دعني أكبر على يديك
أ.سميرة بيطام
مطالبنا في الحياة كثيرة و اصرارنا على التحدي فيما يثير فضولنا هو نقطة الالتقاء بين المميزين ممن حباهم الله بصفات الرؤية الواضحة و الفراسة الصادقة و النبرة الحسية المرهفة لقضايا المجتمع و الأمة ، و في ذلك تنوعت أساليب التعاطي مع الحياة و اختلفت وجهات النظر حول طرق الكسب و السعي لضمان تلك الاستمرارية التي تمنحنا ظهورا و تألقا بحسب ارادتنا و على الأخص بحسب نوايانا ، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم و بقدر ما يكون الصدق و الاخلاص يزين ملامح وجوهنا فلا خوف علينا من منغصات الحياة لأنها هي من يولد فينا تلك الطاقة التي نواجه بها العدو و الصديق و لست ارى في مواجهة الصديق الذي يتحول الى عدو مضرة كبيرة بقدر ما يكن في قلبه حبا قديما كان قد بني في الله و ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغيره زال و انفصل ، و ما يمر على المؤمن من محن و عراقيل انما هي دروس تتبعها عبر و تليها ملخصات لنتائج ايجابية ليتقوى منها المبتلى و يمتد عوده قويا ليست تهزه زلازل مستقبلية .
و من دروس الحياة أني تلتقي الأرواح المجندة لتتعارف في الله و تمضي عهدا في الله هو بمثابة ميثاق غليظ لترسم ابعاد الحياة فيما يرضي الله ، و قد يظهر ذاك التفاوت في الكفاءة و الجمال و الذكاء و الحنكة في التصرف فيعجب احدهما بالآخر و يقر في تواضع انه يريد التعلم ليكبر على يدي من يفوقه حكمة و قوة و رزانة ، و قد يكون الرفض لأسباب و جيهة فيحيد المعلم او الأستاذ عن قبول العرض و ليس شرطا ان يكون هذا الأخير يباشر عمله في المدرسة او الجامعة بل قد تجده اديبا او طبيبا او مهندسا لكنه بارع و رائع بل فاتن في طريقة سيرورته مع ميولات طريق الحياة و منعرجاتها ، و من حق الصغير أن يطلب من الكبير أن يمنحه فرصة ليكبر على يديه و قد يظن في البدء ان هذا الطلب يترجمه و يلبيه قلم او كراسة او سبورة ليلقى الدرس بارتجالية أو بمحطات في الشرح ليتم التعليم ،بل قد يكون الصدود في حد ذاته بداية التعلم و قد يكون الصفع القوي حين الخطأ هو منتصف التعلم و قد يكون الصمت الحكيم و التكبر الايجابي هو قرب نهاية الدرس من المعلم ، و هنا لا يفهم الدرس عند الفضلاء أنه كلام يلقى كمحاضرة في قسم او في مدرج جامعة أو حتى شروحات تتم عبر لقاءات منزلية من خلال حوار اخوي بناء ، فأحيانا و حقيقة ما تكون الدروس الصادقة و النابعة من القلب المحب هي في تلك القطيعة الجارحة لسبب من الاسباب قد يكون مقصودا في ارتكابه من طرف المتعلم او غير مقصود ، فالعبرة ليست في توفر القصد لارتكاب الخطأ بقدر ما هي في درجة الحب المخفية في قلب المعلم و التي لا يبديها عمدا حتى لا يصاب المتعلم بالغرور او التر اجع عن فهم دروس الحياة خاصة ان ما كانت قاسية بتجاربها و مرارتها فيكون التولي كذاك يوم الزحف الأكبر في مواجهة خطوب الدنيا ، فمن الدروس من لا تفهم الا بعد التجرع من كأس العذاب و الألم و المرض و الوحدة و الفرقة ، هي دروس معنونة تحت عنوان الحرمان و هذا الحرمان يعلم قيمة الشيء بعد فقدانه و يعلم غلاوة الأشخاص بعد فقدانهم و يرسخ قيمة الوقت و لحظات السعادة بعد مرورها خاصة ان لم تتكرر يوما ما بعد الفرقة ، لذلك يجب أن يعرف المتعلم ان الدروس كلها ليست متشابهة و طريقة التعليم ليست متماثلة ، فالفضلاء يختارون اسلوب القسوة و القطيعة للتعبير عن حبهم او لإيصال طريقة التعليم للمتعلم و بإتقان و مهارة و الا فلما يطلب الصغار التعلم من الكبار ؟