عـادل أمـين
المواطن البسيط يريد رؤية ثمار التغيير واقعاً ملموساً على الأرض، يريد أن يرى خطوات عملية جادة تجسد طموحات الثورة في معالجة وتحسين وضعه البئيس، واخراج بلده من محنته وأزماته. يريد أن يرى دولة قوية لا وجود فيها لكانتونات أو دويلات صغيرة بداخلها، دولة تبسط ظلها على الكافة وتفرض احترام القانون على الكبير قبل الصغير. يريد أن يرى رئيسا قويا لا يستطيع ضابط صغير أو شيخ كبير أن يتمرد عليه ويلقي بأوامره عرض الحائط. هذا لايعني بالطبع أننا صرنا نحنّ لأيام الديكتاتورية والاستبداد، لكننا نرفض الإنفلات والتسيب وهيمنة مراكز القوى وجماعات المصالح ولوبيات الفساد وعصابات التمرد والإرهاب. نريد دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات، لا دولة الحزب أو الفرد والعائلة والقبيلة. هذا أمر نعتقد أنه مُقدّم على كل ما سواه من الأمور الأخرى، حتى قبل أن نجلس إلى طاولة الحوار. فلأن نتحاور ومرجعيتنا الدولة بمؤسساتها الصلبة المتماسكة، خير من أن نتحاور بمرجعية أهوائنا ورغباتنا المتناحرة، في ظل دولة هشة لا تقوى على إنفاذ أمرها حتى داخل قصر الرئاسة.
على كلٍ من المفترض أن وقت الشكوى- شكوى الحكومة ومسئوليها- قد فات آوانه، إذ أن فرصة التغيير اليوم تلوح أفضل من أي وقت مضى، فهي تحظا بدعم وإسناد داخلي وخارجي غير مسبوق، وكل ما تحتاجه هو قليل من الإرادة والتصميم، وعدم تهيّب لحظة التغيير بما تحمله من مخاوف مواجهة التبعات وردود الفعل. والتغيير عادة لا يكون بلا ثمن، هذا أمر مفروغ منه. والأكيد أن الثورة الشعبية اليمنية دفعت بسخاء فاتوة التغيير ولم تبخل بشيء، فلماذا إذن التردد؟ من المعيب أن يمتلك مناهضو الثورة الجرأة في مبارزتها العداء، وزرع الأشواك في طريقها، ومحاولة احتوائها بشتى الوسائل، وعقد التحالفات والصفقات المشبوهة داخلياً وخارجياً لإجهاضها وإحباط مشروعها التغييري، فيما أرباب الثورة وحملة مشاعل التغيير الثوري النهضوي يُقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى. التدابير الأخيرة التي اتخذها الرئيس هادي في معالجة أزمة العاصمة ونظافتها، وحل مشاكل الاعتداء على أبراج الكهرباء وأنبوب البترول، وقبل ذلك التصدي الحازم لجماعات الإرهاب في أبيَن، تبرهن بجلاء على إمكانية اختراق الواقع الصعب، وإحداث نقلة نوعية على مسار التغيير برغم المعوقات المفتعلة، وأنه لم يكن ثمة مسوغ مقبول للتردد في اتخاذ مثل تلك الخطوات الجرئية. يمتلك الرئيس هادي من مقومات النجاح ما يؤهله لقيادة مشروع التغيير والانتقال بالثورة إلى آفاق رحبة جديدة، ما يضعه في مصاف صُنّاعها، ويجعله أحد أهم رواد التغيير في اليمن. فالإجماع الذي يحظى به الرجل داخلياً وخارجياً، وعدم منازعته الاختصاص من قبل أية جهة - باستثناء ما تبديه عائلة صالح من ممانعة لتوجهاته وقراراته وهو ما يندرج في عداد التمرد المُجرّم قانوناً- كل ذلك يخوله اتخاذ قرارات مصيرية بأكبر مما تم اتخاذه حتى الآن. وبالمقارنة مع الرئيس المصري، على سبيل المثال، نجد أن حظوظ الرئيس هادي في بسط