مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/09/03 11:03
همسة في آذان الحساد
همسة في آذان الحساد

 

يقول عليه الصلاة والسلام «اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله، فإن صادف أهله فهو أهله، وإن لم يصادف أهله فأنت أهله». هي منابر من نور الإحسان لا يحدها حد، ولا تسعها أرض في عنفوان العطاء وبهاء الإحسان. على مر العصور ظلت عبارات الضعف تنافسه لتنال من كرمه وفضله، إحسان القلب بأن يحب كل مؤمن تقي يرى بنور الله ويغضب لما يغضب الله ثم يحن ويحلم إحسانا لوجه الله.. كثيرة هي المفاهيم المغلطة لدوافع الروح في أن تسمو وسط ضباب الحسد والغيرة، بالنسبة للحساد لم تكن الرؤيا واضحة المعالم ولا جيدة الألوان بنسق التدرج كتدرج قوس قزح.. في حقيقة الأمر كل شيء كان جميلا، بهي الطلعة، كل شيء كان منسقا ومتناسقا، نعم هي حلية أولياء الله، الجمال فيهم ليس بالمتناقض ولا بالمشمئز.. الأمر إلى حد كتابة هذه الأسطر بدأ يتضح، كيف وهل يزال في المنعرج منعطف للظن؟ ربما نعم وربما لا، ولكن النعم تغلب اللاء في فقه الإحسان، ماذا كان يصنع الأتقياء في وجوه الحساد لولا سلاح الإحسان تصوبه أناملهم لتصيب هدفها في عيون الضعف والفشل واليأس من رحمة الله.. ثم لو كان فيهم إيمان بوحدانية الله وبثقل كن فيكون، هل سيجد الحسد ضالته؟ ثم لماذا يحسد المؤمن أخاه المؤمن؟ وهل في الحسد راحة الجسد وسلوة العين وطرب الأذن ونبض القلب بنبضات التواتر.. نبضة للحياة وأخرى للتصميم في الحياة. بصراحة لم أجد بعد مبررا للحسد، ولم أجد بعد مقاسا على مقاس الحسد، لا لشيء سوى أنه أصلا غير وارد في قاموس الأتقياء، وبالتالي هم يجهلون أن يجدوا تعريفا معرفا لصفة الحسد ولدوافعه، وبالمرة لم يرد على صفحات السعادة منطلقا لابتسامة صادقة تندفع من أفواه الرضى والحمد. بالكاد أقول إن هذا الواقع فيه الكثير من المتناقضات والتي أرى في تركها وعدم التفكير فيها ترفع عنها، ثم السعادة الحقيقية هي مملكة، والقلب الطيب هو من يتربع على عرشها.. عرش الرضى والقناعة بما قسمه الله من أرزاق. تؤنسني اللحظة عبارة قالها ريتشارد نيكسون عندما تولى الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، حينما قال كلمة على الشعب الأميركي: «أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعاني من أزمة مادية، إنما تعاني أزمة روحية، لقد وجدنا أنفسنا أغنياء في السلع، لكننا فقراء في الروح، نصل في قرب عظيم إلى الفقر، لكننا نسقط في خلاف حاد على الأرض». هذا شأن الأميركان..لم يعطوا للحسد أهمية بقدر ما أعطوها للروحانيات، وهم ليسوا بأصحاب عقيدة في حين نحن العرب، بل المسلمين ننزل إلى سفاسف الأمور لنتخلص من عقد التخلف.. إلى متى بهذه الذهنية البالية، الخاوية القيم والفضائل. همستي للحساد: كن طالب الكرامة لا طالب الخسارة، فنفسك متحركة في طلب العلا وربك يطلب منك التقى، والحكمة في ذلك أن تكفوا عن الحسد واشغلوا أعينكم برؤية الجمال بالثناء وليس بتمني زوال النعم. وحتى تبقى همسة، فاني لن أطيل في الكلام لأن في الهمسات أفضل العبر ومختصر الحكم. فقط اتركوا الحسد جانبا وانطلقوا في ربوع الرضى لتصفو مشارب حياتكم ويهنأ بالكم ويطيب عيشكم.
أضافة تعليق