مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
دموع النبوة ( 3 )
مها المحمدي -خاص بالوفاق
الموت الهنيء لا يعني إغلاق منطق الحزن ...
الموت الهنيء لا يميت الحس فتتجمد معه الدموع بحجة أن الشخص دمعه عزيز ! وأن الميتة حسنة .. وقضاء الله وقدره غالب .
الحزن مادة لا تمضغ العدم .. والبكاء عظمة الإحساس المنبسط يطوي الدمع ويفرده بقوام العواطف .. تَستدعيه تُسبغ عليه إسباغ الاستنفار كلما حانت الوحشة وحالت بيننا وبين من نُحب .
عزاء لقلبك العظيم سيد الأولين والآخرين حين رأيت أسد قريش مسَجّى على حاله تلك ، رضيعك وعمك وابن خالتك ذاك المهيب حمزة ..
أي حزن وشفقة وألم سَجّى فؤادك يفريه حتى قلت :
’’رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم، فعولاً للخيرات، فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلَنَّ بسبعين منهم’’. قال: فما برح حتى نزلت: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} النحل: 126، فقال رسول الله :
’’بل نصبر’’. وكفّر عن يمينه، ونهى عن المُثْلة.
صلى الإله عليك نبينا العظيم طلبت بكاء الطبيعة ثم أشفق قلبك الرقيق على صفية
أردت الطبيعة تبكي حمزة ولو تركته دون أن تواريه التراب أكانت تجرؤ الطير والوحش على فريه كما جرأ ابن آدم ؟ !
أثار بكاء نساء بني عبد الأشهل على هُلَكِاهن شجونك فتساءلت دموعك تنبش جواباً لسؤال :
لَكِنَّ حَمْزَةَ لاَ بَوَاكِيَ لَهُ ! حلم تهجس به الباكيات ..دموعهن عصافير تأوي بسكن إلى أعشاشها وينفرها غريب الوجع !
ويأتي الجمال متشفعاً حزنك الجميل تتفرده العظمة برقة الرحماء فتعلنها نوراً أخضراً يلف الدم ومسكاً يطير بين السماء والأرض ترتوي منه قلوب الفاقدين عزاءَ وقناديل من ذهب معلقة بالعرش لا ظلمة القبور ووحشتها ..
تطرح فكراً إلهياً يجتلي العقل فيه ما فوق العقل ’’ لَمَّا أُصِيْبَ إِخْوَانُكُم بِأُحُدٍ، جَعَلَ اللهُ أَرْوَاحَهُم فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الجَنَّةِ، وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيْلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ العَرْشِ.’’


عزاء لقلبك الرقيق نبينا العظيم يحمله جبريل عليه السلام في مؤتة
عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب وإن عيني رسول الله لتذرفان ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له .
مصادفة الأقدار سيدي
تربح كفة معاشرتك كفة الحرية في ظلال الأهل فيختارك عليهم المولى السعيد بك
( زيد ) بعبودية هي انطلاق اليد للقيد تتقيده برضا عجيب يُضاف إلى معجزاتك !
تتبناه .. يُبطل التبني .. ويُحرق قلبك الرائع مقتله .
تبكيه اباً ونبياً حتى تنتحب وحين يسأل سعد بن عبادة ماهذا يارسول الله ؟
تقول : هذا بكاء الحبيب لحبيبه .
النحيب صوت صارخ للروح تُشيعه الدموع بل تَغسله .. تُلِينَه .. تُهّديه فتعيده للقلب مشفوعاً بالآهة مدفوعاً كموجة هائجة لا يمكن أن ترد .
استغفروا لأخيكم فقد دخل الجنة وهو يسعى ..
أنتَ .. أنتَ الباكي دموعك تنحدر من صميم ذاتك وأنتَ أنتَ من تغرس البسمة في قلوب المؤمنين .. تجعل البِشَر حليفاً للحزن !
تلك لفتات النبوة طيف البشرية لا يغادرها يصيبها الوحي الإلهي بنسماته فيشرق صبحها على نعيم الجنة للشهداء .
أضافة تعليق