إسماعيل ياشا
الأحد، 17 أغسطس 2014
الانتخابات الرئاسية التركية التي أجريت الأسبوع الماضي فتحت أبواب قصر تشنكايا أمام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي حصل فيها على 51.79 بالمائة من أصوات الناخبين، كما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات. ومن المقرر أن يؤدي أردوغان اليمن الدستوري في البرلمان التركي في 28 أغسطس ، ليكلف اليوم التالي رئيس حزب العدالة والتنمية الجديد الذي سيتم انتخابه في المؤتمر الطارئ للحزب قبل استلام أردوغان الرئاسة بيوم واحد.
ومع انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية كثرت الأسئلة حول صلاحيات منصبه الجديد، مثل: ’’ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية؟’’، و’’هل هي أوسع من صلاحيات رئيس الوزراء أم لا؟’’، أن الشائع لدى الناس أن رئاسة الجمهورية في تركيا منصب شرفي وأن صلاحيات رئيس الوزراء أقوى من صلاحيات رئيس الجمهورية، ولكن هذا غير صحيح وغير دقيق.
رئيس الجمهورية هو رأس الدولة، وبهذه الصفة يمثل الجمهورية التركية ووحدة الشعب التركي، ويراقب تطبيق الدستور وعمل أجهزة الدولة ومؤسساتها في انتظام وتناسق، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويلقي رئيس الجمهورية كلمة في افتتاح الدورة الجديدة للبرمان إن أراد ذلك ويملك صلاحية دعوة البرمان للاجتماع في أي وقت يرى فيه حاجة اجتماعه. ويوافق على القوانين أو يعيدها إلى البرمان لمناقشتها مرة أخرى. ويحق له أن يعرض التعديات الدستورية للاستفتاء الشعبي إن أراد ذلك، وأن يرفع دعوى قضائية لدى المحكمة الدستورية لإلغاء القوانين والقرارات الحكومية، كما يملك صلاحية حل البرمان لتجديد الانتخابات النيابية.
ومن صلاحيات رئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين رئيس الأركان وأعضاء مجلس التعليم العالي ورؤساء الجامعات وعدد من أعضاء المحاكم العليا وفق آليات منصوص عليها في الدستور والقوانين، وأن يدعو مجلس الأمن القومي للاجتماع ويرأس اجتماعاته. ويحق له تخفيف عقوبات المحكومين بالسجن نظرا لمعاناتهم من الأمراض المزمنة أو الشيخوخة أو الإعاقة أو إصدار العفو الرئاسي في حقهم للأسباب نفسها.
ومن صلاحياته أيضا أن يعين رئيس الوزراء من بين أعضاء البرلمان ويكلفه بتشكيل الحكومة، وليس من الضروري أن يكلّف رئيس الحزب الفائز في الانتخابات كما جرت العادة، وبإمكانه أن يكلف أي نائب يراه قادرا على تشكيل حكومة تنال ثقل البرلمان. ويقوم بتعيين الوزراء بناء على طلب رئيس الوزراء. وقد يطلب من رئيس الوزراء التعديل في بعض الوزارات قبل الموافقة على تشكيل الحكومة.
والأهم من ذلك، يحق لرئيس الجمهورية أن يرأس اجتماعات مجلس الوزراء وأن يدعوه إلى الاجتماع تحت رئاسته في أي وقت يريده. وهذه الصلاحية الأخيرة التي تمنح رئيس الجمهورية مساحة التدخل المباشر في شؤون السلطة التنفيذية وسياسة الحكومة، لم يستخدمها أي من الرؤساء السابقين، ولكن هذا لا يعني أن أردوغان أيضا لن يستخدمها. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن لا ينسى أن الرؤساء السابقين اختارهم نواب البرمان، بخلاف أردوغان الذي انتخبه الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع وبالتالي يستمد شرعيته من الشعب التركي مباشرة.
أردوغان يختلف عن الرؤساء السابقين وهو زعيم سياسي يتمتع بكاريزما قوية تفرض نفسها، ويقود تركيا منذ حوالي اثني عشر عاما على رأس فريق من السياسيين والخبراء والمستشارين. ومن المتوقع أن ينتخب أعضاء حزب العدالة والتنمية في 27 أغسطس مَنْ يشير إليه أردوغان رئيسا جديدا للحزب، ليكلّفه أردوغان بتولي رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، وأن يعمل رئيس الجمهورية الجديد ورئيس الوزراء الجديد في وفاق تام كفريق عمل برئاسة أردوغان، ما يعني تطبيق النظام شبه الرئاسي عمليا في إطار صلاحيات رئيس الجمهورية الحالية دون أي تعديل في الدستور.
لا يخفى على أحد أن أردوغان يرغب في تغيير النظام، ولكن الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي يحتاج إلى صياغة دستور جديد أو تعديلات في الدستور الحالي. وبالتالي، سيهدف حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التي من المقرر إجراؤها منتصف العام القادم إلى الحصول على أغلبية تمكنه من تغيير الدستور. ومهما كان أردوغان مضطرا للاستقالة من حزب العدالة والتنمية مع تولي رئاسة الجمهورية فإن ظله سيبقى مخيما على الحزب وستعمل رئاسة الجمهورية والحكومة معا للوصول إلى هذا الهدف، وإنشاء ’’تركيا جديدة’’ وعد بها أردوغان خلال حملته الانتخابية.
