ساقني القدر صباحا للمستشفى لعلاج ألم ضرسي فانتظرت كما ينتظر الجميع دورهم فأخذت اتجاذب أطراف الحديث مع بعض المرضى علنا ننسى أمراضنا و في تلك اللحظات حصل ما لا يخطر ببال رجل يفقد صوابه لطول انتظار أو قد يكون طبعا من طباع المجتمع السلبية يمزق أوراقا بيديه - و قد تكون أوراقا مهمة - في هيستريا و صراخ يتمتم بكلمات غير مفهومة في قاعة الانتظار يبعثر تلك الأوراق فتناثرت كأوراق الخريف في باحة قاعة الانتظار و إذا برجلين غريبين من الصينين يمعنان النظر في ذهول لسلوك الرجل و الحيرة بادية على وجوه الجميع
فقلت: فبأي معيار يقيم هؤلاء الأجانب سلوكنا الهمجي و أي صورة للإسلام يحمل الرجلان على اعتناقهما له.
تحسرت كثيرا لحالنا لقد أفسد أمثال هؤلاء نضارة الإسلام الذي حوى كل صور الجمال و الروائع و اللطائف لحضارة أبهرت الدنيا
فما منعني أن أرمي تلك الأوراق الممزقة في مكانها المناسب فأضعها في سلة المهملات و هي موجودة و ما منعني أن أكثم غضبي و أنتظر دوري
في ضوء ذلك المشهد قررت أن أصحح الوضع فحملت نفسي و جمعت تلك الوريقات المبعثرة و أنظار الحضور من النساء و الرجال و الأطفال و معهم هؤلاء الزوار من الصينين يرقبون موقفي أنهيت مهمتي بوضع تلك الأوراق في مكانها المناسب و اللافت أن عيون الصبيين لم تفارقني لحظة لمدة طويلة و في وجوههم ابتسامات مخفية تحمل معها رسائل مشفرة
فقلت: في نفسي من يحمل لنا مبشرات الهداية في زمن الوهن و الضياع ؟
فمن يعيد لغير المسلمين حقيقة الإسلام المغيبة لتلك الشعوب التي تبحث عن الهدي في زمن التشكيك و التغليط و التشويه ؟
لقد أصبحت عندي قناعة راسخة أن حاجتنا للتربية كحاجتنا للهواء و الماء و الغذاء و الدواء و الكساء.