مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/11/30 12:56
أساليب التعامل فيما بيننا
أساليب التعامل فيما بيننا
سميرة بيطام

 
معروف جدا أن المستمع الجيد يعي ثقافة الانصات فيما يفيده و ما يمكن أن يضيف لرصيده المعرفي معلومات و أفكار فتجده يعدل في جلسته على النحو الذي تقع عيناه في عيني المتحدث ليتابع الكلمة و الحركة بانسياب اهتمامي مثير لكثير من الارتياح لدى المتحدث فيواصل كلامه من غير ملل..ما السبب؟؟
من المعلوم أن لكل شيء أدبياته في الآداء..فأن تنصح مخطئا عليك أن تكون راقيا جدا في كلامك و تملك أساليب الاقناع من غير تجريح أو ترك خدوش لدى المخطئ ، كما لمعالجة المريض ثقافة صحية يجب على الطبيب أن يمتلك حنكة في الآداء لبعث الطمأنينة في نفس مريضه و أول هذه الآداءات هي الابتسامة و الحديث الطيب و السلس و المسترسل من غير أن يشعر المريض أن الكلام فيه اخفاء لشيء ما عن حالته الصحية لو كانت خطرة مثلا..فما نعيشه ونراه ان المريض يموت بالفجع  بسبب اسلوب التواصل معه...انها أخلاقيات المهنة المفقودة في عصر السرعة و الماديات و الربح السريع لدى الخواص...
كذلك في تربية الآباء و الأمهات لأولادهم فيه منهجية مدروسة الخطى تتخللها مراجعات نفسية في كل مرة و هي عبارة عن تساؤلات يطرحها الأب أو الأم ان ما وفقا حقا في آداء دور التربية و التوجيه لأبنائهم ، و ما يلاحظ في هذا العصر انفلات زمام الأمور من بين أيادي الأولياء فأصبحوا يشتكون تمرد أولادهم عليهم و ان سئلوا يجيبون : نحن نربي و الشارع و المجتمع يلغي أتعابنا نحو السلبيات...
طيب هل عامل الأولياء أبنائهم بحب و ثقة؟ ، هل اعطوا أولادهم مساحة حرية للتعبير عن آرائهم و رغباتهم ؟ ، المثال يذكر عن الأب الذي يرغب في أن يكون ابنه طيارا والابن يريد ان يفتح محلا تجاريا ،عقله يفكر في التجارة و ليس في قيادة طائرة ..ثم هو لا يحب هذه المهنة و ربما يخاف منها، فلما تريد نجومية لأبنك بالقوة ، النجومية و النجاح تأتيان بالحب و القناعة في أداء الشيء..
 فليس ما ترغبه أيها الأب يجب أن يطبق على ابنك، أتركه يحدد مصيره فقط تابع و راقب و لا تكن سلطويا ، و الشأن نفسه للأم التي ترغب في اختيار الخطيب لابنتها على نسقها هي و ليس على ما ترغبه ابنتها ، انصحيها ووجهيها و اعطيها فرصة للتفكير لاسترجاع كلامك عن قناعة منها و ليس عن قهر و قوة تمارسان على قراراتها...هي ترغب في ذاك الشيء يعني اغلقي موضوع الجبر بالقوة ...
في وجهة أخرى من الصداقة و الأخوة يسود العلاقات نوع من الخوف و التردد في المضي بعيدا بالعلاقة نحو الحفاظ عليها أكثر ، فيحدث أن يحصل شرخ فيها كالكأس حينما تنكسر فيصعب اصلاحها ، ما السبب اذن؟
انها النية و القاعدة و الهدف التي بنيت عليها العلاقة ،ان ما كانت لمصلحة فردية و لم ترتقي للحب في الله لن تدوم و لن تعمر كثيرا لأن النية محدودة في هدف ذاتي و فقط ، ثم أمراض القلوب لا تظهر من أول لقاء أو أول تعامل بل مع مرور الوقت ينكشف أمر أحدهما أنه حسود او غيور لكنه لا يقتنع بل يصف نفسه بالأفضل، مع العمل؟.
الواجب النصح بلين و تذكير بمبادئ الأخوة التي نص عليها ديننا الحنيف و الابتعاد عن المعاملة بالمثل فهي تهدم و لا تبني و تنفر و لا تقرب..ثم اعطاء فرصة للآخر أن يصلح الاعوجاج فيه في سلوكاته ربما ظروف ضاغطة عليه تجعله بعيدا عن الاستقامة النفسية و الخلقية ..بمعنى ارفق و التمس الأعذار و زين خلقك بالصبر و الحلم الا ما كان موصلا لدرجة الاهانة و اذلال الكرامة فالقطيعة واجبة الى أن تستقيم الأخلاق..و ليس مطلوب حقد هنا بل هجر جميل بكلام طيب يعكس قوة شخصيتك و ثقل عقلك و وداعة ابتسامتك..ما أروع اللين و الرفق...
تحاسب بالناس أيها الفرد المتكبر و تريد من الكل أن لا يخطأ بحقك، من تكون ؟ الخطأ وارد و لو بزلة لسان أو قلم، و المطلوب هو أن تعرف كيف تتعامل مع الغير بهدوء و أكثر تحضرا و أكثر لباقة و لو كان الناس عنيفين معك ،فالمبدأ هو التغيير و تقويم السلوك و ليس محاسبة الناس ، كل فينا تربى و نشأ على نسق حياتي معين و لا نستطيع أن نكتشف ثغرات النقص فينا الا بالتعامل  و كلما اتسع التعامل كلما أدركنا زلاتنا أكثر  لنبادر بالتصحيح من غير عقدة شعور بالنقص أو التكبر من النصيحة .
أما أن تستعمل نوع من الصلابة في المعاملة فذاك راجع للتصرف المبالغ فيه من الأذية ، فهنا وجب وضع النقاط على الحروف و بحضارة أيضا يعني من غير أن تتعامل بنفس الطريقة التي عاملك بها الطرف الآخر ، فأحيانا كلمتين ثقيلتين في المعنى فيها الكثير من المفاهيم و التوجيهات تكفي للردع..فقط حافظ على أدبك ،لأن الحضارة تستيقظ بين جوانحه...ما أجمل رجاحة العقل....
هل نكمل ؟...يكفي لأن العبرة بالقليل و ليس بالكثير ما لم يكن مفيدا.
أخيرا ...ارتق ...أبدع..تحضر يوما بعد يوم...و املك لجام الصبر و الابتسامة حال كل مشكلة فهما كفيلتنا بتجاوزها بأقل رخصة زمن..ابتعد عن النكد و النكديين ، اترك بينك و بينهم مسافة احترام ، تابع عملك أو دراستك و اترك الفوضى و سوء الأخلاق  لأهلها و لا تقحم نفسك فيها لأنها باختصار شديد :
 لا تليق بك و بجمال روحك و بطيبة قلبك ....ما أجمل سماحة الأخلاق حينما توظف بتعاملات راقية مع الناس.
 

 
 

أضافة تعليق