إلى أي حد يمكن المراهنة على احتمال أن تراجع واشنطن سياستها في الشرق الأوسط بعد فاجعة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)؟ هذا السؤال يتردد على ألسنة كثيرين في عالمنا العربي بوجه أخص وهؤلاء انقسموا إلى متفائلين أو متمنين حدوث ذلك التغيير ، وبين متحفظين أو متشائمين لا يرون هذا الاحتمال قريباً ، بل وبعضهم لا يراه وارداً من الأساس .. وقد حاولت أن أبحث لنفسي عن موقف أصطف فيه ، فقلبت الأمر عدة مرات وراجعت ما توفر لي من تعليقات وتعقيبات وخبرات ووجدت نفسي في النهاية واقفاً في مربع المتحفظين والمتشائمين ، لأسباب نظرية وعملية سأضعها بين يديك لعل أحداً يراجعني أو يخطئني فيها ، ومن ثم يرد إلينا أملاً طالما تمنيناه ، لكنه ظل عصياً علينا دائماً .
أمريكا في مرآة أوروبا :
على صعيد التحليل النظري نجد أن الولايات المتحدة نادراً ما حاولت أن تطالع وجهها في مرآة العالم للتعرف على نفسها من موقع الآخر وحين تفعل ذلك فإنه يتحقق مصادقة وعن غير قصد . فقد اعتادت أن تتعامل دائماً مع الآخرين بنظرة فوقية تدفعها دائماً لأن ترسل ولا تستقبل وتلقن الآخرين دروساً وترفض الاستماع إلى أية نصائح منهم والآخرون هنا ليسوا حكومات أو شعوب العالم الثالث ولكنهم بالدرجة الأولى حلفاء الولايات المتحدة وأصدقاؤها المقربون في أوروبا أو آسيا .
اعتادت الإدارة الأمريكية أن تصدر التعليمات وأن توجه الآخرين وترسم أمامهم الخطوط والشروط ، وتوقعت دائماً أن يستجيب الآخرون لها من دون تساؤل أو مناقشة طويلة ففي الحوادث الأخيرة مثلاً قالت واشنطن إن العرب هم المسئولون عن التفجيرات فآمن الجميع من دون مناقشة وقالت إن هناك أدلة لم تعلنها فاطمأن الجميع إلى وجود الأدلة من دون أن يعرفوا مضمونها ، وقالت أنها ستخوض حرباً ضد الإرهاب لتصفية منابعه فسار الكل وراءها من دون أن يعرفوا الأهداف التفصيلية لتلك الحرب .. وهكذا .
باعتبارها القوة العظمي التي تنفرد بصدارة الساحة الدولية فقد اعتبرت أنها بما تفعل تمارس دورها القيادي التاريخي وبالتالي فهي ليس بحاجة لأن تتلقى دروساً من أحد ، أو أن تأخذ حقوقهم ومصالحهم ومعاناتهم في الاعتبار .
إذا أضفت إلى ذلك الموقع الجغرافي الذي توفر للولايات المتحدة والذي جعلها بعيدة بصورة نسبية عن أوروبا وأبعد عن العالم العربي الأمر الذي عزلها عن الآخرين ، وإذا زدنا على ذلك الامكانيات الهائلة التي تمتعت بها على مختلف الصعد الإنتاجية ، الأمر الذي جعل مجتمعها يعيش في حالة من الاكتفاء والوفرة ، جعلته يشعر بأنه ليس بحاجة إلى الآخرين ،وإنما الآخرون هم الذين يحتاجونها ، ثم إنها بقوتها العسكرية الكبيرة أصبحت لاعباً أساسياً على الساحة الدولية تعاظم دوره بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفرد واشنطن بإدارة شئون العالم والتحكم في قراراته المصيرية ، ولا تستطيع أن تتجاهل في هذا السياق الدور الذي يقوم به الإعلام الأمريكي ذو القدرات الضخمة في محاصة الإدراك العام وصياغته . وحين يكون ذلك الإعلام تحت هيمنة مراكز قوى ذات مصلحة في إحكام الحصار وتوجيه الإدراك لخدمة سياسات معينة .. كما هو الحاصل بالنسبة للوبي الصهيوني هناك فإننا نستطيع أن نتفهم لماذا لا تحسن الولايات المتحدة قراءة صورتها في العالم الخارجي ولماذا لا تحسن فهم من حولها وتراهم أحياناً على هيئة مشوهة وغير صحيحة .
لن أتحدث عن صورة الولايات المتحدة في عالمنا العربي أو الإسلامي فذلك أمر مفهوم ولا يحتاج إلى بيان ولكن أتحدث عن صورتها في أوروبا ذاتها ، الحليف الذي لا يشك في وفائه وإخلاصه لها .
