خلق الله تعالى الناس بحسب فطرتهم متماثلين ، وكذلك ولدتهم أمهاتهم أحرارًا متكافئين ، ولكن دخولهم بوابة الحياة بكل مناشطها ينزع عنهم لباس التماثل والتساوي فيرفع بعضهم فوق بعض ، ففي قوله تعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ، إشارة إلى فطرتهم الأولى ’’ من ذكر وأنثى ’’ ، وإيماءٌ إلى دور النشأة الاجتماعية ’’ شعوبا وقبائل لتعارفوا’’ ، وأخيرا تقرير لا لبس فيه إلى ميزان التفاضل : ’’إن أكرمكم عند الله أتقاكم ’’ وبذلك تعلقت الكرامة الإنسانية بالتقوى .
لقد روعيت المساواة في الإسلام تكاليفا شرعية وأديرت سياسته على قطب المساواة ، فلا فضل لشريف على وضيع ولا لعظيم على حقير ، ولا رؤوس في الإسلام ولا أذناب ، يقول صلى الله عليه وسلم : ’’ أنا أخو كل تقي ، ولو كان عبدا حبشيا ، وبريئ من كل شقي ولو كان شريفا قرشيا ’’ .
وتأتي آية ( إنما المؤمنون أخوة ) لتأخذ بيد المستضعفين من الناس ، وتوقفهم جنبا إلى جنب مع أولي القوة بكل أشكالها .
إن الأخوة ليست أخوة نسب توحد بين الإخوة في الحقوق والواجبات مما يقتضي عدم تمايزهم ؛ وإنما أخوة الإيمان أيضا فالأية تفيض بمعاني الرحمة والتواد وبمعنى المساواة .
في خطبة الصديق عندما تولى الخلافة ( القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق ) ، أما الفاروق فيخاطب رعيته في بعض خطبه فيقول : ( إن كان بيني وبين أحد هو منكم شئ من أحكامكم أن أمشي معه إلى من أحبه منكم فينظر فيما بيني وبينه ) .
وكتب عمر في رسالته لأبي موسى الأشعري حين ولاه القضاء : ساو بين الناس في مجلسك ووجهك حتى لا ييأس ضعيف من عدلك ولا يطمع شريف في حيفك .
أبعد هذا التصريح من الخليفتين ما يترك مجالا للشك ؟ لم يستغرب الناس هذه القاعدة العظمى من المساواة لأن التربية الإسلامية الصحيحة لابد وأن تنتج مثل هذا ، ومما عزز من ذلك أن الراشدين لم تقتصر سيرتهم على الأقوال فقط وإنما دعموها بالأفعال فهذا عمر يقتص لأعرابي من ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم سيرا منه على ما جاء في الكتاب والسنة . ويخاطب عمرو بن العاص عامله على مصر في شأن القبطي وابن عمر
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ؟
إنها مواساة الضعيف بمساواته مع القوي !
وعن مفهوم المواساة فلن نبتعد عن المساواة أبدا ولأن للحياة طبعا طبعت عليه ألا وهو أنها لا تكمل لأحد من الناس من كل وجه فإن وجد الإنسان في عيشها لذة من جهة جاء ما ينغصها من جهة أخرى ، ولو كملت لما كان الأمل في حياة الآخرة حيث النعيم الذي لا يكدره شئ . من أجل ذلك احتاج بعضنا إلى البعض في قضاء الحاجات ، وتنفيس الكربات ، وتعضيد كل من يحتاج إلى أخيه الإنسان ؛ إذ لا غنى لنا بأنفسنا عن بعض أبدا .
من هنا كانت المواساة خلق كريم من أخلاق الإسلام التي دعا إليها ، بل لقد عرفته العرب قبل الإسلام وتواصت به الأمم والأجيال ، فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها حينما نزل الوحي على الرسول الكريم وجاءها خائفا مذعورا واسته قائلة : لا تخف يا بن العم والله إنك لتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر ولن يخزيك الله أبدا .
فكيف بتعاليم الإسلام التي أكدت على أفراد هذه الأمة ضرورة التحلي بهذا الخلق الكريم والبعد عن قانون المادية النفعية الذي لا يهتم بمآسي الآخرين وحاجاتهم ، والذي من نتائجه السلبية على المجتمعات حب الذات والأنانية وعبادة المال والدنيا وانعدام الإحسان والرحمة .
إن المواساة باب واسع من أبواب الإحسان من إنفاق للمال ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الجار ، وتعزية المصاب ، وكفالة اليتيم بل والأبسط والأعجب من ذلك المسح على رأسه ترقيقا للقلب ، والسعي على الأرملة والمسكين ، وتقديم النصيحة ، والمواساة بالجاه ، وإكرام الضيف ، والدعاء للمسلمين والاستغفار لهم ، وعيادة المريض .
أنظر إلى قوله تعال في الحديث القدسي مرض عبدي فلان ولم تعده أما لو عدته لوجدتني عنده . إن الله تعالى يواسي عبده المريض الضعيف الذي يعلم بحاجته إليه فكان جل في علاه عنده ولو عددنا سبل مواساة الناس بعضهم لبعض لاحتجنا إلى صفحات وصفحات .
لقد واسى عليه السلام أصحابه في شتى ملاحم حياتهم الاجتماعية وكان يقول : إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم .
ولعل أعظم ما عرفت أمة من المواساة ما قدمه الأنصار للمهاجرين حين اقتسموا معهم كل شئ .
إن الإسلام بإقراره وتأكيده على مفهوم المساواة والمواساة يثبت أنه الدين الحق الذي ارتضاه الحق تعالى لعباده { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } .
*تربيتنا
لقد روعيت المساواة في الإسلام تكاليفا شرعية وأديرت سياسته على قطب المساواة ، فلا فضل لشريف على وضيع ولا لعظيم على حقير ، ولا رؤوس في الإسلام ولا أذناب ، يقول صلى الله عليه وسلم : ’’ أنا أخو كل تقي ، ولو كان عبدا حبشيا ، وبريئ من كل شقي ولو كان شريفا قرشيا ’’ .
وتأتي آية ( إنما المؤمنون أخوة ) لتأخذ بيد المستضعفين من الناس ، وتوقفهم جنبا إلى جنب مع أولي القوة بكل أشكالها .
إن الأخوة ليست أخوة نسب توحد بين الإخوة في الحقوق والواجبات مما يقتضي عدم تمايزهم ؛ وإنما أخوة الإيمان أيضا فالأية تفيض بمعاني الرحمة والتواد وبمعنى المساواة .
في خطبة الصديق عندما تولى الخلافة ( القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق ، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق ) ، أما الفاروق فيخاطب رعيته في بعض خطبه فيقول : ( إن كان بيني وبين أحد هو منكم شئ من أحكامكم أن أمشي معه إلى من أحبه منكم فينظر فيما بيني وبينه ) .
وكتب عمر في رسالته لأبي موسى الأشعري حين ولاه القضاء : ساو بين الناس في مجلسك ووجهك حتى لا ييأس ضعيف من عدلك ولا يطمع شريف في حيفك .
أبعد هذا التصريح من الخليفتين ما يترك مجالا للشك ؟ لم يستغرب الناس هذه القاعدة العظمى من المساواة لأن التربية الإسلامية الصحيحة لابد وأن تنتج مثل هذا ، ومما عزز من ذلك أن الراشدين لم تقتصر سيرتهم على الأقوال فقط وإنما دعموها بالأفعال فهذا عمر يقتص لأعرابي من ملك الغساسنة جبلة بن الأيهم سيرا منه على ما جاء في الكتاب والسنة . ويخاطب عمرو بن العاص عامله على مصر في شأن القبطي وابن عمر
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ؟
إنها مواساة الضعيف بمساواته مع القوي !
وعن مفهوم المواساة فلن نبتعد عن المساواة أبدا ولأن للحياة طبعا طبعت عليه ألا وهو أنها لا تكمل لأحد من الناس من كل وجه فإن وجد الإنسان في عيشها لذة من جهة جاء ما ينغصها من جهة أخرى ، ولو كملت لما كان الأمل في حياة الآخرة حيث النعيم الذي لا يكدره شئ . من أجل ذلك احتاج بعضنا إلى البعض في قضاء الحاجات ، وتنفيس الكربات ، وتعضيد كل من يحتاج إلى أخيه الإنسان ؛ إذ لا غنى لنا بأنفسنا عن بعض أبدا .
من هنا كانت المواساة خلق كريم من أخلاق الإسلام التي دعا إليها ، بل لقد عرفته العرب قبل الإسلام وتواصت به الأمم والأجيال ، فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها حينما نزل الوحي على الرسول الكريم وجاءها خائفا مذعورا واسته قائلة : لا تخف يا بن العم والله إنك لتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر ولن يخزيك الله أبدا .
فكيف بتعاليم الإسلام التي أكدت على أفراد هذه الأمة ضرورة التحلي بهذا الخلق الكريم والبعد عن قانون المادية النفعية الذي لا يهتم بمآسي الآخرين وحاجاتهم ، والذي من نتائجه السلبية على المجتمعات حب الذات والأنانية وعبادة المال والدنيا وانعدام الإحسان والرحمة .
إن المواساة باب واسع من أبواب الإحسان من إنفاق للمال ، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الجار ، وتعزية المصاب ، وكفالة اليتيم بل والأبسط والأعجب من ذلك المسح على رأسه ترقيقا للقلب ، والسعي على الأرملة والمسكين ، وتقديم النصيحة ، والمواساة بالجاه ، وإكرام الضيف ، والدعاء للمسلمين والاستغفار لهم ، وعيادة المريض .
أنظر إلى قوله تعال في الحديث القدسي مرض عبدي فلان ولم تعده أما لو عدته لوجدتني عنده . إن الله تعالى يواسي عبده المريض الضعيف الذي يعلم بحاجته إليه فكان جل في علاه عنده ولو عددنا سبل مواساة الناس بعضهم لبعض لاحتجنا إلى صفحات وصفحات .
لقد واسى عليه السلام أصحابه في شتى ملاحم حياتهم الاجتماعية وكان يقول : إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم .
ولعل أعظم ما عرفت أمة من المواساة ما قدمه الأنصار للمهاجرين حين اقتسموا معهم كل شئ .
إن الإسلام بإقراره وتأكيده على مفهوم المساواة والمواساة يثبت أنه الدين الحق الذي ارتضاه الحق تعالى لعباده { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } .
*تربيتنا