بقلم: البروفيسور الدكتور عبد الفتاح العويسي
تتجدد المحاولات وتتعدد من كل حدب وصوب للاغتيال المعنوي وتشويه السمعة بما هي مقدمات للاغتيال الجسدي.
هذه المحاولات المكشوفة والفاشلة الجديدة… للاغتيال المعنوي وتشويه السمعة… ليست هي المحاولات الأولى… فلقد سبقتها عدة محاولات وحملات منظمة… في العقود الثلاثة الماضية… من ثالوث الأعداء: الكيان الصهيوني وأدواته… ومخابرات الأنظمة العربية التي تعمل لحماية الكيان الصهيوني وأعداء النجاح من المسلمين ولاسيما الذين تم تجنيدهم من قبل الأجهزة المخابراتية للعمل معها…
وردي على مثل هذه المحاولات للاغتيال المعنوي… التي قد تكون مقدمة للاغتيال الجسدي… دونته في كتاب “التخطيط الاستراتيجي للتحرير القادم للمسجد الأقصى المبارك”… من صفحة 525 إلى صفحة 527…
“مهمتي فيما أكتبه، أن لا أكتب لتبرير أفعال/قرارات حركات أو أحزاب أو دول، استمطاراً لقبولها وترحيبها ورضاها أو للتقرب منها، كما أن مهمتي فيما أكتبه أن لا أكتب استجابة لطلبات الجمهور “ما يطلبه المستمعون”، أو أن أكتب ما يحبون أن يقرؤوه، لدغدغة عواطفهم وتخديرهم أو لإرضائهم أو مجاراة لواقعنا النكد، فأزيد من حالة التيه التي نعيشها في هذا الزمان.
“ما أكتبه يمثل قناعاتي، وفهمي وإدراكي لما يجري من أحداث حولنا، والتي يكرمني رب العالمين “الفتاح العليم” بالتوصل إليها من خلال استخدام المنهجية العلمية، وضمن تخصصي – الذي أدرسه لطلبتي في الجامعات منذ 35 عاما (1986 – 2021)، أكتبه بشكل واضح – وضوح الشمس في رابعة النهار – لا لبس فيه ولا غموض، مبتعداً عن المواقف الرمادية، أو إمساك العصا من الوسط، وبدون الخوف من تحريض (مبطن أو صريح) من بعض الناس، أو الخوف على الرزق أو الأجل هما اللذين يعتبران عقدة العقد – أو الخوف من بطش أنظمة الاستبداد والاستعباد والفساد والتبعية في منطقتنا.
“ففي ظل واقعنا المأساوي النكد، وحالة التيه التي تعيشها أمتنا في هذا الزمان، من الواجب على من أعطاه الله وأنعم عليه بنعمة الفهم والإدراك أن يبلغ هذه الأمانة التي يحملها، ويحث علماءنا الأجلاء ويحرضهم على الصدع بها امتثالاً لقوله تعالي “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” (سورة الأحزاب: آية 39) ولتوجيه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم “إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ حق عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر”.
“أما الأرزاق والآجال فبيد الملك الديان، وليست بيد ظالم أو مستبد أو فاسد أو مستعبد أو سلطان. فهؤلاء ليس لهم من الأمر شيء، فإن منعونا من دخول ديارهم – التي اغتصبوا الحكم فيها – أو الإقامة فيها، بسبب قولنا لكلمة الحق ونصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم، فهذا وسام لنا ونفتخر به، ونضيف ديارهم إلى الأقطارالأخرى التي يمنع علينا دخولها منذ زمن. ولكن هذا لن يجعلنا نبيع آخرتنا بدنياهم، ونسأل الله الإخلاص والقبول ورضى رب العالمين.
“أما التحذير من القتل، فالآجال – كما الأرزاق – بيد ملك الملوك، وليست بيد أحد من البشر. فالقرآن الكريم يعلمنا “قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ” (آل عمران: 154)، و”قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (التوبة: 51). والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم علمنا “أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك؛ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”.
“وتحضرني هنا عبارة رائعة للإمام الشهيد حسن البنا – رضى الله عنه – يقول فيها “واعلموا أن الموت لابد منه وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها فى سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة، وما يصيبكم إلا ما كتب الله لكم ، فاعملوا للموتة الكريمة تظفروا بالسعادة الكاملة”.
“وعندما سأل عملاق الفكر الإسلامي المعاصر الشهيد سيد قطب “ما سر قوة الكلمة؟” أجاب على هذا السؤال في كتابه دراسات إسلامية، فصل “قوة الكلمة”، حيث قال (2006: 138-139) “إن السر العجيب ليس في بريق الكلمات وموسيقى العبارات، إنما هو كامن في قوة الإيمان بمدلول الكلمات وما وراء المدلولات! إنه في ذلك التصميم الحاسم على تحويل الكلمة المكتوبة إلى حركة حية والمعنى المفهوم إلى واقع ملموس… ليس كل كلمة تبلغ إلى قلوب الآخرين فتحركها، وتجمعها وتدفعها. إنها الكلمات التي تقطر دماء لأنها تقتات قلب إنسان حي.
كل كلمة عاشت قد اقتاتت قلب إنسان… إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يصنعوا شيئا ًكثيراً، و لكن بشرط واحد: أن يموتوا هم لتعيش أفكارهم، أن يطعموا أفكارهم من لحومهم و دمائهم، أن يقولوا ما يعتقدون أنه حق، ويقدموا دمائهم فداء لكلمة الحق. إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثاً هامدة، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء، انتفضت حية، وعاشت بين الأحياء””