ثمة كتابات أوروبية وأمريكية أيضاً سلطت الأضواء على ذلك الجانب فقد نشرت الشرق الأوسط في 6/5/2000 تقريراً كتبه من برلين روجر كوهين تحت عنوان ’’أمريكا القبيحة في عيون الأوروبيين..’’ أشار فيه إلى انتقاد الصحف الألمانية للعجرفة الأمريكية وإلى حديث الصحف الفرنسية المتكرر عن أن الولايات المتحدة تعاني من إفراط في إظهار قوتها .. وذكر أن دولاً أخرى مثل روسيا والصين أعربت عن الحاجة إلى قوة دولية توازن القوة الأمريكية ، حتى لا يغريها تفردها بالصورة بارتكاب مزيد من الحماقات .
من ناحية أخرى نشرت صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية مقالاً في 7/5/2001 عبر عن نفس الموقف كتبه مورين داوود ،وكان عنوان المقال : ألا يدرك بوش أن العالم ضاق ذرعاً بأمريكا ؟ وذكر أنه باستثناء المكسيك وموناكو فلم يعد أحد في العالم يخفي انتقاده وسخطه على السياسة الأمريكية بما في ذلك الشعب السويدي .
كيف انعكست تلك الرؤية على طريقة التفكير الأمريكية ؟
منافسة بين واشنطن والخرطوم :
بين أيدينا تجربة عملية تجيب على السؤال ، وهي تتمثل في واقعة إخراج الولايات المتحدة من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في شهر مايو (آيار) من العام الحالي لأول مرة منذ تأسيس اللجنة في عام 1947 وقد أحدث ذلك صدمة في واشنطن ليس فقط لأن الولايات المتحدة تعتبر نفسها عضواً مؤسساً في اللجنة ، ولكن أيضاً لأن الإخراج كان مهيناً ، وبدا كأنه طرد مفاجئ لها لم تتوقعه ولم تتحسب له ، خصوصاً أن عملية التصويت تمت بالاقتراع السري .
غضبت واشنطن واضطربت وتصرفت على نحو عصبي ، فتعددت ردود أفعالها ، لكنها لم تحاول أن تجيب على السؤال الكبير لماذا؟ ومن ثم فإنها لم تحاول أن تربط بين سياستها الخارجية والنتيجة التي حدثت . ضاعف من الغضب الأمريكي أنه في الوقت الذي طردت فيه الولايات المتحدة دخلت في عضوية اللجنة دولتان هما ليبيا والسودان .
لم تعرف الولايات المتحدة كيف تتعامل إيجابياً مع الحدث ، فلجأت إلى التمويه ووجهت الاتهامات يميناً وشمالاً وهددت بحجب مستحقات ديونها للأمم المتحدة ، واستهدفت العرب والأفارقة قبل غيرهم ، فانطلقت أبواق الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام وثيقة الصلة بها تتساءل من دون توضيح ، كيف يمكن أن تطرد أمريكا من لجنة حقوق الإنسان في الوقت الذي ينتخب السودان وليبيا ؟
استهدفت الإدارة الأمريكية في المقام الثاني دولاً صديقة لم تحددها ، بقولها أنها كانت قد تلقت قبل إجراء الاقتراع السري ضمانات مكتوبة بانتخابها من جانب 43 دولة من أصل 53 دولة مخولة بالمشاركة في هذه الانتخابات التي تجرى سنوياً ، غير أنها تلقت 29 صوتاً فقط ، مما يعنى أن 14 دولة لم تف بالتزاماتها المكتوبة ، الأمر الذي دعا وسائل الإعلام الأمريكية إلى التساؤل عن أولئك الخونة وكانت فرنسا قد فازت بـ 52 صوتاً والنمسا حصلت على 41 صوتاً والسويد 32صوتاً وتم أيضا انتخاب البحرين وكوريا وباكستان وكرواتيا وأرمينيا وتشيلي والمكسيك وسيراليون .
يلفت النظر بشدة في هذا السياق لجوء الإدارة الأمريكية ووسائل الإعلام إلى تضليل الرأي العام حيث دأبت كل منهما مرات كثيرة على اتهام الأمم المتحدة بطرد الولايات المتحدة من لجنة حقوق الإنسان في الوقت الذي انتخبت ليبيا والسودان ، حيث أوحت إلى الأمريكيين وأعطتهم انطباعاً بان التنافس غير المتكافئ كان بين الولايات المتحدة وليبيا والسودان وهو ما أثار غضباً شعبياً كبيراً لدى الرأي العام .
