كن جميلاً ترَ الوجود جميلاً
البس هندامًا منسقًا في الألوان؛ لتتباهى بفخر مشيتك، اختر لك نسقًا منتظمًا في ترديد كلمات الأمل، لَبِّ دعوة من طلب لقياك، صافح عن طيب خاطر وبصدق كلَّ من اغرورقت عيناه حين رآك، أجب ولبِّ نداء الشوق ولا تلبِّ رغبة الجفاء المكبوتة فيك منذ أمد بعيد، انتهى الماضي وطُويت صفحته، أنت الآن مقبل على فترة جديدة يحتاج منك محبُّوك أن تتألَّق بجمال روحك، وصفاء سريرتك، وطيبة قلبك، أنت اليوم عنوان الرحلة الجديدة إلى فضاء الظهور بعد طول غياب، كن الأسمى في شوْق اللقيا ولبِّ نداء من ألفوا فيك قوةً لا تُصهَر وعنفوانًا ليس يضمحل.
أنت الآن رسالي أكثر من أيِّ وقْتٍ مضى، وسِّع في مجلسِك لمَن أتى متأخِّرًا، والْقَ بخفَّة المعشر منك بابتسامة ليست تغادر محيَّاك، أنت جميل وليس كفى؛ لأن الجمال الحقيقي هو أن تترجمه لمن هم الآن بحاجة ماسة إليك، كن عنوانًا للسلام والارتياح، كن قلمًا سائحًا عبر مروج الإبداع، كن صفحةً بيضاءَ تكتب فيها قصيدة التفاؤل، فاليوم ليس كالأمس، والأمس لن يكون كالمستقبل، وإيمانُك هو ما يزيدك معرفة بحقيقة أن التجديدَ يسكن قلبَك المحبَّ، ويركن حيث أفكار عقلك في استرسال تبحث لها عن صدى رحْب ممن يُحبون كلامك، بل يفتنون من تلقائيتك الجميلة، كن طويل الهامة ولا تنحني لعبور الرياح، فالقوة سكنت فؤادك منذ أزل، ورحلتك هي في انطلاقة الآن، فارحل وارتحل ورحل معك نسائم الطيف الدافئ، كن أكيدًا ولا تكن للنفي جوابًا مُسرعًا لكل من لاقاك مشرقًا، وإياك أن تُدير ظهرَك لمن أراد أن يقرأ لك من جديد؛ فأنت تُبدع على طول العام، والكل في شغف ليقرأ إبداع شخصيتك الساحرة، إذًا ارحل وارتحل وزد علمًا نافعًا في سفريات ليست تنتهي هنا وفقط، بل ستتكرَّر كلما احتجتَ لأن تبدو أكثر أناقة وأكثر تميُّزًا.
ليست تخونك كلمات بعد اليوم، وليست تظلك ظنون أو شكوك بعد اليقين، لازمت الصبر طويلاً فخُذْ نصيبك من الدنيا الآن ولا تنس حق روحك عليك، كن في اعتدال إن اكتنفك تفوق لست تحتويه، وكفَّ عنك كلامًا كثيرًا تصف فيه ألوان لوحتك، فدع كل شيء يتكلم عن نفسه، واترك لقلمك فرصة يصف فيها تألقك، لست مُلزَمًا أن تترجم كل شيء بنفسك، اكتف فقط بتحضير هندامك ووقفتك حينما تصافح ودًّا وحبًّا غيَّر فيك كلَّ شيء تغييرًا جذْريًّا ولم يلمس فيك إيمانك ويقينك؛ فذاك الجمال كله، لن تكون بحاجة إلى تصحيحات أو تعقيبات، بل كل الترحيب سيزن ثِقَل عقلك الموهوب بموهبة الإبداع، وُلدتَ على فطرة سليمة، وكبِرتَ على وصية تركت لك وحدك؛ لأنك الأقدر على تحمل الأمانة؛ أمانة الإخلاص والصدق بمظهر الحضارة، بل أنت الحضارة كلها حينما يمتزج في دمعك معنى الروعة والتفوق، وزد على ذلك لستَ مُجبَرًا لأن تقدِّم دعاوى لزوارك؛ فالكل لك زائر من غير ميعاد، فالله سيجمع الشمل بعد أن تفرَّق، ويُؤلِّف القلوبَ بعد أن كفَّت عن الشوق، ويوحِّد الصفوف بعد أن اختل وفاقها.