، و لست أقصد الكبار هنا بكبار السن بل بكبار التجارب و المرارة ، فكلما كان التجرع من ذوق المرارة متكررا كلما صقل العقل على الحكمة البالغة و تنحى القلب عن الحب المزيف كما هو معروف لدى صغار الهوى من الناس ، و لضروب الحياة أمثال عدة ليست تنتهي وليست تلتقي في نقاط اشتراك واحدة ، فكل منا يلبس حذاءه على مقاسه ، فان كنت ممن يطمح لمنصب مدير فعليك ان تتعلم الادارة من الرئيس الناجح في العمل ليعلمك فن الادارة و أسسها الصحيحة و كيفية التعاطي مع مشكلات العمل و العمال من غير أن تلحق الأذى او الخسارة بنفسك كرئيس لمؤسسة في المستقبل ، أما ان تطمح لمنصب وزير فعليك ان تتعلم فنيات الوزارة على ايدي فضلاء يميلون ميلا عظيما للنزاهة و الامانة و الاحساس بآلام الغير لتلبية احتياجاتهم و آمانيهم ،فبقدر ارتفاع مستوى الطموح بقدر لزومية توفر المعلم البارع و المتقن لعمل التعليم ، ولك أن تطلب ممن تحب و تثق فيه أن تكبر على يديه و ان حدث و أن صفعك على خدك و آلامك أو صدمك في مشاعرك فما عليك الا أن تلوم نفسك لأنك انت من اخترت ان تكبر على يديه و انت من اندفعت لتتعرف عليه في أول لقاء بينكما للتعلم و تذكر أن الصفعة تجعلك تكبر كثيرا ليس بتعداد العمر و لكن بمدى تذكر ألم تلك الصفعة التي غيرت اتجاه انحرافك او خطئك بزاوية كبيرة جدا و ما كان اللجوء الى الصفعة من المعلم الا لحاجة في نفس يعقوب قضاها و قد تكون تلك الحاجة أنك لم تستوعب الدرس جيدا او أن ظرفا من الظروف سيغرقك و لست تستفيق من غفلتك و قد يغرق معك المعلم من شدة تعبه معك و لم تكن تقصد اتعابه و لكنه في ملل كبير من الخوف عليك.
أما أن تكن مغلوبا على أمرك لضيق الظروف و تكالب الأشرار عليك فما على المعلم الا أن يتصرف تصرفا آخر بحيث يحفظ لك كرامتك و لا يهينها و يصفعك بشرط ان يبرر لك سبب الصفعة و أن يمد يديه اليك ليسمعك و عليك ان تكون صادقا معه ليكتمل الفهم الجيد للدرس و يكتمل الكبر لديك بعقل رزين و روح طيبة و قلب طيب و ارادة فولاذية ليست تلين لأدنى هزة أو محنة ، و هكذا تشكر معلمك على انه كان مخلصا في تلقين الدرس لك و تنطلق في عملية البناء بحسب قدراتك و بحسب ما تطمح اليه ، فقط لا تنس فضل من علموك يوم كنت صغيرا و كنت تلح في ان تكبر على أيديهم ، فأن تكون متقبلا للجميل فذاك يرجع الى أصالة عودك و طهر البيئة التي تربيت فيها ، أما أن تتنكر لمن علموك الحرف من أول لحظة تعارف و كتبوا لك ببصمة أناملهم كلمة وفاء ثم انطلق في في هجائهم فهو النكران الظاهر منك لحقهم و عدم العرفان بالجميل و بذلك لن ينفع فيك درسه و لن يستقى منك لا خير و لا فضل مما تعلمت ، فاحذر أن تنكر من تعبوا معك و تابعوك على أعصابهم و هم محتسبون كل ذلك لله و احذر ان تغتر بفهمك للدرس و تصبح في المستقبل عدوا لدودا مع متعلمين يسعون اليك لتعلمهم مما فهمت من تجارب الحياة..و اعلم ان العلم يعلمك التواضع و يعلمك تفادي الانتقام و لو كان بأبسط اساليبه بل يمنحك فرصة الانفتاح على الغير لتقدم لهم الخير و المساعدة مثلما أتيحت لك فرصة في الماضي و التقيت بالفضلاء ، و لا تفكر ان من جرحك بالكلام كان ينوي ايذائك و حتى لو كانت نيته ايذائك حاول ان تعفو و تصفح و تتجاوز فربما بدر منه الفعل في لحظة غضب شديد سايرها احساس بالخوف على فشلك ، فما بين ما شربته من قهوة او شاي أثناء تعلمك للدرس و بين ما سمعته مما يؤذيك مجال للمصالحة و بذلك تكون قد كبرت فعلا.