سلطاته بلا منازع وقيادة سفينة الثورة وإحداث التغيير المنشود أكبر بكثير من تلك التي للرئيس مرسي، بيد أن مجيء هذا الأخير من عمق الثورة يجعله أكثر حماسة لها من الأول الذي جاءت به الأقدار من خارج الثورة لينؤ بعبء قيادتها فيما هو لم يعترف بها بعد!! إن المبادرة الخليجية والتسوية السياسية في اليمن، لم تأت إلا استجابة لثورة الشباب المطالبين بالتغيير- بحسب المبعوث الدولي لليمن جمال بن عمر- وبالتالي، فوجود الرئيس هادي اليوم على رأس هرم السلطة هو جزء من ثورة التغيير، وهو ما يحتم عليه الاعتراف بالثورة وعدم التعاطي المستمر معها من منظور أنها مجرد أزمة سياسية، وإن كانت التسوية السياسية قد نحت بها هذا النحو، إلاّ أن الواقع يقول بأن كل مخرجات الوضع الراهن، بما فيها التسوية ذاتها، ناجمة بالأصل عن ثورة، لذا فإن من مقتضيات ثورة التغيير، ومتطلبات إعادة بناء الدولة واستعادة هيبتها، التمكين للرئيس من سلطاته المخولة له دستورياً، والعمل على استعادة القصر الرئاسي من مغتصبيه، وعدم الرضوخ لسياسة الأمر الواقع التي تحاول بقايا العائلة فرضه على الرئيس والشعب اليمني قاطبة. إذ لا يعقل أن يظل رئيس الدولة يدير شئونها من منزله، فيما القصر الرئاسي تسرح فيه عصابات الإرهاب والتمرد!
معركة استعادة الدولة تستعر اليوم بين الرئيس هادي من جهة، والرئيس السابق وعائلته من جهة أخرى، وكل يسعى لا ستعادة الدولة بطريقته. فصالح لازال يؤمل باحتفاظ عائلته ببعض السلطة، والدخول في شراكة مع مناوئيه، سواء عبر التسوية السياسية أو منطق القوة. فهذا، من وجهة نظره هو الضامن الوحيد لعدم تسليم رقبته. بينما الرئيس هادي يحاول استعادة الدولة المختطفة ولكن على مهل، عبر قرارات تنتزع بشكل تدريجي سلطات العائلة وتُضعف- على المدى- موقفها. وربما نتيجة لتوازنات داخلية والتزامات خارجية، يتأنى الرجل في اتخاذ تلك القرارات الفاصلة التي يصبو إليها الثوار. ومن المحتمل كذلك أن حساباته تشير عليه بعدم تعجل الأمر واستباق الأحداث، بالنظر أولاً للموقف الدولي المراوغ، الذي تبنى قرارين دوليين عبر مجلس الأمن لم يقترب فيهما من صالح وعائلته، وظل يناور من بعيد، ويحاول الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف، وبالنظر ثانياً إلى أنه- أي الرئيس- يجد نفسه في موضع لا يُحسد عليه، فهو واقع بين المطرقة والسندان، أو بين فكّي كماشة إن صح التعبير، فالمشترك والمؤتمر كلاهما يتنازعانه، ويسعى كل طرف لجذبه نحوه. والمفارقة الغريبة، أو لنقل المعادلة الصعبة، أن الرئيس هادي الذي مثّل خيار الثورة لحمل مشروعها التغييري، واستكمال اسقاط نظام صالح، هو نفسه أمين عام الحزب الذي يرأسه صالح!! وبالتالي تبقى حساباته (هادي) مختلفة تماماً عن حسابات الثوار. لكن وفي كل الأحوال، وحتى لو سلمنّا جدلاً بالوضع الحرج للرئيس، وبما تمليه عليه ضرورات المرحلة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يقف مكتوف اليدين حيال بعض الاختلالات الجانبية التي بمقدوره- لو أراد- معالجتها بأيسر من معالجاته في أبين