ما لم يوضح للرأي العام الأمريكي أن آليات الاقتراع في الأمم المتحدة تحدد لكل منطقة من العالم حصة من التمثيل فيكون التنافس داخل المنطقة نفسها ، كما بين الأفريقيين دون غيرهم ، وقد خصصت لدول أوروبا وأمريكا لجنة حقوق الإنسان أربعة مقاعد يكون التنافس بينها دون غيرها وهذه المرة كان التنافس بين أمريكا وفرنسا والسويد والنمسا .
وكثيراً ما كانت الولايات المتحدة في السابق تضغط على الدول الأوروبية للانسحاب لمصلحتها مما جعلها تطمئن بمضى الوقت فلم تبذل أي جهد في هذا الصدد واعتبرت أن فوزها مضمون لذلك كانت مفاجأتها كبيرة حين تم الإعلان عن نتائج الاقتراع السري .
الفشل بحد ذاته ليس هو المهم وإنما المهم هو كيف كانت ردود الفعل في الولايات المتحدة ، وكيف رأت أمريكا نفسها في مرآة العالم حين اضطرت إلى ذلك ؟ قرأت رصداً دقيقاً لأصداء الحدث : فيما كتبه أحد العلماء الأمريكيين ذوي الأصول العربية هو الدكتو حليم بركات الأستاذ في جامعة جورجتاون بواشنطن (الحياة 28/5/2001) في رصده ميز الدكتور بركات بين أربعة اتجاهات متمايزة هي :
- قلة من الرأي العام الأميركي كما تجلي في تعليقات وسائل الإعلام عبرت عن استيائها من انتقاد الإدارة الأمريكية نفسها ، معترفة بأن المسئولية في طرد أمريكا من لجنة حقوق الإنسان لا تقع على أعدائها كالصين وإيران وكوبا وغيرها من الدول العربية والأفريقية والآسيوية بل على أصدقائها الأوروبيين وغيرهم ممن حنثوا بتعهداتهم وذهبت هذه الأقلية إلى لوم الإدارة الأمريكية نفسها التي أهملت المسألة كلياً فمل تظهر إدارة بوش اهتماماً بإرسال مندوبها إلى الأمم المتحدة وهي لم تفعل ذلك حتى الوقت الحاضر .
ويكون في هذه الحالة على أمريكا أن تتقبل الأمر الواقع وتعد العدة للسنة المقبلة وأن تمتنع عن تهديد الأمم المتحدة بحجب ديونها عنها .
- ظهر ثانياً توجه يستدل إليه من خلال رد فعل قادة الإدارة الأمريكية الذين استخدموا التضليل والتسويغ تمويهاً لفشلهم .
قال وزير الخارجية كولن باول أن بعض حلفاء أمريكا وأصدقائها تهاونوا في الأمر لاعتقادهم أن عضوية أمريكا مضمونة لاشك ، وقد تفاجأ هؤلاء بالنتائج كما تفاجأت الإدارة الأمريكية نفسهاز
بهذا الخصوص قال الناطق باسم البيت الأبيض إن لجنة حقوق الإنسان نفسها أظهرت حقيقة موقفها اللامبالي من مسألة حقوق الإنسان حين انتخبت السودان وليبيا وطردت الولايات المتحدة .
كذلك وجه الرئيس بوش نفسه في خطاب أمام اللجنة اليهودية الأمريكية أقصى استنكاراته ضد تلك البلدان التي تقمع الحريات الدينية ، مكتفياً بذكر السودان وانتقاده متعهداً استمرار ملاحقته في الوقت الذي ذكر الحضور بأنه حرص في الاجتماع الأول لمجلس أمنه القومي على تأكيد أن حماية إسرائيل وأمنها هما في طليعة أولويات السياسة الخارجية الأمريكية ’’نيويورك تايمز 4/5/2001’’ .
هكذا عاقبوا الأمم المتحدة :
تجلى الاتجاه الثالث من خلال رد فعل المحافظين الذين هددوا بمعاقبة الأمم المتحدة فأنذرت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت منذ اليوم الأول لإعلان نتائج الانتخابات أن طرد أمريكا سيلحق الضرر بالأمم المتحدة في وقت هي بأشد الحاجة للمساعدات الأمريكية .
وعبر عدد من المحافظين في الكونجرس ومنه ديك إرمي زعيم الغالبية في المجلس عن غضبهم الشديد منذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج الاقتراع ، وهددوا بحجب الـ 244 مليون دولار المستحقة لقاء العضوية في الأمم المتحدة وقال النائب توم لانتوس المعروف جداً بدعمه لإسرائيل وتحريضه المستمر ضد العراق إن هذا الإجراء الأمريكي سيعلم هذه البلدان درساً وفي السابق كانت منظمة اليونسكو الفاسدة والمعادية لأمريكا قد تعلمت الدرس وأصلحت مسارها ’’نيويورك تايمز 11/5/2001’’ وفعلاً قرر مجلس النواب في الكونجرس في العاشر من آيار ’’مايو’’ الحالي بأكثرية 252 مقابل 165 حجب مستحقات العضوية هذه في الأمم المتحدة ما لم تتم عودة أمريكا إلى لجنة حقوق الإنسان .
