مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/03/06 10:34
محببون في السماء و ليس مستضعفون في الأرض

محببون في السماء و ليس مستضعفون في الأرض

بنظرة ثاقبة أصف عصرا برؤيا متفرسة أنه عصر فتن فاتنة، مفسدة للالتزام الديني ، كيف أن أصف تلك الروابط الأسرية التي كانت بالأمس تنبض بأواصر المحبة و التوادد و الرحمة ، في حين أضحت اليوم عنوانا للتفسخ و الانشقاق فيما بين الأرحام.
   أكثر توضيح و أكثر تقربا من قلوب الواعين و المدركين لمخاطر هذا العصر أحاورهم بلغة بسيطة فيها الكثير من الأسى و الحزن لما أضحى إليه حالنا اليوم كمسلمين و كبشر كرمنا الله بخلقة تعكس قدرة الخالق في انه ليس كمثله شيء بتسبيح كل من حولنا له، فقط لا نفقه تسبيحهم...شيء عظيم وجميل في نفس الوقت ، لكن لماذا قوبل هذا العطاء و الفن الرباني بكل هذا الجحود الذي تزينه فتن أعمت الأبصار و أصمت الآذان و نسجت الران على قلوب باتت لا تنبض إلا لتكملة ما تبقى من عمر الحياة و ليس حبا لكل فنونها ،  أين ذاك التعاطي بين أكف أسمى عبارات التوحيد و الإجلال لقدرته سبحانه و تعالى؟.
أستطيع القول أن قضية العصر أو أزمة العصر هي أزمة الحليم الحيران وسط كوم من المشاكل بل العقد و التي أضحت لفتها تتعقد يوما بعد يوم ، فأصبح يطلق عليه و على أمثاله "مستضعفون في الأرض".
لكني في قرارة وجداني أستطيع أن أصف أمثال هؤلاء بـ "المحببون في السماء"...ارتضوا الفرار بدينهم إلى ملاذ يوجد فيه أنس بالله...ملاذ أستطيع أن أبرهن لكل قارئ انه لا مقاس عليه و لا بديل عنه لأن فيه طمأنينة و انس بمن لا يقاس عليه..فهؤلاء المستضعفون كما يسميهم عامة الناس الذين لا يفقهون في الاصطفاء الرباني شيء ، يلجأ ون إلى توظيف ما طاب من الكلمات العقيمة و الفارغة من أي جمال ووقع ذالك الصدى الذي لا يتجاوز مسامع الأذن.
هؤلاء المستضعفون في نظري هم نخبة مصطفاة أحبها الله و أحب لها الخير و فضل لهم الاصطفاء حفاظا على ذاك الوقار الرباني الذي يجعلهم يصارعون الفتن بالحكمة و الصبر و الأمل، هذا الأمل الذي يحدوه عمل في أن النصر لأولياء الله ...لأن التمكين سيكون لهم ..كيف ذلك؟
طبعا بحب الناس لهؤلاء المميزون ،من ارتضى لهم ضعاف النفوس تسميتهم بالمستضعفين..فهو مصطلح ليس لهؤلاء من الناس الذين باعوا أنفسهم و أموالهم لله عز وجل ، و الله اشترى منهم تلك العهود أن لهم الجنة..و إلا كيف لصفوف النمل أن تهتدي إلى مخابئها بإشارة من نملة تنتمي لذاك الصف انتماء المحارب لجيشه أن وجهت رسالة إنذار لباقي النمل بالاختباء خوفا من نبينا سليمان و جنوده حتى أن حسن الظن كان تخمينها إذ قالت و هم لا يشعرون..أليس هذا تميزا لأضعف المخلوقات و التي يرى فيها الكثير من الناس أنها عنوانا للضعف و الوهن..السنا بحاجة إلى تدبر فيما حولنا من نواميس الخلق العجيبة؟ ألسنا بحاجة إلى وقفة تحليلية لمسار كون أراد الله له توازنا فريدا و محكما..ثم أليس العيب في تفكير بشري هدام للقيم نفاث لسم الحسد في أناس سمحتهم الجمال و لغتهم الحلم و الطيبة و الثبات و سلاحهم قول الحق و لو كان مرا؟..نعم هو فن من فنون استخلاص الحكم حتى في أضعف المخلوقات ، فلكل من يكد و يجتهد طاعة لله و إقرارا للعبودية و التسبيح تحية تقدير حتى لتلك النملة لأنها تعطي دروسا في اللامبالاة لما يدور حولها إلا إذا داهمها خطر فهي تستنفر ليس في  أنانية منها بل بإشراك الجماعة الأخرى في النجاة..ما بالك لو كان للنملة عقلا ربما سعت لنجاة أمة..أظنه مثال كاف في حقيقة الوجود..و كاف في سيرورة حياة بأبعاد العمل الجماعي و الإيثار. لذلك تحية مني لمن فضلت أن أطلق عليهم اسم "محببون في السماء"..هنيئا بل طوبى لهم.

أضافة تعليق