مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
المســكوت عنـه في فلسطيـن
لأن الفلسطيني أصبح مخلوق الله المستباح‏،‏ فان وقائع إبادته وتدمير حياته وإذلاله‏،‏ التي تطالعنا بكثافة وبوتيرة يومية منذ اشهر‏،‏ باتت أخبارا عادية لاتثير الانتباه فضلا عن أنها لا تحرك الشعور‏.‏ ولئن حدث ذلك في غمرة انشغال الناس بأخبار الحرب التي لم تقع‏،‏ فما بالك به لو وقعت‏!‏

‏(1)‏
يوم الأحد الماضي‏(2/23)‏ نشرت الصحف خبرا من روما يقول إن ألفي شخص نظموا مظاهرة طافت بشوارع المدينة‏،‏ رفعوا خلالها لافتات طالبت بحماية كرامة القطط‏.‏ وقال منظمو المظاهرة من ممثلي جماعات الدفاع عن القطط إن في المدينة‏150‏ ألف قطة شاردة‏،‏ لا يعاملها سكان المدينة بطريقة لائقة‏،‏ في حين أنها أحوج ماتكون إلي الرعاية خصوصا في أجواء الصقيع التي تعيشها أوروبا الآن‏.‏
في اليوم ذاته نشرت الصحف تقريرا من نابلس عن الاجتياح الإسرائيلي لأحياء المدينة القديمة‏،‏ بما استصحبه من إطلاق عشوائي للنيران وتفجير البعض لستة بيوت‏،‏ الأمر الذي أدي إلي تشريد‏14‏ أسرة‏،‏ وخروج الأمهات والأطفال وهم يرتجفون إلي الشوارع المغطاة بالثلوج والأوحال‏.‏ الرجال اختطفوا واخذوا تحت جنح الظلام إلي مكان مجهول وهم مقيدون بالحبال‏.‏ أما النساء والأطفال‏،‏ فقد هاموا علي وجوههم بحثا عن مكان يؤويهم من البرد والفزع‏.‏

حين طويت الصحيفة لاحقتني فكرة المقارنة بين حظوظ القطط في روما‏،‏ وحظوظ الفلسطينيين في الأرض المحتلة‏،‏ وبدت المفارقة كاشفة ومروعة بين قطط شاردة وجدت من يدافع عن كرامتها وحقها في الحياة هناك‏،‏ وبين رجال يساقون إلي الموت تحت جنح الظلام‏،‏ ونسوة وأطفال في فلسطين يواجهون مشكلة التشرد‏،‏ ولا أحد في العالم يعيرهم التفاتا أو يدرك أن لهم كرامة أو حقا في الحياة‏.‏
المذهل في الأمر أن عملية الإبادة والتدمير اليومي للبيوت والمرافق والإنسان الفلسطيني أصبحت جزءا من نمط الحياة في الأرض المحتلة‏،‏ حيث كتب علي سكانها أن يعانقوا الموت والذل والخراب طوال الوقت‏.‏ ولأن العملية لم تتوقف منذ بدأت الانتفاضة‏(‏ في عام ألفين‏)‏ فإن أحداثها ووقائعها تحولت في الخطاب الإعلامي والسياسي إلي أرقام‏.‏ وصرنا ونحن في الخارج نقرأ أن كذا شهيد قتلوا وكذا جريح سقطوا‏،‏ وكذا بيتا تهدم‏،‏ ومع اعتياد الناس علي تلك الأرقام‏،‏ فإن كثيرين اصبحوا يقرأونها كما يقرأون أخبار الصعود والهبوط في اسهم البورصة‏.‏ يرفعون حواجبهم اذا ارتفعت قيمتها‏،‏ ويقلبون شفاههم اذا ما انخفضت‏.‏ لكن هذا وذاك لايغير كثيرا من مزاجهم وهم يحتسون قهوة الصباح‏.‏

