تقاليد الغيرة الفكرية
-
من رواسب الفكر السلبي أن ينحني تتبعا لآثار ما يسمى الغيرة الفكرية فيتيه وسط ركام الفشل، ليس يجد له بدا من الخلاص سوى العودة والرجوع سريعا إلى الأصل الذي يليق بمقام المجتهدين والمبتدئين خاصة، فلا بد من بدايات ولا بد من معالم لتسلق الريادة خطوة خطوة وبالتريث أولا ثم التكرار ومواصلة المحاولة طويلا لحين تحقيق النجاح المطلوب، من هذا الرأي وددت الكتابة عن الغيرة الفكرية وآثارها.
كانت لي لمسات أخيرة مع مشكلة حاربت فيها اليأس والسلب والقنوط والضعف، لست أقر بنجاح المهمة ولا بنسبة التفوق على الإطلاق لأن الغيرة الفكرية تجلب متاعبا نحن في غنى عنها، ومن نحن بضمير الجمع، إننا من سلالة السلم والأمان وطيب الخاطر نسمو دائما بأخلاق التواضع ولسنا ننافس في ذلك أحدا، لأننا في مسيرتنا نحن نهيم بزرع الوقار والود أينما مشينا وعليه لسنا نأبه بالغيرة الفكرية ما دام المبدأ ينطلق من الروح الطيبة وليس من العقل، ولو أن العقل يرتب برنامج المسير الطويل ويحسب له زاده ومستلزماته، فهل يجوز أن تنفصل الروح عن العقل في مثل هكذا قضايا؟.
طويلة هي حكايا الروعة وجميلة هل ترانيم الهدوء للنفس المضيافة لزغاريد الصباح، والأروع من ذلك كله تقوى الله تعالى وبها نرد على كل سلبيات الواقع ومنها غيرة البعض من البعض الأخر، وإني أترجم أسبابها إلى مركب النقص والشعور بالدونية، فهذا الإحساس مبالغ فيه وبالإمكان القضاء عليه إن لم أقل التقليل منه من خلال تطبيق بنود الاعتدال في القناعة في أن كل واحد له رزقه وما تجاوزات الأشخاص فيما لا يفيد إلا بادرة من بوادر المرض النفسي التي تفسد الود في القضايا الإنسانية والاجتماعية.
بتوالي الأزمان والأحداث وظهور الأعلام في الكتابة والفكر والإبداع يكون للغيرة مكان من التقاليد التي الفتها وتتلمذت عليها والتي بدأت من محاولة التقليد من الذين حباهم الله بنعمة الإبداع وعلى شتى الفنون وباختلاف أوجه الظهور، فكان لهذا الصنف من الناس منافسات عديدة لمحاولة الظهور وفقط ولا يهم في ذلك معيار الخدمة الإنسانية أو الأدبية التي سيقدمها هؤلاء المقلدون وبدافع من الغيرة الفكرية التي راحت تجتاح دروب الكتابة حتى لو طالت في ذلك المسافات، لكن النجاح لم يكن حليفا لأصحابها لأن المبدأ في العمل لم يكن مولودا فيهم ومنهم بل كان بدافع التقليد فقط ولست أظن أن كل ما لامس التقليد أي عمل سيظهر على الصورة المألوفة لدى من كتبوا ونقشوا الإبداع بالفطرة والموهبة، وعليه تبقى صراعات الغيرة الفكرية مجرد تقاليد تتكرر وتعاد مرات عديدة ولكنها ما تلبث أن تخبو لأن صيتها لن يصل إلى أبعد الأفاق من التأثير في قلوب وعقول المستقبلين...