زيد الشامي
الاطمئنان للسلطة والشعور بتمَلّكها يدفع للطغيان ويمَهّد الطرق للاستبداد، يعمي بصر الحاكم - فرداً كان أو عائلة أو حزباً- فلا يرى سوى مصلحته ولا يُحسّ بمعاناة غيره، لذلك أثبتت التجارب البشرية أن تداول السلطة سلمياً أنجع الطرق لإقامة العدل ورعاية حريات الناس وحقوقهم، واستمرار النهوض بالأوطان، وتحقيق أكبر قدر من الرقابة الشعبية لتقليل المفاسد وجلب المصالح .
بقاء السلطة في يد حزب المؤتمر الشعبي العام فترة طويلة جعل قادته يشعرون بتمَلّك كل شيء في الوطن، لاسيما وقد اطمأنوا بأن كل مؤسسات الدولة أمست طوع بنانهم؛ بما في ذلك السلطة التشريعية، وقد أدّى ذلك الركون إلى ترَهُّل الأداء وإهمال في القيام بالواجبات، وتوسيع لدائرة الفساد، واستئثار بالفرص، وإقصاء للآخر حتى أضحى الوطن كخرم إبرة لا يتّسع إلا لمن يحوز رضاهم ويثبت ولاءه لحزبهم، وقد أضرّ ذلك بحزب المؤتمر أولاً، وبالنسيج الاجتماعي ثانياً، وبالشعب ثالثاً، بل تسبب في كوارث كادت أن تأتي على كل المكاسب الوطنية...!!
التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أشرك جميع القوى السياسية في السلطة، وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، والإبقاء على مجلس النواب على أن تكون قراراته توافقية فلا أقلية ولا أغلبية، ولا سلطة أو معارضة، وهو الأمر الذي لم يستوعبه بعض أعضاء المجلس من مختلف الكتل بما فيهم المؤتمر والمشترك ، والغرض من التوافق السير باليمن إلى مرحلة الأمن والاستقرار وبناء دولة جديدة لكل اليمنيين وإنهاء مرحلة يجب أن تذهب بكل ما لها وعليها ..
اليوم لم يعد حزب المؤتمر الشعبي العام منفرداً بالسلطة، فقد فرضت الثورة الشبابية معطيات جديدة، وضمنت المبادرة الخليجية للمؤتمر الاستمرار في الحكم، والنجاة من مصير أنظمة عربية مماثلة مثل تونس ومصر وليبيا، وبمجرد التحرر من قيود التفرد بالسلطة بدأنا نسمع أصواتاً في مجلس النواب من كتلة المؤتمر لم يسبق لها أن تحدثت منذ أن أدت اليمين الدستورية، بل رأينا الاحتجاجات والطرق على الطاولات، وانسحاب كثير من أعضاء كتلة المؤتمر من القاعة أكثر من مرة رفضاً لبعض قرارات المجلس، وقد تكون هذه ظاهرة صحية أو صحوة متأخرة، وليس ذلك سوى مقدمة أولية للتغيير الذي بدأت عجلته بالدوران، والذي تمَثل في شراكة محدودة في السلطة لم تكتمل بعد، وهي إحدى إيجابيات عدم احتكار السلطة، وبعض ثمار ثورة الشباب التي فرضت التغيير على جوانب كثيرة في حياة اليمنيين، يمكن أن ننتقد الأخطاء لإصلاحها وعلاج الاختلالات، ولكن دون أن يتحول ذلك إلى فوضى ومشاغبة .
التعامل مع المتغيرات والاعتراف بالواقع يساعد على سلامة السير، ويمنع الوقوع في المزيد من الأخطاء، وهذا ما نرجو أن يستوعبه الجميع بما فيهم إخوتنا في المؤتمر الشعبي حتى لا يظلون حاملين لأخطاء المتهورين وأصحاب المصالح الخاصة، فليس منطقياً ولا مقبولاً الجمع بين السلطة والمعارضة، وما يقوم به بعض القياديين المتطرفين من محاولات إحباط وتعطيل أعمال الحكومة - المشاركين فيها - مخالفة صريحة للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي ضمنت خروجاً نادراً وآمناً لأركان السلطة، ولا مبرر للتلكؤ في تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني، بل الواجب استخدام علاقاتهم الواسعة في استتباب الأمن وإنهاء كل مظاهر الفوضى وقطع الطرق، والأخذ على أيدي من يقومون بضرب أبراج الكهرباء، والوقوف بحزم ضد من يفجرون أنابيب النفط والغاز، ولاسيما أن هذه المصالح تقع تحت سيطرة قوات الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية والأمن المركزي ولمّا تزل هذه القوات تحت إدارتهم !!
