مدلول الاحتفال ومبعث افتخار الحوثي .. الغدير (الحلقة السابعة)
الاحد، 06.14.2009، 04:22am (GMT)
ثمة جملة شواهد أخرى تشير إلى مدى التأثر بالعامل الخارجي لعل من أبرزها بالنسبة للحركة الحوثية شاهدي الغدير والشعار، حيث يحتفل الشيعة الإثني عشرية في مختلف أماكن وجودهم، وفي كل بقعة من العالم، في يوم الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام، بيوم الغدير، إذ يرجع أصله إلى حديث مروي صحيح في جوهره لدى الشيعة ولدى السنّة معاً، غير أن الاختلاف حدث في زيادة بعض ألفاظه، وتأويل كل منهما له، وأصله ورد في صحيح مسلم فهو صحيح عند أهل السنة وإن ورد بألفاظ مختلفة (راجع :مسلم، صحيح مسلم( بشرح النووي)، ج15، ص 179-180، و النسائي ، تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الأحاديث من66-74، ص 51-54، 1403هـ). وقال الحافظ ابن حجر(ت:852هـ) عن حديث:’’ من كنت مولاه فعلي مولاه’’ :’’ وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أحاديثها صحاح’’( ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، جـ 7، ص 74). وقال الحافظ الألباني(ت: 1420هـ- 2000م) بعد أن أورد الحديث كاملاً بلفظ:’’ من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه’’، وبعد تحقيق ونقاش في الروايات والسند مطوّل:’’ وجملة القول: إن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر عنه- صلى الله عليه وسلّم- - كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية’’ (محمّد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، حديث رقم 1750،جـ 4 ص 333،1404هـ،)، ثمّ قال:’’ إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية، قد ضعّف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر فزعم أنّه كذب، وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرّعه في تضعيف الأحاديث، قبل أن يجمع طرقها، ويدقّق النظر فيها، والله المستعان’’ (المرجع السابق، ص 344).
وثمّة نزاع حول بداية الاحتفال بيوم الغدير في اليمن، هل هو ظاهرة جديدة أتى بها الحوثيون في السنوات الأخيرة ؟ أم أنها من الطقوس القديمة التي كان يحييها الزيدية اليمنيون في الماضي، ثم توارت مع قيام الثورة اليمنية في 1962م؟ أم أنها قديمة متصلة، لم تنقطع، بيد أن الضجّة ارتبطت بالخلاف مع الحوثي؟
ويؤكّد المرجع الزيدي بدر الدين الحوثي أن احتفالات الغدير كانت موجودة في السابق لكن ما جعلها ظاهرة على هذا النحو إنما هو إجراء السلطة تجاهها بالمنع، عادّاً للاحتفاء بهذه المناسبة مصلحة دينية، لما فيها من إظهار ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( راجع حوار بدر الدين الحوثي مع صحيفة الوسط، مرجع سابق). كما يذهب محمّد بدر الدين شقيق حسين الأكبر إلى أن الاحتفال بيوم الغدير كان يتم في معظم المحافظات الشمالية منذ مئات السنين’’ (حوار مع محمّد بدر الدين الحوثي مع صحيفة الديار، العدد (75)، مرجع سابق، ص 13).
ومع أن الرئيس علي عبد الله صالح يقرّ ضمناً أن الاحتفال بيوم الغدير كان جزءاً من التقاليد التي كانت سائدة في اليمن في السابق، بيد أنّه يعدّ ذلك شارة على سياسة العهود الإمامية التي سقطت آخر دولها في 1962م ( راجع خطاب الرئيس في لقائه مع بعض علماء المذهب الزيدي، صحيفة 26 سبتمبر، العدد (1138).
