عبد العزيز كحيل
1 / أحرار وعبيد
رأينا في المشهد المصري البئيس سنّة الله الماضية في خلقه، الأحرار تصرّفوا تصرّف الأحرار والعبيد اختاروا أن يرفلوا في أغلال العبودية والذلّ والمهانة، وأخذوا كالعادة يبرّرون انحيازهم للباطل وابتهاجهم بسطوة الظلم بمسوّغات ’’ تقدمية وحضارية ’’ هنا وبفتاوى دينية هناك، وكلّ هذا لن يغيّر من الأمر شيئا، فالأحرار لن تردعهم المواقف الغادرة والفتاوى المصلحية، والعبيد لن يقتنعوا بجدوى الحرية والكرامة ، وقد عرفنا من دروس العلوم الطبيعية أن هناك حشرات لا تعيش وتنتعش إلا في المساحات القذرة والمياه الملوّثة فإذا نُقلت إلى أماكن نقية ماتت لفورها...وهذا حال العبيد، يستسيغون الاستبداد ويباركون الدكتاتورية والحكم الشمولي ويسبّحون بحمد الطاغية ويلهجون بذكره، رغم أنّ سياطه تُلهب ظهورهم وقدمه تدوس على آدميّتهم، فإذا انتظم الحكم الراشد وبانت أماراتُه تحمل وعود التحرّر انزعجوا وضاقت بهم السبل وتنادوا بالانقلاب عليه بأيّ وسيلة وحيلة واستعانوا بالعسكر، متناسين شعارات الديمقراطية ودعاوى التمدّن التي صدّعوا بها الرؤوس، وتبيّن – مرة أخرى - في مصر ما عاينّاه في الجزائر وغيرها من كذبهم بسبب انفصالهم عن واقع الأمة وتوجّهاتها الأساسية، وهؤلاء العبيد أصناف شتّى تحني ظهورها للطاغية فيركب وتمدّ له رقابها فيجرّ،يتصدّر موكبَهم غلاة العلمانيّين الخارجين على دين الأمة وقيمها ومُثلها ، وغلاة السلفيّين الذين رضعوا ألبان الاستعباد والخضوع للطغاة منذ نعومة أظفارهم على أيدي شيوخ من زمن آخر نصّبهم حُكّام مستبدّون لإضفاء مسحة دينية على سياساتهم الظالمة، كلّ ذلك بتوجيه ورعاية مستمرّة من كبرى المخابرات العالمية...لكن هل بقي بعد تجارب الجزائر ومصر وقلاقل تونس من يصدّق العلمانية العربية المتوحّشة؟ ما مدى مصداقية ديمقراطيتها بعد أن ثبت ألف مرّة زيفُها وانتقائيّتُها لصالح الأقلية التغريبية والمصالح الخارجية؟ وهل بقي من قيمة لتلك الفتاوى الجاهزة التي ينحاز أصحابها المترفون للظلمة فيبرؤون ساحتهم ويزكون جرائمهم ويحمّلون المسؤولية للأمة؟ من يصدّق شيوخ المخابرات عندما يصفون الشباب الاسلامي وأحرار مصر بالخوارج؟ ويبارك دفع أنظمة الخليج غير الشرعية أمولا طائلة لعسكر مصر لقتل الشعب المتمسّك بالشرعية ألدستورية؟ ولا عجب في ذلك، فالمؤسسة الدينية الرسمية تُفتي من قديم بحرمة الانتخابات والأحزاب والمجتمع المدني...تمامًا كما يرجو حكّامها المتسلطون على الأمة... من سيثق بعد اليوم بدين هذه العمائم المزوّرة؟ ألم تدقّ مؤامرة 30 يونيو آخر مسمار في نعش الأزهر الذي كان شريفا؟ إذا كان تضاريوس يمثّل النصرانية ويتكلّم باسم أتباعها فإن أحمد الطيب ليس سوى عضو لجنة السياسات بحزب حسني مبارك، فلا هو يمثل الاسلام ولا المسلمين ولا حتى أزهر العلم والاعتدال والثورة على الظالمين، فالجامع العتيق قلعة الأحرار وليس تكيةٌ للعبيد، وقد آن لعلماء الإسلام العاملين المنحازين للأمة وقضاياها المحترقين بمآسيها أن يتركوا أسلوب التلطّف والإشارة مع رجال الدين هؤلاء الذين شوّهوا صورة الإسلام، وأن يرفعوا عنهم غطاء العلم الشرعي و يصدعوا بوصفهم بما يستحقّون ليحذرهم الشباب وينفضّ عنهم، ولله درّ العلامة القرضاوي الثابت على المنهج القويم وكذلك فحول علماء السعودية – وغيرها من البلاد - الذين جهروا بكلمة الحق واتخذوا موقفا واضحا من الانقلاب العسكري في مصر- رغم ما يتهدّدهم من عواقب وخيمة معروفة - فكانوا حجّة ناصعة على شيوخ السلطة الذين يبتغون مرضاتها ولو أغضبوا الخالق الذي يتكلّمون باسمه.
هكذا إذا هي الدنيا ... أحرار وعبيد... وإنما تكون العبودية الذليلة الخانعة أشدّ وأبشع عندما تتذرّع بالدين وتنطق – زورا وبهتانا – بالقرآن والسنة، وكذلك عندما تتغنى بالديمقراطية والحرية – أي نعم، بالحرية – وحقوق الانسان والصندوق الشفاف.