الشيء الطبيعي أن يطبق قانون التقاعد على الجميع بدون محاباة، وأن يجري قانون التدوير الوظيفي على كل كبار مسؤولي الدولة، ولأنهم جميعاً من حزب المؤتمر فسيشملهم هذا التدوير الذي سيسمح لكفاءات أخرى أن تأخذ وضعها بحسب المؤهل والكفاءة، ويجب أن لا يُنظر إلى ذلك وكأنه تقَصّد لأشخاص بعينهم، لا يجب أن يرغي أحد أو يزبد، ومن المعيب أن نسمع قائداً عسكرياً أو صاحب حظوة أو سطوة يتمرد أو يهَدّد ويتوعّد، وإذا كان الوضع السابق استثنائياً فقد آن الأوان أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وأن يطبق الدستور والقانون بدون تمييز، وأن نسعى لمعالجة تجاوزات الماضي بروح الإخاء والمحبة ..
من حق إخوتنا في المؤتمر الشعبي أن يعدّوا أنفسهم للمعارضة، وأن يتدربوا عليها، لكن مازال أمامهم مدة الفترة الانتقالية التي يجب أن يسهموا في السير بها إلى مرحلة الاستقرار، ومواقفهم وأعمالهم ستُحسب لهم أوعليهم، ومازال شباب الساحات يؤكدون أن ثورتهم ليست ضد حزب المؤتمر الشعبي ولا الشرفاء فيه فاليمن يستوعب كل أبنائه ..
[email protected]
*الصحوة نت
الاطمئنان للسلطة والشعور بتمَلّكها يدفع للطغيان ويمَهّد الطرق للاستبداد، يعمي بصر الحاكم - فرداً كان أو عائلة أو حزباً- فلا يرى سوى مصلحته ولا يُحسّ بمعاناة غيره، لذلك أثبتت التجارب البشرية أن تداول السلطة سلمياً أنجع الطرق لإقامة العدل ورعاية حريات الناس وحقوقهم، واستمرار النهوض بالأوطان، وتحقيق أكبر قدر من الرقابة الشعبية لتقليل المفاسد وجلب المصالح .
بقاء السلطة في يد حزب المؤتمر الشعبي العام فترة طويلة جعل قادته يشعرون بتمَلّك كل شيء في الوطن، لاسيما وقد اطمأنوا بأن كل مؤسسات الدولة أمست طوع بنانهم؛ بما في ذلك السلطة التشريعية، وقد أدّى ذلك الركون إلى ترَهُّل الأداء وإهمال في القيام بالواجبات، وتوسيع لدائرة الفساد، واستئثار بالفرص، وإقصاء للآخر حتى أضحى الوطن كخرم إبرة لا يتّسع إلا لمن يحوز رضاهم ويثبت ولاءه لحزبهم، وقد أضرّ ذلك بحزب المؤتمر أولاً، وبالنسيج الاجتماعي ثانياً، وبالشعب ثالثاً، بل تسبب في كوارث كادت أن تأتي على كل المكاسب الوطنية...!!
التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية أشرك جميع القوى السياسية في السلطة، وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، والإبقاء على مجلس النواب على أن تكون قراراته توافقية فلا أقلية ولا أغلبية، ولا سلطة أو معارضة، وهو الأمر الذي لم يستوعبه بعض أعضاء المجلس من مختلف الكتل بما فيهم المؤتمر والمشترك ، والغرض من التوافق السير باليمن إلى مرحلة الأمن والاستقرار وبناء دولة جديدة لكل اليمنيين وإنهاء مرحلة يجب أن تذهب بكل ما لها وعليها ..
