الغزالي جماعة و جماعة كما ورد في كتاب الفكر التربوي عند الإمام الغزالي للدكتور عبد الأمير شمس الدين و الذي ألف هذا المؤلف في سنة 1985 عن دار اقرأ ، و المتصفح لأوراق هذا الكتاب يجده غنيا من حيث الموسوعة التربوية الهادفة إلى توضيح ما خفي من الإرشاد و الشرح الوافي ، حتى قيل عنه أنه موسوعة لكن كموسوعة يكتبها متخصصون.
إن من أشد المعجبين بالإمام الغزالي هو السبكي حيث كتب يقول " الإمام الجليل أبو حامد الغزالي ، حجة الإسلام و محجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام ، جامع أشتات العلوم و المبرر في المنقول منها و المفهوم ، جرت الأئمة قبله شأوا ،و لم تقع منه بالغاية ، و لا وقف عند مطلب وراءه مطلب لأصحاب النهاية و البداية (1).
و يتابع السبكي :
" كان رضي الله عنه ضرغاما إلا أن الأسود تتضاءل بين يديه ،و تتوارى، و بدرا تاما إلا أن هداه يشرق نهارا.
من شعر حجة الإسلام :
و لقد عهدناه يحل ببرجها فمن العجائب كيف حلت فيه
قمرا فجل بها عن التشبيه حلت عقارب صدغه في خده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أنظر الفكر التربوي عند الإمام الغزالي للدكتور عبد الأمير شمس الدين ، بيروت، دار اقرأ ، 1985،ص 13-14.
و من هنا يستصاغ للإمام أنه لم يترك فنا أو نشاطا إلا دون له مصنفا فيه أو ترك فيه رأيا.
فللإمام بمجموع 69 كتابا و هناك كتب أخرى لم يتضح صحة نسبها إليه ،و لقد ألح الإمام عن فضل العلم إلى درجة قال فيه " التعلم خشية و طلبه عبادة و مدارسته تسبيح و البحث عنه جهاد و تعليمه لمن لا يعلمه صدقة و بذله لأهله قربة".
و في ذلك يقسم العلم إلى نوعين : علم المعاملة و علم المكاشفة و الفرق بينهما أن الأول هو ما يطلب منه مع الكشف العمل به ، أما الثاني فهو العلم الذي يطلب منه الكشف عن المعلوم فقط ، إنها الجماعة التي تحتوي على موسوعة فكرية رائعة.
و العلم الحقيقي يراه الغزالي أنه يقف في الأمام ، فبالعلم يعبد الله و يوحد و يمجد و بالعلم يفرق بين الحلال و الحرام و هو في الدنيا حياة للقلوب و نور للأبصار من الظلمة و قوة للأبدان من السقم و الضعف إلى غير ذلك من الفضائل التي يتميز بها العلم ، إذن هو نور و حياة و رفعة و بركة لكل من أحبه و هاجر لأجل تحصيله و ناظر لأجل حجته.
و المعروف أن آراء الإمام الغزالي عن العلم وردت في كتابه إحياء علوم الدين حيث خصص أبو حامد كتابا خاص بالعلم في مجموع أبواب تضمنت محاور مختلفة حيث تضمنت إحدى الأبواب آفات العلم و العلماء و العلامات الفارقة بين علماء الدنيا و الآخرة.و قد استدل الإمام في ذكر فضيلة العلم على قوله تعالى"شهد الله انه لا اله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط" فهنا بدأ سبحانه و تعالى بنفسه ثم ثنى بالملائكة ، و قد قال في موضع آخر " يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات" و في هذا الموضع يقول بن عباس " للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمئة درجة ، ما بين الدرجتين مسيرة خمسمئة عام ".
إنها بركة العلم و منزلته من وضحتها نصوص قرآنية و أحاديث نبوية شريفة فضلت و ميزت مواطن العلم و أهميته في الدنيا و الآخرة.
و في هذا المقام يقول سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم" خصلتان لا تكونان في منافق : حسن سمت و فقه في الدين " ، كما قال صلى الله عليه و سلم في نفس المقام " أفضل الناس المؤمن العالم الذي إن احتيج إليه نفع ، و إن استغني عنه أغنى نفسه" ، كما قال أيضا " الإيمان عريان ، و لباسه التقوى و زينته الحياء و ثمرته العلم" .