‏(2)‏
في غزة وحدها هدم الإسرائليون منذ بدء الانتفاضة نحو‏800‏ منزل تسكنها‏1100‏ عائلة تضم ستة آلاف شخص‏،‏ حسب إحصاءات وكالة غوث اللاجئين‏.‏ وهذه المنازل سويت بالأرض‏،‏ ولم يعد فيها حجر فوق حجر‏.‏ ومذبحة المنازل هذه جديدة في تعامل الإسرائيليين مع الفلسطينيين‏،‏ والهدف منها يتراوح بين الانتقام والترويع‏.‏ في السابق كانت اسرائيل تهدم بيتا أو اثنين كل عدة اشهر‏،‏ كما ذكرت كارين أبو زيد‏،‏ إحدي موظفات وكالة الغوث‏.‏ ولكن حين أصابت الانتفاضة اسرائيل بالوجع‏،‏ خصوصا من خلال العمليات الاستشهادية‏،‏ فان لوثة أصابت ساستها وعسكرييها الذين أطلقوا عنان الدبابات والجرافات التي أصبحت تهدم البيوت بالعشرات‏.‏ ولم يكن ذلك مقصورا علي غزة وحدها بطبيعة الحال‏،‏ وإنما انطبق بذات القدر علي الضفة‏.‏ وهدم البيت ليس مجرد تقويض لمبني‏،‏ ولكنه في حقيقة الأمر تدمير لحياة أسرة كاملة‏،‏ وإعادتها إلي نقطة الصفر‏،‏ بلا مأوي أو أثاث أو حتي ثياب‏،‏ الأمر الذي ينسف كل مادبرته ووفرته في حياتها‏،‏ ويحول من بقي علي قيد الحياة منهم إلي مشردين ومتسولين‏.‏ ناهيك عن كونه جريمة غير إنسانية لانظير لها‏،‏ بمقتضاه تعاقب الأسرة بمختلف أجيالها المكدسة في البيت‏،‏ من جراء فعل منسوب إلي أحد أفرادها‏،‏ وهو في العادة أحد عناصر مقاومة الاحتلال‏.‏

ناهض الحلو من أبناء غزة لم يكن من هؤلاء ومع ذلك نسف بيته في إحدي الحملات الإسرائيلية المجنونة علي القطاع‏.‏ بل وقتل ابناه علاء وسعيد مع ابن خالتهم تامر درويش‏،‏ حين انهار المبني فوق رؤوسهم‏،‏ واختلطت أشلاؤهم بالركام كما اختلطت دماؤهم بالوحل الذي غمر المكان‏.‏
في مخيم المغازي بالقطاع‏،‏ حاصرت القوات الإسرائيلية منزل سلامة بن سعيد‏،‏ والد الشهيد بهاء‏،‏ الذي كان قد نجح في اقتحام إحدي المستعمرات‏،‏ واعتقلت ثلاثة من اخوة الشهيد‏،‏ ثم قامت بتفجير المبني الذي انهار فوق أم الأولاد كاملة سليمان بن سعيد‏(65‏ سنة‏)‏ ـ ووقع الحادث عقب تفجير مبني آخر في بيت لاهيا سقط فوق مالكه الذي كان عجوزا في السبعين من عمره‏.‏

في غزة أيضا جلست عجوز كفيفة في التسعين من عمرها فوق أنقاض منزلها الذي دمر في حياتها خمس مرات‏،‏ في حين قتل الإسرائيليون أبناءها الأربعة واحدا تلو الآخر‏.‏ لم يبق في عين العجوز ـ أم عابد الزريعي ـ دمع تذرفه‏،‏ ولا أمل في الدنيا تتعلق به‏،‏ حتي أرادت أن تدفن مع الأنقاض وحدها‏.‏ الأمطار الغزيرة اضطرتها إلي مغادرة المكان والاحتماء بجدار نجا من التدمير‏.‏
في قرية النبي الياس القريبة من قلقيلية‏،‏ فوجيء محمد حنون‏،‏ أبو شادي‏،‏ بالجرافات الإسرائيلية وهي تنهش أشجار الزيتون التي تعتاش منها أسرته‏،‏ أذهلته المفاجأة‏،‏ ولم يصدق أن كل ما زرعته عائلته ورعته عبر مئات السنين قد اقتلع وسوي بالأرض‏،‏ فلم يتمالك نفسه‏،‏ وسقط علي الأرض بغير حراك‏.‏ وحين نقلوه إلي المستشفي قال الأطباء إن جلطة قلبية داهمته فأصابته بفقدان النطق والشلل‏.‏