وحسب اطّلاع الباحث ومتابعته فإن أحداً ممن يعوّل عليهم في هذا الشأن لا ينكر أن هذه الطقوس كانت تقام في قرون وعقود سابقة، نظراً لحضور المذهب الزيدي (الجارودي) في اليمن منذ قرون متطاولة، وإن ظهر الاحتفاء أحياناً تحت عنوان آخر عُرِف في بعض المناطق بـ(يوم النشور)- وكان يقصد به قبل هذه التطوّر في السنوات الأخيرة -حسب بعض من عاش فترة العهد الملكي، أي ما قبل 1962م- الإيذان بنهاية الاحتفال بعيد الأضحى، لينتشر الناس بعدها، فيعود كل إلى عمله، على نحو الانتشار المأذون به بعد أداء صلاة الجمعة في قول الله –تعالى-:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض...}(الجمعة:10 )، إيذاناً بعودة كل إلى عمله، بيد أنّه لم يكن بهذا الصخب الذي غدا يُعرف به في السنوات الأخيرة، كما لم يكن يشتمل إلا على ذكر مناقب الإمام علي، دون التعريض بأي ّ من الخلفاء الراشدين، على خلاف ما يحدث اليوم، إذ يحتشد الناس من مختلف مناطقهم إلى جبل (المخروق) بمنطقة الحمزات، شمال شرق صعدة، ليطلقوا وابلاً كثيفاً من الرصاص على صدر الجبل، بمختلف الأسلحة، وقد تحدث إصابات بين بعض الأفراد الحاضرين للمناسبة – عن طريق الخطأ-، وبعضهم يجعل من ذلك الجزء المستهدف من الجبل رمزاً لـ(معاوية بن أبي سفيان)، إذ هو الذي نازع الإمام عليّاً الخلافة وقاتله على ذلك، وورّث ابنه يزيداً الحكم من بعده! ، وبعضهم قد يصحب صغاره ليستمتعوا بالرماية كالكبار، حيث يستمر إطلاق الرصاص حتى الظهر، ثمّ ينتقل كل إلى جهته، على أمل أن يلتقي الكثير منهم في مقايل القات، بعد الظهر، ليتواصل الحديث عن هذا الحدث المثير( راجع تقريراً عن احتفالات الغدير، صحيفة الناس، العدد(231)، مرجع سابق، وقارن بمقالة أسامة حسن ساري، الحوثيون في الغدير.. رسالة قوية، صحيفة الديار، العدد (74).
وتمثّل مسألة الغدير هذه قضية مطلبية لايبدي الحوثيون أي تنازل عنها، بل تمثّل واحدة من بنود أي اتفاق مع السلطة. وقد سئل عبد الملك الحوثي الأخ الأصغر لحسين، والقائد الميداني أثناء المعارك السابقة لماذا تتمسكون بإحياء مناسبة عيد الغدير وما الهدف من إحيائها؟ فأجاب:’’ من حقوقنا المكفولة لنا الحق في إقامة وممارسة شعائرنا ومناسباتنا الدينية التي يُطلق عليها عيد الغدير أو يوم الغدير وهي مناسبة هامة جداً تثقف الأمة بالرؤية الإسلامية في موضوع كبير ومهم هو موضوع الولاية في الإسلام وحادثة (غدير خم) هي معلومة ثابتة لا يشكك فيها إلا من يجهل التاريخ وهي تقدم رؤية تحتاج إليها الأمة لمواجهة ولاية الغرب على أبناء العالم الإسلامي.
ونفى أن يكون أتباعه ممن يستخدم السلاح أو يطلق النار في منطقة (المخروق) مؤكِّداً: ’’ ليسوا من أصحابنا وذلك معروف للجميع ، أما نحن فمنذ سنوات التزمنا عدم إطلاق النار في المناسبات الدينية وغيرها كالأعراس لأسباب متعددة في مقدمتها الحفاظ على الناس من الأضرار التي تحصل نتيجة تساقط الرصاص عليهم من الجو’’. (حوار مع عبد الملك الحوثي، عدن نيوز - موقع ايلاف – أجرى الحوار محمد الخامري، 5-2-2007م).
