلك بكثير، وأن الزيارة تمثل محطة مهمة على صعيد العلاقات الامريكية ـ الجزائرية، والمغاربية بوجه عام.
لماذا؟ توجب الاجابة، يقينا، ان نتوقف بسرعة امام بعض الخلفيات التي تلقي عديدا من الضوء على ملابسات الزيارة ومقاصدها.
فالمتابعون للعلاقات الجزائرية ـ الامريكية يلاحظون ان الرئيس بوتفليقة منذ تولي السلطة في عام 1999 اولى اهتماما كبيرا بتنشيط العلاقات الخارجية لبلاده، ليس فقط لتحسين صورة الجزائر التي شوهتها سنوات العنف والارهاب، ولكن ايضا لادراكه ـ في الاغلب ـ ان تحقيق الانجاز على هذه الجبهة ايسر بكثير من تحقيق الانجاز في الداخل، نظرا لتعقد الاوضاع الداخلية وعجزه عن اجراء مصالحة وطنية حقيقية. ولا يُستبعد في ذلك ان يكون بوتفليقة بتنشيطه للعلاقات الخارجية لبلاده ربما اراد ايضا ان يثبت أركان نظامه ووضعه الخاص في مواجهة المؤسسة العسكرية المهيمنة والتي تتصارع اجنحتها سواء على النفوذ أو المصالح.
ورغم انه مد جسوره مع فرنسا الا ان عينيه ظلتا مصوبتين ناحية الولايات المتحدة، وقد لا نبالغ اذا قلنا ان رهانه الاساسي على واشنطن وليس على باريس. وهناك من يرى ان مصافحته لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك اثناء جنازة الملك الحسن الثاني، كانت رسالة لتمهيد الطريق الى واشنطن قبل أي شيء آخر.
لا يُنسى في هذا السياق ان استقباله في البيت الابيض تأخر عاما عن موعده، ذلك انه بعد فترة من توليه الرئاسة طلب تحديد موعد له مع الرئيس كلينتون، ولكن طلبه لم يلق ترحيبا في حينه، لان واشنطن لم تكن مستريحة للاوضاع غير المستقرة في الجزائر، خصوصا ما تعلق منها بالصراع السياسي الداخلي، وحين ذهب بوتفليقة لحضور اجتماعات الامم المتحدة في مستهل الالفية الجديدة، فانه جدد طلب لقائه مع كلينتون، ولكن البيت الابيض رد بأن الوقت لم يحن بعد لاتمام ذلك اللقاء.
لا يعني ذلك ان الجسور كانت مقطوعة بين الجزائر وواشنطن، بل العكس هو الصحيح. فالعلاقات بين البلدين ظلت تتنامى حينا بعد حين ـ في هدوء وبعيدا عن الاعين ـ على مختلف الاصعدة، كما سترى تواً ، لكن واشنطن آثرت في ذلك الوقت ان يستمر التعاون المتنامي بين البلدين، بدون لقاء مباشر بين الرئيسين كلينتون وبوتفليقة، ولا يستبعد ان تكون دفعت الى ذلك رغبة في الحفاظ على صورة الولايات المتحدة، وتأكيد ادعائها الحرص على التعاون مع الانظمة الديموقراطية والليبرالية، وهو الاعتبار الذي لم تعن به ادارة الرئيس الحالي جورج بوش.
هكذا تم ترتيب زيارة أول رئيس جزائري لواشنطن منذ 16 عاما، وبذلك اصبح بوتفليقة ثالث رئيس جزائري يزور واشنطن منذ الاستقلال، بعد الرئيسين هواري بومدين والشاذلي بن جديد.