أ.سميرة بيطام
مطالبنا في الحياة كثيرة و اصرارنا على التحدي فيما يثير فضولنا هو نقطة الالتقاء بين المميزين ممن حباهم الله بصفات الرؤية الواضحة و الفراسة الصادقة و النبرة الحسية المرهفة لقضايا المجتمع و الأمة ، و في ذلك تنوعت أساليب التعاطي مع الحياة و اختلفت وجهات النظر حول طرق الكسب و السعي لضمان تلك الاستمرارية التي تمنحنا ظهورا و تألقا بحسب ارادتنا و على الأخص بحسب نوايانا ، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم و بقدر ما يكون الصدق و الاخلاص يزين ملامح وجوهنا فلا خوف علينا من منغصات الحياة لأنها هي من يولد فينا تلك الطاقة التي نواجه بها العدو و الصديق و لست ارى في مواجهة الصديق الذي يتحول الى عدو مضرة كبيرة بقدر ما يكن في قلبه حبا قديما كان قد بني في الله و ما كان لله دام و اتصل و ما كان لغيره زال و انفصل ، و ما يمر على المؤمن من محن و عراقيل انما هي دروس تتبعها عبر و تليها ملخصات لنتائج ايجابية ليتقوى منها المبتلى و يمتد عوده قويا ليست تهزه زلازل مستقبلية .
و من دروس الحياة أني تلتقي الأرواح المجندة لتتعارف في الله و تمضي عهدا في الله هو بمثابة ميثاق غليظ لترسم ابعاد الحياة فيما يرضي الله ، و قد يظهر ذاك التفاوت في الكفاءة و الجمال و الذكاء و الحنكة في التصرف فيعجب احدهما بالآخر و يقر في تواضع انه يريد التعلم ليكبر على يدي من يفوقه حكمة و قوة و رزانة ، و قد يكون الرفض لأسباب و جيهة فيحيد المعلم او الأستاذ عن قبول العرض و ليس شرطا ان يكون هذا الأخير يباشر عمله في المدرسة او الجامعة بل قد تجده اديبا او طبيبا او مهندسا لكنه بارع و رائع بل فاتن في طريقة سيرورته مع ميولات طريق الحياة و منعرجاتها ، و من حق الصغير أن يطلب من الكبير أن يمنحه فرصة ليكبر على يديه و قد يظن في البدء ان هذا الطلب يترجمه و يلبيه قلم او كراسة او سبورة ليلقى الدرس بارتجالية أو بمحطات في الشرح ليتم التعليم ،بل قد يكون الصدود في حد ذاته بداية التعلم و قد يكون الصفع القوي حين الخطأ هو منتصف التعلم و قد يكون الصمت الحكيم و التكبر الايجابي هو قرب نهاية الدرس من المعلم ، و هنا لا يفهم الدرس عند الفضلاء أنه كلام يلقى كمحاضرة في قسم او في مدرج جامعة أو حتى شروحات تتم عبر لقاءات منزلية من خلال حوار اخوي بناء ، فأحيانا و حقيقة ما تكون الدروس الصادقة و النابعة من القلب المحب هي في تلك القطيعة الجارحة لسبب من الاسباب قد يكون مقصودا في ارتكابه من طرف المتعلم او غير مقصود ، فالعبرة ليست في توفر القصد لارتكاب الخطأ بقدر ما هي في درجة الحب المخفية في قلب المعلم و التي لا يبديها عمدا حتى لا يصاب المتعلم بالغرور او التر اجع عن فهم دروس الحياة خاصة ان ما كانت قاسية بتجاربها و مرارتها فيكون التولي كذاك يوم الزحف الأكبر في مواجهة خطوب الدنيا ، فمن الدروس من لا تفهم الا بعد التجرع من كأس العذاب و الألم و المرض و الوحدة و الفرقة ، هي دروس معنونة تحت عنوان الحرمان و هذا الحرمان يعلم قيمة الشيء بعد فقدانه و يعلم غلاوة الأشخاص بعد فقدانهم و يرسخ قيمة الوقت و لحظات السعادة بعد مرورها خاصة ان لم تتكرر يوما ما بعد الفرقة ، لذلك يجب أن يعرف المتعلم ان الدروس كلها ليست متشابهة و طريقة التعليم ليست متماثلة ، فالفضلاء يختارون اسلوب القسوة و القطيعة للتعبير عن حبهم او لإيصال طريقة التعليم للمتعلم و بإتقان و مهارة و الا فلما يطلب الصغار التعلم من الكبار ؟