مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/02/20 22:26
في قمة الرعب...
في قمة الرعب...

أعشق الحرية أي نعم حينما فككت قيد التردد لدي ،لم يكن بوسعي و لا في وسعي أن أتكلم كثيرا في وقت وجدت مسيرة حياتي قد تخللتها نسمات لم ترحم في بطئي في التجاوب مع ما صادفته من تناقضات ،اكتفيت بالتنحي جانبا و الرضى بما وقع فتبدل الحال علي كثيرا و لم أستطع أن أقول كفى ما هكذا يتجاوز الرعب لدي قمة تحملي..صدقا  ميزان العدل اختل لدي مع  كل منطق و كل حقيقة ومع  مجمل كل طيف من  حرية..
كان سهلا أن اتحدث عن الشجاعة و أنا بعيدة عن المعركة لكن عندما وجدت  نفسي في قلب الاعصار تملكني  الخوف فالتفت يمنة و يسرة فلم أجد سوى نفسي في وحشة الطريق..هنا بدت لي أعلى درجات الشجاعة و هي أن أجرأ على الظهور و المواجهة ،لم أتردد فظهرت على حقيقتي من غير تكلف و لكن بضعف كبير و كان مخفيا حيث يجب ان لا ألتفت ورائي لأحن الى ما تركت ، هنا مكمن الوحشة  و الرعب الكبير هي  أن تنقطع الكهرباء و الضحك و الفرح  و سراب الأحباب، كل شيء مر و قاتم  حتى  لون الظلام لما ازداد سوادا ازددت مللا، و هنا ظهرت  مخيرة بين التقدم لتكملة المسير أو العودة للوراء لحين يكتمل لدي نصاب اليقين ، لكني تفطنت الى مكمن قوة اليقين أنه يتجلى في قمة الوحدة و الألم و الرعب و ليس الخوف لوحده  ، لأن الأول يحدوه خطر غير معلوم و الثاني رجفة في فكري و اضطراب في ايماني ، و هنا كان لا بد لشجاعة العقل أن تبدو قبل شجاعة القلب لكي لا أركن للعاطفة المظللة  ،  فلم أكن بحاجة اليها في تلك اللحظات  و لم افكر ان اركن لها في لحظة حاجتي للراحة ، فما احتجته هو ثبات يليه انعتاق و يتبعه برهان في أن الحاضر من المسيرة  سيمر و يمر و لن يبقى منه شيء سوى آثار قدماي..
لم أفكر في تلك الفترة بالسعادة و لا بالنجاح و لا بعبق الحياة أصلا ، ما بدى لي في التفكير هو كيف أبدو شجاعة ما يكفي لأستمر ..فما ورد في مخيلتي هي صورة الصقر في ثلاث من الجماليات كانت له و هي حريته و عزة روحه و بعد النظر ، أخذت الأخيرة و بدأت في اختزال تكرار العذاب كل يوم و كنت أناقض نفسي أن ما أشعر به من برد في فصل الشتاء ما هو الا نسمات عابرة و ما تذوقته من ألم ما هو الا وخز ريح نافرة و ما تعمق في روحي من وحشة ما هو  الا فنيات التفرد بالعزلة عبادة لله و أنسا برحمته و بوعده من أن الفرج قريب..و في خضم كل ذلك كنت أرقب في نومي دقات ساعة المنبه بانتضام أن الصبح يحمل معه مخرجا أو نورا او خبرا..هنا عظم ربي في قلبي و صغر أمامي كل شيء سوى احساس الغربة القاتل راوغته مرات عديدة لكنه أبى الى أن  أتعود عليه ، فكان ما كان لبا من التنازل مني لأصف لي وصفة أخرى أختبر فيها شجاعتي حتى لا أكون أصعب و أثقل  شيء في حياتي هو أنا أي كياني ، فرفضت الضعف كثيرا و باصرار لكنه باغتني حتى تمكن مني ففهمت أن القوة تنال حقا من الاسترجاع بالرضوخ لهذه الكبوة فكان ما كان مني استسلاما ظرفيا لكن سئمت أكثر  و تحملت في صمت لأني أحسست أن الحل موجود في مكان ما و في فكرة ما و بحرف بداية سيخطه لي الأمل أمامي و ما علي سوى أن أفهم تلك البداية لأقاوم  و أنزع عني لجام الخوف ، فكان ما كان و نزعته من غير حسرة و لا ندم ، فهمت لحظتها  أن الظلم جعل مني بطلة  و لكن كيف أقاوم لأتخلص من اضطراب الحال و تغيره علي ، كانت هي عبارة توكلت عليك يا الله هي جملتي الأولى و التي كتبتها بأناملي و بأحرف من صدق و يقين أنها المخرج و الملاذ و المفر ، و عرفت أن العقل الواعي هو فقط من يفهم و يطبق هذه الجملة على حذافرها من حسن التوكل فعلا على الله و بالتحدي و المواجهة و قبول الأمر الواقع ، و هنا أحسست أني لأظهر شجاعة لابد لي بمزيد من الشجاعة فكان أن انصهر التردد نهائيا و حرصت أن أظفي الى ارادتي قليل من الشهامة لأسرع في الخطى و أزيد في رفع معنوياتي و هنا مظهر آخر للرعب بل قمته ..
أدركت من هنا أني أمام محاولة للنجاة و بأقصى قدر ممكن من العزيمة ، فكان أن زدت في ثقل صبري زمنا آخر ، لأني أدركت أنه بالصبر يسكت كل ندم و يخرص كل تردد في داخلي ، كيف لا  و أنا من تلوم نفسها كل ساعة خوفا من الفشل  و هذا ما يجب أن لا يطول لدي خاصة عند عبوري على  جسر المغامرة و علي بالنهوض بأكبر قدر ممكن من القوة لأنتقل الى الضفة الأخرى من التحدي ، لم يكن سهلا بل كان قاسيا و رصيدي من الدعم صفر مصفرا بل بهوا فارغا لا طير يغدو فيه و لا أنوارا متلألئة منه ، حيرتي ازدادت و نبض قلبي أفزعني و أنا أميل يمنة للسقوط و لكن صرخة الرفض أنقذت كل تهور و استسلام مني  لأنه في قمة الرعب لابد من صرخة الرفض الجبري و القهري مهما كان معاندا فكان أن فتحت عيني ووجدت نفسي فعلا أقف على الضفة الأخرى من الثبات ففهمت حقا ان حسن التوكل على الله ملاذ  كل غريق للنجاة و مصدر حرية لكل مختنق من عسرة النجاة ، فعند قمة الرعب لا شيء يخلصني من استسلامي النهائي سوى قوة اليقين ان الله منقذي في آخر ميلة للانتهاء ، فليكن مع قمة كل رعب مسحة من يقين أن الله هو المنقذ الوحيد من عسرة الخلاص..

                                                                                                        الحمد لله رب العالمين.
 

أضافة تعليق