وشبوة. وعلى سبيل المثال، من غير المعقول أن يظل محافظ حجه المعين من الرئيس، منذة عدة أشهر، غير قادر حتى الآن من دخول المحافظة، واستلام مسئولياته، لمجرد أن رئيس فرع المؤتمر بالمحافظة يرفض ذلك، ويسيطر على المجمع الحكومي بعشرات من البلاطجة!!! والأنكئ أن يعمد المجلس المحلي بالمحافظة إلى تعيين محافظ من قبله، متجاهلاً قرار رئيس الجمهورية. ومن غير المعقول كذلك، أن يتعامل الرئيس مع شخص ما بوصفه محافظ لصعده، في حين لم يصدر به قرار جمهوري يخوله صفة المحافظ وإدارة شئون المحافظة واستلام مخصصاتها المالية. كما أن الجهة التي عينته لهذا المنصب غير مخولة دستورياً لاتخاذ قرار كهذا. مثل هذه الاختلالات لا ينبغي للرئيس السكوت عليها والتعاطي معها طبقاً لسياسة الأمر الواقع. إلى جانب ذلك، ثمة قرارات ومعالجات في بعض القضايا لو أتبعها الرئيس لعملت على إضعاف سطوة العائلة، والحد من تغولها في بنية النظام، ولعملت كذلك على تجفيف منابعها المالية. من تلك القرارات- وهي مقترحة من قبل مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية:
أولاً: إلغاء كل التوكيلات النفطية والامتيازات والإيجارات المعطاة لجهات وشخصيات نافذة، وإرجاع التعاقد مباشرة لوزارة النفط دون وسيط أو وكيل.
ثانياً: فصل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن تبعيته لرئاسة الجمهورية وإلحاقه بالبرلمان والنيابة العامة، ليسهل إحالة قضايا الفساد بسرعة إلى النيابة والقضاء.
ثالثاً: إلغاء مصلحة شئون القبائل وتوجيه مخصصاتها المالية لانتشال البنية التحتية في المناطق القبلية المحرومة، والنهوض بمستوى القبيلة وخاصة في مجال التعليم. هذه بعضاً من التدابير التي بإمكان الرئيس اتخاذها للحد من نفوذ العائلة وتحجيم دورها، تمهيداً لازاحتها عن السلطة، وإحالتها على التقاعد، بما يضمن الانتقال إلى بناء نظام سياسي جديد في أجواء مواتية.
[email protected]
*الصحوة نت
المواطن البسيط يريد رؤية ثمار التغيير واقعاً ملموساً على الأرض، يريد أن يرى خطوات عملية جادة تجسد طموحات الثورة في معالجة وتحسين وضعه البئيس، واخراج بلده من محنته وأزماته. يريد أن يرى دولة قوية لا وجود فيها لكانتونات أو دويلات صغيرة بداخلها، دولة تبسط ظلها على الكافة وتفرض احترام القانون على الكبير قبل الصغير. يريد أن يرى رئيسا قويا لا يستطيع ضابط صغير أو شيخ كبير أن يتمرد عليه ويلقي بأوامره عرض الحائط. هذا لايعني بالطبع أننا صرنا نحنّ لأيام الديكتاتورية والاستبداد، لكننا نرفض الإنفلات والتسيب وهيمنة مراكز القوى وجماعات المصالح ولوبيات الفساد وعصابات التمرد والإرهاب. نريد دولة النظام والقانون، دولة المؤسسات، لا دولة الحزب أو الفرد والعائلة والقبيلة. هذا أمر نعتقد أنه مُقدّم على كل ما سواه من الأمور الأخرى، حتى قبل أن نجلس إلى طاولة الحوار. فلأن نتحاور ومرجعيتنا الدولة بمؤسساتها الصلبة المتماسكة، خير من أن نتحاور بمرجعية أهوائنا ورغباتنا المتناحرة، في ظل دولة هشة لا تقوى على إنفاذ أمرها حتى داخل قصر الرئاسة.
