فلسطين الجريحة .. المنتصرة
-
إن دحض أكذوبة أن فلسطين أصبحت مستعمرة ومحتلة وعلى كل المقاييس وبطول كل المقاسات لها افتراء وربما عقدة نشأت وكبرت براثينها منذ سنة 1948، إلا أن الواقع المقدسي يثبت ويبرهن على العكس.
فالحقائق كثيرة ومتنوعة ولا يمكن عدها أو حصرها سواء في التاريخ أو الجغرافيا أو بحدود المدائن التي هي تاريخ جهاد طويل ومستمر لأهل فلسطين المباركة، وإنصاف لشعب طال زمن التعدي على حقوقه المشروعة، واتهامه بشتى أنواع الافتراءات منها انه تنازل عن أرضه ، لكنه الكذب وليس بالمستغرب على أساس انه من أبرز صفات العدو والتي لا تفارقهم أبدا، مصداقا لقوله تعالى " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون" سورة آل عمران الآية 78، وقوله أيضا " قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر " سورة آل عمران الآية 118.
إن عملية طمس الحقائق وتحريفها ليست بالقضية الحديثة آو المستحدثة بل بدأت ببداية الرسالة المحمدية، ليستمر هذا الزيف إلى أن تغتصب أرض فلسطين ليليه بعده طمس معالم التاريخ العربي وحقائقه، فمعرفة التاريخ بوقائعه هي من أنبل الرسالات لأنها تختزل البحث والتحري ومساءلة الشهود عن حقيقة ما وقع على أرض فلسطين الثائرة ومن أكثر العقبات التي اعترضتها هي أن تظل جريحة وتنزف بدماء أبنائها، ولكن النصر كان يساير فلسطين ومن البداية وسيتحقق بإذن الله على أي شاكلة للتحرر كان فالمهم هو الحفاظ على الأرض الأم.
فليس استغلال بعض بنود القانون الدولي والتحايل غير المشروع على قواعده سيبقي فلسطين على مدار العصر جريحة دونما انتصار، إن الانتصار يأتي تدريجيا وعلى خطى من يقين أن أراضي فلسطين هي لأهلها وليست لغيرهم.
إن تاريخ فلسطين حافل بالكثير من التواريخ والأرقام التي توضح دلائلا عن غنى هذا البلد، وعلى الرغم من أن المؤامرة على فلسطين كانت أكبر بكثير من إمكانات الشعب الفلسطيني، إلا أن شعب فلسطين طالب بالاستقلال والتحرر من قيود الاحتلال، وتحت ضغوط الثورة الكبرى عام 1936-1939، أين تخللت هذه الفترة مساومات عديدة من البريطان لأجل رحيل الفلسطينيين من أراضيهم مقابل مبالغ يدفعها لهم اليهود، لكن المحاولات باءت بالفشل وتمسك الفلاحون الفلسطينيون بأراضيهم وهذا دلالة لارتباط السكان الأصليين بأراضيهم وشدة تعلقهم بها، ولو أن قرار التقسيم لفلسطين الذي أصدرته الجمعية العامة لأمم المتحدة –قرار 181- الصادر في 29 نوفمبر سنة 1947 أعطى لليهود الذين لم يكونوا يملكون من أرض فلسطين سوى 6.7 بالمئة الحق في دولة مساحتها 54 بالمئة من ارض فلسطين، وقرر للعرب الذين يملكون يومئذ 93.3 بالمئة من ارض فلسطين دولة مساحتها 45 بالمئة من أرض فلسطين واستثنى هذا القرار مدينة القدس 1 بالمئة من مساحة فلسطين من هذا التقسيم..
لكن نزيف الجراح وتصميم النصر لاسترجاع الحقوق المسلوبة هو عنوان في صميم كل فلسطيني، فحتى لو كانت فلسطين اليوم جريحة هي ذاهبة للانتصار دون شك..فلا يهم أن تكون جريحة ما دام النصر مؤكد التحقيق كتابعة تلي نزيف الجراح.