المشكلة في مدلول الاحتفال:
والحقيقة أن مشكلة الاحتفاء بتلك المناسبة لم تكن لتثير ذلك النزاع لولا أنها لا تعني سوى مدلول واحد لا سواه، بالنسبة للمحتفين. ومهما حاول الباحث أن يجد تأويلاً يعذر فيه المحتفي بذلك اليوم، أو محملاً مقبولاً، أيّاً ما اختلف غيره معه فيه؛ فلن يجد سوى تأكيد القوم على أن الإمام عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- هو الخليفة الشرعي الوحيد بعد وفاة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم- وأن من صار خليفة بعد رسول الله ثم من يليه، ثم من يليه، جميعهم مخالفون لتوجيه النبي-صلى الله عليه وآله وسلّم- القاضي بأن يكون علي الخليفة المباشر بعده، بل هم مغتصبون للخلافة، لأن النبي- عليه الصلاة والسلام- دعا لكل من والى علياً بالولاء لله والنصر منه – ومقصودهم أن يجعله والياً على المسلمين بعد رسول الله مباشرة - كما دعا على من خالف ذلك بالخذلان . وإذاً فإن الاحتفاء لا يعني سوى هذا المدلول لا سواه. بل يذهب حسين الحوثي إلى أبعد من ذلك، حين يصرّح أن مبعث افتخاره أنه ينتمي إلى آل البيت المنزهين عن الخطأ، في مقابل أهل السنة الملفٌقين لخطايا الخلفاء الراشدين السابقين، ومحاولة تحويلها إلى حسنات، لكونهم ملطّخين بعار المخالفة للرسول – صلى الله عليه وآله وسلّم- في الولاية ابتداء. يقول: ’’ألم نقل في مقام آخر: إن من الفخر لنا؛ أن قدواتنا من أهل البيت ، ليسوا من أولئك الملطخين بعار المخالفة للرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، الملطخين بالأخطاء والمساوئ، والمواقف السيئة، فنجهد أنفسنا في الدفاع عنهم وفي تَنْمِيق مظهرهم. قدواتنا من أهل البيت هم من أولئك المنزهين المطهرين الكاملين في أنفسهم بإكمال الله لهم، ممن يشرفنا أن نقتدي بهم. فأنت لا تخجل إذا ما قلت أن وليّك الإمام علي بن أبي طالب –عليه السلام- ، عد إلى الإمام علي –عليه السلام- تعرّف على الإمام علي-عليه السلام- تجد أنه بالشكل الذي يشرِّفُك ،بالشكل الذي يجعلك تفتخر بأنه إمامك ،بأنك تتولاه. ولكن انظر إلى الآخرين كيف يتعبون أنفسهم وهم دائماً يدافعون عمن يتولونهم ، يحرفون معاني القرآن من أجلهم ، يحرفون معاني كلام رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) من أجلهم. يعملون على أن يحولوا سيئاتهم إلى حسنات ، يعملون على أن يقدموهم للأمة كأعلام. ولكن يكفينا شهادة على أنهم ليسوا ممن يمكن أن نفخر بهم إذا ما انتمينا إليهم أننا نجدكم أنتم تتعبون أنفسكم وأنتم تغطّون على خطيئاتهم ،وعلى قصورهم ونقصهم’’ (حسين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، من عظمة الله، الدرس السابع، ص 8-9، 2512002م- صعدة) .
د. أحمد محمّد الدغشي
.ناس برس
الاحد، 06.14.2009، 04:22am (GMT)
ثمة جملة شواهد أخرى تشير إلى مدى التأثر بالعامل الخارجي لعل من أبرزها بالنسبة للحركة الحوثية شاهدي الغدير والشعار، حيث يحتفل الشيعة الإثني عشرية في مختلف أماكن وجودهم، وفي كل بقعة من العالم، في يوم الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام، بيوم الغدير، إذ يرجع أصله إلى حديث مروي صحيح في جوهره لدى الشيعة ولدى السنّة معاً، غير أن الاختلاف حدث في زيادة بعض ألفاظه، وتأويل كل منهما له، وأصله ورد في صحيح مسلم فهو صحيح عند أهل السنة وإن ورد بألفاظ مختلفة (راجع :مسلم، صحيح مسلم( بشرح النووي)، ج15، ص 179-180، و النسائي ، تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الأحاديث من66-74، ص 51-54، 1403هـ). وقال الحافظ ابن حجر(ت:852هـ) عن حديث:’’ من كنت مولاه فعلي مولاه’’ :’’ وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أحاديثها صحاح’’( ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، جـ 7، ص 74). وقال الحافظ الألباني(ت: 1420هـ- 2000م) بعد أن أورد الحديث كاملاً بلفظ:’’ من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه’’، وبعد تحقيق ونقاش في الروايات والسند مطوّل:’’ وجملة القول: إن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر عنه- صلى الله عليه وسلّم- - كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية’’ (محمّد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، حديث رقم 1750،جـ 4 ص 333،1404هـ،)، ثمّ قال:’’ إذا عرفت هذا فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث أنني رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية، قد ضعّف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر فزعم أنّه كذب، وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرّعه في تضعيف الأحاديث، قبل أن يجمع طرقها، ويدقّق النظر فيها، والله المستعان’’ (المرجع السابق، ص 344).
