القرضاوي: لا يوجد في الإسلام ما يسمى بـ ’’الاختلاط’’
محمد أبو المجد
العلامة يوسف القرضاوي
أكد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أن الإسلام لم يجرم اللقاء بين الرجال والنساء في شتى مناحي الحياة، ولكنه وضع ضوابط وآدابا ينبغي الالتزام بها عند حدوث مثل تلك اللقاءات العابرة التي قد تفرضها الضرورة، مشيرا إلى أن لفظ ’’الاختلاط’’ دخيل على التراث الإسلامي ولم يرد فيه مطلقا!!
وأضاف أن الإسلام لم يدع أبدا إلى ’’حبس’’ المرأة في البيت وعزلها عن الحياة الاجتماعية كما يزعم البعض، ولكنه سمح لها بالخروج ومشاركة الرجال في الحياة، أما ’’حبس’’ المرأة في البيت فإنه جاء في نطاق العقوبات التي أوقعها الله على المرأة الناشز أو التي ارتكبت جريمة الزنا، وذلك قبل استقرار التشريعات الإسلامية.
وتساءل القرضاوي متعجبا: فكيف يدعي أحد أن حبس المرأة في البيت وحجبها عن الرجال من الأشياء التي نادى بها الدين؟!
جاء ذلك في سياق برنامج ’’الشريعة والحياة’’ الذي أذيع على قناة الجزيرة الفضائية يوم الأحد 1/6/2008.
المرأة.. وسد الذرائع
واعترض القرضاوي على القائلين بأن التشدد في التعامل مع خروج المرأة يعتبر من باب ’’سد الذرائع’’، موضحا أن سد الذرائع باب كبير وعظيم في الفقه الإسلامي، ويشترط فيه أن تكون مفاسد الذريعة أكبر من مصالحها، وهو ما لا يوجد في مسألة خروج المرأة وممارستها للحياة إذا التزمت الحشمة والحياء والآداب والقيم الإسلامية والعامة.
وأشار إلى أن التشديد في التعامل مع المرأة ليس هو الأصل ولم يوجد في عهد النبوة ولا الصحابة، مؤكدا أن المرأة كانت تخرج للصلاة في النهار والليل بالرغم من عدم تعبيد الطرق ووجود إنارة، وكانت تلتقي بالرجال في الحياة اليومية.. وكان النساء يتلقين دروس العلم من النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال حتى طلبن أن يكون لهن يوم مستقل نظرا لكثرة عدد الرجال وتأثيره على تلقيهن العلم.
ولكن القرضاوي استدرك قائلا: ولكن عندما بدأت النساء يكثرن في الخروج وبدأ بعضهن يبالغن في زينتهن زجرتهن السيدة عائشة -أم المؤمنين- وقالت: ’’لو علم النبي صلى لله عليه وسلم ما أحدثتن بعده لمنعكن من الخروج’’.
وأوضح القرضاوي أن مقولة ’’المرأة فتنة’’ ليست تقليلا أو تحقيرا من شأنها، بل على العكس، فإن الفتنة لا تكون إلا في النعم المحمودة حينما تشغل الإنسان عن الغاية التي من أجلها خُلق وهي عبادة الله عز وجل، وذلك مثل نعمة الأولاد والأموال.
غير أنه شدد أن المرأة ليست فتنة في ذاتها، ولكنها إذا ابتعدت عن تعاليم الدين وانفلتت من إطار القيم والأخلاق، ولم تكن جادة ومحتشمة في تعاملها مع الرجال، وبالغت في زينتها وإظهار مفاتنها أمام الأغراب فإنها تصبح في ذلك الوقت فتنة وبلاء.
وأكد القرضاوي أنه لا حرج في التعامل بين الرجل والمرأة في الحياة اليومية، شريطة أن يتم التعامل في الضرورات وبشكل طبيعي يراعي خصائص كليهما، وأن تبتعد المرأة عن الخضوع بالقول بغرض جذب الرجل لها، والمبالغة في الزينة وإظهار محاسنها له وهي غير مطالبة بذلك، وهو ما لا يتعارض مع أمر الله لعباده بالجمال، فالله جميل يحب الجمال، فعلى المرأة أن تظهر في الخارج بمظهر حسن وهندام نظيف جميل، وفي ذات الوقت يراعي الحدود الشرعية المعروفة.
المرأة ليست شرا
وفي رده على سؤال حول القول المنسوب للصحابي الجليل على بن أبي طالب: ’’المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا غنى عنها’’، أكد الشيخ أنه لا يصدق أن هذا القول الخاطئ والظالم يخرج من فم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، خاصة أنه لا يوجد سند عليه.
وقال: ’’هل يعقل أن يقول سيدنا علي هذا القول عن المرأة التي هي السيدة فاطمة زوجته وبنت النبي والسيدة خديجة وعائشة؟!!، وهل خلق الله شيئا كله شر؟!!، وهل يمكن أن يخلق الله شرا يلزم الناس الحاجة إليه؟’’.
واعتبر القرضاوي أن المرأة مثل الرجل ليست شرا كلها ولكن فيها الخير والشر، موضحا أن كل حرام يقابله حلال يغني عنه.
وفي رده على سؤال آخر حول استخدام المرأة بعض العطور التي تزيل رائحة العرق الكريهة، خاصة في البلاد الحارة، أوضح القرضاوي أنه يجوز لها أن تضع تلك العطور ولكن على داخل الجسم بحيث لا تظهر رائحتها للرجال عند خروجها، فالإسلام حريص على جمال المرأة وصحتها ولكن لا تساهل في تلك الحدود، بحسب تعبيره.
وعن وضع النساء غير المسلمات في المجتمع المسلم، أكد القرضاوي أنه على غير المسلمات أيضا الالتزام بالحشمة والآداب العامة والابتعاد عن التبرج، وخاصة لو كن يعشن في مجتمعات مسلمة، موضحا أن كل الأديان حضت المرأة على الحشمة وجرمت التبرج والابتذال وهو ما ذكره الإنجيل والوصايا العشر التي جاءت به.
المسيري يتدخل
وفي مداخلة هاتفية من المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري أكد أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الحياة وجعل دورها مكملا له، وهو موقف الإسلام المتوازن دائما.
وشن المسيري هجوما على الغرب، موضحا أنه أكثر من أهان المرأة وانتهك حريتها عندما تعامل معها كجسد قبل أن تكون نفسا وروحا، وجعلها في إطار مادي جنسي بحت، ولهذا فيجب علينا ألا نتبعه في تلك المسألة.
ونالت الفضائيات العربية التي تتاجر بأجساد النساء في الفيديو كليب والإعلانات نصيبها من هجوم المسيري، متهما إياها باستخدام جسد المرأة كوسيلة للتربح.
عن أسرة إسلام أون لاين