من يجدد لهذه الأمة دينها؟
محمد مسعد ياقوت
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ’’إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها’’(1)، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل عمن يجدد لهذه الأمة دينها في هذا الوقت العصيب؟ وما صفات هذا المجدد وسماته وشروطه؟ ونقصد بالقائم على عملية التجديد المسلم الفقيه المجتهد في تخصص معين.. كلٌّ يجدد في مجال تخصصه؛ بحسب القدرات والملكات التي رزقه الله إياها..’’، والمجدد صفة يطلقها العلماء على من قام بإصلاح شأن من شؤون الأمة.
والمجدد من يعرف غاية الإسلام، ويضحي من أجلها بنفسه ونفيسه لا يغتر بمنصب ولا جاه، ولا ينخدع ببريق الذهب و الفضة، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يلتفت إلى قدح قادح، بل تكون همته الأسمى تطهير الدين مما علق به من الخرافات و البدع، ويسعى في نشره طاهراً نقياً كما أنزل.. وربما تعدد المجددون في قرن واحد، وفي إقليم واحد.(2).
ونرى أن شروط القائم بالتجديد هي مجموع الشروط التي وردت في الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة في شروط الدعاة والمصلحين والمجتهدين ومن ثم المجددين. وتنقسم إلى:
أولاً: الشروط الإيمانية العقدية.
ثانياً: الشروط العلمية التخصصية.
ثالثاً: الشروط الأخلاقية السلوكية. الشروط الإيمانية العقدية وتفصيلها
1 أن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً، صحيح الإسلام
2 أن يؤمن بأركان الإيمان الستة: الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
3 أن يؤدي الفرائض والأركان والواجبات التي أمر الله بها.
4 أن يؤمن بكل ما ورد من نصوص الشارع الحكيم، ما دامت قطعية الثبوت.
5 أن يؤمن بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ومجال ولكل جنس وعرق.
6 أن يؤمن بشمولية الإسلام لكل مجالات الحياة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية... إلخ.
7 أن يؤمن بحاكمية الشرع الحنيف.
8 أن يكون متحلياً بالتقوى والورع والنية الخالصة لله تبارك وتعالى.
9 أن يتصف بروح الثقة في موعود الله ونصره ومدده، ويعتقد أن المستقبل للإسلام.
الشروط العلمية التخصصية
هذه الشروط تحدد المجدد كفقيه مجتهد أو كعالم راسخ العلم في مجال تخصصه.. من أهمها:
1 معرفة كتاب الله تعالى: وهذا من أهم الشروط التي يجب تحققها في المجدد كمجتهد وفقيه، إذ إن القرآن الكريم هو عمدة الأحكام والمصدر الرئيسي للاجتهاد.. لذلك لابد من معرفة معانيه اللغوية، وحفظ سوره أو على الأقل حفظ آيات الأحكام ومعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمدارس المختلفة في تفسير القرآن.
2 معرفة السنة النبوية الغراء: والسنة النبوية الكريمة إما قولية وإما فعلية وإما تقريرية، لذا كان لابد لمن يتصدى للتجديد والاجتهاد من معرفة هذه الأنواع الثلاثة.. ولأن السنة مفسرة لكتاب الله، وموضحة لمبهمه، ومقيدة لمطلقه، ومخصصه لعامه، ونقصد بمعرفتها:
أ العلم بمعاني مفرداتها وتراكيبها والاطلاع على شروحها.
ب معرفة مصطلح الحديث ورجال الحديث؛ لمعرفة مدى قوة السند، ومرتبته؛ قوة وضعفاً.
ج معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه (3).
3 معرفة اللغة العربية: حتى يستطيع أن يميز بين المعنى الظاهر والخفي في النصوص الشرعية؛ حتى يتسنى له العلم بما تدل عليه كل كلمة ودلالاتها وفحواها ومغزاها.
4 العلم بأصول الفقه: لابد لمجدد الدين من معرفة القواعد العامة للفقه.. كي يتعرف على حقيقة الحكم، والأدلة، وشروطها، ووجوه الأدلة ووجوه الترجيح بين الأدلة عند التعارض ومعرفة الناسخ والمنسوخ، والراجح والمرجوح (4).