، و لست أقصد الكبار هنا بكبار السن بل بكبار التجارب و المرارة ، فكلما كان التجرع من ذوق المرارة متكررا كلما صقل العقل على الحكمة البالغة و تنحى القلب عن الحب المزيف كما هو معروف لدى صغار الهوى من الناس ، و لضروب الحياة أمثال عدة ليست تنتهي وليست تلتقي في نقاط اشتراك واحدة ، فكل منا يلبس حذاءه على مقاسه ، فان كنت ممن يطمح لمنصب مدير فعليك ان تتعلم الادارة من الرئيس الناجح في العمل ليعلمك فن الادارة و أسسها الصحيحة و كيفية التعاطي مع مشكلات العمل و العمال من غير أن تلحق الأذى او الخسارة بنفسك كرئيس لمؤسسة في المستقبل ، أما ان تطمح لمنصب وزير فعليك ان تتعلم فنيات الوزارة على ايدي فضلاء يميلون ميلا عظيما للنزاهة و الامانة و الاحساس بآلام الغير لتلبية احتياجاتهم و آمانيهم ،فبقدر ارتفاع مستوى الطموح بقدر لزومية توفر المعلم البارع و المتقن لعمل التعليم ، ولك أن تطلب ممن تحب و تثق فيه أن تكبر على يديه و ان حدث و أن صفعك على خدك و آلامك أو صدمك في مشاعرك فما عليك الا أن تلوم نفسك لأنك انت من اخترت ان تكبر على يديه و انت من اندفعت لتتعرف عليه في أول لقاء بينكما للتعلم و تذكر أن الصفعة تجعلك تكبر كثيرا ليس بتعداد العمر و لكن بمدى تذكر ألم تلك الصفعة التي غيرت اتجاه انحرافك او خطئك بزاوية كبيرة جدا و ما كان اللجوء الى الصفعة من المعلم الا لحاجة في نفس يعقوب قضاها و قد تكون تلك الحاجة أنك لم تستوعب الدرس جيدا او أن ظرفا من الظروف سيغرقك و لست تستفيق من غفلتك و قد يغرق معك المعلم من شدة تعبه معك و لم تكن تقصد اتعابه و لكنه في ملل كبير من الخوف عليك.
أما أن تكن مغلوبا على أمرك لضيق الظروف و تكالب الأشرار عليك فما على المعلم الا أن يتصرف تصرفا آخر بحيث يحفظ لك كرامتك و لا يهينها و يصفعك بشرط ان يبرر لك سبب الصفعة و أن يمد يديه اليك ليسمعك و عليك ان تكون صادقا معه ليكتمل الفهم الجيد للدرس و يكتمل الكبر لديك بعقل رزين و روح طيبة و قلب طيب و ارادة فولاذية ليست تلين لأدنى هزة أو محنة ، و هكذا تشكر معلمك على انه كان مخلصا في تلقين الدرس لك و تنطلق في عملية البناء بحسب قدراتك و بحسب ما تطمح اليه ، فقط لا تنس فضل من علموك يوم كنت صغيرا و كنت تلح في ان تكبر على أيديهم ، فأن تكون متقبلا للجميل فذاك يرجع الى أصالة عودك و طهر البيئة التي تربيت فيها ، أما أن تتنكر لمن علموك الحرف من أول لحظة تعارف و كتبوا لك ببصمة أناملهم كلمة وفاء ثم انطلق في في هجائهم فهو النكران الظاهر منك لحقهم و عدم العرفان بالجميل و بذلك لن ينفع فيك درسه و لن يستقى منك لا خير و لا فضل مما تعلمت ، فاحذر أن تنكر من تعبوا معك و تابعوك على أعصابهم و هم محتسبون كل ذلك لله و احذر ان تغتر بفهمك للدرس و تصبح في المستقبل عدوا لدودا مع متعلمين يسعون اليك لتعلمهم مما فهمت من تجارب الحياة..و اعلم ان العلم يعلمك التواضع و يعلمك تفادي الانتقام و لو كان بأبسط اساليبه بل يمنحك فرصة الانفتاح على الغير لتقدم لهم الخير و المساعدة مثلما أتيحت لك فرصة في الماضي و التقيت بالفضلاء ، و لا تفكر ان من جرحك بالكلام كان ينوي ايذائك و حتى لو كانت نيته ايذائك حاول ان تعفو و تصفح و تتجاوز فربما بدر منه الفعل في لحظة غضب شديد سايرها احساس بالخوف على فشلك ، فما بين ما شربته من قهوة او شاي أثناء تعلمك للدرس و بين ما سمعته مما يؤذيك مجال للمصالحة و بذلك تكون قد كبرت فعلا.