مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
معنى طائف
مها المحمدي-خاص بالوفاق
بسم الله الرحمن الرحيم
معنى طائف

يُخيل لابن آدم أنه حين تُخيم الظلمة تتوالد الصور الشوهاء ومسخ الأشياء لا غير ، ولكن الحقائق تبرهن على أن إطباق الظلمات ولادة للمحات النور .
وقف الكون في يوم شائك على إطباق ظلمات الضمائر على شخص هو النور السماوي في نفس إنسان من لحم ودم ، محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الطائف في لحظة حالكة أشد ما تكون بارقة بالنور جمعت عداوة الأعداء التي ينسيها حب حبيب واحد فكيف ذاك ؟
لحظة استناده – صلى الله عليه وسلم - إلى حائط ( ابنا ربيعة ) حين أُغري به سفهاء البلد حتى أدموا قدميه الشريفتين .
فلما رآه ابنا ربيعة ( عتبة وشيبة ) وما لقي ، تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب ، فضعه في هذا الطبق ، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل ، فقل له يأكل منه ، ففعل عداس ، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له : كل ، فلما وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه يده قال :
بسم الله ثم أكل ، فنظر عداس في وجهه ، ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد! فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ومن أهل أي البلاد أنت ياعداس ؟ وما دينك ؟
قال : نصراني ، أنا رجل من أهل نينوى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ، فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاك أخي ، كان نبيا وأنا نبي ، فأكب عداس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل رأسه ويديه وقدميه ! قال :
يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك ، فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟ قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ، قالا له : ويحك يا عداس ، لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه .
استحضار لمعاني الانفراج في لحظات الضيق ، بطن الحوت في أعماق البحر المتلاطم أشد ظلمة من الكون الفسيح أمام محمد – صلى الله عليه وسلم – وإن رده أهل الطائف بذلك الأسلوب القاهر وقلبته الأفكار في وجيعة الرجوع إلى مكة .
وحلاوة ماء العنب في أُلفتها لريق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - تتلبس حلاوة معنى أخوة التوحيد في قلبه و قوله ، ذاك أخي كان نبياً وأنا نبي .
أي المسالك ألقت بعداس معنى طائف بين النور والظلمة في أرض العرب وبالذات في الطائف لا مكة حيث بلال وغيره من الضعفاء المؤمنين الثابتين على الإيمان الذين خلفهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
يُفتنون في دينهم ، ولا سلمان الفارسي في يثرب حيث تنتظر الأقدار ابن دهقان فارس الذي بحث عن الحقيقة فسلكت به طريق العبودية إلى الصحبة الشريفة ليكون خير فارس ؟
أقداره في قدر محمد - صلى الله عليه وسلم – الذي خرج إليه يدعو أهل الطائف مستنصراً بهم فأرهقوه فساقته رحم ابنا ربيعة إليه ؛ ليكون مؤمنه الوحيد في هذه البلدة ! لكأني أسمع هسهسة الرحم تكيد لابنا ربيعة في مخاشنتهما لابن عمهما فتنبض بالقربى في عروق الكفر !
قدر محمد – صلى الله عليه وسلم – في أقدرا عداس لمحة النور في موضع يشتعل فيه المنطفئ كالنبض في قلب ميت ظن أهله انطفاء روحه فإذا بالروح تبتسم بإشراقة الحياة .
أضافة تعليق