5 معرفة العرف الجاري: وهذا أمر لابد منه؛ وذلك لأن العرف يعتبر مصدراً أساسياً للمجتهد والمفتي والقاضي والمصلح والخطيب.
6 ’’المعرفة الجيدة بتاريخ الإسلام العلمي والسياسي، ونشأة الفرق المختلفة فيه، والصراع الطويل بين هذا الدين وبقايا الديانات القديمة من سماوية أو وثنية’’ (5) .
7 على مجدد الدين أن يتقن مجال تخصصه موضع التجديد وأن يحيط بكل مصادره وبكل مستجداته وبكل أبوابه، وأن يرجع باستمرار إلى مراجع وأمهات تخصصه.. سواء كان هذا التخصص في مجال القرآن وعلومه أو السنة وأبوابها، أوالعقيدة وقضاياها، أو الحكم وفقه الدولة، أو الاقتصاد ومستجداته.. الخ.
8 الاعتدال والوسطية: ’’بعيداً عن الغلو والإفراط .
الشروط الأخلاقية
نستطيع القول إن أخلاق المجدد هي أخلاق الداعي إلى الله(6)، بل هي أخلاق الذين قال الله عنهم: أولئك هم المؤمنون حقا(الأنفال 74). ومن ثم نقول:
1 التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
2 الصدق.
3 الصبر.
4 الرحمة.
5 التواضع.
الهوامش
1 صحيح عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود.
2 آدم عبدالله الألوري: تاريخ الدعوة إلى الله بين الأمس واليوم.
3 عبد القادر بن بدران الدمشقي: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي.
4 مصطفى ريحان: تيسير أصول الفقه.
5 محمد عبد الستار السيد: التجديد والاجتهاد بين المعاول الهدامة والأفكار البناءة الرغبات الخارجية والحاجات الداخلية.
6 عبد الكريم زيدان: أصول الدعوة.
.المجتمع الكويتية
محمد مسعد ياقوت
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ’’إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها’’(1)، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل عمن يجدد لهذه الأمة دينها في هذا الوقت العصيب؟ وما صفات هذا المجدد وسماته وشروطه؟ ونقصد بالقائم على عملية التجديد المسلم الفقيه المجتهد في تخصص معين.. كلٌّ يجدد في مجال تخصصه؛ بحسب القدرات والملكات التي رزقه الله إياها..’’، والمجدد صفة يطلقها العلماء على من قام بإصلاح شأن من شؤون الأمة.
والمجدد من يعرف غاية الإسلام، ويضحي من أجلها بنفسه ونفيسه لا يغتر بمنصب ولا جاه، ولا ينخدع ببريق الذهب و الفضة، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يلتفت إلى قدح قادح، بل تكون همته الأسمى تطهير الدين مما علق به من الخرافات و البدع، ويسعى في نشره طاهراً نقياً كما أنزل.. وربما تعدد المجددون في قرن واحد، وفي إقليم واحد.(2).
ونرى أن شروط القائم بالتجديد هي مجموع الشروط التي وردت في الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة في شروط الدعاة والمصلحين والمجتهدين ومن ثم المجددين. وتنقسم إلى:
أولاً: الشروط الإيمانية العقدية.
ثانياً: الشروط العلمية التخصصية.
ثالثاً: الشروط الأخلاقية السلوكية. الشروط الإيمانية العقدية وتفصيلها
1 أن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً، صحيح الإسلام
2 أن يؤمن بأركان الإيمان الستة: الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
3 أن يؤدي الفرائض والأركان والواجبات التي أمر الله بها.
4 أن يؤمن بكل ما ورد من نصوص الشارع الحكيم، ما دامت قطعية الثبوت.
5 أن يؤمن بصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ومجال ولكل جنس وعرق.
6 أن يؤمن بشمولية الإسلام لكل مجالات الحياة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية... إلخ.
7 أن يؤمن بحاكمية الشرع الحنيف.