وثمّة نزاع حول بداية الاحتفال بيوم الغدير في اليمن، هل هو ظاهرة جديدة أتى بها الحوثيون في السنوات الأخيرة ؟ أم أنها من الطقوس القديمة التي كان يحييها الزيدية اليمنيون في الماضي، ثم توارت مع قيام الثورة اليمنية في 1962م؟ أم أنها قديمة متصلة، لم تنقطع، بيد أن الضجّة ارتبطت بالخلاف مع الحوثي؟
ويؤكّد المرجع الزيدي بدر الدين الحوثي أن احتفالات الغدير كانت موجودة في السابق لكن ما جعلها ظاهرة على هذا النحو إنما هو إجراء السلطة تجاهها بالمنع، عادّاً للاحتفاء بهذه المناسبة مصلحة دينية، لما فيها من إظهار ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( راجع حوار بدر الدين الحوثي مع صحيفة الوسط، مرجع سابق). كما يذهب محمّد بدر الدين شقيق حسين الأكبر إلى أن الاحتفال بيوم الغدير كان يتم في معظم المحافظات الشمالية منذ مئات السنين’’ (حوار مع محمّد بدر الدين الحوثي مع صحيفة الديار، العدد (75)، مرجع سابق، ص 13).
ومع أن الرئيس علي عبد الله صالح يقرّ ضمناً أن الاحتفال بيوم الغدير كان جزءاً من التقاليد التي كانت سائدة في اليمن في السابق، بيد أنّه يعدّ ذلك شارة على سياسة العهود الإمامية التي سقطت آخر دولها في 1962م ( راجع خطاب الرئيس في لقائه مع بعض علماء المذهب الزيدي، صحيفة 26 سبتمبر، العدد (1138).
وحسب اطّلاع الباحث ومتابعته فإن أحداً ممن يعوّل عليهم في هذا الشأن لا ينكر أن هذه الطقوس كانت تقام في قرون وعقود سابقة، نظراً لحضور المذهب الزيدي (الجارودي) في اليمن منذ قرون متطاولة، وإن ظهر الاحتفاء أحياناً تحت عنوان آخر عُرِف في بعض المناطق بـ(يوم النشور)- وكان يقصد به قبل هذه التطوّر في السنوات الأخيرة -حسب بعض من عاش فترة العهد الملكي، أي ما قبل 1962م- الإيذان بنهاية الاحتفال بعيد الأضحى، لينتشر الناس بعدها، فيعود كل إلى عمله، على نحو الانتشار المأذون به بعد أداء صلاة الجمعة في قول الله –تعالى-:{فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض...}(الجمعة:10 )، إيذاناً بعودة كل إلى عمله، بيد أنّه لم يكن بهذا الصخب الذي غدا يُعرف به في السنوات الأخيرة، كما لم يكن يشتمل إلا على ذكر مناقب الإمام علي، دون التعريض بأي ّ من الخلفاء الراشدين، على خلاف ما يحدث اليوم، إذ يحتشد الناس من مختلف مناطقهم إلى جبل (المخروق) بمنطقة الحمزات، شمال شرق صعدة، ليطلقوا وابلاً كثيفاً من الرصاص على صدر الجبل، بمختلف الأسلحة، وقد تحدث إصابات بين بعض الأفراد الحاضرين للمناسبة – عن طريق الخطأ-، وبعضهم يجعل من ذلك الجزء المستهدف من الجبل رمزاً لـ(معاوية بن أبي سفيان)، إذ هو الذي نازع الإمام عليّاً الخلافة وقاتله على ذلك، وورّث ابنه يزيداً الحكم من بعده! ، وبعضهم قد يصحب صغاره ليستمتعوا بالرماية كالكبار، حيث يستمر إطلاق الرصاص حتى الظهر، ثمّ ينتقل كل إلى جهته، على أمل أن يلتقي الكثير منهم في مقايل القات، بعد الظهر، ليتواصل الحديث عن هذا الحدث المثير( راجع تقريراً عن احتفالات الغدير، صحيفة الناس، العدد(231)، مرجع سابق، وقارن بمقالة أسامة حسن ساري، الحوثيون في الغدير.. رسالة قوية، صحيفة الديار، العدد (74).
وتمثّل مسألة الغدير هذه قضية مطلبية لايبدي الحوثيون أي تنازل عنها، بل تمثّل واحدة من بنود أي اتفاق مع السلطة. وقد سئل عبد الملك الحوثي الأخ الأصغر لحسين، والقائد الميداني أثناء المعارك السابقة لماذا تتمسكون بإحياء مناسبة عيد الغدير وما الهدف من إحيائها؟ فأجاب:’’ من حقوقنا المكفولة لنا الحق في إقامة وممارسة شعائرنا ومناسباتنا الدينية التي يُطلق عليها عيد الغدير أو يوم الغدير وهي مناسبة هامة جداً تثقف الأمة بالرؤية الإسلامية في موضوع كبير ومهم هو موضوع الولاية في الإسلام وحادثة (غدير خم) هي معلومة ثابتة لا يشكك فيها إلا من يجهل التاريخ وهي تقدم رؤية تحتاج إليها الأمة لمواجهة ولاية الغرب على أبناء العالم الإسلامي.