*جريدة العرب القطرية
الأحد، 17 أغسطس 2014
الانتخابات الرئاسية التركية التي أجريت الأسبوع الماضي فتحت أبواب قصر تشنكايا أمام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي حصل فيها على 51.79 بالمائة من أصوات الناخبين، كما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات. ومن المقرر أن يؤدي أردوغان اليمن الدستوري في البرلمان التركي في 28 أغسطس ، ليكلف اليوم التالي رئيس حزب العدالة والتنمية الجديد الذي سيتم انتخابه في المؤتمر الطارئ للحزب قبل استلام أردوغان الرئاسة بيوم واحد.
ومع انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية كثرت الأسئلة حول صلاحيات منصبه الجديد، مثل: ’’ما هي صلاحيات رئيس الجمهورية؟’’، و’’هل هي أوسع من صلاحيات رئيس الوزراء أم لا؟’’، أن الشائع لدى الناس أن رئاسة الجمهورية في تركيا منصب شرفي وأن صلاحيات رئيس الوزراء أقوى من صلاحيات رئيس الجمهورية، ولكن هذا غير صحيح وغير دقيق.
رئيس الجمهورية هو رأس الدولة، وبهذه الصفة يمثل الجمهورية التركية ووحدة الشعب التركي، ويراقب تطبيق الدستور وعمل أجهزة الدولة ومؤسساتها في انتظام وتناسق، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويلقي رئيس الجمهورية كلمة في افتتاح الدورة الجديدة للبرمان إن أراد ذلك ويملك صلاحية دعوة البرمان للاجتماع في أي وقت يرى فيه حاجة اجتماعه. ويوافق على القوانين أو يعيدها إلى البرمان لمناقشتها مرة أخرى. ويحق له أن يعرض التعديات الدستورية للاستفتاء الشعبي إن أراد ذلك، وأن يرفع دعوى قضائية لدى المحكمة الدستورية لإلغاء القوانين والقرارات الحكومية، كما يملك صلاحية حل البرمان لتجديد الانتخابات النيابية.
ومن صلاحيات رئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين رئيس الأركان وأعضاء مجلس التعليم العالي ورؤساء الجامعات وعدد من أعضاء المحاكم العليا وفق آليات منصوص عليها في الدستور والقوانين، وأن يدعو مجلس الأمن القومي للاجتماع ويرأس اجتماعاته. ويحق له تخفيف عقوبات المحكومين بالسجن نظرا لمعاناتهم من الأمراض المزمنة أو الشيخوخة أو الإعاقة أو إصدار العفو الرئاسي في حقهم للأسباب نفسها.
ومن صلاحياته أيضا أن يعين رئيس الوزراء من بين أعضاء البرلمان ويكلفه بتشكيل الحكومة، وليس من الضروري أن يكلّف رئيس الحزب الفائز في الانتخابات كما جرت العادة، وبإمكانه أن يكلف أي نائب يراه قادرا على تشكيل حكومة تنال ثقل البرلمان. ويقوم بتعيين الوزراء بناء على طلب رئيس الوزراء. وقد يطلب من رئيس الوزراء التعديل في بعض الوزارات قبل الموافقة على تشكيل الحكومة.
والأهم من ذلك، يحق لرئيس الجمهورية أن يرأس اجتماعات مجلس الوزراء وأن يدعوه إلى الاجتماع تحت رئاسته في أي وقت يريده. وهذه الصلاحية الأخيرة التي تمنح رئيس الجمهورية مساحة التدخل المباشر في شؤون السلطة التنفيذية وسياسة الحكومة، لم يستخدمها أي من الرؤساء السابقين، ولكن هذا لا يعني أن أردوغان أيضا لن يستخدمها. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن لا ينسى أن الرؤساء السابقين اختارهم نواب البرمان، بخلاف أردوغان الذي انتخبه الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع وبالتالي يستمد شرعيته من الشعب التركي مباشرة.
أردوغان يختلف عن الرؤساء السابقين وهو زعيم سياسي يتمتع بكاريزما قوية تفرض نفسها، ويقود تركيا منذ حوالي اثني عشر عاما على رأس فريق من السياسيين والخبراء والمستشارين. ومن المتوقع أن ينتخب أعضاء حزب العدالة والتنمية في 27 أغسطس مَنْ يشير إليه أردوغان رئيسا جديدا للحزب، ليكلّفه أردوغان بتولي رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة، وأن يعمل رئيس الجمهورية الجديد ورئيس الوزراء الجديد في وفاق تام كفريق عمل برئاسة أردوغان، ما يعني تطبيق النظام شبه الرئاسي عمليا في إطار صلاحيات رئيس الجمهورية الحالية دون أي تعديل في الدستور.
لا يخفى على أحد أن أردوغان يرغب في تغيير النظام، ولكن الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي يحتاج إلى صياغة دستور جديد أو تعديلات في الدستور الحالي. وبالتالي، سيهدف حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التي من المقرر إجراؤها منتصف العام القادم إلى الحصول على أغلبية تمكنه من تغيير الدستور. ومهما كان أردوغان مضطرا للاستقالة من حزب العدالة والتنمية مع تولي رئاسة الجمهورية فإن ظله سيبقى مخيما على الحزب وستعمل رئاسة الجمهورية والحكومة معا للوصول إلى هذا الهدف، وإنشاء ’’تركيا جديدة’’ وعد بها أردوغان خلال حملته الانتخابية.
*جريدة العرب القطرية