مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2015/12/15 18:01
طريق الريادة بعيون أخرى
قد يظن المرء أن صعود سلم النجاح و صناعة ريادة  الأمة أمر مستحيل, مع  الضربات الموجعة, و الهزات العنيفة, و الأعاصير المدمرة طيلة عقود من الزمن التي ألمت بظهر هذه الأمة  كأن هذه الأمة خلقت للمحن . و في رحم هذه المعاناة ولدت جماعة في ظروف استثنائية عرفتها الأمة سقوط الخلافة و احتلال الأرض , زيادة إلى تعشش الظلم و الاستبداد في جسم الأمة المريض, كل هذا كله ألقى بظلاله على هذا الجسم ليحمل مشعل التغيير لإعادة الأمة الريادة و التميز في ظروف استثنائية صعبة .
  إن إعادة الأمة لنقطة الريادة والسؤدد الذي من أبرز معانيه حمل رسالة الخير للإنسانية جمعاء التي جاء بها الإسلام الحنيف  ,  لتعود القيم التي هضم  حقها في زمن حضارة الكيلو واط التي ألقت بظلالها على العقل والنفس, فأصبحت الأوزان و المعايير  مادية صرفة , فأفرعت القلوب الحاوية للجمال من  الرأفة  و الرحمة و التسامح و التعايش . هذه الحضارة التي ألبستنا  حياة مادية ,  بلا تسبيح   بلا سجود و لا ركوع   , حياة بلا دعاء أو مناجاة . أننا  نريد حياة  الرفعة  حياة تضبطها الطاعة  للمولى عز و جل , وحياة  دعوة ترسل النور في السماء , و  دعوة تبعث الأمل  في النفوس فتنهض و تنطلق الجوارح  في دروب الخير الواسع  .
 من نقاط الريادة التي على الأمة أن تستردها العمل استرجاع , أن يكون الاسلام اللبنة التي تنطلق منها  جميع قطارات النهضة في شتى الدروب و المجالات بشمول الإسلام في القيم و الإخلاق والكسب و الثروة و الفن و القانون في السلم و الحرب في الحضارة و العمران .  يقول الإمام البنا:      "مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام الصالحة وتعاليمه التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس " و هي واجبات عملية قابلة للتنفيذ إذا ما وجدت العوامل و الإرادات الصادقة و الكفأة وقد باشر الإمام هذه المهمات بنفسه و سطر لها برامج عمل و أحسب أن هذه المخابر مازالت نشطة على الرغم من الحرب المبرحة لإفشال هذه المشاريع  .
  أن مشاريع الريادة التي ترفع شان الأمة  هي مشاريع لن يكون لها أثر في الوجود إذا تخلى عنها أهلها و نحن أهلها  . هي تكاليف فردية تبدأ بإصلاح حال النفس و تطويعها للعمل الاجتماعي المنتج يقول الله تعالى :  ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ (الحج) و لنا في قصص الأنبياء و الصالحين خير عبرة و على الأفراد والجماعات قيادة المبادرات  لتحقيق هذه  الشهادة على الناس  لأن الإنسانية في أمس الحاجة لهذا الهدي الفريد المميز بسمو تعاليمه .
  قد يقول أن أمر النهوض أمر عصي على الأمة أن تعيد النهوض على ما هي عليه من ضعف واستكلاب القوى المهيمنة و القوى الغالبة  و لكن الأمل في الله كبير أن تعود الأمة لسابق عهدها إذا تحكمت في شروط تلك النهضة الفريدة المسقية  في أصل الشجرة ومن هدي سلف الأمة الصالح و من الرواد العاملين في الثغور في رباط  فقد تكون البشرة أية من قرأن الكريم قد يقرأها مرات لقصة ميلاد امة في قصة موجزة في دقة الإيجاز يقول الله تعالى : "  فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ , أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إسرائيل , قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ , وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ , فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ "   الشعراء:16-21 .
أضافة تعليق