مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
إبادة المسلمين متعة العصر
إبادة المسلمين متعة العصر

بقلم مراقب

لم نعد نأمل أن أحدا من الحكام العرب يمكن أن يتحدث عن المذابح المسيحية في أفغانستان ولا المذابح الشيوعية في الصين، لأن العرب أصبحوا ألطف وانعم من أن يحتجوا، هذا إذا لم يكن أوباما ونصارى الغرب يذبحون الأفغان بأموال المسلمين النفطيين، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا، وهذا إذا لم تطلب الصين من العرب مساعدتها في قتل ’’المسلمين’’ الذين ستسميهم الإرهابيين، وليقوم العرب يفرفرون على موسيقى ’’إرهابيين’’، ولم نعد نستغرب على الحكومات العربية أي حماقة ضد مصالحها وضد المسلمين، فقد حوّل المحافظون الجدد الخاسرون الحكومات العربية إلى مكاتب خلفيّة للتمويل وللحرب الإعلامية على الإسلام في كل مكان. إنكم لو خففتم الإرهاب القائم على الخطباء، ومنحتموهم ولو شيئا من حرية الصراخ، لصنعتم شيئا من التوازن مع إعلام المحافظين الجدد المستبدين بكم الخاطفين لبلادكم ولعقولكم ولأموالكم، المذلين لكم والمشهرين بكم بمال شعوبكم، ولأوجدتم شيئا من إعادة التوازن مع الإرهاب اليهودي في أقطاركم!

