زين العابدين بن غرم الله الغامدي
دأبت ثقافة الإعلام البصريّة -خاصّة - على ترسيخ ثقافة الجسد والتّركيز عليها؛ فمن برامج تخصّ الأطعمة المتنوّعة وكيفيّة عملهـا وتحضيرهـا، إلى العناية بالصّحة والرّياضة أو تجميل الجســد، أو حتى إعادة تشكيل بعض أجزائه حسب الرّغبات الكثيرة المجنونة أحيانًا، وحظيت المرأة بالنّصيب الأوفى في العناية بجسدهـا من خلال الدّعاية لكثير من مستحضرات التّجميل، التي أصبحت المجلات مليئة بألوانهـا المختلفة، إلى عالم الأزيــاء الذي يعرض الجسد في أبهى صوره، كمـا تنوّعت أفلام السّينمـا ومسارح العرض بألوان كثيرة، تتباهى بعروض جسديّة في دول مختلفة حسب عاداتهـا وتقاليدهـا وثقافتهـا، التي تُعنى بالتّركيز على الجانب الجسديّ، وفي المجتمعـات الغربيّة يظهر جليًّا الحرص على متعة الجسد بشكل كبير، أمّا الرّوح فهي بمنأى عن العناية والرّعاية والاهتمـام. ولم يعن بها إلاّ في نطاق ضيّق، وأصبحت ثقافة الجسد هي الثّقافة الشّائعة والمسيطرة إعلاميـًّا، ولا تكاد تخلو مجلّة أو برنامج فضائيّ من دعاية جسديّة. كلّ شيء في خدمة الجسد لا غير، في طغيان مقيت.
وقد وازن الإسلام بين الرّوح والجسد، وحرص ألاّ يطغى جانب على آخر، وحثّ على غذاء الرّوح، كما يُغذّى الجسد، بل وكانت الموازنة بين الرّوح والجسد هي الأصل، حتى إنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنكر على الذين حاولوا تغليب الجانب الرّوحي على الجسديّ حين قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء، فلا أتزوّج أبدًا. فجاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم - فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء؛ فمن رغب عن سنّتي فليس مني». رواه البخاري ومسلم.
منهج متوزان لايرجّح جانبًا على آخر، وكان التّرويح عن النّفس أيضًا إحدى السّمات التي تميّز منهجه علية الصّلاة والسّلام حين حثّ على التّرويح عن النّفس بالمباحات المتاحة حين قال لحنظلة: «ولكن ساعة وساعة».
نحن اليوم في عصر مدنيّ غلبت فيه المدنيّة المعاصرة على الحياة، وأصبحت المتع الجسديّة هي الطّاغية؛ فكثرت الأمراض النّفسيّة واستعصى كثير منهـا على العلاج. كلّ ذلك بسبب الإفراط في العناية بالجسد وإهمـال الجانب الرّوحي، الذي هو الأهمّ، حين نبحث عن الطّمأنينة والسّكينة.
إنّ ضوضاء الحياة اليوميّة جعلت من الصّعب عند كثيرين أن يوازنوا بين حاجت النّفس البشريّة ومطالب الجسد؛ لأنّ الجسد هو الجزء المشهود والظاهر، فكان له النّصيب الأوفى، ولهذا طرأ خلل كبير في دورة الحياة، وأصبح من الصّعب أن تجد النّفس طريقهـا إلى الرّاحة والسّكينة في قلق ظاهر مزعج، وكانت الصّلوات والأذكار طريقًا للخروج من روتين الحياة الجسديّة وطغيان المادّة إلى اعتدال الرّوح.
كثيرة هي البرامج العمليّة اليوميّة التي توازن بين مطالب الرّوح وحاجات الجسد، وتتّفق مع الفطرة الإنسانيّة التي فطر الله النّاس عليهـا، وبدون ذلك تضطرب العلاقة بين الرّوح والجسد، ويحدث الخلل في تلك العلاقة، ممّا يؤدّي إلى مشكلات نفسيّة واجتماعيّة تستعصي على الحلّ.
