ما هي المرجعية ؟
د.كمال حبيب
هي الأصل الذي ترجع إليه أي جماعة حين تواجه اختلافاً أو تواجه مشكلة لا تعرف لها مخرجاً .
ولا تعبر كلمة ’’ رجع ’’ في القرآن أو معاجم اللغة عن هذا المعني ، فهي تشير إلي الرجوع والمرجع’’ كما في قوله تعالي ( إن إلي ربك الرجعي ) أي المرجع ، دون توضيح لكونها تعبيراً عن الأصل الذي يحسم الخلاف ويقطعه ، ومن ثم فكلمة ’’ مرجعية إسلامية ’’ هي استخدام حديث ، وقد حاولت البحث في المصادر القديمة عن استخدام كلمة مرجعية ’’ فلم أجدها ، ولكنني وجدت كلمة مرجع وهي تشير إلي الأصل الذي ترجع إليه الفروع كما فهمتها ولكنها لم توضح ذلك صراحة ، والمرجع هنا والمرجعية الذي تدل عليه أكثر كلمة ’’ حكم ’’ كما في قوله تعالي ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلي الله ) .
ومادة حكم في لسان العرب نجدها أوضح في المعني الذي تشير إليه المرجعية ، فمن أسماء الله الحسني ’’ الحكم والحكيم والحاكم ’’ والحاكم هو الذي يتقن الأشياء ويحسنها ، والحكمة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ، والحكم (بضم الحاء ) العلم والفقه والقضاء بالعدل ، كما في قوله تعالي ( وآتيناه الحكم صبياً ) ، وفي صفة القرآن ’’ الذكر الحكيم ’’ أي الحاكم لكم وعليكم ، والمحكم أي الواضح بنفسه الذي لا يحتاج لغيره ، كما في قوله تعالي ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) ، وقال ’’ بن عباس ’’ قرأت المحكم علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم أي المفصل الذي لم ينسخ منه شئ ، وحكمت وحكمت ( بتشديد الكاف ) وأحكمت أي منعت ورددت ولهذا قيل ’’ الحاكم ’’ لأنه يمنع الظالم من الظلم فأصل الحكومة رد الظالم عن ظلمه ، والحكم القضاء بالعدل ، وأحكم الشئ أي جعله محكما ، وفي قوله تعالي ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) أي أحكمت بالأمر والنهي والحلال والحرام ثم فصلت بالوعد والوعيد فهي متضمنة لكل ما يحتاج إليه الإنسان ، وحاكمه إلي الحكم أي دعاه إليه وفي الحديث وبك حاكمت أي رفعت الحكم إليك ولا حكم إلا لك ’’ وفي قوله تعالي ( ألم تر إلي الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلي الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) فالتحاكم هنا هو أكثر المعاني دلاله علي معني المرجعية – أي يرفعون الحكم إليه بحيث لا يكون حكماً إلا حكمه – وهنا عادلوه بالله سبحانه وتعالي ومن هنا كان شرك التحاكم الذي هو الرضي بمرجعية يتم التحاكم إليها بحيث لا يكون حكماً إلا لها .
فحين نقول ’’ مرجعية إسلامية ’’ أي التحاكم إلي الشريعة الإسلامية لتكون الحكم الفصل الذي لا حكم بعده أو دونه ( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) .
والشريعة الإسلامية مكتفية بذاتها عن غيرها وهذا معني كونها حاكمة علي غيرها ، أي يرد غيرها إليها فهي كما قال الإمام الشاطبي ’’ عامة بحيث لا يتصور للإنسان حركة ولا سكون إلا والشريعة تشمله .
وهي ثابتة لاتزول فجميع أحكامها لا زوال لها ولا تبديل وهي خطاب الله إلي الكافة الذي يجب علي البشر التسليم المطلق لها . ولذا حين نقول ’’ مرجعية إسلامية ’’ فمعني ذلك الرد إلي الشريعة الإسلامية والاحتكام إليها في كل ما جاءت به من عقائد و قيم وقواعد وأحكام ، ومسألة المرجعية اليوم تمثل أحد القضايا الكبيرة في كل الحضارات بما في ذلك الحضارة الغربية ، فمع ظهور مفهوم ’’ النهايات.... نهاية الأيديولوجيا .. ونهاية الدين... ونهاية التاريخ ’’ والمابعديات .. ما بعد العلمانية وما بعد الحداثة .. الخ ’’ أصبحت قضية المرجعية مطروحة بقوة علي العلوم الاجتماعية الغربية ، فما هي النقطة المرجعية التي يرجع الناس إليها في الغرب ؟ هل الإنسان كمركز ؟ هل العلم ؟ هل التقدم ؟ هل النظام الطبيعي ؟ هل لا توجد نقطة ووجود حالة عدم وسيولة .
لا يمكن للإنسان أن يعيش بدون مرجعية أي نقطة أو مركز يرجع إليه حين تواجهه أزمة . وهذه النقطة يجب أن تكون خارجه ، ومن هنا كانت العودة للدين مرة أخري في الغرب ، فالعلمانية والحداثة حيرت الإنسان الغربي .
ومن هنا فالشريعة كوحي هو حكم الله وكلمته ’’ ألا له الخلق والأمر ’’ المتجاوزة للزمان والمكان والتاريخ والإنسان وهي التي يتجلى في العودة إليها معنى العبودية والإقرار بالألوهية .