إذا من هذه الأحاديث نستشف مدى أهمية العلم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم " من تفقه في دين الله عز وجل كفاه الله تعالى ما أهمه و رزقه من حيث لا يحتسب " و قال أيضا "العالم أمين الله سبحانه في الأرض ".
أما في الصفحة 99 من الكتاب فقد ورد ذكر أثرا العلم ،حيث قال بعضهم : أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره ، و قيل علم علمك من يجهل ، و تعلم ممن يعلم ما تجهل ، فانك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت و حفظت ما علمت ، و من هنا يستخلص قيمة الشيء المستصاغ من العلم بعد تحري مراحله بالترتيب ، فالشيء النفيس المرغوب فيه ينقسم إلى ما يطلب لغيره و إلى ما يطلب لذاته أشرف و أفضل مما يطلب لغيره ،و المطلوب لغيره الدراهم و الدنانير فأنهما حجران لا منفعة لهما .
و لهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذا في نفسه ، فيكون مطلوبا لذاته ،ووجدته وسيلة إلى دار الآخرة و سعادتها و ذريعة إلى القرب من الله تعالى ، و لا يتوصل إليه إلا به و أعظم الأشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الأبدية و أفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها ، و لن يتوصل إليها إلا بالعلم و العمل ، و لا يتوصل إلى
العمل إلا بالعلم بكيفية العمل ، فأصل السعادة في الدنيا و الآخرة هو العلم ، فهو إذن أفضل الأعمال ، و كيف لا و قد تعرف فضيلة الشيء أيضا بشرف ثمرته ، و قد عرفت أن ثمرة العلم القرب من رب العالمين و الالتحاق بأفق الملائكة و مقارنة الملأ الأعلى ،هذا في الآخرة(1).(أنظر إلى مصدر الكتاب في الصفحة 101،102)
و في الختام نعرج إلى قيمة عظمى للعلم بحسب رأي أبو حامد الغزالي و هي أنه لا ينبغي أن يستهان بشيء من العلوم بل ينبغي أن يحصل كل علم و يعطيه حقه و مرتبته ،فالعلوم على درجاتها إما سالكة بالعبد إلى الله أو معينة على أسباب السلوك ، و لها منازل مرتبة في القرب و البعد من المقصد.
أ.سميرة بيطام
إن من أشد المعجبين بالإمام الغزالي هو السبكي حيث كتب يقول " الإمام الجليل أبو حامد الغزالي ، حجة الإسلام و محجة الدين التي يتوصل بها إلى دار السلام ، جامع أشتات العلوم و المبرر في المنقول منها و المفهوم ، جرت الأئمة قبله شأوا ،و لم تقع منه بالغاية ، و لا وقف عند مطلب وراءه مطلب لأصحاب النهاية و البداية (1).
و يتابع السبكي :
" كان رضي الله عنه ضرغاما إلا أن الأسود تتضاءل بين يديه ،و تتوارى، و بدرا تاما إلا أن هداه يشرق نهارا.
من شعر حجة الإسلام :
و لقد عهدناه يحل ببرجها فمن العجائب كيف حلت فيه
قمرا فجل بها عن التشبيه حلت عقارب صدغه في خده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أنظر الفكر التربوي عند الإمام الغزالي للدكتور عبد الأمير شمس الدين ، بيروت، دار اقرأ ، 1985،ص 13-14.
و من هنا يستصاغ للإمام أنه لم يترك فنا أو نشاطا إلا دون له مصنفا فيه أو ترك فيه رأيا.
فللإمام بمجموع 69 كتابا و هناك كتب أخرى لم يتضح صحة نسبها إليه ،و لقد ألح الإمام عن فضل العلم إلى درجة قال فيه " التعلم خشية و طلبه عبادة و مدارسته تسبيح و البحث عنه جهاد و تعليمه لمن لا يعلمه صدقة و بذله لأهله قربة".
و في ذلك يقسم العلم إلى نوعين : علم المعاملة و علم المكاشفة و الفرق بينهما أن الأول هو ما يطلب منه مع الكشف العمل به ، أما الثاني فهو العلم الذي يطلب منه الكشف عن المعلوم فقط ، إنها الجماعة التي تحتوي على موسوعة فكرية رائعة.
