مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/05/07 15:44
ما شأنك و الغير ...اهتم بنفسك
ما شأنك و الغير...اهتم بنفسك
 
أحتار فين يجلس مجلسه و يرقب غيره ممن عرف و ممن لم يعرف ، ماذا لبس  و ماذا أكل و ماذا شرب و الى أي ضفة سينام ، ان ما كان على حرير أو على صوف أو على تبن حتى ، هي أوصاف ترد كل دقيقة  الى  أن أضحى  الرصيد من الانسانية صفرا ، يا ترى هل لهؤلاء البشر وقت اضافي للاهتمام بالغير و تتبع خطواتهم ؟ ، على الأقل هم في السيارة يسبحون و على كراسي  الانتضار دارسون للكتب و الصحف و في الضفة الأخرى من التأمل في صنيع الله متفكرون ، ماذا عنكم يا من يجمع له سيئات و من غير مقابل ؟، صدقا نحن في أزمة  هي أخلاق بالدرجة الأولى  و هي تفوق أزمة المال و العمل ،  و على هذه الأزمة أن ترحل من أوطاننا عفوا من سلوكاتنا ،لأنه حينما ترحل من سلوكاتنا  حتما لن تجد لها مستقرا و تداولا في أوطاننا .
و المشكل أن العارفين و المثقفين أكثر فئة ترصدا لأخبار الغير ، معناه فيه خلل في علمه أو في تربيته ، فان لم يربي فينا العلم ردود أفعالنا فالى أي زاوية سنحتكم و قد فاتنا من العمر ما لم يبقى للتصحيح في التربية و طريقة تعاطي الكلام و الفعل مع الناس؟.
أزمتنا في الأخلاق لم تكن وليدة اليوم بل منذ أن عرفنا أنه يجب أن ننشغل بأنفسنا ، لأنه في حقيقة الأمر لم نفقه المعنى و لم نعي جيدا أن ديننا الحنيف حثنا على أن الاسلام الحقيقي هو أن يسلم المسلم من أذى أخيه في لسانه و عمله ، و هذا الخلق موجود في نصوص كثيرة من القرآن و السنة ، و لكن عادة ترقب الغير أصبح كقهوة الصباح ، و حتى شاكلة بعض الاعلام تأخذ لها الخبر من باب التطفل و ليس من باب نقل الحقيقة ، فمتى نعي ثقافة الترفع و الرقي في مسيرتنا التي تنتظر منا الكثير و من غير حقيبة أخلاق حقيقية لن يكون لنا الزاد الكافي لأن نتحاور في هدوء و نناقش في سرور و نعمر الحفل بالآراء النيرة لنا و للشباب و للمرأة و للمجتمع ككل بكل ما يفيد.
مطلوب هنا وقفة تفكر ، و طرح هذا السؤال: لماذا أتتبع غيري ؟، فان كان لمظلمة تريد اقتصاصها يا متتبع أقول لك من حقك لأنك مظلوم و لكن ستصل في نهاية المطاف الى أن تقول حسبي الله و نعم الوكيل و هو خير من فوضت اليه أمرك ، و ان كان تتبعك لحسد و غيرة فنصحي لك أن تبتعد عن هذا السلوك لأنه يضرك أنت بالدرجة الأولى قبل أن يضر من تتبعت ، فالنار حينما لا تجد ما تلتهم فهي تأكل نفسها بنفسها ، فلما لا تغبط و تعمل مثل الشيء بدل تمني زوال النعمة ، فنصيحتي لا تحرق ذاتك و فيك ما ينفع ، اذا هون عليك من هذا المرض الذي أحضرته بنفسك و لم يكن لعارض عابر .
ماذا لو كنت كالنهر الجاري يحمل معه الورق و السمك و الورد الى ضفة سعة الرحب و الأمل و السلم و الأمان ، اتصورك ان تكون طيبا كتلك النحلة تحط رحالها على ازهار شتى لتعود للناس بعسل مختلف ألوانه و مصفى و هو كذلك شتى في الانواع ، اذ بقدر محطات نزولك في الخير بقدر ما تعطي المتنوع منه ، و إلا قل لي لما لا تكون كالنملة في سرعتها لا تأبه لا بقدم و لا بحجر و لا بجنون فيضان ، لأن في أجندتها ذخيرة شتاء عليها ان تكون كاملة مستوفاة النصيب لجموع النمل من غير حساب و لا تميز للعشيرة و اللون و الحجم ، فلا تواكل و لا تساؤل فيمن يقوم بالعمل لأن الايثار أسكت كل تتبع  ؟، أو كان الأجدر بك أن  تختار  لك في  نوع صنيعك حريرا كتلك الدودة برغم صغر حجمها إلا انها لفت نفلسها في حرير و بعدها تتحرر لتصبح فراشة زاهية راحلة هنا و هناك  ، اصنع لك أنت أيضا عزة لنفسك بانشغالك بنفسك و ربما لن تصل الى أن تشتغل بنفسك ، فالزمن اليوم في تسارع و المشاغل كثيرة و الواجب مع الله كثير ، فهل أدركت أنك لم تخلق لتتبع الناس و ترقب مصيرهم ؟ ، عيب كبير ان تناقض فطرة سليمة تصرخ بداخلك ان الواجب منك أسمى ، فهل  اعتبرت ؟.

                               و انه ليؤسفني ان نأخذ العبرة من اصغر مخلوقات الله و فينا العقل اكتمل.
 
 
 
 
 
 
 

أضافة تعليق