في مخيم بلاطة بمدينة نابلس اقتحم الإسرائيليون بيت محمد مسيمي لاعتقال ابنه الناشط في كتائب الأقصي‏.‏ وحين لم يجدوا الابن‏،‏ أمروا العائلة بمغادرة المبني‏،‏ فانصاعوا بطبيعة الحال‏،‏ لكنهم حين عادوا إليه بعد حين صدمهم الخراب الذي حل به‏،‏ فسقط الأب علي الأرض من هول ما رأي‏،‏ حيث أصابته نوبة قلبية أودت بحياته‏.‏
هذه مجرد نماذج للأحداث اليومية التي أصبحت تقع علي هامش عمليات الاجتياح وتجريف الأرض والقتل المتعمد‏،‏ الذي يستهدف الناشطين أو ذلك العشوائي الذي يراد به الترويع والتركيع‏.‏

‏(3)‏
هدم البشر وإذلالهم لا يقل خطورة‏،‏ وربما كان الأخطر‏،‏ لأنه يراكم المرارة والحزن‏،‏ ويحول الناس بمختلف أعمارهم إلي قنابل غضب موقوتة تمشي علي الأرض‏.‏ وذلك وجه للمشهد الفلسطيني لا يراه كثيرون‏.‏ لأن التقارير الصحفية ووسائل الإعلام تركز علي الصفحات المكتوبة بالدم في السجل الفلسطيني‏،‏ ولا تتوقف كثيرا عند تلك المكتوبة بالدمع والتي ترسمها الزفرات والشهقات والمرارات‏.‏
في‏2002/11/16‏ قدم التليفزيون الإسرائيلي برنامجا تضمن شهادات لجنود خدموا في الضفة الغربية‏،‏ ذكروا أن قادتهم سمحوا لهم بالرهان فيما بينهم علي إطلاق النار علي الفلسطينيين لمجرد التسلية وقتل الوقت‏.‏ وشهد الجنود بأن عددا من قادتهم أمروهم بأن ينهالوا بالضرب المبرح علي كل من يصادفونه من الذكور في أثناء مداهمة بيوت الفلسطينيين‏.‏ أحدهم قال إنه رأي ثلاثة من زملائه في نابلس أوسعوا ثلاثة شبان فلسطينيين ضربا حتي نزفت الدماء منهم‏.‏ ثم قاموا برسم شعار لواء المظليين الذي ينتمون إليه علي الحائط بتلك الدماء النازفة‏.‏ آخرون من لواء المشاه هناحل قالوا أنهم قاموا بنتف لحي ثلاثة من الشيوخ الفلسطينيين في إحدي خرائب بلدة دوروا شرق مدينة الخليل‏.‏ شهد بعضهم أيضا بأنهم رأوا زملاءهم وهم يطلقون النار عامدين علي الدواب والماشية الفلسطينية‏.‏ وفي إحدي المرات قتلوا‏15‏ رأس ماشية دفعة واحدة‏.‏ في البرنامج أقرت الشرطة العسكرية بأنها سجلت‏250‏ حالة قام فيها جنود الاحتلال بنهب وسرقة البيوت الفلسطينية في أثناء الاقتحام‏.‏

فاطمة النجار زوجة أحد صيادي الأسماك الفلسطينيين الذين يسكنون منطقة المواصي الساحلية غرب خان يونس‏،‏ ذهبت إلي المدينة لشراء مادة كيماوية تستخدم في صيانة السفن‏،‏ وأثناء عودتها أوقفها حاجز عسكري‏.‏ وحين عرف الجنود الإسرائيليون طبيعة المادة التي تحملها‏،‏ أمرتها إحدي المجندات بأن تشرب المادة الكيماوية‏.‏ رفضت فاطمة فانقضت عليها ثلاث مجندات وقمن بتقييدها‏،‏ ثم وضعن المادة الكيماوية في فمها رغما عنها‏.‏ الأمر الذي أدي الي انهيارها‏،‏ وحين نقلت الي المستشفي الأوروبي تبين أن المادة الكيماوية أحدثت مشاكل صحية في الحنجرة والمعدة‏،‏ نتج عنها سوء هضم وصعوبة في الكلام‏،‏ ولاتزال تحت العلاج حتي الآن‏.‏