على كلٍ من المفترض أن وقت الشكوى- شكوى الحكومة ومسئوليها- قد فات آوانه، إذ أن فرصة التغيير اليوم تلوح أفضل من أي وقت مضى، فهي تحظا بدعم وإسناد داخلي وخارجي غير مسبوق، وكل ما تحتاجه هو قليل من الإرادة والتصميم، وعدم تهيّب لحظة التغيير بما تحمله من مخاوف مواجهة التبعات وردود الفعل. والتغيير عادة لا يكون بلا ثمن، هذا أمر مفروغ منه. والأكيد أن الثورة الشعبية اليمنية دفعت بسخاء فاتوة التغيير ولم تبخل بشيء، فلماذا إذن التردد؟ من المعيب أن يمتلك مناهضو الثورة الجرأة في مبارزتها العداء، وزرع الأشواك في طريقها، ومحاولة احتوائها بشتى الوسائل، وعقد التحالفات والصفقات المشبوهة داخلياً وخارجياً لإجهاضها وإحباط مشروعها التغييري، فيما أرباب الثورة وحملة مشاعل التغيير الثوري النهضوي يُقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى. التدابير الأخيرة التي اتخذها الرئيس هادي في معالجة أزمة العاصمة ونظافتها، وحل مشاكل الاعتداء على أبراج الكهرباء وأنبوب البترول، وقبل ذلك التصدي الحازم لجماعات الإرهاب في أبيَن، تبرهن بجلاء على إمكانية اختراق الواقع الصعب، وإحداث نقلة نوعية على مسار التغيير برغم المعوقات المفتعلة، وأنه لم يكن ثمة مسوغ مقبول للتردد في اتخاذ مثل تلك الخطوات الجرئية. يمتلك الرئيس هادي من مقومات النجاح ما يؤهله لقيادة مشروع التغيير والانتقال بالثورة إلى آفاق رحبة جديدة، ما يضعه في مصاف صُنّاعها، ويجعله أحد أهم رواد التغيير في اليمن. فالإجماع الذي يحظى به الرجل داخلياً وخارجياً، وعدم منازعته الاختصاص من قبل أية جهة - باستثناء ما تبديه عائلة صالح من ممانعة لتوجهاته وقراراته وهو ما يندرج في عداد التمرد المُجرّم قانوناً- كل ذلك يخوله اتخاذ قرارات مصيرية بأكبر مما تم اتخاذه حتى الآن. وبالمقارنة مع الرئيس المصري، على سبيل المثال، نجد أن حظوظ الرئيس هادي في بسط سلطاته بلا منازع وقيادة سفينة الثورة وإحداث التغيير المنشود أكبر بكثير من تلك التي للرئيس مرسي، بيد أن مجيء هذا الأخير من عمق الثورة يجعله أكثر حماسة لها من الأول الذي جاءت به الأقدار من خارج الثورة لينؤ بعبء قيادتها فيما هو لم يعترف بها بعد!! إن المبادرة الخليجية والتسوية السياسية في اليمن، لم تأت إلا استجابة لثورة الشباب المطالبين بالتغيير- بحسب المبعوث الدولي لليمن جمال بن عمر- وبالتالي، فوجود الرئيس هادي اليوم على رأس هرم السلطة هو جزء من ثورة التغيير، وهو ما يحتم عليه الاعتراف بالثورة وعدم التعاطي المستمر معها من منظور أنها مجرد أزمة سياسية، وإن كانت التسوية السياسية قد نحت بها هذا النحو، إلاّ أن الواقع يقول بأن كل مخرجات الوضع الراهن، بما فيها التسوية ذاتها، ناجمة بالأصل عن ثورة، لذا فإن من مقتضيات ثورة التغيير، ومتطلبات إعادة بناء الدولة واستعادة هيبتها، التمكين للرئيس من سلطاته المخولة له دستورياً، والعمل على استعادة القصر الرئاسي من مغتصبيه، وعدم الرضوخ لسياسة الأمر الواقع التي تحاول بقايا العائلة فرضه على الرئيس والشعب اليمني قاطبة. إذ لا يعقل أن يظل رئيس الدولة يدير شئونها من منزله، فيما القصر الرئاسي تسرح فيه عصابات الإرهاب والتمرد!