لكن يبدو ان التراخي في ترتيب الزيارة تم لاسباب وادعاءات شكلية، وان العلاقات الثنائية مع واشنطن ظلت تتنامى على نحو ملحوظ خلال السنتين الاخيرتين، حتى ازعم انها في ذروة تحسنها في الوقت الراهن، خصوصا في مجالات ثلاثة هي:
* الاستثمارات النفطية، فالشركات الامريكية تستخوذ ابتداء من عام 1993 على اكبر حصة في مجال التنقيب عن النفط في الجزائر، واستثماراتها هناك، التي تجاوزت 4 مليارات دولار، وجهت «ضربة قاضية» للاستثمارات الاوروبية، والفرنسية خاصة، ويذكر في هذا الصدد ان شركة تابعة لنائب الرئيس الامريكي الحالي ديك تشيني حصلت على حق استغلال حقول في جنوب شرق الصحراء الجزائرية، والعقود المبرمة بين الشركات الامريكية وشركة النفط الجزائرية «سونا طراله» تصل مدتها الى ربع قرن، ويتوقع لحجم الاستثمارات الامريكية في حقول النفط والغاز الجزائرية في سنة 2004 أن تصل الى 8 مليارات دولار.
* التعاون العسكري، ذلك انه منذ انضمام الجزائر الى الحوار مع حلف شمال الاطلنطي (ناتو) شهد التعاون بين البلدين في ذلك المجال قفزات بعيدة المدى، فقد جرت العديد من المناورات العسكرية بين القوات البحرية الامريكية والقوات البحرية الجزائرية في البحر الابيض المتوسط، كما قامت العديد من الوفود العسكرية الامريكية بزيارة الجزائر لتوسيع نطاق التعاون بين البلدين، وفي الوقت الراهن تشرف الولايات المتحدة على تدريب مئات من الضباط الجزائريين (الذين كانوا يتدربون في العادة في فرنسا) في معاهد «سان سور الكترونيك» في بالتيمور، التابعة لمجموعة نوتروب جرومان، ليس هذا فحسب، وانما اصبحت الولايات المتحدة اهم مصدر لتزويد الجزائر بالسلاح وهو الجانب الذي كانت تحتكره فرنسا الى زمن قريب.
* التعاون الامني، اذ لم يعد سرا ان وكالة المخابرات المركزية وجهت اهتماما خاصا نحو الجزائر، بعدما وجدت ان عددا غير قليل من الجزائريين شاركوا في الجهاد الافغاني، وان بعض هؤلاء كانوا على علاقة مع اسامة بن لادن، الذي اصبحت الاجهزة الامريكية تعتبره مصدرا للارهاب العالمي، وبعدما تبين ان بعض الجزائريين ألقي القبض عليهم في ادعاءات بعمليات ارهابية بالولايات المتحدة وكندا، فان ذلك كان مبررا اخر لتوسيع نطاق التعاون بين المخابرات الامريكية والاجهزة الامنية الجزائرية، الامر الذي يعزز ما تردد من ان الاجهزة الاخيرة قدمت الى الامريكيين ملفات ومعلومات مستفيضة عن الجزائريين الناشطين في الولايات المتحدة وكندا، الذين تم اعتقال بعضهم هناك خلال الاشهر القليلة الماضية.
هذا التعاون الوثيق والمتنامي بين الجزائر وواشنطن، ما كان له ان يمر في فرنسا دون ان يحدث صداه المتوقع، خصوصا ان فرنسا الى بداية التسعينيات كان تعتبر الملف الجزائري شأنا فرنسيا تختص هي بمعالجته من دون غيرها من الاوروبيين أو الامريكيين.
وقد عبرت صحيفة «لوموند» عن هذا القلق حين ذكرت في تقرير أخير لها أن خبراء «مدرسة الحرب الاقتصادية» التي تأسست في فرنسا، يعتبرون ان لدى الامريكيين «اهدافا استراتيجية يسعون من خلالها الى بسط هيمنتهم على منطقة المغرب العربي»، واذا علمت ان هذه المؤسسة تعد احدى اهم هيئات مندوبية الشؤون الاستراتيجية التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية، فلن يغيب عن بالك ان ذلك القلق يعبر عن شعور السلطة الفرنسية ازاء النشاط الامريكي في المغرب العربي، الذي يتقدم بخطى حثيثة في الشمال الافريقي طاردا التفوق الفرنسي بصورة تدريجية.