‏(4)‏
تحولت الحواجز إلي مذبح للكرامة الفلسطينية‏،‏ وساحة لتوزيع جرعات المذلة والهوان علي الجميع بلا تمييز‏.‏ علي حاجز عين عريك المقام علي طريق رام الله ـ بيرزيت اصطف أكثر من ثلاثين رجلا فلسطينيا بينهم فتاة واحدة اسمها مريم‏،‏ لم يسمح الجنود للرجال بالعودة إلي منازلهم‏،‏ وأجبروهم علي جلوس القرفصاء وطأطأة رؤوسهم‏،‏ وكل من احتج أو رفع رأسه ضرب وانهال عليه الجنوب صفعا وركلا‏.‏ أما مريم فقد سمعت من الكلمات الفاحشة والحركات البذيئة مالم تسمعه في حياتها‏.‏ وحين وصل الي الحاجز سائق سيارة أجرة اسمه إبراهيم ـ قبل ربع ساعة من رفع حظر التجوال عن المدينة‏،‏ فانه عوقب بانتزاعه من وراء مقوده‏،‏ وتناوب أربعة جنود مدججين بالسلاح علي ضربه إلي أن سقط فاقدا وعيه‏.‏ وحينئذ التفت الجنود إلي سيارته‏،‏ وانهالوا عليها بأعقاب بنادقهم حتي هشموها‏.‏ وبدل أن يوصل إبراهيم ركاب سيارته إلي المدينة‏،‏ فان الركاب هم الذين تولوا أمر نقله إلي المستشفي‏.‏
قسم الإسرائيليون الضفة الغربية إلي‏300‏ منطقة احتلالية تفصل بينها الحواجز‏،‏ الأمر الذي فرض علي الفلسطينيين طقوسا خاصة‏،‏ من قبيل التأكد من احتشام ملابسهم الداخلية‏،‏ بعدما باتت تعرية الشبان فضلا عن كبار السن‏،‏ جزءا لا يتجزأ من متطلبات اجتياز الحواجز‏.‏ ولا يقف الأمر عند ذلك الحد‏،‏ وإنما كثيرا مايطلب من كبار السن ـ إمعانا في إذلالهم ـ أن يأتوا بحركات ساخرة معينة أو أن يرقصوا أمام الجنود‏،‏ قبل أن يسمح لهم بالمرور‏!‏

ذات يوم خرج الفتي وسام عشراوي لشراء بعض حاجياته في الخليل‏،‏ فـأوقفته دورية تابعة لحرس الحدود‏،‏ وصرخ في وجهه أحدهم قائلا إنه خالف نظام حظر التجوال‏،‏ ولابد من عقابه‏.‏ وكانت عقوبة اليانصيب تنتظره‏،‏ حيث أمر بالاختيار بين أوراق أربع مطويات كتبت في كل واحدة منها إحدي عقوبات اليوم‏،‏ وحين مد يده وهي ترتعش ليأخذ واحدة منها‏،‏ قام الجندي الإسرائيلي بعد قراءتها بانتزاع يد وسام‏،‏ ثم كسر إصبعه ومضي‏!‏ تكرر المشهد مع فلسطيني آخر اسمه حجازي أبو ستيتة‏،‏ الذي ماأن التقط واحدة من الأوراق التي عرضت عليه‏،‏ حتي انهال الجنود عليه بالضرب علي الساقين واليدين والظهر‏،‏ ثم ألقوا به في حوض للمياه‏،‏ تنفيذا للعقوبة التي اختارها‏.‏
عقوبة اليانصيب لم تختلف عن فكرة التعذيب بالقرعة‏،‏ التي كان من ضحاياها علي الطرايرة‏،‏ عامل الدباغة في الخليل‏،‏ الذي خرج ليتسلم عمله ذات صباح‏،‏ فاعترضته سيارة لحرس الحدود الإسرائيلي‏،‏ وأمرته بعدم التحرك من مكانه‏.‏ وحين امتثل احضروا دلوا بلاستيكيا وفيه مجموعة من الأوراق‏،‏ وقال أحدهم‏:‏ في كل واحدة من هذه الأوراق هناك اسلوب تعذيب مختلف‏،‏ وعليك أن تختار مايروق لك‏.‏