في الأيام الماضية، كنت ألاحق بعض القنوات الأجنبية أتابع أخبار مذابح أفغانستان وتركستان الشرقية، وأبحث عن موقف إنساني في الصين أو في أمريكا، ولكن لا صوت ولا اهتمام، فقد أجمعوا على: ’’أقتلوا من يليكم منهم’’، أصوات أمريكية خافتة تنتقد الصينيين، من باب المكايدة لا من باب أن التركستانيين مضطهدون ومسروقة بلادهم وثرواتهم، ويعانون من مذبحة على أيدي الهان، وقد عاش المسلمون زمنا على أخبار التركستانيين والغزو الصيني الشيوعي لهم.
وعندما كانت رابطة العالم الإسلامي ذات رسالة واهتمام بشؤون المسلمين، وعندما كان فيها رجال ذوو قلوب حية وشعور بالمسؤولية بالدور، استغلوا الكراهية للشيوعية وموقف بلاد الرابطة من معركة الإسلام مع الشيوعيين، فطبعت كتبا ومنشورات سجلت مأساة تركستان الشرقية، وكانت تلك المنشورات من أوائل الكتب السياسية المحزنة التي قرأتها في حياتي الثقافية، وأرخت لملاحم تركستان، وكنا نرى ضحايا الحزب الشيوعي الصيني في مكة والطائف رجالا مسنين بلحى سابغة وسحن، كانت غريبة عنا، مع حسن خلق وأمانة في البيع والشراء، كان زملائي يرون البائع الغريب وكنت أرى الملحمة الحزينة، هذا قبل أن نقرأ رواية ’’ليالي تركستان’’.
توقعت أن الحكومات العربية ستحتج على الصين أو ستسحب سفراءها، وتوقعت أن مساجد العرب سوف تلتهب بالخطب عن المأساة وعن المساجد التي حرّمت فيها الصلاة، وأغلقت في وجوه المسلمين، حضرت خطبة الجمعة وقلت لعل الإمام سمع الخبر فخاب الأمل، وألقى علينا خطبة لو قيلت في أي عصر لصلحت له، ولصلحت لأي مكان، يقول كلاما خارج الزمان والمكان، ولم يسمع الإمام الأمي بالخبر، أن مساجد أمة من المسلمين حُرّم دخولها، وهذا الإمام يستمتع بالراتب أو المكافأة على تجميد عقول المصلين، لتبقى خارج التاريخ كما قد جمد عقله هو.
وتوقعت وتوقعت ولكن لم نسمع ولم نر، إلا بداية حيوية ونبض للإسلام في تركيا بعد أن دمرت كرامة المسلمين في منابع نصرتهم العربية، فقد أصبح الإسلام كله إرهابا عند العرب من أتباع المحافظين الجدد!
تركيا احتجت وخرج الرجل المحترم في العالم اليوم والعالم الإسلامي، خاصة ’’أردغان’’ محتجا، بسبب الإسلام، أو قد تقولون بسبب العرق التركي المشترك مع التركستانيين! لا يهم هذا فقد رأيناه يقف موقفا شريفا في وجه النصاب الكذاب بيريز، ويتردد عمرو موسى الذي ليس وراءه من رجال يوفّون موقفه، فخجل من الرجولة الحازمة وتراجع ولم يخرج محتجا كأردغان.
مسكين عمرو موسى يصدق عليه قول الأول:
ولو أن قومي أنطقتني رماحهم *** نطقت ولكن الرماح أجرّت!
ليس في قومه رماح، وليس وراء عمرو موسى من يثق به وفيه، كيف وقد دجنته ـ رغم أصالة معدنه ـ مواقف يحسن ألا أصفها، ولكنها مجرد تبعية لبيريز الذي يسوق العرب بعصاه وبجنوده العرب أتباع المحافظين اليهود الجدد!
بلاد العرب اليوم تحّرم فيها الرجولة وتحّرم فيها الشهامة وتحّرم فيها الإنسانية، ولا يعلو فيها إلا أتباع المحافظين الجدد!
ما ضر لو قلتم كلاما بلا عمل كديدنكم، تستنكرون فيه المذابح القائمة للأفغان الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء، وتستنكرون المذابح الصينية وإغلاق المساجد على الضعفاء المقهورين المشردين من مسلمي الصين!
من حسن الحظ أن يكون رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي تركيا واعيا صاحب قلب وشهامة فاستنكر ـ وهل يملك سوى ذلك ـ من أول يوم! ومنذ الساعات الأولى تحدث للجزيرة وزير الخارجية التركي عن المحنة في تركستان، الأتراك سبقوا للدفاع عن المسلمين! نعم بيّض الله وجوههم، فقد ستروا المسلمين يوم انكشفت عورة العرب في غزة، وسوّد الله وجوه العاجزين الخائفين الصامتين على الذل ولكنهم الصارخين بالتعييب والتعيير في وجوه المسلمين كلماما أمرهم بول وولفوتز وجنوده اليهود بذلك!
لم نعد نأمل أن أحدا من الحكام العرب يمكن أن يتحدث عن المذابح المسيحية في أفغانستان ولا المذابح الشيوعية في الصين، لأن العرب أصبحوا ألطف وأنعم من أن يحتجوا، هذا إذا لم يكن أوباما ونصارى الغرب يذبحون الأفغان بأموال المسلمين النفطيين، وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا، وهذا إذا لم تطلب الصين من العرب مساعدتها في قتل ’’المسلمين’’ الذين ستسميهم الإرهابيين، وليقوم العرب يفرفرون على موسيقى ’’إرهابيين’’، ولم نعد نستغرب على الحكومات العربية أي حماقة ضد مصالحها وضد المسلمين، فقد حوّل المحافظون الجدد الخاسرون الحكومات العربية إلى مكاتب خلفيّة للتمويل وللحرب الإعلامية على الإسلام في كل مكان.
أيام الإبادة في البوسنة كنت في بريطانيا، ودخل علينا مثقف عربي المكتب، معه قصاصة من جريدة إنجليزية، وقرأ علينا منها، أن المسلمين يذبحون في مجازر كالمواشي، ولا يفعل العرب شيئا فيما يحدث، ثم ذكر الكاتب دولة عربية مشهورة بإنفاق المال على مصانع السلاح الأمريكي والبريطاني، وذكر تحديدا طائرات إف 15، ثم قال هل ترون واحدا من ... يتحرك في شوارع سراييفو، ويعد لإرسال طائرات الإف 15 أو 16 لتضرب المجرمين الصرب؟ لا لن يحدث ذلك سيكتفون بالنباح ولن يتحول نباحهم إلى عض!
واليوم فقدوا حتى النباح ـ على رأي الصحفي البريطاني ـ وكانوا ينبحون آنذاك، لأن كلينتون طلب منهم ضد صربيا الشيوعية حليفة موسكو، أما الآن، فمن يجرؤ أن ينطق ولو نفاقا ضد المذابح المسيحية الأمريكية للأفغان والمذابح الصينية للتركستانيين! إعلامك يتحكم فيه المحافظون الجدد، فافتحوا لخطباء المساجد ’’الطبقة الأذل في المجتمع’’ أن يقولوا كلمة معروف ويستنكروا تحريم صلاة الجمعة على المسلمين في بلد إسلامي مضطهد! أم أنه حتى المساجد حرّم فيها المعروف!
إنكم لو خففتم الإرهاب القائم على الخطباء، ومنحتموهم ولو شيئا من حرية الصراخ، لصنعتم شيئا من التوازن مع إعلام المحافظين الجدد المستبدين بكم الخاطفين لبلادكم ولعقولكم ولأموالكم، المذلين لكم والمشهرين بكم بمال شعوبكم، ولأوجدتم شيئا من إعادة التوازن مع الإرهاب اليهودي في أقطاركم! ولسمع العالم أن في هذه الصحاري بقايا إنسانية وإسلام وكرامة!
لو صرختم فقط من قهر المحافظين الجدد، لهابكم من تهابون! لو صرختم من إذلال بيريز وجنوده، لرحمكم الراحمون، وأشفق علي كرامتك المستباحة كثيرون. لو صرختم فقط لعرف الناس إنكم موجودون!
.العصر
أضافة تعليق