أيضحك هؤلاء وأولئك على الشعوب أم على أنفسهم؟
1 / أحرار وعبيد
رأينا في المشهد المصري البئيس سنّة الله الماضية في خلقه، الأحرار تصرّفوا تصرّف الأحرار والعبيد اختاروا أن يرفلوا في أغلال العبودية والذلّ والمهانة، وأخذوا كالعادة يبرّرون انحيازهم للباطل وابتهاجهم بسطوة الظلم بمسوّغات ’’ تقدمية وحضارية ’’ هنا وبفتاوى دينية هناك، وكلّ هذا لن يغيّر من الأمر شيئا، فالأحرار لن تردعهم المواقف الغادرة والفتاوى المصلحية، والعبيد لن يقتنعوا بجدوى الحرية والكرامة ، وقد عرفنا من دروس العلوم الطبيعية أن هناك حشرات لا تعيش وتنتعش إلا في المساحات القذرة والمياه الملوّثة فإذا نُقلت إلى أماكن نقية ماتت لفورها...وهذا حال العبيد، يستسيغون الاستبداد ويباركون الدكتاتورية والحكم الشمولي ويسبّحون بحمد الطاغية ويلهجون بذكره، رغم أنّ سياطه تُلهب ظهورهم وقدمه تدوس على آدميّتهم، فإذا انتظم الحكم الراشد وبانت أماراتُه تحمل وعود التحرّر انزعجوا وضاقت بهم السبل وتنادوا بالانقلاب عليه بأيّ وسيلة وحيلة واستعانوا بالعسكر، متناسين شعارات الديمقراطية ودعاوى التمدّن التي صدّعوا بها الرؤوس، وتبيّن – مرة أخرى - في مصر ما عاينّاه في الجزائر وغيرها من كذبهم بسبب انفصالهم عن واقع الأمة وتوجّهاتها الأساسية، وهؤلاء العبيد أصناف شتّى تحني ظهورها للطاغية فيركب وتمدّ له رقابها فيجرّ،يتصدّر موكبَهم غلاة العلمانيّين الخارجين على دين الأمة وقيمها ومُثلها ، وغلاة السلفيّين الذين رضعوا ألبان الاستعباد والخضوع للطغاة منذ نعومة أظفارهم على أيدي شيوخ من زمن آخر نصّبهم حُكّام مستبدّون لإضفاء مسحة دينية على سياساتهم الظالمة، كلّ ذلك بتوجيه ورعاية مستمرّة من كبرى المخابرات العالمية...لكن هل بقي بعد تجارب الجزائر ومصر وقلاقل تونس من يصدّق العلمانية العربية المتوحّشة؟ ما مدى مصداقية ديمقراطيتها بعد أن ثبت ألف مرّة زيفُها وانتقائيّتُها لصالح الأقلية التغريبية والمصالح الخارجية؟ وهل بقي من قيمة لتلك الفتاوى الجاهزة التي ينحاز أصحابها المترفون للظلمة فيبرؤون ساحتهم ويزكون جرائمهم ويحمّلون المسؤولية للأمة؟ من يصدّق شيوخ المخابرات عندما يصفون الشباب الاسلامي وأحرار مصر بالخوارج؟ ويبارك دفع أنظمة الخليج غير الشرعية أمولا طائلة لعسكر مصر لقتل الشعب المتمسّك بالشرعية ألدستورية؟ ولا عجب في ذلك، فالمؤسسة الدينية الرسمية تُفتي من قديم بحرمة الانتخابات والأحزاب والمجتمع المدني...تمامًا كما يرجو حكّامها المتسلطون على الأمة... من سيثق بعد اليوم بدين هذه العمائم المزوّرة؟ ألم تدقّ مؤامرة 30 يونيو آخر مسمار في نعش الأزهر الذي كان شريفا؟ إذا كان تضاريوس يمثّل النصرانية ويتكلّم باسم أتباعها فإن أحمد الطيب ليس سوى عضو لجنة السياسات بحزب حسني مبارك، فلا هو يمثل الاسلام ولا المسلمين ولا حتى أزهر العلم والاعتدال والثورة على الظالمين، فالجامع العتيق قلعة الأحرار وليس تكيةٌ للعبيد، وقد آن لعلماء الإسلام العاملين المنحازين للأمة وقضاياها المحترقين بمآسيها أن يتركوا أسلوب التلطّف والإشارة مع رجال الدين هؤلاء الذين شوّهوا صورة الإسلام، وأن يرفعوا عنهم غطاء العلم الشرعي و يصدعوا بوصفهم بما يستحقّون ليحذرهم الشباب وينفضّ عنهم، ولله درّ العلامة القرضاوي الثابت على المنهج القويم وكذلك فحول علماء السعودية – وغيرها من البلاد - الذين جهروا بكلمة الحق واتخذوا موقفا واضحا من الانقلاب العسكري في مصر- رغم ما يتهدّدهم من عواقب وخيمة معروفة - فكانوا حجّة ناصعة على شيوخ السلطة الذين يبتغون مرضاتها ولو أغضبوا الخالق الذي يتكلّمون باسمه.
هكذا إذا هي الدنيا ... أحرار وعبيد... وإنما تكون العبودية الذليلة الخانعة أشدّ وأبشع عندما تتذرّع بالدين وتنطق – زورا وبهتانا – بالقرآن والسنة، وكذلك عندما تتغنى بالديمقراطية والحرية – أي نعم، بالحرية – وحقوق الانسان والصندوق الشفاف.
أيضحك هؤلاء وأولئك على الشعوب أم على أنفسهم؟