ترصد باهتمام بالغ مظاهر التطور في العلاقات الجزائرية ـ الامريكية، منذ وصول بوتفليقة الى الحكم، واستقباله في نفس السنة لقائد الاسطول الامريكي السادس الادميرال دانيال مورفي (سبتمبر/ايلول 1999)، وفي تعليقها على تلك الزيارة قال بيان لمدرسة الحرب الاقتصادية متسائلا «متى يستقبل الرئيس الجزائري ادميرال الاسطول البحري الفرنسي في البحر الابيض المتوسط، وترسو حاملة الطائرات شارل ديجول في ميناء الجزائر.
وفي سياق الرصد والمتابعة كشفت اسبوعية «فيجارو» الفرنسية في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، عن رغبة الادارة الامريكية في استئجار القاعدة البحرية العسكرية في «مرسى الكبير» بالقرب من مدينة وهران غرب الجزائر لارساء غواصاتها، تمهيدا للتوقيع على عقود بيع الاسلحة للجزائر، وكانت صحف فرنسية قد كشفت عن ان رئيس الاركان الجزائري الجنرال محمد العماري قام هو الاخر بزيارة رسمية لقائد الجيش الامريكي في قاعدته الاوروبية بألمانيا.
لقد تحدثت التقارير الصحافية عن ادراج ملف الصحراء على جدول اعمال الزيارة وتأييد واشنطن للاقتراح الفرنسي الداعي الى اعطاء الصحراء الغربية حكما ذاتيا لمدة خمس سنوات، وهو امر لا يسعد الجزائر كثيرا وهي المؤيدة لقيام دولة للصحراويين الى جوارها لاسباب ومصالح عدة، بينها ايجاد منفذ للجزائر على المحيط الاطلسي، وعلى اهمية هذا الموضوع الا انه يمثل بندا واحدا في قائمة من الموضوعات المهمة الاخرى التي تجسد التحولات الحاصلة في السياسة الجزائرية المتجهة غربا، ونرجو ألا يستصحب ذلك ابتعاد عن الشاطئ العربي.
الزيارة التي قام بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى واشنطن في نهاية الاسبوع الماضي أهم بكثير من الاخبار التي نشرت عنها. اذ من الصحيح أن الزيارة تناولت علاقات البلدين وملف الصحراء والشراكة المغاربية، لكن اختزالها في عنوان من هذا القبيل يهون من شأنها بصورة نسبية، لان ثمة دلائل عديدة تشير الى ان الامر أعمق من ذلك بكثير، وأن الزيارة تمثل محطة مهمة على صعيد العلاقات الامريكية ـ الجزائرية، والمغاربية بوجه عام.
لماذا؟ توجب الاجابة، يقينا، ان نتوقف بسرعة امام بعض الخلفيات التي تلقي عديدا من الضوء على ملابسات الزيارة ومقاصدها.
فالمتابعون للعلاقات الجزائرية ـ الامريكية يلاحظون ان الرئيس بوتفليقة منذ تولي السلطة في عام 1999 اولى اهتماما كبيرا بتنشيط العلاقات الخارجية لبلاده، ليس فقط لتحسين صورة الجزائر التي شوهتها سنوات العنف والارهاب، ولكن ايضا لادراكه ـ في الاغلب ـ ان تحقيق الانجاز على هذه الجبهة ايسر بكثير من تحقيق الانجاز في الداخل، نظرا لتعقد الاوضاع الداخلية وعجزه عن اجراء مصالحة وطنية حقيقية. ولا يُستبعد في ذلك ان يكون بوتفليقة بتنشيطه للعلاقات الخارجية لبلاده ربما اراد ايضا ان يثبت أركان نظامه ووضعه الخاص في مواجهة المؤسسة العسكرية المهيمنة والتي تتصارع اجنحتها سواء على النفوذ أو المصالح.
ورغم انه مد جسوره مع فرنسا الا ان عينيه ظلتا مصوبتين ناحية الولايات المتحدة، وقد لا نبالغ اذا قلنا ان رهانه الاساسي على واشنطن وليس على باريس. وهناك من يرى ان مصافحته لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك اثناء جنازة الملك الحسن الثاني، كانت رسالة لتمهيد الطريق الى واشنطن قبل أي شيء آخر.