د.كمال حبيب
هي الأصل الذي ترجع إليه أي جماعة حين تواجه اختلافاً أو تواجه مشكلة لا تعرف لها مخرجاً .
ولا تعبر كلمة ’’ رجع ’’ في القرآن أو معاجم اللغة عن هذا المعني ، فهي تشير إلي الرجوع والمرجع’’ كما في قوله تعالي ( إن إلي ربك الرجعي ) أي المرجع ، دون توضيح لكونها تعبيراً عن الأصل الذي يحسم الخلاف ويقطعه ، ومن ثم فكلمة ’’ مرجعية إسلامية ’’ هي استخدام حديث ، وقد حاولت البحث في المصادر القديمة عن استخدام كلمة مرجعية ’’ فلم أجدها ، ولكنني وجدت كلمة مرجع وهي تشير إلي الأصل الذي ترجع إليه الفروع كما فهمتها ولكنها لم توضح ذلك صراحة ، والمرجع هنا والمرجعية الذي تدل عليه أكثر كلمة ’’ حكم ’’ كما في قوله تعالي ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلي الله ) .
ومادة حكم في لسان العرب نجدها أوضح في المعني الذي تشير إليه المرجعية ، فمن أسماء الله الحسني ’’ الحكم والحكيم والحاكم ’’ والحاكم هو الذي يتقن الأشياء ويحسنها ، والحكمة معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ، والحكم (بضم الحاء ) العلم والفقه والقضاء بالعدل ، كما في قوله تعالي ( وآتيناه الحكم صبياً ) ، وفي صفة القرآن ’’ الذكر الحكيم ’’ أي الحاكم لكم وعليكم ، والمحكم أي الواضح بنفسه الذي لا يحتاج لغيره ، كما في قوله تعالي ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب ) ، وقال ’’ بن عباس ’’ قرأت المحكم علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم أي المفصل الذي لم ينسخ منه شئ ، وحكمت وحكمت ( بتشديد الكاف ) وأحكمت أي منعت ورددت ولهذا قيل ’’ الحاكم ’’ لأنه يمنع الظالم من الظلم فأصل الحكومة رد الظالم عن ظلمه ، والحكم القضاء بالعدل ، وأحكم الشئ أي جعله محكما ، وفي قوله تعالي ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) أي أحكمت بالأمر والنهي والحلال والحرام ثم فصلت بالوعد والوعيد فهي متضمنة لكل ما يحتاج إليه الإنسان ، وحاكمه إلي الحكم أي دعاه إليه وفي الحديث وبك حاكمت أي رفعت الحكم إليك ولا حكم إلا لك ’’ وفي قوله تعالي ( ألم تر إلي الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلي الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) فالتحاكم هنا هو أكثر المعاني دلاله علي معني المرجعية – أي يرفعون الحكم إليه بحيث لا يكون حكماً إلا حكمه – وهنا عادلوه بالله سبحانه وتعالي ومن هنا كان شرك التحاكم الذي هو الرضي بمرجعية يتم التحاكم إليها بحيث لا يكون حكماً إلا لها .
فحين نقول ’’ مرجعية إسلامية ’’ أي التحاكم إلي الشريعة الإسلامية لتكون الحكم الفصل الذي لا حكم بعده أو دونه ( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) .
والشريعة الإسلامية مكتفية بذاتها عن غيرها وهذا معني كونها حاكمة علي غيرها ، أي يرد غيرها إليها فهي كما قال الإمام الشاطبي ’’ عامة بحيث لا يتصور للإنسان حركة ولا سكون إلا والشريعة تشمله .
وهي ثابتة لاتزول فجميع أحكامها لا زوال لها ولا تبديل وهي خطاب الله إلي الكافة الذي يجب علي البشر التسليم المطلق لها . ولذا حين نقول ’’ مرجعية إسلامية ’’ فمعني ذلك الرد إلي الشريعة الإسلامية والاحتكام إليها في كل ما جاءت به من عقائد و قيم وقواعد وأحكام ، ومسألة المرجعية اليوم تمثل أحد القضايا الكبيرة في كل الحضارات بما في ذلك الحضارة الغربية ، فمع ظهور مفهوم ’’ النهايات.... نهاية الأيديولوجيا .. ونهاية الدين... ونهاية التاريخ ’’ والمابعديات .. ما بعد العلمانية وما بعد الحداثة .. الخ ’’ أصبحت قضية المرجعية مطروحة بقوة علي العلوم الاجتماعية الغربية ، فما هي النقطة المرجعية التي يرجع الناس إليها في الغرب ؟ هل الإنسان كمركز ؟ هل العلم ؟ هل التقدم ؟ هل النظام الطبيعي ؟ هل لا توجد نقطة ووجود حالة عدم وسيولة .
لا يمكن للإنسان أن يعيش بدون مرجعية أي نقطة أو مركز يرجع إليه حين تواجهه أزمة . وهذه النقطة يجب أن تكون خارجه ، ومن هنا كانت العودة للدين مرة أخري في الغرب ، فالعلمانية والحداثة حيرت الإنسان الغربي .
ومن هنا فالشريعة كوحي هو حكم الله وكلمته ’’ ألا له الخلق والأمر ’’ المتجاوزة للزمان والمكان والتاريخ والإنسان وهي التي يتجلى في العودة إليها معنى العبودية والإقرار بالألوهية .