اليوم لم يعد حزب المؤتمر الشعبي العام منفرداً بالسلطة، فقد فرضت الثورة الشبابية معطيات جديدة، وضمنت المبادرة الخليجية للمؤتمر الاستمرار في الحكم، والنجاة من مصير أنظمة عربية مماثلة مثل تونس ومصر وليبيا، وبمجرد التحرر من قيود التفرد بالسلطة بدأنا نسمع أصواتاً في مجلس النواب من كتلة المؤتمر لم يسبق لها أن تحدثت منذ أن أدت اليمين الدستورية، بل رأينا الاحتجاجات والطرق على الطاولات، وانسحاب كثير من أعضاء كتلة المؤتمر من القاعة أكثر من مرة رفضاً لبعض قرارات المجلس، وقد تكون هذه ظاهرة صحية أو صحوة متأخرة، وليس ذلك سوى مقدمة أولية للتغيير الذي بدأت عجلته بالدوران، والذي تمَثل في شراكة محدودة في السلطة لم تكتمل بعد، وهي إحدى إيجابيات عدم احتكار السلطة، وبعض ثمار ثورة الشباب التي فرضت التغيير على جوانب كثيرة في حياة اليمنيين، يمكن أن ننتقد الأخطاء لإصلاحها وعلاج الاختلالات، ولكن دون أن يتحول ذلك إلى فوضى ومشاغبة .
التعامل مع المتغيرات والاعتراف بالواقع يساعد على سلامة السير، ويمنع الوقوع في المزيد من الأخطاء، وهذا ما نرجو أن يستوعبه الجميع بما فيهم إخوتنا في المؤتمر الشعبي حتى لا يظلون حاملين لأخطاء المتهورين وأصحاب المصالح الخاصة، فليس منطقياً ولا مقبولاً الجمع بين السلطة والمعارضة، وما يقوم به بعض القياديين المتطرفين من محاولات إحباط وتعطيل أعمال الحكومة - المشاركين فيها - مخالفة صريحة للآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي ضمنت خروجاً نادراً وآمناً لأركان السلطة، ولا مبرر للتلكؤ في تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني، بل الواجب استخدام علاقاتهم الواسعة في استتباب الأمن وإنهاء كل مظاهر الفوضى وقطع الطرق، والأخذ على أيدي من يقومون بضرب أبراج الكهرباء، والوقوف بحزم ضد من يفجرون أنابيب النفط والغاز، ولاسيما أن هذه المصالح تقع تحت سيطرة قوات الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية والأمن المركزي ولمّا تزل هذه القوات تحت إدارتهم !!
الشيء الطبيعي أن يطبق قانون التقاعد على الجميع بدون محاباة، وأن يجري قانون التدوير الوظيفي على كل كبار مسؤولي الدولة، ولأنهم جميعاً من حزب المؤتمر فسيشملهم هذا التدوير الذي سيسمح لكفاءات أخرى أن تأخذ وضعها بحسب المؤهل والكفاءة، ويجب أن لا يُنظر إلى ذلك وكأنه تقَصّد لأشخاص بعينهم، لا يجب أن يرغي أحد أو يزبد، ومن المعيب أن نسمع قائداً عسكرياً أو صاحب حظوة أو سطوة يتمرد أو يهَدّد ويتوعّد، وإذا كان الوضع السابق استثنائياً فقد آن الأوان أن تعود الأمور إلى طبيعتها، وأن يطبق الدستور والقانون بدون تمييز، وأن نسعى لمعالجة تجاوزات الماضي بروح الإخاء والمحبة ..
من حق إخوتنا في المؤتمر الشعبي أن يعدّوا أنفسهم للمعارضة، وأن يتدربوا عليها، لكن مازال أمامهم مدة الفترة الانتقالية التي يجب أن يسهموا في السير بها إلى مرحلة الاستقرار، ومواقفهم وأعمالهم ستُحسب لهم أوعليهم، ومازال شباب الساحات يؤكدون أن ثورتهم ليست ضد حزب المؤتمر الشعبي ولا الشرفاء فيه فاليمن يستوعب كل أبنائه ..
[email protected]
*الصحوة نت