لا يُنسى في هذا السياق ان استقباله في البيت الابيض تأخر عاما عن موعده، ذلك انه بعد فترة من توليه الرئاسة طلب تحديد موعد له مع الرئيس كلينتون، ولكن طلبه لم يلق ترحيبا في حينه، لان واشنطن لم تكن مستريحة للاوضاع غير المستقرة في الجزائر، خصوصا ما تعلق منها بالصراع السياسي الداخلي، وحين ذهب بوتفليقة لحضور اجتماعات الامم المتحدة في مستهل الالفية الجديدة، فانه جدد طلب لقائه مع كلينتون، ولكن البيت الابيض رد بأن الوقت لم يحن بعد لاتمام ذلك اللقاء.
لا يعني ذلك ان الجسور كانت مقطوعة بين الجزائر وواشنطن، بل العكس هو الصحيح. فالعلاقات بين البلدين ظلت تتنامى حينا بعد حين ـ في هدوء وبعيدا عن الاعين ـ على مختلف الاصعدة، كما سترى تواً ، لكن واشنطن آثرت في ذلك الوقت ان يستمر التعاون المتنامي بين البلدين، بدون لقاء مباشر بين الرئيسين كلينتون وبوتفليقة، ولا يستبعد ان تكون دفعت الى ذلك رغبة في الحفاظ على صورة الولايات المتحدة، وتأكيد ادعائها الحرص على التعاون مع الانظمة الديموقراطية والليبرالية، وهو الاعتبار الذي لم تعن به ادارة الرئيس الحالي جورج بوش.
هكذا تم ترتيب زيارة أول رئيس جزائري لواشنطن منذ 16 عاما، وبذلك اصبح بوتفليقة ثالث رئيس جزائري يزور واشنطن منذ الاستقلال، بعد الرئيسين هواري بومدين والشاذلي بن جديد.
لكن يبدو ان التراخي في ترتيب الزيارة تم لاسباب وادعاءات شكلية، وان العلاقات الثنائية مع واشنطن ظلت تتنامى على نحو ملحوظ خلال السنتين الاخيرتين، حتى ازعم انها في ذروة تحسنها في الوقت الراهن، خصوصا في مجالات ثلاثة هي:
* الاستثمارات النفطية، فالشركات الامريكية تستخوذ ابتداء من عام 1993 على اكبر حصة في مجال التنقيب عن النفط في الجزائر، واستثماراتها هناك، التي تجاوزت 4 مليارات دولار، وجهت «ضربة قاضية» للاستثمارات الاوروبية، والفرنسية خاصة، ويذكر في هذا الصدد ان شركة تابعة لنائب الرئيس الامريكي الحالي ديك تشيني حصلت على حق استغلال حقول في جنوب شرق الصحراء الجزائرية، والعقود المبرمة بين الشركات الامريكية وشركة النفط الجزائرية «سونا طراله» تصل مدتها الى ربع قرن، ويتوقع لحجم الاستثمارات الامريكية في حقول النفط والغاز الجزائرية في سنة 2004 أن تصل الى 8 مليارات دولار.
* التعاون العسكري، ذلك انه منذ انضمام الجزائر الى الحوار مع حلف شمال الاطلنطي (ناتو) شهد التعاون بين البلدين في ذلك المجال قفزات بعيدة المدى، فقد جرت العديد من المناورات العسكرية بين القوات البحرية الامريكية والقوات البحرية الجزائرية في البحر الابيض المتوسط، كما قامت العديد من الوفود العسكرية الامريكية بزيارة الجزائر لتوسيع نطاق التعاون بين البلدين، وفي الوقت الراهن تشرف الولايات المتحدة على تدريب مئات من الضباط الجزائريين (الذين كانوا يتدربون في العادة في فرنسا) في معاهد «سان سور الكترونيك» في بالتيمور، التابعة لمجموعة نوتروب جرومان، ليس هذا فحسب، وانما اصبحت الولايات المتحدة اهم مصدر لتزويد الجزائر بالسلاح وهو الجانب الذي كانت تحتكره فرنسا الى زمن قريب.