*الإسلام اليوم
دأبت ثقافة الإعلام البصريّة -خاصّة - على ترسيخ ثقافة الجسد والتّركيز عليها؛ فمن برامج تخصّ الأطعمة المتنوّعة وكيفيّة عملهـا وتحضيرهـا، إلى العناية بالصّحة والرّياضة أو تجميل الجســد، أو حتى إعادة تشكيل بعض أجزائه حسب الرّغبات الكثيرة المجنونة أحيانًا، وحظيت المرأة بالنّصيب الأوفى في العناية بجسدهـا من خلال الدّعاية لكثير من مستحضرات التّجميل، التي أصبحت المجلات مليئة بألوانهـا المختلفة، إلى عالم الأزيــاء الذي يعرض الجسد في أبهى صوره، كمـا تنوّعت أفلام السّينمـا ومسارح العرض بألوان كثيرة، تتباهى بعروض جسديّة في دول مختلفة حسب عاداتهـا وتقاليدهـا وثقافتهـا، التي تُعنى بالتّركيز على الجانب الجسديّ، وفي المجتمعـات الغربيّة يظهر جليًّا الحرص على متعة الجسد بشكل كبير، أمّا الرّوح فهي بمنأى عن العناية والرّعاية والاهتمـام. ولم يعن بها إلاّ في نطاق ضيّق، وأصبحت ثقافة الجسد هي الثّقافة الشّائعة والمسيطرة إعلاميـًّا، ولا تكاد تخلو مجلّة أو برنامج فضائيّ من دعاية جسديّة. كلّ شيء في خدمة الجسد لا غير، في طغيان مقيت.
وقد وازن الإسلام بين الرّوح والجسد، وحرص ألاّ يطغى جانب على آخر، وحثّ على غذاء الرّوح، كما يُغذّى الجسد، بل وكانت الموازنة بين الرّوح والجسد هي الأصل، حتى إنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنكر على الذين حاولوا تغليب الجانب الرّوحي على الجسديّ حين قال أحدهم: أمّا أنا فإنّي أصلّي اللّيل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء، فلا أتزوّج أبدًا. فجاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم - فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء؛ فمن رغب عن سنّتي فليس مني». رواه البخاري ومسلم.
منهج متوزان لايرجّح جانبًا على آخر، وكان التّرويح عن النّفس أيضًا إحدى السّمات التي تميّز منهجه علية الصّلاة والسّلام حين حثّ على التّرويح عن النّفس بالمباحات المتاحة حين قال لحنظلة: «ولكن ساعة وساعة».
نحن اليوم في عصر مدنيّ غلبت فيه المدنيّة المعاصرة على الحياة، وأصبحت المتع الجسديّة هي الطّاغية؛ فكثرت الأمراض النّفسيّة واستعصى كثير منهـا على العلاج. كلّ ذلك بسبب الإفراط في العناية بالجسد وإهمـال الجانب الرّوحي، الذي هو الأهمّ، حين نبحث عن الطّمأنينة والسّكينة.
إنّ ضوضاء الحياة اليوميّة جعلت من الصّعب عند كثيرين أن يوازنوا بين حاجت النّفس البشريّة ومطالب الجسد؛ لأنّ الجسد هو الجزء المشهود والظاهر، فكان له النّصيب الأوفى، ولهذا طرأ خلل كبير في دورة الحياة، وأصبح من الصّعب أن تجد النّفس طريقهـا إلى الرّاحة والسّكينة في قلق ظاهر مزعج، وكانت الصّلوات والأذكار طريقًا للخروج من روتين الحياة الجسديّة وطغيان المادّة إلى اعتدال الرّوح.
كثيرة هي البرامج العمليّة اليوميّة التي توازن بين مطالب الرّوح وحاجات الجسد، وتتّفق مع الفطرة الإنسانيّة التي فطر الله النّاس عليهـا، وبدون ذلك تضطرب العلاقة بين الرّوح والجسد، ويحدث الخلل في تلك العلاقة، ممّا يؤدّي إلى مشكلات نفسيّة واجتماعيّة تستعصي على الحلّ.
*الإسلام اليوم