و العلم الحقيقي يراه الغزالي أنه يقف في الأمام ، فبالعلم يعبد الله و يوحد و يمجد و بالعلم يفرق بين الحلال و الحرام و هو في الدنيا حياة للقلوب و نور للأبصار من الظلمة و قوة للأبدان من السقم و الضعف إلى غير ذلك من الفضائل التي يتميز بها العلم ، إذن هو نور و حياة و رفعة و بركة لكل من أحبه و هاجر لأجل تحصيله و ناظر لأجل حجته.
و المعروف أن آراء الإمام الغزالي عن العلم وردت في كتابه إحياء علوم الدين حيث خصص أبو حامد كتابا خاص بالعلم في مجموع أبواب تضمنت محاور مختلفة حيث تضمنت إحدى الأبواب آفات العلم و العلماء و العلامات الفارقة بين علماء الدنيا و الآخرة.و قد استدل الإمام في ذكر فضيلة العلم على قوله تعالى"شهد الله انه لا اله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط" فهنا بدأ سبحانه و تعالى بنفسه ثم ثنى بالملائكة ، و قد قال في موضع آخر " يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات" و في هذا الموضع يقول بن عباس " للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمئة درجة ، ما بين الدرجتين مسيرة خمسمئة عام ".
إنها بركة العلم و منزلته من وضحتها نصوص قرآنية و أحاديث نبوية شريفة فضلت و ميزت مواطن العلم و أهميته في الدنيا و الآخرة.
و في هذا المقام يقول سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم" خصلتان لا تكونان في منافق : حسن سمت و فقه في الدين " ، كما قال صلى الله عليه و سلم في نفس المقام " أفضل الناس المؤمن العالم الذي إن احتيج إليه نفع ، و إن استغني عنه أغنى نفسه" ، كما قال أيضا " الإيمان عريان ، و لباسه التقوى و زينته الحياء و ثمرته العلم" .
إذا من هذه الأحاديث نستشف مدى أهمية العلم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم " من تفقه في دين الله عز وجل كفاه الله تعالى ما أهمه و رزقه من حيث لا يحتسب " و قال أيضا "العالم أمين الله سبحانه في الأرض ".
أما في الصفحة 99 من الكتاب فقد ورد ذكر أثرا العلم ،حيث قال بعضهم : أول العلم الصمت ثم الاستماع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره ، و قيل علم علمك من يجهل ، و تعلم ممن يعلم ما تجهل ، فانك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت و حفظت ما علمت ، و من هنا يستخلص قيمة الشيء المستصاغ من العلم بعد تحري مراحله بالترتيب ، فالشيء النفيس المرغوب فيه ينقسم إلى ما يطلب لغيره و إلى ما يطلب لذاته أشرف و أفضل مما يطلب لغيره ،و المطلوب لغيره الدراهم و الدنانير فأنهما حجران لا منفعة لهما .
و لهذا الاعتبار إذا نظرت إلى العلم رأيته لذيذا في نفسه ، فيكون مطلوبا لذاته ،ووجدته وسيلة إلى دار الآخرة و سعادتها و ذريعة إلى القرب من الله تعالى ، و لا يتوصل إليه إلا به و أعظم الأشياء رتبة في حق الآدمي السعادة الأبدية و أفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها ، و لن يتوصل إليها إلا بالعلم و العمل ، و لا يتوصل إلى
العمل إلا بالعلم بكيفية العمل ، فأصل السعادة في الدنيا و الآخرة هو العلم ، فهو إذن أفضل الأعمال ، و كيف لا و قد تعرف فضيلة الشيء أيضا بشرف ثمرته ، و قد عرفت أن ثمرة العلم القرب من رب العالمين و الالتحاق بأفق الملائكة و مقارنة الملأ الأعلى ،هذا في الآخرة(1).(أنظر إلى مصدر الكتاب في الصفحة 101،102)
و في الختام نعرج إلى قيمة عظمى للعلم بحسب رأي أبو حامد الغزالي و هي أنه لا ينبغي أن يستهان بشيء من العلوم بل ينبغي أن يحصل كل علم و يعطيه حقه و مرتبته ،فالعلوم على درجاتها إما سالكة بالعبد إلى الله أو معينة على أسباب السلوك ، و لها منازل مرتبة في القرب و البعد من المقصد.
أ.سميرة بيطام