* التعاون الامني، اذ لم يعد سرا ان وكالة المخابرات المركزية وجهت اهتماما خاصا نحو الجزائر، بعدما وجدت ان عددا غير قليل من الجزائريين شاركوا في الجهاد الافغاني، وان بعض هؤلاء كانوا على علاقة مع اسامة بن لادن، الذي اصبحت الاجهزة الامريكية تعتبره مصدرا للارهاب العالمي، وبعدما تبين ان بعض الجزائريين ألقي القبض عليهم في ادعاءات بعمليات ارهابية بالولايات المتحدة وكندا، فان ذلك كان مبررا اخر لتوسيع نطاق التعاون بين المخابرات الامريكية والاجهزة الامنية الجزائرية، الامر الذي يعزز ما تردد من ان الاجهزة الاخيرة قدمت الى الامريكيين ملفات ومعلومات مستفيضة عن الجزائريين الناشطين في الولايات المتحدة وكندا، الذين تم اعتقال بعضهم هناك خلال الاشهر القليلة الماضية.
هذا التعاون الوثيق والمتنامي بين الجزائر وواشنطن، ما كان له ان يمر في فرنسا دون ان يحدث صداه المتوقع، خصوصا ان فرنسا الى بداية التسعينيات كان تعتبر الملف الجزائري شأنا فرنسيا تختص هي بمعالجته من دون غيرها من الاوروبيين أو الامريكيين.
وقد عبرت صحيفة «لوموند» عن هذا القلق حين ذكرت في تقرير أخير لها أن خبراء «مدرسة الحرب الاقتصادية» التي تأسست في فرنسا، يعتبرون ان لدى الامريكيين «اهدافا استراتيجية يسعون من خلالها الى بسط هيمنتهم على منطقة المغرب العربي»، واذا علمت ان هذه المؤسسة تعد احدى اهم هيئات مندوبية الشؤون الاستراتيجية التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية، فلن يغيب عن بالك ان ذلك القلق يعبر عن شعور السلطة الفرنسية ازاء النشاط الامريكي في المغرب العربي، الذي يتقدم بخطى حثيثة في الشمال الافريقي طاردا التفوق الفرنسي بصورة تدريجية.
ترصد باهتمام بالغ مظاهر التطور في العلاقات الجزائرية ـ الامريكية، منذ وصول بوتفليقة الى الحكم، واستقباله في نفس السنة لقائد الاسطول الامريكي السادس الادميرال دانيال مورفي (سبتمبر/ايلول 1999)، وفي تعليقها على تلك الزيارة قال بيان لمدرسة الحرب الاقتصادية متسائلا «متى يستقبل الرئيس الجزائري ادميرال الاسطول البحري الفرنسي في البحر الابيض المتوسط، وترسو حاملة الطائرات شارل ديجول في ميناء الجزائر.
وفي سياق الرصد والمتابعة كشفت اسبوعية «فيجارو» الفرنسية في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، عن رغبة الادارة الامريكية في استئجار القاعدة البحرية العسكرية في «مرسى الكبير» بالقرب من مدينة وهران غرب الجزائر لارساء غواصاتها، تمهيدا للتوقيع على عقود بيع الاسلحة للجزائر، وكانت صحف فرنسية قد كشفت عن ان رئيس الاركان الجزائري الجنرال محمد العماري قام هو الاخر بزيارة رسمية لقائد الجيش الامريكي في قاعدته الاوروبية بألمانيا.
لقد تحدثت التقارير الصحافية عن ادراج ملف الصحراء على جدول اعمال الزيارة وتأييد واشنطن للاقتراح الفرنسي الداعي الى اعطاء الصحراء الغربية حكما ذاتيا لمدة خمس سنوات، وهو امر لا يسعد الجزائر كثيرا وهي المؤيدة لقيام دولة للصحراويين الى جوارها لاسباب ومصالح عدة، بينها ايجاد منفذ للجزائر على المحيط الاطلسي، وعلى اهمية هذا الموضوع الا انه يمثل بندا واحدا في قائمة من الموضوعات المهمة الاخرى التي تجسد التحولات الحاصلة في السياسة الجزائرية المتجهة غربا، ونرجو ألا يستصحب ذلك ابتعاد عن الشاطئ العربي.