أما الاتجاه الأخير فيتمثل بموقف نقدي رأى من الضروري أن تضبط أمريكا أعصابها وتتمعن بالأمر فتحلل أسباب عدم انتخابها على حقيقتها بحيث تتوصل إلى استنتاج بأنها يجب أن تكون قد أخطأت حقاً وارتكبت عملاً شنيعاً كي تستحق الطرد ، ويكون عليها في هذه الحالة أن تتقبل ما حدث وتعيد النظر في نهجها ، ويقول أصحاب هذا الرأى إن ما حدث ربما جاء تعبيراً صادقاً عن موقف العالم من الهيمنة الأمريكية ومن سياسة العولمة التي تفرضها على الشعوب والحضارات الأخرى بكلام آخر : ذهب هؤلاء إلى أنه ربما يكون الاقتراع نوعاً من الاحتجاج العالمي على عنهجية أمريكا وتحكمها ورفضها الانضمام للمحكمة الدولية ومواقفها المعارضة لعدد من الاتفاقات الدولية ومنها اتفاقية إزالة الألغام واتفاقية قانون البحار ، ولسياستها السلبية في عدد من المجالات والقضايا المتعلقة بالدفاع الصاروخي وحقوق السيادة والتجارة الحةر والبيئة والتدخل في شئون الأمم الداخلية والحصار الذي تفرضه على عدد من البلدان وتفاقم الفجوات العميقة بين الفقراء والأغنياء شعوباً وطبقات .
وقد سبق أن وجهت انتقادات عدة لأمريكا في السنوات الأخيرة لتراكم ديونها للأمم المتحدة ، ولرفضها عدداً من الاتفاقات الدولية .
نستنتج من كل ذلك أن سبب عدم انتخاب أمريكا لعضوية لجنة حقوق الانسان ربما يعود إلى أنها تلجأ للأمم المتحدة حين ترى مصلحتها في استخدامها لتنفيذ سياستها كما يظهر من خلال ممارسة حق الفيتو لمصلحة إسرائيل واستصدار قرارات تدعم حربها ضد العراق ومواصلة الحصار عليه حتى الوقت الحاضر .
وعلى العكس توجه أمريكا انتقاداتها وتهديداتها ضد الأمم المتحدة حين تمتنع عن أن تكون وسيلة طيعة من وسائل الاستراتيجية الأمريكية . في هذا المجال يعترف بعض المسئولين الأمريكيين ضمناً بأنهم لم يتفهموا ما يجرى من تطورات داخل المجلس الاقتصادي الاجتمايع التابع للأمم المتحدة ولم يدركوا عمق استياء الشعوب من أحادية النظام العالمي وكون الولايات المتحدة القوة العظمي الوحيدة وفي الوقت الذي تبشر أمريكا بالتعددية داخل كل بلد تسعى لفرض نظام واحد في العالم .
جعلوه هجوماً على الحرية :
قصدت التفصيل في هذه القصة لأنها تلقي أضواء قوية على المسلك الأمريكي في الوقت الراهن خصوصاً بعد ما لاحظنا أن الإدارة الأمريكية ما برحت تلح على أن الهجوم الذي وقع على نيويورك وواشنطن موجه ضد الحضارة الغربية وضد الحرية والديمقراطية .. إلخ وهي اللغة التي رددها الإعلام بقوة ، ووظفتها أكثر الأقلام والكتابات خصوصاً تلك التي تحرص على اعتبار المسلمين والعرب جميعاً معادين للغرب وحضارته وقيمه ’’لاحظ أن إسرائيل في هذه الحالة تصنف بحسبانها جزءاً من الغرب’’ .
هذا التضليل الذي تمسك بصرف انتباه الناس عن أسباب الغضب الحقيقي هو الأقوى تأثيراً في الرأي العام والقرارات السياسية ، ورغم وجود أصوات متزنة وعاقلة تحاول مصارحة الأمريكيين بالحقيقة إلا أن تلك الأصوات مازالت قاصرة عن التأثير في القرار السياسي .
لهذا السبب فإنني أعتقد أن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء قضية فلسطين بوجه أخص وغيرها من القضايا التي تثير استياء العرب والمسلمين . حصار العراق مثلاً هذه السياسة لن تتغير في الأجل المنظور على الأقل وإنما ستبقى حليمة على عادتها القديمة الأمر الذي يعنى أن واشنطن لن تتعامل إيجابياً مع الدرس وستظل مصرة على المضي في طريق الندامة !! .