فهناك تكسير أصابع القدم‏،‏ أو إطلاق الرصاص علي القدم‏،‏ أو الضرب أثناء الرقص‏،‏ غير مفاجآت أخري‏.‏
طبقا لما نشر في الشرق الأوسط‏(‏ عدد‏1/10‏ الماضي‏)‏ فان الطرايرة لم يجد مفرا من الاستجابة‏،‏ وحين التقط إحدي الأوراق‏،‏ تناولها أحد الجنود‏،‏ وعرضها علي رفاقه‏،‏ فإذا بهم يتصايحون بشكل هستيري‏،‏ وقام أحدهم بعرضها عليه‏،‏ وفوجيء بأن كتب عليها‏:‏ تكسير اليدين والرجلين‏.‏ ولم يضيع الجنود دقيقة من الوقت‏،‏ حيث انهالوا عليه بالضرب المبرح وبأعقاب البنادق حتي سقط أرضا ـ وصف الطرايرة ماجري قائلا‏:‏ بعد وجبة الضرب المتواصل والمبرح أمسك اثنان من الجنود بإحدي ذراعي وقام ثالث بالضرب عليها بقضيب حديدي كبير‏،‏ عندها فقط شعرت أنهم جادون في تحطيم عظامي‏.‏ وانتقلوا بعد تكسير الذراع الأولي إلي الذراع الأخري‏.‏ وبعد الانتهاء من هذه المهمة راحوا يوجهون الضرب وبشكل جنوني إلي كل أنحاء الجسم‏.‏ غاب الشاب عن الوعي ولم يعد يدري بعدها ماحدث له‏،‏ ولم يستيقظ إلا وهو في المستشفي‏،‏ بعد أن نقلته عائلة فلسطينية مرت في المكان الذي غادره الجنود وتركوه فيه ليلاقي حتفه‏.‏

للتنكيل درجات أخري أشد وأفظع‏،‏ تتحدث عنها روايات سكان المناطق النائية في الجنوب الشرقي للضفة‏،‏ حيث ذكر أحد القرويين أن الجنود عرضوا عليه أن يختار إحدي الأوراق‏،‏ فإذا قرعته تقضي بقطع العضو الذكري‏،‏ وبالفعل كما يقول اجبره الجنود علي التعري‏،‏ لكن مرور مجموعة من الصحفيين الأجانب في المكان حال دون قيام الجنود بما كانوا ينوون القيام به‏،‏ وأطلقوا سراحه‏.‏
في منطقة رام الله ووسط الضفة الغربية هناك أساليب تنكيل وإهانة أخري‏.‏ فمثلا يقول زهير حداد من بلدة دير دبوان‏،‏ انه كان عائدا من مدرسته في سيارة أجرة‏،‏ عندما استوقفها حاجز طيار للاحتلال علي مشارف القرية‏،‏ فطلب أحد أفراد الدورية الإسرائيلية من حداد أن يترجل من السيارة‏،‏ وطلبوا منه أن يرقص‏،‏ فرفض فانهالوا عليه بالضرب المبرح‏،‏ لكنه بعد أن أخذ منه الألم مأخذه وجه نفسه يرقص‏،‏ بينما كان الجنود يصورونه بكاميرا فيديو‏!‏

‏(5)‏
احتفظ بملف حافل بوقائع الاعتداءات الوحشية علي زوجات المعتقلين‏،‏ ومحاولة النيل من شرفهن‏،‏ لإذلال الأزواج وإجبارهم علي الاعتراف‏.‏ وهذه الاعتداءات طالت الأطفال الذين أودعوا السجون وخضعوا لعمليات تعذيب وتشويه بشعة‏.‏ ومن أسف أن الحيز المتاح لا يسمح بعرض تلك الوقائع‏.‏ لكن مايهمني في هذا السياق أن نتأمل ذلك الوجه المسكوت عليه‏،‏ ونتدبر شهادة لأحد المعلقين الإسرائيليين‏،‏ حيمي شليف‏،‏ الذي كتب في صحيفة معاريف مقالا تحت عنوان سحر القاتل‏،‏ قال فيه‏:‏ إن الجمهور الإسرائيلي وان مال إلي تسوية مع الفلسطينيين‏،‏ إلا أنه يريد زعيما لا يطيقهم‏،‏ ويملك قدرة ممكنة ومحتملة لضرب العرب حتي نحورهم ـ إلي أن قال‏:‏ ان الاندفاع والهرولة خلف القاتل منقوشة في طباعنا‏.‏ وهذا الأمر لم يبدأ مع الانتفاضة‏،‏ ولا مع اندفاع الموجات الإرهابية‏!‏
تري متي يمكن أن يتساوي الفلسطينيون مع القطط في روما ؟‏!‏
أضافة تعليق