معركة استعادة الدولة تستعر اليوم بين الرئيس هادي من جهة، والرئيس السابق وعائلته من جهة أخرى، وكل يسعى لا ستعادة الدولة بطريقته. فصالح لازال يؤمل باحتفاظ عائلته ببعض السلطة، والدخول في شراكة مع مناوئيه، سواء عبر التسوية السياسية أو منطق القوة. فهذا، من وجهة نظره هو الضامن الوحيد لعدم تسليم رقبته. بينما الرئيس هادي يحاول استعادة الدولة المختطفة ولكن على مهل، عبر قرارات تنتزع بشكل تدريجي سلطات العائلة وتُضعف- على المدى- موقفها. وربما نتيجة لتوازنات داخلية والتزامات خارجية، يتأنى الرجل في اتخاذ تلك القرارات الفاصلة التي يصبو إليها الثوار. ومن المحتمل كذلك أن حساباته تشير عليه بعدم تعجل الأمر واستباق الأحداث، بالنظر أولاً للموقف الدولي المراوغ، الذي تبنى قرارين دوليين عبر مجلس الأمن لم يقترب فيهما من صالح وعائلته، وظل يناور من بعيد، ويحاول الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف، وبالنظر ثانياً إلى أنه- أي الرئيس- يجد نفسه في موضع لا يُحسد عليه، فهو واقع بين المطرقة والسندان، أو بين فكّي كماشة إن صح التعبير، فالمشترك والمؤتمر كلاهما يتنازعانه، ويسعى كل طرف لجذبه نحوه. والمفارقة الغريبة، أو لنقل المعادلة الصعبة، أن الرئيس هادي الذي مثّل خيار الثورة لحمل مشروعها التغييري، واستكمال اسقاط نظام صالح، هو نفسه أمين عام الحزب الذي يرأسه صالح!! وبالتالي تبقى حساباته (هادي) مختلفة تماماً عن حسابات الثوار. لكن وفي كل الأحوال، وحتى لو سلمنّا جدلاً بالوضع الحرج للرئيس، وبما تمليه عليه ضرورات المرحلة، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن يقف مكتوف اليدين حيال بعض الاختلالات الجانبية التي بمقدوره- لو أراد- معالجتها بأيسر من معالجاته في أبين وشبوة. وعلى سبيل المثال، من غير المعقول أن يظل محافظ حجه المعين من الرئيس، منذة عدة أشهر، غير قادر حتى الآن من دخول المحافظة، واستلام مسئولياته، لمجرد أن رئيس فرع المؤتمر بالمحافظة يرفض ذلك، ويسيطر على المجمع الحكومي بعشرات من البلاطجة!!! والأنكئ أن يعمد المجلس المحلي بالمحافظة إلى تعيين محافظ من قبله، متجاهلاً قرار رئيس الجمهورية. ومن غير المعقول كذلك، أن يتعامل الرئيس مع شخص ما بوصفه محافظ لصعده، في حين لم يصدر به قرار جمهوري يخوله صفة المحافظ وإدارة شئون المحافظة واستلام مخصصاتها المالية. كما أن الجهة التي عينته لهذا المنصب غير مخولة دستورياً لاتخاذ قرار كهذا. مثل هذه الاختلالات لا ينبغي للرئيس السكوت عليها والتعاطي معها طبقاً لسياسة الأمر الواقع. إلى جانب ذلك، ثمة قرارات ومعالجات في بعض القضايا لو أتبعها الرئيس لعملت على إضعاف سطوة العائلة، والحد من تغولها في بنية النظام، ولعملت كذلك على تجفيف منابعها المالية. من تلك القرارات- وهي مقترحة من قبل مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية:
أولاً: إلغاء كل التوكيلات النفطية والامتيازات والإيجارات المعطاة لجهات وشخصيات نافذة، وإرجاع التعاقد مباشرة لوزارة النفط دون وسيط أو وكيل.
ثانياً: فصل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن تبعيته لرئاسة الجمهورية وإلحاقه بالبرلمان والنيابة العامة، ليسهل إحالة قضايا الفساد بسرعة إلى النيابة والقضاء.
ثالثاً: إلغاء مصلحة شئون القبائل وتوجيه مخصصاتها المالية لانتشال البنية التحتية في المناطق القبلية المحرومة، والنهوض بمستوى القبيلة وخاصة في مجال التعليم. هذه بعضاً من التدابير التي بإمكان الرئيس اتخاذها للحد من نفوذ العائلة وتحجيم دورها، تمهيداً لازاحتها عن السلطة، وإحالتها على التقاعد، بما يضمن الانتقال إلى بناء نظام سياسي جديد في أجواء مواتية.
[email protected]
*الصحوة نت