ونفى أن يكون أتباعه ممن يستخدم السلاح أو يطلق النار في منطقة (المخروق) مؤكِّداً: ’’ ليسوا من أصحابنا وذلك معروف للجميع ، أما نحن فمنذ سنوات التزمنا عدم إطلاق النار في المناسبات الدينية وغيرها كالأعراس لأسباب متعددة في مقدمتها الحفاظ على الناس من الأضرار التي تحصل نتيجة تساقط الرصاص عليهم من الجو’’. (حوار مع عبد الملك الحوثي، عدن نيوز - موقع ايلاف – أجرى الحوار محمد الخامري، 5-2-2007م).
المشكلة في مدلول الاحتفال:
والحقيقة أن مشكلة الاحتفاء بتلك المناسبة لم تكن لتثير ذلك النزاع لولا أنها لا تعني سوى مدلول واحد لا سواه، بالنسبة للمحتفين. ومهما حاول الباحث أن يجد تأويلاً يعذر فيه المحتفي بذلك اليوم، أو محملاً مقبولاً، أيّاً ما اختلف غيره معه فيه؛ فلن يجد سوى تأكيد القوم على أن الإمام عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- هو الخليفة الشرعي الوحيد بعد وفاة رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم- وأن من صار خليفة بعد رسول الله ثم من يليه، ثم من يليه، جميعهم مخالفون لتوجيه النبي-صلى الله عليه وآله وسلّم- القاضي بأن يكون علي الخليفة المباشر بعده، بل هم مغتصبون للخلافة، لأن النبي- عليه الصلاة والسلام- دعا لكل من والى علياً بالولاء لله والنصر منه – ومقصودهم أن يجعله والياً على المسلمين بعد رسول الله مباشرة - كما دعا على من خالف ذلك بالخذلان . وإذاً فإن الاحتفاء لا يعني سوى هذا المدلول لا سواه. بل يذهب حسين الحوثي إلى أبعد من ذلك، حين يصرّح أن مبعث افتخاره أنه ينتمي إلى آل البيت المنزهين عن الخطأ، في مقابل أهل السنة الملفٌقين لخطايا الخلفاء الراشدين السابقين، ومحاولة تحويلها إلى حسنات، لكونهم ملطّخين بعار المخالفة للرسول – صلى الله عليه وآله وسلّم- في الولاية ابتداء. يقول: ’’ألم نقل في مقام آخر: إن من الفخر لنا؛ أن قدواتنا من أهل البيت ، ليسوا من أولئك الملطخين بعار المخالفة للرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، الملطخين بالأخطاء والمساوئ، والمواقف السيئة، فنجهد أنفسنا في الدفاع عنهم وفي تَنْمِيق مظهرهم. قدواتنا من أهل البيت هم من أولئك المنزهين المطهرين الكاملين في أنفسهم بإكمال الله لهم، ممن يشرفنا أن نقتدي بهم. فأنت لا تخجل إذا ما قلت أن وليّك الإمام علي بن أبي طالب –عليه السلام- ، عد إلى الإمام علي –عليه السلام- تعرّف على الإمام علي-عليه السلام- تجد أنه بالشكل الذي يشرِّفُك ،بالشكل الذي يجعلك تفتخر بأنه إمامك ،بأنك تتولاه. ولكن انظر إلى الآخرين كيف يتعبون أنفسهم وهم دائماً يدافعون عمن يتولونهم ، يحرفون معاني القرآن من أجلهم ، يحرفون معاني كلام رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) من أجلهم. يعملون على أن يحولوا سيئاتهم إلى حسنات ، يعملون على أن يقدموهم للأمة كأعلام. ولكن يكفينا شهادة على أنهم ليسوا ممن يمكن أن نفخر بهم إذا ما انتمينا إليهم أننا نجدكم أنتم تتعبون أنفسكم وأنتم تغطّون على خطيئاتهم ،وعلى قصورهم ونقصهم’’ (حسين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، من عظمة الله، الدرس السابع، ص 8-9، 2512002م- صعدة) .
د. أحمد محمّد الدغشي
.ناس برس