وإني أرى أن الموقف يتطلَّب مني أن أكون على درجة عالية من الإبداع لأكتب عن شخصك الرائع كما كتبت سابقًا، فأنت سلسلة إبداع مختلفة العناوين والمحور واحد، هو شخصك الفاضل المفعم بطهارة الأخلاق التي أستفتح بها كتاباتي من غير حاجة لأن أرقب فيك المظهر والمنظر، فيكفيني خيالاً واسعًا سائحًا يجوب أقطار أرض مشيت فيها طويلاً وكثيرًا، وتركت أثرًا طيِّبًا كان لي بمثابة معالم على الطريق أزيِّن بها صفحات سجلي الحافل بوصف أمثالك، والذين يتمنَّاهم كل محب مخلص لديه نفس مشاعرك.
أثقِلْ سُنبلة عطائك بسخاء احترامك واتركها تنحني ثقلاً وتموُّجًا، وارقب فيها انعكاس أشعَّة الشمس الذهبية؛ لترى الكنزَ يموج ولا ينتهي، تابع بعينيك ارتحال الفراش بألوانه الزاهية، وغيِّرْ مجرى رؤياك إلى حيث ينطلق تغريد الطير بالقرب من حديقتك، أنصِتْ وترنَّمْ وزد في تألُّقك بذوقٍ رفيع المستوى حينما ترقب قوْسَ قُزَحَ رسم نفسه فجأة ليتحوَّل منظر الدنيا لمعنى آخر، حلية لمعانها هو الجمال والنقاء توحَّدا فمزجا لونيهما لونًا واحدًا، فسبحان من أتقن كلَّ شيء، وجعل لنا من نعمة التأمُّل فكرًا آخرَ وعلمًا رفيعًا، نرتقي بأرواحنا إلى درجة البياض الصوري واللفظي لأنفسنا.
لبِّ دعوة الجمال وكن أنت المبتدئ في لبس وسام السكينة والطمأنينة، وسيبدو لك الوجود أكثر مما تتصوَّره من جمال، أرسل وصالَك بكلِّ ما هو إيجابي في مسيرتِك، واستخلِص من المتاعب صهوةً تمتطي بها جوادَ التألُّق، ولك زاد التقوى يكفيك في مشوارك، كم يكلفني الموقف من جهد في انتقائي حروفًا وعبارات تفيك وتكفيك في حماستك، فكن الأول في الجمال والأخير من يضع معوله إن حل عليه موعد الغروب، لم ينتهِ يومك بعد بانتهاء مسعاك؛ فالطيور لم تعد لأوكارها، والليل لم يسدل ستاره بعد، واللحن لم يكتمل بنوتةِ الختام الممتد إلى آخر وصلة فيها مستقر رحلتك، ناولني بعد أتعابك كُلْفة المسار واترك لي فنيات مسح أثر ركل الجواد وتبديد ذرات الغبار؛ لأني سأكتفي أن أنسى أني كتبت كل هذه الأسطر وأنا في قمَّة التركيز على كيفية الحفاظ على الجمال الذي أتقنت صنعه، فأصبحت تنشده وبأولوية منك؛ لأنه شرطك الوحيد في أن تتفاعل مع محيطك، وهو أن تكون جميلاً لترى الوجود جميلاً، وتختمها بابتسامتك الساحرة والتي تجيب عن سؤال كل حيران تاهَ في تميُّزك، إن كان حرفة أتقنت صنعتها منذ صغرك، أم أنها لمسة تسحر بها متى أردت لنفسك تألُّقًا بعيدًا عن منغِّصات الحياة وما أكثرَها اليوم، تُرى هل وُفقت في أن أصف هذا الجمال ولو بلمسة تقريب مني للهدف؟ فلربما تهت أنا الأخرى في صنيعك المتواضع، الذي ارتقى إلى قمَّة الريادة بعد أن اكتمل فيه نصاب الصدْق والإخلاص، دُمتَ جميلاً.