مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
احتلوا نيجيريا

السبت 20 صفر 1433 الموافق 14 يناير 2012
احسن شعيب

يبدو أن الإضراب الذي تشهده نيجيريا احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وإلغاء دعم الوقود وفساد الحكومة سيفضي بالبلاد إلى طريق مسدود، وربما يقود النيجيريين إلى القيام بثورة تطيح بالنظام الحالي، لاسيما بعد تعهد عشرات الآلاف من العمال في ثاني أكبر دولة من حيث الاقتصاد بمواصلة احتجاجهم حتى تتم استعادة الدعم الشعبي للوقود.

على إثر هذه الاحتجاجات والإضرابات، أغلقت المحلات التجارية والبنوك والمكاتب العامة لثلاثة أيام، كما ألغي عدد من الرحلات الجوية الدولية، وخلت الطرق والشوارع من السيارات والحافلات، وعوضا عن ذلك امتلأت شوارع المدن في مختلف أنحاء نيجيريا بآلاف المحتجين، وقد كانت هذه المظاهرات سلمية في معظمها فيما عدا مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات عندما أطلقت قوات الشرطة النيران على المحتجين في مدينتي لاجوس وكانو بدعوى أنهم مثيرو شغب.

يذكر أن الإضراب دعت إليه النقابات العمالية والتجارية الرئيسية في نيجيريا بعدما ألغت الحكومة الدعم على الوقود، مما تسبب في ارتفاع الأسعار من 0.40 دولار إلى 0.93 دولار للتر واحد بين عشية وضحاها، بينما لا يتجاوز معدل دخل الفرد النيجيري في اليوم 2 دولار، لذلك يقول المحتجون: إن الطبقة الأفقر ستكون الأكثر تضررا في البلاد من ارتفاع تكاليف النقل والغذاء، أما علماء الاقتصاد فقد قالوا إن دعم الوقود ضار ويوقف عملية الاستثمار الخاص في صناعة النفط في نيجيريا.

وعلى غرار حركة الاحتجاج الأمريكية ’’احتلوا وول استريت’’ قام النشطاء النيجيريون بتشكيل مجموعة احتجاجية متماسكة أطلق عليها ’’احتلوا نيجيريا’’، وقد أثارت هذه الاحتجاجات غضب الرأي العام ضد عقود من الفساد والإسراف والانفاق المفرط من قبل السياسيين، حيث يتساءل جون أوجيد، أحد المتظاهرين في العاصمة أبوجا: ’’كيف يتسنى لهؤلاء السياسيين أن ينفقوا ببذخ بينما يأوي بقية الشعب إلى فراشه جوعى’’، مضيفا: ’’لقد سرقت أموال الشعب على مر السنين بواسطة هذه الحكومة الفاسدة بدلا من منحها للمواطنين وتحسين أحوالهم’’.

واعترض بعض النواب التشريعيين في نيجيريا على قرار الحكومة برفع الدعم عن أسعار الوقود، حيث قال فيمي جابجبميلا أحد النواب المعترضين: ’’هناك عصابة سياسية تحت قبة مجلس النواب قامت بتمرير هذا القرار، لترتكب هي وشركاؤها أكبر جريمة اقتصادية ومالية في تاريخ نيجيريا’’، بينما رجح نواب آخرون أن إلغاء دعم الوقود قد يقود إلى ثورة حقيقية كتلك التي اندلعت في دول الشرق الأوسط العام الماضي، حيث قال بالي اسمايوف: ’’نحن على مقربة من برميل البارود وما زلنا نلعب بالنار، وربما تكون هذه هي القشة التي تقصم ظهر البعير إن لم نتصرف بسرعة’’.

في المقابل، كانت تغطية التلفزيون الرسمي النيجيري للأحداث غير محايدة، حيث لم يلق الضوء على ما قاله المحتجون والنواب المعترضون، وقاموا بعرض أحدى الاحتفالات التي يحضرها رئيس نيجيريا جودلاك جوناثان، وألقى حديثا متهكما في قاعة فارغة من الحضور قائلا: ’’بعض السياسيين لم يتمكنوا من حضور الحفل لأنهم منشغلون بالتجهيز للإضراب القادم’’، زاعما أن’’هناك العديد من صناع الفساد الذين يسعون لتضليل النيجيريين باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيس بوك) ومن ثم نشر معلومات مغلوطة للتشويش على النيجيريين’’.

أما الحكومة النيجيرية فقد هددت المتظاهرين والعمال المشاركين في الإضراب باستخدام سياسة ’’لا عمل، لا أجر’’، بينما قالت الاتحادات العمالية والتجارية بأن هذا العصيان السياسي سيستمر حتى تعيد الحكومة تخفيض أسعار الوقود، وقد كلف هذا الإضراب نيجيريا ملايين الدولارات يوميا، فضلا عن الخوف من تزايد أعمال العنف الطائفي، مما يعني أن جودلاك جوناثان، رئيس نيجيريا قد يواجه أكبر اختبار في فترة رئاسته ربما يفضي في النهاية للإطاحة به.

المصدر: ايكونومست البريطانية
أضافة تعليق