8 أن يكون متحلياً بالتقوى والورع والنية الخالصة لله تبارك وتعالى.
9 أن يتصف بروح الثقة في موعود الله ونصره ومدده، ويعتقد أن المستقبل للإسلام.
الشروط العلمية التخصصية
هذه الشروط تحدد المجدد كفقيه مجتهد أو كعالم راسخ العلم في مجال تخصصه.. من أهمها:
1 معرفة كتاب الله تعالى: وهذا من أهم الشروط التي يجب تحققها في المجدد كمجتهد وفقيه، إذ إن القرآن الكريم هو عمدة الأحكام والمصدر الرئيسي للاجتهاد.. لذلك لابد من معرفة معانيه اللغوية، وحفظ سوره أو على الأقل حفظ آيات الأحكام ومعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمدارس المختلفة في تفسير القرآن.
2 معرفة السنة النبوية الغراء: والسنة النبوية الكريمة إما قولية وإما فعلية وإما تقريرية، لذا كان لابد لمن يتصدى للتجديد والاجتهاد من معرفة هذه الأنواع الثلاثة.. ولأن السنة مفسرة لكتاب الله، وموضحة لمبهمه، ومقيدة لمطلقه، ومخصصه لعامه، ونقصد بمعرفتها:
أ العلم بمعاني مفرداتها وتراكيبها والاطلاع على شروحها.
ب معرفة مصطلح الحديث ورجال الحديث؛ لمعرفة مدى قوة السند، ومرتبته؛ قوة وضعفاً.
ج معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه (3).
3 معرفة اللغة العربية: حتى يستطيع أن يميز بين المعنى الظاهر والخفي في النصوص الشرعية؛ حتى يتسنى له العلم بما تدل عليه كل كلمة ودلالاتها وفحواها ومغزاها.
4 العلم بأصول الفقه: لابد لمجدد الدين من معرفة القواعد العامة للفقه.. كي يتعرف على حقيقة الحكم، والأدلة، وشروطها، ووجوه الأدلة ووجوه الترجيح بين الأدلة عند التعارض ومعرفة الناسخ والمنسوخ، والراجح والمرجوح (4).
5 معرفة العرف الجاري: وهذا أمر لابد منه؛ وذلك لأن العرف يعتبر مصدراً أساسياً للمجتهد والمفتي والقاضي والمصلح والخطيب.
6 ’’المعرفة الجيدة بتاريخ الإسلام العلمي والسياسي، ونشأة الفرق المختلفة فيه، والصراع الطويل بين هذا الدين وبقايا الديانات القديمة من سماوية أو وثنية’’ (5) .
7 على مجدد الدين أن يتقن مجال تخصصه موضع التجديد وأن يحيط بكل مصادره وبكل مستجداته وبكل أبوابه، وأن يرجع باستمرار إلى مراجع وأمهات تخصصه.. سواء كان هذا التخصص في مجال القرآن وعلومه أو السنة وأبوابها، أوالعقيدة وقضاياها، أو الحكم وفقه الدولة، أو الاقتصاد ومستجداته.. الخ.
8 الاعتدال والوسطية: ’’بعيداً عن الغلو والإفراط .
الشروط الأخلاقية
نستطيع القول إن أخلاق المجدد هي أخلاق الداعي إلى الله(6)، بل هي أخلاق الذين قال الله عنهم: أولئك هم المؤمنون حقا(الأنفال 74). ومن ثم نقول:
1 التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
2 الصدق.
3 الصبر.
4 الرحمة.
5 التواضع.
الهوامش
1 صحيح عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود.
2 آدم عبدالله الألوري: تاريخ الدعوة إلى الله بين الأمس واليوم.
3 عبد القادر بن بدران الدمشقي: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي.
4 مصطفى ريحان: تيسير أصول الفقه.
5 محمد عبد الستار السيد: التجديد والاجتهاد بين المعاول الهدامة والأفكار البناءة الرغبات الخارجية والحاجات الداخلية.
6 عبد الكريم زيدان: أصول الدعوة.
.المجتمع الكويتية