د. مسفر بن علي القحطاني
23 ابريل، 2012 - 2 جمادى الثانية 1433هـ
تناول عدد كبير من الباحثين والمفكرين الإسلاميين وغيرهم، مضامين الخطاب الدعوي المعاصر، بالنقد والتقويم، أو الفحص والتوصيف، وهذه المحاولات والتساؤلات والأطروحات كلها تصب في ترشيد الخطاب الإسلامي، والاستفادة من أخطاء الماضي، واعتبار المتغيرات التي أصابت الأفراد والمجتمعات، مما يعني تحولا كبيرًا في الواقع، وتحديات جديدة في المستقبل، يلزمها بشكل أكيد، ضرورة إعادة النظر في المشاريع الدعوية، والخطط الإصلاحية، ومواكبة هذه المستجدات المتتابعة.
أعتقد أن ما سبق شبه مسلّمة لدى الكثير من القيادات الإسلامية المعاصرة، ولكن التفاعل المباشر والسريع لإجراءات التغيير كانت تحوم حول الهدف المراد، ولا تتجه نحوه، وتغرق وتجتهد في الأعراض الخارجية، دون الوصول لمحكات الأمراض الداخلية، أو أسباب الأدواء الباطنية.
فعلى سبيل المثال، ومن خلال متابعة بعض القنوات الإعلامية، والمواقع الإلكترونية، والمجلات الإسلامية، أجد أن هناك تعاطيًا كبيرًا مع القضايا الأسرية، وتركيزًا أكبر على الوعظ والإرشاد النفسي، ومعالجات تحتل مساحة واسعة للأخطاء السلوكية، وتقويم الطباع الناشزة للأفراد.
كل ما سبق مهم، والمجتمعات الإسلامية في أشد الحاجة لهذه المبادرات، ولكن هذه الأخطاء والظواهر السلبية والضعف العام قد يكون بسبب خلل في الفهم، أو جنوح في الفكر، أو نقص في القناعات، وهذه المؤشرات هي القاعدة الصقيلة؛ التي تعكس آثارها على النفس أو السلوك، لهذا أظن أننا في حاجة لإعادة ترتيب أولويات خطابنا الإصلاحي والدعوي؛ ليكون مؤسسًا لفكر ناضج، ورؤى واضحة للأحداث اليومية، والقضايا المجتمعية، والنوازل؛ التي تصيب الأمم والبلدان الإسلامية.
كما أن الفرد المسلم يحتاج إلى قناعات راسخة، في ظل هذا الانفتاح الهائل، والأطروحات المتعددة، ولا أجد أن الحلول الأسرية والوعظية والسلوكية تُسهم بردم الهوة الفكرية؛ التي يعاني منها أكثر أفراد المجتمعات الإسلامية، وإذا أردنا التأكد من صحة هذه النظرية، فلننظر إلى الخلافات التي تحدث بين صفوف الدعاة، في الموقف من الغرب، أو التعاطي مع المبتدع، أو أسلمة المعاملات المالية، أو التعاضد والتكامل مع الحكومات الإقليمية، إلى غيرها من قضايا، لم تُشبع من التأصيل أو البناء الفكري اللازم لحجمها، وسعة الشريحة التي تتعاطى معها .
ولو تأملنا في منهجه - صلى الله عليه وسلم- لوجدنا أن البناء العقدي والفكري ليس بأسلوب الوعظ المجرد فقط، بل من خلال تأسيس منهج عقلي استدلالي، يضبط الحق، ويزلزل كيان الباطل، ويجيب على التساؤلات الملحة التي تلهب العقل، ولا تطفئها عواطف المحبة، أو ماديات البدن
صناعة الفكر
23 ابريل، 2012 - 2 جمادى الثانية 1433هـ
تناول عدد كبير من الباحثين والمفكرين الإسلاميين وغيرهم، مضامين الخطاب الدعوي المعاصر، بالنقد والتقويم، أو الفحص والتوصيف، وهذه المحاولات والتساؤلات والأطروحات كلها تصب في ترشيد الخطاب الإسلامي، والاستفادة من أخطاء الماضي، واعتبار المتغيرات التي أصابت الأفراد والمجتمعات، مما يعني تحولا كبيرًا في الواقع، وتحديات جديدة في المستقبل، يلزمها بشكل أكيد، ضرورة إعادة النظر في المشاريع الدعوية، والخطط الإصلاحية، ومواكبة هذه المستجدات المتتابعة.
أعتقد أن ما سبق شبه مسلّمة لدى الكثير من القيادات الإسلامية المعاصرة، ولكن التفاعل المباشر والسريع لإجراءات التغيير كانت تحوم حول الهدف المراد، ولا تتجه نحوه، وتغرق وتجتهد في الأعراض الخارجية، دون الوصول لمحكات الأمراض الداخلية، أو أسباب الأدواء الباطنية.
فعلى سبيل المثال، ومن خلال متابعة بعض القنوات الإعلامية، والمواقع الإلكترونية، والمجلات الإسلامية، أجد أن هناك تعاطيًا كبيرًا مع القضايا الأسرية، وتركيزًا أكبر على الوعظ والإرشاد النفسي، ومعالجات تحتل مساحة واسعة للأخطاء السلوكية، وتقويم الطباع الناشزة للأفراد.
كل ما سبق مهم، والمجتمعات الإسلامية في أشد الحاجة لهذه المبادرات، ولكن هذه الأخطاء والظواهر السلبية والضعف العام قد يكون بسبب خلل في الفهم، أو جنوح في الفكر، أو نقص في القناعات، وهذه المؤشرات هي القاعدة الصقيلة؛ التي تعكس آثارها على النفس أو السلوك، لهذا أظن أننا في حاجة لإعادة ترتيب أولويات خطابنا الإصلاحي والدعوي؛ ليكون مؤسسًا لفكر ناضج، ورؤى واضحة للأحداث اليومية، والقضايا المجتمعية، والنوازل؛ التي تصيب الأمم والبلدان الإسلامية.
كما أن الفرد المسلم يحتاج إلى قناعات راسخة، في ظل هذا الانفتاح الهائل، والأطروحات المتعددة، ولا أجد أن الحلول الأسرية والوعظية والسلوكية تُسهم بردم الهوة الفكرية؛ التي يعاني منها أكثر أفراد المجتمعات الإسلامية، وإذا أردنا التأكد من صحة هذه النظرية، فلننظر إلى الخلافات التي تحدث بين صفوف الدعاة، في الموقف من الغرب، أو التعاطي مع المبتدع، أو أسلمة المعاملات المالية، أو التعاضد والتكامل مع الحكومات الإقليمية، إلى غيرها من قضايا، لم تُشبع من التأصيل أو البناء الفكري اللازم لحجمها، وسعة الشريحة التي تتعاطى معها .
ولو تأملنا في منهجه - صلى الله عليه وسلم- لوجدنا أن البناء العقدي والفكري ليس بأسلوب الوعظ المجرد فقط، بل من خلال تأسيس منهج عقلي استدلالي، يضبط الحق، ويزلزل كيان الباطل، ويجيب على التساؤلات الملحة التي تلهب العقل، ولا تطفئها عواطف المحبة، أو ماديات البدن
صناعة الفكر