مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/04/18 22:51
الرؤية الضبابية للنهضة..معيقات و حلول
الرؤية الضبابية للنهضة
معيقات و حلول
 
أعايش بنفسي واقعا مدهشا و لست بحاجة لأستمع لتجارب الغير و لا لفهم ما يدور على كوكب العرب خاصة ، في قرن متقدم جدا كهذا و لا زلنا لم نحسب دراهمنا ان ما كانت ستكفينا الشهر المقبل ام لا ...تخلف رهيب على كل الأصعدة و رداءة خانقة في كل مجالات الحياة...
أشاهد بعض الضباب على نسق الحياة اليومي و العجلة راكدة في مكانها لا تريد التحرك نحو الأمام حتى لو تم دفعها ستبقى تدور في محور بطيء جدا ، ما المشكل و ما الحل ؟
أولا: معيقات النهضة
يوميا أستمع للهجة واحدة بين أفراد المجتمع على اختلاف المستوى الثقافي و الرتبة الاجتماعية أنه فيه نوع من الفوضى و الرداءة و عدم الاستقرار النفسي للمواطن في بلده و شعور بالتهميش و الاحتقار و عدم كفالة حقه في العيش الهني بمستلزمات بسيطة جدا و أرى أن فيه أسباب لتأخر الركب الحضاري منها ما يعود للمواطن أو الفرد في حد ذاته و منها ما يعود  لنظام العيش المتبع و منها ما يعود  لافرازات العولمة بشكل عام .
فلعلاج ظاهرة ما يجب من معرفة الأسباب و سبب تأخرنا راجع بالدرجة الأولى لطريقة عيشنا و تعاطينا لسلوكاتنا فيما بيننا و ترسيخ مبدأ الأقوى لمن يمتلك مالا كثيرا و فسادا أكثر و نفاقا أكثر و سوء أخلاق أكثر ، و بالتالي الفرد  المستقيم يجد نفسه مهانا بمعنى الكلمة ، لأنه يحمل صفات تقية جدا و هي تزعج أصحاب النفوس المريضة فلا هم حاولوا اصلاح انفسهم و لا هم تركوا المصلحين في حالهم ، يعني لا تلعب و انا فقط من يلعب و حتى ولو لم ألعب لن تعلب لوحدك ، قد يتساءل العاقل قائلا:
أين لك بهذه الأنانية ، أنت مريض نفسيا انت من يجب أن يعالج نفسه و لا تجبرني على أن اتبع قطار التخلف في عقلك و اخلاقك.
احدى الأسباب الأخرى هي احتكار المنصب و العلم و فرص التفوق لنسبة ضئيلة لا تمثل الوجهة الحقيقة لتقدم المجتمع ، هم أصحاب النفوذ و أصحاب المناصب السامية من غير معيار العمل و الكفاءة ، فأصبح الكفء يفتش له عن بديل و البديل هو الهجرة و بالتالي ارى احقية للهجرة حفاظا على المكتسب المعرفي و الأخلاقي ، فالمستقيم و الكفء لن يتحرك في بلده حرا طليقا بمقومات التفوق بل سيكون  لزاما عليه أن يخوض حربا نفسية و معنوية و لن يكون له شيء  ،و بالتالي تلك الحرب هي من باب الاستفزاز فقط و ليس لنيل ما يسمى الحق.
فيه عائق آخر هو وجود عقدة النفور من الطرف الآخر ، يعني لا للحوار و لا للتفهم و لا للنقاش ، رأي هو الأصح رأيك خطأ ، او لن تتفوق علي ، بل  أنا من يجب أن يسبقك ، يعني فيه مستوى منحط من آلية التعاطي مع النسق الاجتماعي و الفكري و الديني ، و قد يكثر الجدل و اللغط و التهريج و اختلاق  مشاكل هي في حقيقتها شبه مشاكل لإثارة بلبلة و تفويت فرصة الاستغلال الأمثل للوقت و للتحصيل الجيد للعمل و للاستغلال المنظم لذوي العقول اللبيبة ، ثم تجد هؤلاء المثبطين يتكلمون عن النهضة و التحضر و يشتكون غيابه أو تأخره ، ناسون أنهم لو طوروا أنفسهم  أو أصلحوها، تكون تلك الخطوة بمثابة فرصة لبرنامج التغيير و  فاصلة من الربح و اختزال  درجة من العراقيل.
ثانيا: الحلول
ان ايلاء التسيير بشتى درجاته لأصحاب العقول الراجحة و المتشبعة بالخلق و العلم و الايمان هي آلية جيدة في العمل ، ثم القيام بعملية غربلة و تصفية لكل ما لا يصلح من العقول و المساعي و الخطط هو حذف لكل السلبيات التي من شأنها أن تعرقل النجاح ، يعني اعادة بناء من الأساس بعد القيام بالهدم الكلي لما هو مرتفع أمام اعيننا ارتفاعا باهتا ، ثم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب و اعادة احياء مبادئ العقيدة السمحة بأساليب سهلة و ميسرة بإقحامها في البرامج التعليمية و التوعوية و عدم تفويت الفرصة في تطبيق القانون على المخالفين ، يعني تحقيق مجتمع عادل بمقاييس مضبوطة بما يوافق مبادئنا و تقاليدنا و بما يخدم هويتنا بالدرجة الأولى و الترفع قدر الامكان لكل ما هو مصدر لنا من معلومة و فكرة و طريقة عيش، اذا كنا نحن من يستورد فماذا نصدر بالمقابل ؟ أو اذا كنا نستورد كل شيء فكيف نتحرر  من التبعية؟.
 ثم مكافحة الشعور بمركب النقص و المفاضلة بين المتعلم و الجاهل ، بين الغني و الفقير ، هو آلية اخرى  لنشر نوع من ثقافة المساواة  يفهم منها أن الفقر ليس عيبا و أن أي مهنة بسيطة ليست عيبا و معاقبة كل من تسول له نفسه الاحتقار او الاستغلال او التهميش لأنها آفات تقتل الطموح و تخلق الفوارق الطبقية و لا تمنح فرصة لمن ليس له مال كاف ان يعيش بتصوره البسيط .
كذلك لا بد من تعزيز حب الوطن و التطبيق الصارم للقانون لكل من  يساعد على الفساد و الخسارة مهما كانت درجتها ، يجب تعويد المواطنين على  انضباط جديد و هي أن يحافظ على  شجر الوطن  و ترابه و هياكله و مؤسساته  برفض كل أشكال التبذير و اللاشعور بالمسؤولية.
فإذا طبقت تلك الحلول و المقترحات حتما تتبدد الرؤية الضبابية عن مشروع النهضة لأنه تلقائيا يكون الفرد أو المواطن في نهضة كلما أعاد الأخلاق و القانون ولو شعورا بالمسؤولية الى نصابها الحقيقي ، و هي ليست بالعملية الصعبة و انما بالتعود و المواظبة فقط.
 
 
 

أضافة تعليق